هناك أساليب متنوعة للأبوة والأمومة، فنجد آباء وأمهات متساهلين جدا مع أطفالهم، وهناك آباء متسلطون، وآخرون يدللون أطفالهم كثيرًا أو قليلًا، وهناك نوع آخر من الآباء والأمهات وهم ما يطلق عليهم اسم "آباء وأمهات الهليكوبتر" (helicopter parenting) أو "آباء الحوامات"، وهم الآباء الذين يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في حياة أبنائهم وبناتهم، ويراقبون أطفالهم باستمرار، ويبالغون في حمايتهم والتدخل في خصوصياتهم لدرجة لا تترك لهم متنفسا للتعبير عن أنفسهم وبناء شخصياتهم المستقلة بعيدا عنهم.

استخدم هذا المصطلح لأول مرة عام 1969 عندما قام الدكتور "هايم جي جينوت" بنشر كتاب تحت عنوان "بين الوالد والمراهق" (Between Parent & Teenager) قال فيه إن أمه كانت تراقبه وتحوم حوله مثل طائرة الهليكوبتر، ومنذ ذلك الحين استخدم هذا المصطلح للتعبير عن الآباء والأمهات الذين يراقبون أطفالهم عن كثب، ويتتبعون كل خطوة من خطواتهم، وانتشر المصطلح بعد ذلك ليشمل جميع الآباء المفرطين في الحماية.

"أمهات الهليكوبتر" يبالغن بحماية أطفالهن لدرجة لا تترك لهم متنفسا للتعبير عن أنفسهم (شترستوك) هل أنت من آباء وأمهات الهليكوبتر؟

هناك صفات عديدة لآباء وأمهات الهليكوبتر حسب ما ذكرت منصة "ويب ميد" (webmd)، ومن أهمها:

حل الواجبات المدرسية لأطفالك: هل تقومين بحل الواجبات المدرسية لأطفالك حرصا منك على تفوقهم ونجاحهم، أو شفقة منك عليهم من التعب والدراسة؟ لا تفعلي ذلك، وبدلًا من ذلك قومي بإرشادهم عن بعد، وعلميهم كيفية البحث والاعتماد على أنفسهم في حل واجباتهم المدرسية. أنت خادمة في منزلك؟ هل ما زلتِ ترتبين سرير طفلك الذي في الصف الأول أو تنظفين غرفة ابنك المراهق أو تغسلين ملابس ابنك في الجامعة؟ إذا كنتِ تفعلين ذلك فأنت خادمة في منزلك. بدلا من ذلك علميهم كيفية الاعتماد على أنفسهم وتنظيف غرفهم وأسرتهم وغسل ملابسهم. علميهم تحمل مسؤولية أنفسهم بدلًا من النمو وهم متعودون على الاعتماد على غيرهم. تخوض معارك أطفالك: إذا عادت ابنتك أو ابنك من المدرسة أو الشارع وهم يبكون بعد مشادة مع طفل آخر، وقمت بالتدخل بشكل شخصي من خلال تقريع الطفل المعتدي أو الاتصال بأم ذلك الطفل أو أبيه للشكوى منه. إذا كنت تفعل أو تفعلين ذلك فعليكم التوقف وإعادة التفكير. جربي بدلًا من ذلك أن تدعمي طفلك بشكل غير مباشر من خلال تهدئته، ومساعدته على اكتشاف الطرق التي يمكنه من خلالها حل مشاكله مع أصدقائه وزملائه بعيدًا عن تدخلك المباشر. تتدخل في ألعابهم وتدريباتهم: إذا كان ابنك في الفريق الرياضي للمدرسة، وكنت تحرص على متابعة تدريباتهم، ولم يعجبك تصرف المدرب مع ابنك فقمت بالتدخل ومحاولة توجيهه فأنت بالتأكيد من آباء الهليكوبتر، وعليك التوقف فورًا عن التدخل. بدلًا من ذلك، إذا طلب ابنك منك المساعدة أو شكا لك من مشكلة فعليك تعليمه كيفية التحدث مع المدرب بنفسه. وتذكر أن الرياضة يمكن أن تعلم طفلك كيفية التعامل مع المشاكل، والعمل نحو تحقيق هدف معين، وأن يكون قائدًا، وكيفية التعامل مع النصر أو الهزيمة ولكن تذكر أن هذا فريقهم وليس فريقك.
يجب أن نسمح للأطفال بارتكاب أخطائهم الصغيرة الخاصة ليتعلموا منها (شترستوك) ما تأثير آباء وأمهات الهليكوبتر على نمو أطفالهم؟

للحماية المفرطة لأطفالك تأثير سلبي على نموهم وتطورهم. وهناك مهارات كثيرة لن يتعلموها إذا كنت لا تمنحهم المساحة الكافية للنمو، ومنها حسب منصة "كليفلاند كلينك" (clevelandclinic):

1- مهارة التعلم من الأخطاء

عندما نفكر في نمو الطفل، فغالبًا ما نفكر بنجاحهم في تحديات الحياة المختلفة، ويرفض عقلنا الباطن تخيل فشلهم، ولكن من المهم أيضًا السماح لهم بارتكاب الأخطاء وتطوير مهارات حل المشكلات من خلال التجربة والخطأ.

وفي هذا السياق تقول أخصائية علم نفس الأطفال الدكتورة فانيسا جنسن: "من المهم أن تدع طفلك يرتكب الأخطاء.. إذا كنت تعامل ابنك مثل "الكتكوت" الذي يجب أن يعود للعش فليس هناك فرصة لارتكاب الأخطاء الصغيرة التي يمكنهم التعلم منها".

بعبارة أخرى، إذا كان أحد الوالدين يعمل باستمرار على إصلاح الأشياء لأطفاله، فلن يحصلوا على فرصة للفشل أو التعلم من خلال المحاولة، حيث يُعد ارتكاب الأخطاء جزءًا طبيعيًا من عملية النمو، ورغم أن هذا قد يكون مخيفًا في البداية للأبوين، فإن لدى الأطفال الكثير لتعلمه في الحياة، ويجب أن نسمح لهم بارتكاب أخطائهم الصغيرة الخاصة ليتعلموا منها.

2- مهارة الدفاع عن الذات

من المهم أن يتعلم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم في المواقف الصعبة. وبينما يشعر العديد من الآباء بالحاجة إلى حماية أطفالهم الصغار والدفاع عنهم، وهذا مهم طبعا إلا أن من الأهم أن يتعلم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم.

وعادة ما ينخرط آباء الهليكوبتر في صراعات أطفالهم ومعاركهم الصغيرة، وهذا غير صحيح، دعهم يتعلمون كيفية الدفاع عن أنفسهم في المدرسة والحي.

3- قلة الثقة بالنفس واحترام الذات

تقول الطبيبة النفسية البروفيسورة "آن دنيوولد" مؤلفة كتاب "اضطرابات القلق: دليل العملاء والمعالجين" (Anxiety Disorders: The Go-To Guide for Clients and Therapists.): "المشكلة الرئيسية في هذا الأسلوب المفرط في الحماية والقلق الذي يتبعه آباء وأمهات الهليكوبتر هو أنه يأتي بنتائج عكسية".

وتضيف: "الرسالة الأساسية التي يرسلها هؤلاء الآباء لأطفالهم هو أن أبي لا يثق بي للقيام بذلك بمفردي. هذه الرسالة تؤدي لانعدام الثقة"، بحسب ما ذكرت منصة "بيرنتس" (parents) في تقرير لها مؤخرا.

4- زيادة القلق والتوتر

وجدت دراسة نشرت عام 2014 في "مجلة دراسات الطفل والأسرة" (Journal of Child and Family Studies) أن الإفراط في الأبوة والأمومة يرتبط بمستويات أعلى من قلق الأطفال والاكتئاب. ووجد الباحثون أن الأمر نفسه ينطبق على طلاب الجامعات الذين كان آباؤهم متورطين بشكل مفرط في حمايتهم والعناية بهم، وفق ما ذكر المصدر السابق.

إذا كنت لا تتحمل القلق عندما يمارس طفلك أنشطة بمفرده، ينصحك الخبراء بالتحدث إلى أحد المتخصصين (شترستوك) كيف تتخلص من الأبوة والأمومة المفرطة وتشجع استقلالية أطفالك؟

إذا كنت أحد الآباء أو الأمهات المفرطين في العناية والحماية، وتواجه صعوبة في تحمل التوتر والقلق عندما تسمح لطفلك بالانخراط في أنشطة مناسبة لعمره بمفرده، ننصحك بالتحدث إلى أحد المتخصصين.

وتذكر أن السماح لطفلك بارتكاب الأخطاء، والمعاناة من العواقب الطبيعية، والشعور بالألم، وحل مشاكله وحده تعتبر جوانب مهمة في عملية النمو والتعلم التي يحتاجها طفلك لتكوين شخصية سليمة ومستقلة، وفق ما ذكرت منصة "فري ويل فاميلي" (verywellfamily) مؤخرا.

ضع في اعتبارك أنك لست مضطرًا للتراجع تمامًا مرة واحدة، وبالذات إذا كان طفلك معتادًا على هذا الأسلوب في التربية. والأفضل لك ولطفلك أن تتراجع ببطء. امنحه الوقت والمساحة والمستوى المناسب من الدعم أثناء بناء المهارات التي سيحتاج إليها ليصبح أكثر استقلالية، وفي هذا السياق ننصحك بتوثيق عوامل التواصل البناء معه من خلال تشجيعه على التعبير عن أفكاره ومشاعره الخاصة دون كبير تدخل منك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ا من ذلک من خلال

إقرأ أيضاً:

5 علامات تنذر بميول ابنك لسلوك المثلية.. راقب تصرفاته وملابسه

المثلية الجنسية من أخطر الاضطرابات النفسية السلوكية التي تحارب الفطرة الإنسانية السّوية التي خلق الله الإنسان بها، ما يجعلها تمثل تهديدًا كبيرًا على سلامة المجتمع وإستقراره، لذا أطلقت جريدة الوطن حملة لمحاربة المثلية الجنسية تحمل اسم «تعزيز قيم الهوية الإجتماعية» تحت شعار «أسرة قوية مجتمع متسامح».  

ارتداء الابن ملابس مغايرة لجنسه

وتوجد مجموعة من العلامات الخطرة التي تُنذر الآباء والأمهات إلى ميل أبنائهم للمثلية الجنسية، حسب ما قالته الدكتورة ريهام عبد الرحمن، استشاري نفسي وتربوي، ومن أبرز هذه العلامات تفضيل الابن ارتداء ملابس مغايرة لجنسه، إذ يرغب الذكر في ارتداء ملابس ذات ألوان زاهية تشبه ملابس البنات ويمشي ويتحرك بطريقة لا تتوافق مع أسلوب بني جنسه، بينما تقص الفتاة شعرها كالذكور وتتحدث وتتصرف مثلهم، متابعة أنه غالبًا تظهر هذه الميول في مرحلة البلوغ وتكون ناتجة عن تحرش تعرض ليه الابن أو مواد إباحية شاهدها عززت هذه الميول الشاذة.

وأضافت الدكتورة ريهام عبد الرحمن خلال حديثها لـ«الوطن»، أن تفضيل الابن لعب أدوار نسائية أو البنت لعب أدوار الرجل في الألعاب التمثيلية التي يقوم الأطفال والمراهقين بلعبها سويًا قد تكون ضمن العلامات الخطرة التي تكشف عن الطفل لسلوك المثلية الجنسية، كما يُعتبر تفضيل الابن للعب بالعرائس مثلًا وتفضيل البنت اللعب بالمسدسات والسيارات علامة على الميول الجنسية الشاذة.

تلصص الابن على اخوته 

ومن علامات الخطر الأخرى التي تُنذر بتبني الأبناء لسلوك المثلية الجنسية، ممارسة العدوانية الشديدة مع أصدقائه في المدرسة أو النادي وتحريضهم على مشاهدة فيديوهات إباحية حول هذا السلوك الشاذ: «بتيجي استشارات نفسية وشكاوى كتير من تكرار تلك السلوكيات في المدرسة»، كما يعتبر تلصص الابن على أخوته من نفس الجنس أثناء تغيير ملابسهم أو دخول الحمام من السلوكيات الشاذة التي تنذر بسلوك المثلية الجنسية.

وأكدت الاستشارية النفسية ضرورة تعامل الأهل بحكمة عند ملاحظة هذه السلوكيات الشاذة على الابن من خلال الاستماع إليه ومحاول معرفة السبب وراء تلك التصرفات، مع ضرورة التحدث معه حول تعزيز الخصوصية لديه من خلال تعريفه حدود جسده والمناطق غير المسموح لمسّها أو مشاهدتها من قبل الأخرين.  

وينبغي كذلك على الأهل تعليم الابن احترام خصوصية الأخرين من خلال الاستئذان وطرق الباب عند دخول غرفة أي شخص في المنزل، مع الاهتمام بالبناء الإيماني والتربوي عن طريق اصطحاب الابناء للصلاة في المسجد وتفسير آيات القرآن لهم بطريقة تتناسب مع أعمارهم، كما ينبغي مراقبة سلوكيات أفراد الدوائر الإجتماعية التي يتعامل معها لإبعاده عن أشخاص تدفعه نحو السلوكيات الشاذة: « ومهم جدًا مراقبة المواقع إللي بيتعرض ليها المراهق على الإنترنت لانها من أبرز أسباب تبني سلوك المثلية الجنسية».

مقالات مشابهة

  • الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة من السياسيين أنفسهم
  • كيف يؤثر استخدام الوالدين للهاتف المحمول على أطفالهم ؟
  • هل ستتسبب الضربات الإسرائيلية على لبنان بزلازل.. وكيف تؤثّر على الفوالق؟ خبير يشرح
  • 5 علامات تنذر بميول ابنك لسلوك المثلية.. راقب تصرفاته وملابسه
  • الجديع: الذين يصرون على وجود أخطاء تحكيمية لصالح الهلال يراجعوا أنفسهم .. فيديو
  • أمهات نازحات في غزة يعانين لرعاية مواليدهن
  • الخامنئي: أعداء الامة الإسلامية هم أنفسهم أعداء الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي
  • كيف ترد على أسئلة ابنك المشككة في العقيدة؟.. إجابتك تحسم مستقبله
  • آية سماحة تكشف عن حقيقة حملها وكيف تعرفت على زوجها
  • حمض الفوليك..ما أهميته للمرأة الحامل وكيف يحافظ على صحة الجنين؟