فن الدبلوماسية والإتيكيت الاجتماعي للمرأة العربية «2»
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
يتساءل الكثير لماذا المرأة العربيَّة تركض وتلهث خلف الصَّيحات الغربيَّة والأجنبيَّة في حياتها الشخصيَّة، ومبتعِدة كُلَّ البُعد عن مبادئ دِيننا الحنيف والسَّيرة النَّبويَّة الشَّريفة، ناسين أو يتناسون المبادئ السَّامية الَّتي هي أُسُس الحياة العصريَّة الكريمة الرَّاقية بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي يتميَّز بها مُجتمعنا العربي الإسلامي؟
لقَدْ أدَّتِ الطفرة التكنولوجيَّة ووسائل الاتِّصال والتواصل الاجتماعي دَوْرًا مُهمًّا في انتشار كثير من فنِّ الإتيكيت الأجنبي، والَّتي بدأت تنتشر بَيْنَ أخواتنا وبناتنا، سواء في مجال العمل اليومي الحكومي أو في حياتها الشخصيَّة.
وسوف أتطرَّق إلى ثلاثة تفرُّعات بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي تُعدُّ البصمة الرئيسة بحياة المرأة العربيَّة وهي إتيكيت:(مستوى نبرة الصوت، الجلوس والمشي، والمكياج). واليوم نتحدَّث عن الجلوس والمشي والَّذي يُعدُّ من سِمات كاريزما المرأة المثاليَّة والقياديَّة، ولمختلف المناسبات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، وكثيرًا ما يتساءلون عن وضعيَّة الأرجل في الجلوس؟ وهل تُوضعُ الرِّجْل الواحدة فوق الأخرى أو أن تكُونا متلاصقتَيْنِ؟ وأيُّهما أفضل؟ وهنا تؤدِّي مدارس عِلْم النَّفْس الاجتماعي دَوْرًا أساسيًّا في وضع مفاهيم وعلامات لغة الجسد (المشي والجلوس) والَّتي تعتمدها المدارس الدبلوماسيَّة كثيرًا؛ لأنَّها تعطي انطباعًا لذلك، وغالبًا ما نلاحظ على شاشات التلفاز أغْلَبَ النِّساء، وخصوصًا الأجانب عدم اكتراثهم بعادات وتقاليد المُجتمع العربي أو الإسلامي؛ وهو عدم وضْعِ الرِّجل الواحدة فوق الأخرى بالمقابلات والأنشطة الرَّسميَّة، وهذا من سلبيَّات الجلوس، بَيْنَما في بلدهم يُعدُّ من العادات والممارسات الاعتياديَّة. تطرَّق القرآن الكريم إلى مفردة المشي؛ باعتبارها من أهمِّ مفردات لغة الجسد، قال الله تعالى:(فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) (القصص ـ 25)، والَّتي لها أهمِّية كبيرة في عِلْم الفراسة وانعكاس للشخصيَّة. وتُعدُّ هذه الآية الكريمة منبع نظريَّات ومراجع للُغة الجسد في إتيكيت المَشي لِمَا تعكسه من شخصيَّة المرأة من الخجل والهدوء والهَيبة بالمشي البطيء.
وتَعدُّ نظريَّات عِلْم النَّفْس الاجتماعي أنَّ هيئة المَشي لا تكشف أسرار شخصيَّة المرأة فقط، بل في الواقع تعكس حياتها اليوميَّة، أحيانًا ترتبط وضعيَّة المَشي بالمزاج. فقَدْ تكُونُ عادةً تسير برأس مرتفع، لكنَّها حين تشعر بالإحباط والاكتئاب تميل لانحناء الرأس والكتفين. هناك وسائل استدلال قَدْ لا تكُونُ 100% صحيحة، ولكن تُعطي انطباعًا معيَّنًا قَدْ يكُونُ له الأثَر الكبير في إظهار بعض معالم شخصيَّة المرأة. تركِّز المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة، وخصوصًا الغربية مِنْها، على تعليم أفراد الكادر الدبلوماسي، وكذلك كبار الشخصيَّات فيما يخصُّ إتيكيت وأنماط المَشي، وبالتَّالي فإنَّ الخطوات تكُونُ محسوبةً بكُلِّ دقَّة. وتستند خطوات إتيكيت ومهارة المَشي والَّتي لها معانٍ ودلالات بالأساس على ما يلي: (1) المَشي الملكي: أن تكُونَ الخطوات بطيئة جدًّا والمسافة بَيْنَ خطوة وأخرى متقاربة لا تزيد على 10سم بَيْنَ الأقدام، ويكُونُ منتصب القامة، ويكُونُ كعب القَدم هو المسند الرئيس للمَشي؛ لِمَا له دلالة على الاحترام والثبات والحزم وحُب المستقبل، وهو النّموذج الرَّاقي والمُستَحسن اتِّباعه. متوسِّط السُّرعة أو الاعتيادي: تسيرُ وصدرك مدفوع إلى الأمام وكتفُك إلى الخلف وترفع رأسك عاليًا، شخصيَّة محبوبة ومنفتحة تُحبُّ العلاقات العامَّة والاجتماعيَّة، (2) المَشي البطيء: يرافقه ارتخاء اليدَيْنَ وتحريك الكتفَيْنِ، وتدلُّ على إتمام العمل والإحساس بالرِّقة والرَّحمة وحُب التظاهر، تسيرُ بخطوات قصيرة وبطيئة بمسافة 25 سم، شخصيَّتها هادئة لا تُحبُّ الاستعجال أو التعدِّي على مساحة الآخرين الخاصَّة، (3) أمَّا إتيكيت وأنماط الجلوس في مختلف المناسبات والأوقات لجميع شرائح المُجتمع فهناك عدَّة أنماط عَلَيْنا الانتباه والاقتداء بما هو إيجابي، وخصوصًا بما يُمليه عَلَيْنا دِينُنا الحنيف. فلَيْسَ من المعقول وآداب مُجتمعنا الإسلامي أن تجلسَ البنتُ أمام والدها وتضعَ الرِّجل الواحدة فوق الأخرى، فكيف الحال في الأنشطة والفعاليَّات الرَّسميَّة؟ لذلك يفضَّل الجلوس بأن تكُونَ الأرجُل متلاصقة مع بعضها البعض، الجلوس على حافَّة الكرسي عِند المقابلات الرَّسميَّة مع المرؤوسين، الجلوس والظهر مستقيم والأرجل والأقدام متقاربة وعدم الاتِّكاء على ظهر الكرسي أو الانحناء يمينًا أو يسارًا أثناء الجلوس، ويبقى الظهر مستقيمًا مع ثبات القدمَيْنِ، وهو دليل استقلال الشخصيَّة وحُبُّ الإصغاء والاستماع للآخرين والتفاعل بالأفكار المطروحة. وفي الختام.. عَلَيْكِ الاقتداء بأُختنا الكبيرة السَّيدة الجليلة حرم مولانا جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ حفظهما الله ورعاهما ـ وجعلها المثال الأمثل لها بالجلوس والمَشي، فهي مثاليَّة في إتيكيت الجلوس والمَشي، حيث جلوسها على نصف مقعد الكرسي تقريبًا حين استقبالها لكبار الشخصيَّات.. ومِثال ذلك؛ استقبالها لملكة بلجيكا.. وغيرها من المناسبات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، وهذا ما نشاهده خلال ظهورها على شاشات التلفاز العُماني الرَّسمي.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة المرأة ات الر الم شی
إقرأ أيضاً:
8 مارس .. احتفال عالمي بإنجازات المرأة| ما القصة؟
يأتى اليوم العالمي للمرأة فى 8 مارس من كل عام لإحياء الهدف الأساسي نحو المضي قدما لعالم متساويا بين الجنسين خالي من التحيز والصور النمطية عالم متنوع وعادل وشامل.
اليوم العالمي للمرأةيسعى يوم المرأة للوصول إلى عالم يتم فيه تقدير الاختلاف والاحتفاء به و تحقيق المساواة بين الجنسين حيث أصبح يوم عالمي يحتفل فيه العالم بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمرأة.
ويهدف اليوم العالمي للمراة لرفع مستوى الوعي بشأن التمييز و اتخذ إجراءات لتعزيز التكافؤ بين الجنسين، حيث يتضمن أنشطة عالمية جميعها تصب فى صالح المرأة، الأمر يجعل اليوم العالمي للمرأة شاملا.
يعود تحديد يوم 8 مارس للاحتفال بيوم المرأة العالمى إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945، إلا أنه تم تنظيم أول احتفال بيوم المرأة، المعروف باسم "اليوم الوطني للمرأة"، في 28 فبراير عام 1909 بمدينة نيويورك، وذلك بمبادرة من الحزب الاشتراكي الأمريكي.
ووفقا للأمم المتحدة فإن احتفال هذا العام يأتى تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لجميع النساء والفتيات"، حيث يركز على أهمية اتخاذ خطوات فعالة لتحقيق المساواة، وتعزيز الفرص، وتمكين الجميع، من أجل مستقبل أكثر انصاف لا يُترك فيه أي شخص خلف الركب.
كما يتزامن هذا الاحتفال مع الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين، الذي شكل خارطة طريق لتمكين المرأة، وأكد أن "حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان".
ووفق هئية الأمم المتحدة للمرأة يشكل عام 2025 لحظة محورية لأنه يزامن حلول الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين.
وتعد وثيقة بكين المخطط الأكثر تأييدا لحقوق المرأة والفتيات في جميع أنحاء العالم، حيث تدفع قدما بأجندة حقوق المرأة من حيث الحماية القانونية والوصول إلى الخدمات وإشراك الشباب والتغيير في المعايير الاجتماعية والصور النمطية والأفكار التى تكونت بسبب الماضي.
أول وثيقة سياسية عالمية لدعم حقوق المرأةقبل عام 1995، لم يكن العنف المنزلي مجرم قانونيا إلا في 12 دولة فقط، ولكن بعد عام 1995 اعتمدت 193 دولة مجموعه 1583 إجراء تشريعيا، من بينها 354 تدبير موجها بشكل خاص لمكافحة العنف المنزلي.
وفيما يتعلق بدور المرأة في السلام والأمن، شهد العالم تقدم ملحوظ، حيث ارتفع عدد الدول التي تبنت خطط عمل وطنية في هذا المجال من 19 دولة فقط في عام 2010 إلى 112 دولة حاليا.