الجزيرة:
2024-07-06@16:07:48 GMT

مثل السجن.. فلسطينيون في الخليل يروون قصص معاناتهم

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

مثل السجن.. فلسطينيون في الخليل يروون قصص معاناتهم

الخليل– تشكل المنطقة "هـ 2" (H2) %20 من مدينة الخليل، وتخلو شوارعها من سكان المنطقة الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 35 ألف نسمة، في ظل تواجد نحو 700 إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بالمنطقة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي سيطرة كاملة.

وفي تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزية، تصف الأسر الفلسطينية المحاصرة الظروف التي تتعرض فيها للهجوم، وحرمانها من الإمدادات والخدمات الحيوية، وقطع سبل عيشها، في ظل قيام جنود الاحتلال والمستوطنين المسلحين الذين يرتدون الزي العسكري بدوريات في الشوارع.

وقال بسام أبو عيشة (61 عاما) نائب رئيس نقابة السائقين المحلية والرئيس السابق للجنة الشعبية لتل الرميدة "لم يحدث مثل هذا الإغلاق الكامل من قبل، حتى خلال الانتفاضة الثانية. كانت لدينا في ذلك الوقت حرية الذهاب للتسوق والتواجد في الشارع. لكن الآن لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك"، واشتكى العديد من السكان الذين تحدثوا للجزيرة عن نفس الوضع، قائلين "يبدو الأمر وكأننا في سجن".

وفي أعقاب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دهم جنود الاحتلال المتاجر الفلسطينية في الخليل وأمروا أصحابها وعمالها تحت تهديد السلاح بإغلاق المتاجر والبقاء في منازلهم.

ولم يتمكن الفلسطينيون في المنطقة من مغادرة منازلهم على الإطلاق خلال الأيام الأربعة الأولى التي أعقب العملية، حيث كانوا يعيشون على ما لديهم من إمدادات. أما الآن، فلا يمكنهم مغادرة منازلهم وعبور نقاط التفتيش إلا في ساعة محددة صباحا وساعة مساء أيام الأحد والثلاثاء والخميس.

تهديدات وهجمات

ويصف السكان موجة الهجمات والتهديدات التي بدأت مباشرة بعد السابع من الشهر الماضي، فقد اعتقل جنود ومستوطنون يرتدون الزي العسكري الناشط المحلي عيسى عمرو (43 عاما)، الذي أوضح أنه تم نقله إلى القاعدة العسكرية في تل الرميدة، وقال إنه تعرض للضرب والبصق لساعات، وكان المستوطنون يوجهون إليه الإهانات، وبعد 10 ساعات أطلقوا سراحه.

وأشار عمرو إلى أن مستوطنين يرتدون الزي العسكري هاجموا منزله وسرقوا مفاتيحه خلال الأيام التالية، وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول أجبره الجنود على الخروج من منزله معلنين أنه "منطقة عسكرية مغلقة"، وأصروا على أن القرار اتخذ من أجل "حمايته".

ولم يتمكن عمرو، الذي يقيم الآن مع أصدقائه في منطقة "هـ1" (H1) وهي منطقة الخليل الخاضعة للسلطة الفلسطينية، من العودة إلى منزله ولا يزال يتعافى من إصابات في ظهره وساقيه ويديه.


ويقول السكان الفلسطينيون إن الجنود يوجهون بنادقهم نحو أي شخص يصعد إلى سطح منزله أو حتى ينظر من خلال نافذته، ويصرخون عليهم بالبقاء في الداخل. وعندما يخرجون خلال الوقت المحدد، يواجه السكان خطر الهجمات والتهديدات من المستوطنين الذين يرتدون الزي العسكري.

وقال أبو عيشة "يحاول المستوطنون لمس نسائنا وبناتنا. لقد ضربونا، يقولون كل أنواع الكلمات الفظيعة من أجل إثارة رد الفعل حتى يكون لديهم عذر لقتلنا". وفي إحدى المواجهات في الشارع كان "الجندي احتياط" -وهو مستوطن محلي ومسعف التقى به أبو عيشة من قبل- يصوب بندقيته كما لو أنه يطلق النار على "أبو عيشة"، ويظهر مقطع فيديو سجله أحد الجيران الرجل وهو يحاول وضع رصاصة في البندقية قبل أن تسقط على الأرض.

وبينما بدأ الجيش مؤخرًا بالسماح للطلاب بالسير في الخارج وعبور نقاط التفتيش لمدة ساعة في الصباح وساعة أخرى بعد الظهر خلال الأسبوع الدراسي، لا يُسمح للآباء بمرافقة أطفالهم. ونتيجة لذلك، لم يتمكن عدد كبير من الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، بسبب القيود المفروضة على الحركة ولأن آباءهم يخشون هجمات المستوطنين المسلحين.

وقالت امرأة من عائلة الجعبري، التي تسكن في وادي الحسين، وهي منطقة تقع بين مستوطنتي جفعات هافوت وكريات أربع الإسرائيلية، حيث يعيش وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، إن أطفال الأسرة الـ11 يتمنون أن يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة أو على الأقل إلى متجر لشراء الحلويات. وأضافت أنه بينما حاولت بعض العائلات متابعة فصول التعليم عبر الإنترنت، كان الاتصال بالإنترنت ضعيفا جدا بحيث لا يمكن تلقي الدروس.

وتقول عائلة الجعبري إنها مستهدفة من قبل المستوطنين منذ سنوات، ويعتقد الفلسطينيون أن المستوطنين يعتبرون منزل تلك العائلة مفتاحا لتفكيك الحي الفلسطيني في نهاية المطاف وربط المستوطنتين المجاورتين.

وأفاد السكان بمصادرة هواتفهم حيث يقوم الجنود والمستوطنون بحذف الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالحوادث بشكل روتيني. وتم احتجاز أحد الجيران لعدة أيام لأنه قام بتسجيل أنشطة الجنود، بحسب أبو عيشة.

حرمان من الخدمات الأساسية

وتعني القيود المرهقة على الحركة أن السكان لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الأساسية أو العلاج الطبي، حتى عندما يكونون في أمس الحاجة إليها.

ففي حي جابر، استيقظت امرأة فلسطينية حامل في الخامسة من صباح أحد الأيام وهي تشعر بالألم. وبحسب والدة المرأة وصديق للعائلة، رفض الجنود المتمركزون خارج منزلهم السماح لها بالمغادرة لعدة ساعات. وفي حوالي الساعة 11 صباحا، تمكنوا من المغادرة بسيارة خاصة، وعند الوصول للمستشفى اكتشف الأطباء نزيفا داخليا، وأن الطفل قد مات.

وفي حالة أخرى، احتاجت امرأة إلى حقنة في عيادة تبعد 20 مترا فقط عن منزلها. وعلى الرغم من محاولات التنسيق السابقة، فقد تم توجيه الأسلحة نحوها عندما حاولت مغادرة منزلها. وحتى مع إصرار الأطباء، قرر جندي في مكان الحادث أن الحقنة يمكن أن تنتظر حتى اليوم التالي. وقال أحد العاملين في المجال الإنساني في المنطقة "يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن ما هو عاجل طبيا أو غير عاجل من قبل جنود الاحتياط العسكريين ذوي التدريب الضعيف. إنه أمر سريالي تماما".

ولكن ما قد يكون الأكثر إلحاحا بالنسبة لهذه الأسر هو احتياطياتها النقدية المتضائلة، وحتى في المناطق الأخرى في الخليل، التي تعاني بسبب اختناق الحركة داخل المدينة وخارجها، وكذلك بسبب إغلاق الأعمال التجارية، تحدث الفلسطينيون عن خسائر فادحة في الدخل زادت من أزمات العائلات.

لم تتمكن أسر من قطف الزيتون خلال هذا الموسم مما يعني أن هذا العام سيكون كارثيا اقتصاديا بالنسبة لها (رويترز)

وقال عماد حمدان، المدير التنفيذي للجنة إعمار الخليل، وهي منظمة فلسطينية غير حكومية مقرها في البلدة القديمة في الخليل، إن "معظم الأسر في هذه المناطق هم من العمال العاديين، إذا لم يعملوا، فلن يكون لديهم دخل. فكيف يمكنهم تغطية النفقات إذا لم يتمكنوا من الذهاب إلى العمل؟".

وقالت إحدى أفراد عائلة الجعبري "العائلات تساعد بعضها البعض في هذا الوقت"، موضحة كيف يتسلل الجيران بين منازلهم في منطقتها، التي تضم نحو 100 عائلة، لتقاسم الطعام والإمدادات. ولكن مع وجود دخل ضئيل أو معدوم، لا يستطيع الجيران مساعدة بعضهم البعض لفترة طويلة.

وقال أبو عيشة في تل الرميدة "نحن أفضل حالا (ماليا) من بعض جيراننا، لكننا لا نعرف حتى كيف يمكننا أن نحافظ على أنفسنا لأكثر من بضعة أسابيع".

ويقول السكان إن بعض العائلات التي كان لديها مكان آخر تعيش فيه غادرت. وأفاد سكان ومنظمات إنسانية أن المستوطنين يستغلون الوضع لاحتلال العقارات التي تم إخلاؤها في منطقة تل الرميدة. ونشر أبو عيشة مقطع فيديو يظهر مستوطنين إسرائيليين وهم يقطفون الزيتون من أشجار تملكها عائلات فلسطينية في المنطقة. ولم تتمكن الأسر من قطف الزيتون خلال موسم الحصاد المهم للغاية، الذي يستمر حتى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، مما يعني أن هذا العام سيكون كارثيا اقتصاديا بالنسبة لبعض الأسر.

وقالت إحدى أفراد عائلة الجعبري "مثل جميع الفلسطينيين، نأمل في واقع أفضل من الواقع الذي نعيشه"، لكن ما يحدث في المنزل وعلى شاشات التلفزيون يبقيهم مستيقظين طوال الليل. وقال أبو عيشة، وهو أب لـ9 أطفال "نحن لا نستطيع أن نعيش بشكل طبيعي، إن الأكل والشرب وممارسة حياتنا اليومية أمر صعب لأن كل ما يمكننا فعله هو الجلوس أمام التلفزيون ومشاهدة هذه الصور المروعة من غزة".

ينام أفراد الأسرة في نوبات، مرعوبين مما قد يحدث، وقال أبو عيشة "يمكن للمستوطنين أن يأتوا إلى منزلنا ويقتلوا الجميع، ولن يتمكن أحد من فعل أي شيء حيال ذلك"، وقال أحد أفراد عائلة الجعبري "إنه انعكاس لما يحدث في غزة. نحن محرومون من الحريات الأساسية. إنهم يحرموننا من الحياة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الخلیل لم یتمکن من قبل

إقرأ أيضاً:

سجن تدمر.. بناه الفرنسيون اصطبلا للخيول وتحوّل إلى واحد من أسوأ سجون العالم

بناه الفرنسيون في ثلاثينيات القرن العشرين اصطبلا للخيول، ثم تحول إلى سجن عسكري، ومنذ عام 1966 أصبح يستقبل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، ويعرف بأنه من أسوأ السجون السورية بسبب التعذيب وسوء المعاملة. نفذت فيه عمليات إعدام ميداني راح ضحيتها آلاف السوريين، وأغلق لنحو عشر سنوات، ثم أعيد فتحه مع بدء الثورة السورية.

وفي يوم 21 مايو/أيار 2015 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية -بعد معارك مع الجيش السوري- على مدينة تدمر وسجنها الذي كان خاليا من المعتقلين، وفي يوم 30 مايو/أيار 2015 فجّر التنظيم السجن بعد تفخيخه بالمتفجرات.

الموقع

يقع سجن تدمر في صحراء حمص قرب موقع تدمر الأثري القديم، على بعد نحو 200 كيلومتر شمال شرقي العاصمة السورية دمشق، قرب وادي عويطة، حيث دفن النظام السوري جثث كثير من المعتقلين الذين قتلهم في مجازر جماعية بالسجن، أو جراء التعذيب، أو نتيجة الأمراض وغيرها.

تاريخه

يعود تاريخ سجن تدمر إلى زمن الاستعمار الفرنسي حين أمرت سلطاته آنذاك ببناء ثنكة عسكرية في تلك المنطقة في ثلاثينيات القرن العشرين، فيما تقول رواية أخرى إن الفرنسيين استخدموه إصطبلا للخيول. وبعد استقلال سوريا حولته الحكومة السورية إلى سجن عسكري لمعاقبة المخالفين من أفراد الجيش.

ومنذ عام 1966 أصبح السجن -إضافة إلى وظيفته العسكرية- يستقبل المعتقلين السياسيين؛ لا سيما من اتهموا بالعلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، وفق ما ذكرته تقارير دولية.

في عام 2001 أُغلق السجن ونقل المعتقلون فيه إلى سجون أخرى، لكن بعد بدء الثورة السورية أعيد فتحه يوم 15 يونيو/حزيران 2011، وتؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش أنه في شهر ديسمبر/كانون الأول 2011 اعتُقل فيه نحو 2500 شخص.

وفي  21 مايو/أيار 2015 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية، بعد 9 أيام من المعارك مع النظام السوري، على مدينة تدمر وسجنها، وكانت سلطات النظام قد نقلت المعتقلين فيه إلى سجون أخرى.

وبث تنظيم الدولة صورا وتسجيلات مرئية للسجن تعدّ الأولى من نوعها؛ إذ لم يسبق أن صُوِّر السجن أو نشرت فيديوهات منه توضح شكله وتفاصيل زنازينه الجماعية والفردية.

ثم في يوم 30 مايو/أيار 2015 فخخ تنظيم الدولة الإسلامية السجن وفجره، وسط استنكار الناشطين والحقوقين، الذين ينظرون إليه على أنه رمز من رموز القمع في ثمانينيات القرن العشرين، وشاهد على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري.

وأضاف هؤلاء الناشطون أن التفجير هدية للنظام السوري لأنه يساعده على محو جرائمه وإزالتها والتخلص من آثارها وأدلتها.

وصف السجن

بُني السجن بنظام يسمى "بانوبتيكون"، وهو نوع من أنواع السجون التي تصمم بطريقة تسمح للحراس بمراقبة السجناء طوال الوقت. أما كلمة " بانوبتيكون" فتعود إلى كلمة "بانوبتس" التي تطلق على عملاق يوناني تقول الأساطير إن له مئة عين.

وتحيط بالسجن سواتر ترابية من جميع الاتجاهات، ومعظم بنائه من طابق أرضي، وبعض مبانيه كانت مكونة من طابق أرضي وطابق أول.

تنظيم الدولة الإسلامية فجر سجن تدمر العسكري وحوله إلى ركام (مواقع التواصل الاجتماعي)

وقد وصف السجن معتقلون سابقون؛ وقالوا إن فيه سبع ساحات تضم كل واحدة منها ما بين 40 و50 زنزانة كبيرة، أو ما يعرف باسم "المهجع"، إضافة إلى 39 زنزانة بحجم أصغر، كما يضم عددا من زنازين الحبس الانفرادي.

ويقول حسن النيفي -وهو سجين سابق في سجن تدمر- إن "الزنازين لم تكن مخصصة ليسكنها البشر؛ لذا لا تتطابق مع أي معايير صحية ولا تنطبق عليها أي مواصفات تناسب الإنسان".

ووفق وصفه فإن المهاجع مستطيلة مبنية من جدران سميكة، يتراوح عرضها بين 4 و5 أمتار، لكن طولها مختلف على نحو كبير ويتراوح ما بين 6 أمتار و20 مترا.

ويصف النيفي النوافذ بقوله "لم تكن الزنازين مزودة بالنوافذ لكن بسبب الاكتظاظ الشديد وحالات الاختناق المتكررة فتحت إدارة السجن نوافذ صغيرة أعلى الجدار تلاصق السقف، وثبتت فيها قضبانا حديدية غليظة وقوية".

كما احتوت جميع المهاجع وفق شهادات متعددة من الناجين على "الشراقة"، وهي فتحة في السقف مساحتها نحو متر مربع، مغطاة بالقضبان الحديدية والأسلاك الشائكة، الهدف منها -كما يقول المعتقلون- هو مراقبة السجناء على مدى 24 ساعة وحراسة السجن من السطح.

ويضيف النيفي "أن السجانين كانوا يعطون أوامر بالتعذيب من الشراقة، فعلى سبيل المثال كانوا ينادون على سجين معين ويأمرونه بسكب الماء البارد على بقية المعتقلين في السجن، أو ضرب أحد المعتقلين، أو غيرها من طرق الإهانة والتعذيب.

ولا يسمح للمعتقلين بالنظر إلى الشراقة، ومن يفعل ذلك ويراه السجان يعاقب عقوبة شديدة، لذا كان المعتقلون يختلسون النظر إلى الشراقة حين يسمعون حركة خطوات الحارس مبتعدا عنها.

سجن تدمر في عهد آل الأسد

بعد وصول حافظ الأسد إلى رئاسة سوريا تحول سجن تدمر إلى معتقل للسياسيين المعارضين، وذلك في سبعينيات القرن العشرين، إذ امتلأ السجن بالمعارضين من اليساريين والعلمانيين والإسلاميين.

وقد شن النظام حملة اعتقالات واسعة نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات طالت آلاف المعارضين من الإسلاميين واليساريين، وكانوا عرضة للإعدام والتعذيب.

وفي عام 1980 نفذت سرايا الدفاع التي يقودها رفعت الأسد مجزرة في سجن تدمر استهدفت الإسلاميين، عقب محاولة فاشلة لاغتيال حافظ الأسد، وأدت إلى مقتل ما يزيد عن ألف معتقل.

وفي عهد الرئيس بشار الأسد أعيد افتتاح السجن عام 2011، وأصبح معتقلا لمعارضيه -وخاصة من نشطاء الثورة السورية- إلى أن سيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية.

التعذيب في سجن تدمر

يعرف سجن تدمر بفظاعة تعذيبه وفق ما ذكره كثير من المعتقلين السابقين، فبمجرد الوصول إلى السجن يخضع جميع المعتقلين إلى ما يسمى بـ"حفل استقبال"، وهو عبارة عن ساعات من التعذيب والتنكيل.

وقد وصف المعتقلون ما حدث لهم فور الوصول، إذ تعرضوا للضرب والتنكيل في ساحة السجن، حيث يؤمر المعتقلون بالدخول داخل إطار للسيارات ويتناوب السجانون على الإطار وينال كل سجين ما لا يقل عن 200 جلدة إلى 400 جلدة، وذلك قبل دخول الزنازين.

وقد كشف عدد من المعتقلين أنه حين وصولهم وبعد الضرب أجبروا على لعق مياه الصرف الصحي التي كانت على الأرض، ومن يرفض يتعرض للضرب حتى الموت.

ويؤكد عدد من المعتقلين أن التعذيب كان 3 مرات في اليوم بأشكال مختلفة منها الضرب والشبح، إضافة إلى الإذلال المستمر وأدوات التعذيب المختلفة التي قضى فيها كثير من السجناء.

كما ابتكر السجانون طرقا مختلفة لإذلال السجناء وتعذيبهم، فقد طلب من بعض السجناء حمل آخرين ورميهم على الأرض، وطلب من سجناء آخرين ضرب بعضهم، وقد أكد الناجون أن العلاج كان ممنوعا عنهم.

وروى بعض المعتقلين السابقين أنه كان لدى السجانين صلاحيات مفتوحة للتعامل مع المعتقلين من دون أي ضوابط تتعلق بالمحافظة على حياتهم أو احترام إنسانيتهم.

الحياة اليومية في السجن

يشير المعتقل السابق في سجن تدمر محمد برو إلى أن نمط الكلام المسموح به كان هو الهمس، لأن الصوت العادي كان يزعج السجانين لا سيما مع أعداد المعتقلين الكبيرة.

ومن جهته يؤكد حسن النيفي أن الأشياء الممنوعة في الحياة اليومية كانت "الصوت المرتفع، أو المشي الجماعي، أو وجود أكثر من شخص بدورة المياه، إضافة إلى منع الشعائر الدينية منعا مطلقا، كما يمنع النظر إلى الشراقة".

ويصف النيفي فترات "التنفس" اليومية بأنها كانت فترات تعذيب ولم تكن للتنفس والاسترخاء، إذ كان السجانون يصفّون المعتقلين ويتناوبون عليهم بالضرب بالهراوات والكبلات وبالركل والشتم.

كذلك لم تكن زيارة الأهل مسموحة للسجناء السياسيين ومعتقلي الرأي، وحتى إذا تم تدبير الزيارة بالوساطات والرشاوى تكون مدتها 10 دقائق وتحت مراقبة إدارة السجن، ويمنع فيها التحدث عن أوضاع السجن، بل كان يُجبر فيها المعتقلون على مدح الوضع وادعاء الرفاهية حسن المعاملة، ومن يخالف ذلك كان يخضع للتعذيب.

المحاكمات العسكرية الميدانية

كانت تقام في السجن محكمة ميدانية عسكرية في أيام محددة في الأسبوع في ثمانينيات القرن العشرين، وكان المعتقلون يساقون إلى المحكمة مجموعات معصوبي الأعين بمرافقة السجانين ويجلسون في ساحة خارجية ينتظرون دورهم، وخلال ذلك يتعرضون لضرب مستمر من السجانين بالعصي والكبلات المطاطية وهم جاثون على ركبهم ورؤوسهم منكسة للأسفل.

وحين يأتي دور المعتقل يدخل إلى غرفة المحاكمة حيث يجلس رئيس المحكمة فيسأل المعتقل أنت فعلت كذا وكذا – وفق التهمة الموجهة إليه- وعلى المعتقل الإجابة بنعم، ثم يقرأ رئيس المحكمة الحكم ويطلب من المعتقل التوقيع عليه، وهذا الأمر لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة، وفي بعض الأحيان تكون مدة المحاكمة دقيقة لا أكثر.

ويقول المعتقل خالد العقلة إنه "في حالة إنكار المعتقل التهم الموجهة إليه؛ فإنه يتعرض لتعذيب شديد ثم يعاد حتى تكون إجابته بنعم، لذا ترسخت لدى المعتقلين أنه لا فائدة من الإنكار".

الإعدامات

وكانت تنفذ أحكام الإعدامات في الساحة السادسة في السجن، في يومين من الأسبوع، بحضور رئيس المحكمة ذاته، وتكون عملية الإعدام لأعداد كبيرة، ففي حالة حدوث اضطرابات أو أحداث في سوريا، تزيد دفعات الإعدام، وأحيانا تصل إلى المئات، وفي الحالات العادية تكون بالعشرات.

وفق شهادة عمر حذيفة فإن الإعدامات الميدانية استمرت نحو 10 سنوات، وبدأت بيومين في الأسبوع أو ثلاثة وبقيت مكثفة حتى عام 1984، ثم خفت بعد ذلك فأصبحت مرة أو مرتين في الشهر إلى عام 1990.

إذ تنصب المشانق ويعلق فيها المعتقلون على دفعات متتالية ويشنقون، ثم تجمع الجثث وتنقل إلى وادي عويطة وتدفن في مقابر جماعية.

ويقول خالد العقلة إنه من خلال الإحصائيات التي أجراها هو وعدد من زملائه الذين نجوا تبين لهم أن عدد الذين أُعدموا ميدانيا يتراوح بين 25 ألفا و35 ألفا.

ويقول عمر حذيفة إنه عقب كل يوم إعدام كان السجن يستقبل أعدادا جديدة من المعتقلين، ويتكرر الأمر بحسب أيام الإعدام.

مقالات مشابهة

  • شهيد متأثرا بجراحه في طولكرم.. وإصابات في عدوان على الخليل
  • إصابة 5 فلسطينيين بالرصاص الحي خلال اقتحام العدو الصهيوني بيت أمر شمال الخليل
  • ولادة متعثرة لسيدة هندية على ظهر مركب وسط الفيضانات الخطيرة.. ماذا حدث للطفل؟
  • لتضخم أمواله.. السجن ست سنوات لمدير عام سابق بوزارة الصناعة
  • لتضخم أمواله.. السجـن ست سنـوات لمدير عام سابق بوزارة الصناعة
  • جرائم في سجون الاحتلال.. معتقلون فلسطينيون يتهمون إسرائيل بتعذيبهم
  • مستوطنون يطلقون النار صوب منازل ويعتدون على مواطنين بالخليل
  • لم تشهد مثلها منذ 135 عاما.. درجات الحرارة في موسكو تهدد حياة السكان
  • إجلاء آلاف السكان جراء حريق ضخم في كاليفورنيا
  • سجن تدمر.. بناه الفرنسيون اصطبلا للخيول وتحوّل إلى واحد من أسوأ سجون العالم