العدوان الإسرائيلي يلقي بظلاله على اقتصاد الضفة
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
نابلس- إلى الثلث، تراجع دخل المواطن الفلسطيني أيهم عودة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويوما بعد يوم يفقد جزءا من هذا الدخل أمام ظروف اقتصادية صعبة تعصف بالفلسطينيين ولا سيما بالضفة الغربية المحتلة.
وكونه سائق سيارة أجرة تأثر عودة بشكل أكبر، خاصة في ظل إغلاقات الاحتلال للطرق الرئيسية والفرعية، وعزله مدن الضفة عبر مئات الحواجز العسكرية المختلفة، فصار التنقل صعبا، فضلا عن التكلفة العالية جراء غلاء الوقود والأعطال التي تصيب مركبته بفعل الطرق الوعرة.
ومن نحو 35 دولارا يوميا، تراجعت حصة عودة (43 عاما) إلى الثلث أو أقل بعد الحرب، ويقول للجزيرة نت إن ذلك فاقم وضعه الاقتصادي سوءا، "والأخطر أن الالتفاف عبر طرق فرعية بات يهدد حياتنا بسبب اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين".
العمال الفلسطينيون داخل الخط الأخضر يقدرون بأكثر من 190 ألفا (الجزيرة) تقشف وشد الأحزمةعودة الذي ينحدر من مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية يعيل أسرة تضم 5 أفراد. لجأ إلى تقنين كبير بمصاريفه، ويقول إن همّه بالدرجة الأولى توفير قدر ما يستطيع من ثمن الماء والكهرباء وأجرة المنزل والمقدرة جميعها بأكثر من 400 دولار شهريا.
ويضيف عودة "قللت مشتريات كثيرة، واقتصر الأمر على الضرورات، وأرجأت التزامات أخرى للمستقبل ككسوة الشتاء والفرش المنزلي وغيرها الكثير".
ويأتي تدبير عودة وتقليل نفقاته في ظل غلاء فاحش، إلى جانب نسبة بطالة تجاوزت 24% في مجموع القوى العاملة في فلسطين، وفقر قفز عن حاجز 29% في المجتمع الفلسطيني، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
بدوره، أعاد ماجد حمدان (41 عاما) -الذي كان يعمل داخل الخط الأخضر– حساباته جيدا مع دخول الحرب، وأعلن دخوله وأسرته حالة "تقشف وشد الأحزمة".
وكواحد من آلاف العمال الذين أوقفت إسرائيل دخولهم إليها منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، يواجه حمدان ظروفا اقتصادية صعبة، وتحاصره التزامات مالية كبيرة بفعل قروض ترتبت عليه أثناء تشييده منزله.
وبينما يسعى حمدان منذ بدء العدوان لإيجاد عمل بديل، لجأ آخرون ومنهم عمال الضفة، الذين ضاقت أحوالهم وأنهي عملهم، لافتتاح مشاريع صغيرة كأكشاك بيع المشروبات الساخنة، والباردة، والأطعمة الشعبية، وغيرها.
إغلاقات الاحتلال بين المدن والقرى أعاقت حركة التنقل وأضرت بالأوضاع الاقتصادية (الجزيرة) قطاع مهمويعتمد نشاط الضفة الغربية الاقتصادي بشكل كبير على قطاع العمالة داخل الخط الأخضر، إذ يقدر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين تعدادهم بأكثر من 190 ألفا، ومن ثم فإن تسريح إسرائيل لهم يتسبب بخسارة شهرية تقدر بمليار و250 ألف شيكل (313 مليون دولار).
كما يسهم قطاع الموظفين العامين -الذين يعدون 140 ألفا- بشكل آخر في تحريك عجلة الاقتصاد وبشكل كبير أيضا، غير أنهم ومنذ عامين يتقاضون رواتبهم منقوصة بنسبة 80% فقط، بسبب ضائقة مالية تمر بها السلطة الفلسطينية، وقدرت هذه الرواتب بـ 3.7 مليارات دولار عام 2022.
في وقت يعد القطاع الخاص وما يوفره من مشاريع تستوعب آلافا من العمال سبيلا آخرا للفلسطينيين وتنشيط اقتصادهم، وينظر إليه الآن ورغم عقبات كثيرة باعتباره الأمل لاستيعاب مزيد من العمالة بظل هذه الظروف الصعبة.
وهناك مخاوف حقيقية تواجه الفلسطينيين ولا سيما بالضفة الغربية، إذ يرى المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني رجا الخالدي أنها بفعل الحرب على غزة، وأبرزها تردي الوضع الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي التخوف من الاستثمار أو حتى الإنفاق فيه.
بعض العمال المسرحين لجؤوا إلى مشاريع صغيرة كالأكشاك التي تقدم المشروبات الساخنة (الجزيرة) أموال المقاصةويشير الخالدي أيضا إلى أموال المقاصة، وهي ما تجنيه إسرائيل من ضرائب على البضائع الواردة للفلسطينيين بحكم سيطرتها على المنافذ البرية والبحرية ووفق اتفاق مع السلطة مقابل عمولة 3%، والتي تراجعت بسبب انخفاض الاستيراد الفلسطيني واقتطاع الاحتلال منها، وتراجع المساعدات والمنح الخارجية، وتجميد دول أخرى دعمها مع بدء الحرب.
ويتحدث المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني عن حلول سريعة أهمها الاعتماد على الذات لتوفير العمل والإبقاء على تشغيل وإنتاج الصناعات المحلية والمطلوبة للسوق، والعودة للزراعة، إضافة لعملية التكافل والتضامن الاجتماعي.
ويضيف الخالدي -للجزيرة نت- أن المطلوب من الحكومة أن تُبقي على عجلة الرواتب دائرة، وبالتالي تعزيز عملية الإنفاق وضخ القليل من السيولة بالسوق، وهذا هو الشيء الأكثر قدرة للحكومة على تنفيذه رغم عقبات كثيرة، ويمكنها أيضا توجيه السياسات وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص لخلق مشاريع تستوعب هذا الكم.
ويقول إن بعض الحلول ليست آنية، وتنفيذها يحتاج إلى أشهر وسنوات، لكنها تخلق استثمارا فعالا في ظل "ما نعيشه من اقتصاد حرب تقتل بغزة، وتعزل وتغلق بالضفة".
وبشأن القطاع المصرفي وما يمكن أن تقدمه الحكومة وحتى مؤسسات الإقراض من تخفيف عن المواطنين بتأجيل دفع التزاماتهم أو إعفائهم، أوضح المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، أن القطاع المصرفي متين، ولكن وبعد فترة معينة، وإذا لم تتوقف الصدمة، فإن المخاطر ستزيد كون أن هذا القطاع مدين للناس وللحكومة معا.
عمال قطاع النقل تضرروا بسبب الإغلاقات وعزل الاحتلال المدن (الجزيرة) خيارات محدودةوفي رحى الحلول التي قدمها الخالدي تدور أطروحات أستاذ الاقتصاد بجامعة بيرزيت نصر عبد الكريم، جماهيريا أو رسميا، لكنها تبقى حسب قوله "خيارات محدودة وضيقة أمام جسامة الأضرار والتداعيات، ولدى سلطة عرجاء أصلا"، وفق تعبيره.
شعبيا، يقول عبد الكريم إن الخيارات الفردية تبقى أوسع خاصة مع وجود بعض المدخرات لدى الناس، ومصادر دخل أخرى لدى غالبهم، إضافة للتكافل والتعاضد الاجتماعي، والعودة للعمل بالأرض ومشاريع الاقتصاد المنزلي، "لكن يبقى الخطر بسرعة استنفاد هذه الخيارات".
ويضيف للجزيرة نت أنه لا ينتظر من حكومة السلطة أن تقدم شيئا، فهي أصلا لا تدفع رواتب كاملة لموظفيها، كما أنها تعتمد لحد كبير على أموال المقاصة التي تقتطع منها إسرائيل منذ سنوات، وهددت مؤخرا بخصم حصة غزة منها، وهو ما أثار حفيظة السلطة، وهددت بعدم استلامها كلها.
وتقدر أموال المقاصة الفلسطينية، بأكثر من 750 مليون شيكل (188 مليون دولار) شهريا، ولكنها تقتطع منها نحو 250 مليون شيكل كإجراءات عقابية للفلسطينيين، لا سيما عوائل الأسرى والشهداء.
ويضيف أن الحكومة يمكن أن تتجه لمد العون للعمال عبر برامج إغاثية مؤقتة، والتعاون بالشراكة مع القطاع الخاص لتوفير وظائف عبر برامج عمل مختلفة ولو مؤقتة، وفق المصدر نفسه.
كما يمكن مطالبة القطاع المصرفي إرجاء ديونه المستحقة على المواطنين عبر تسوية الشيكات وبطاقات الائتمان وغيرها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة أموال المقاصة بأکثر من
إقرأ أيضاً:
في اليوم الـ398 من العدوان ..العدو الصهيوني يواصل الإبادة الجماعية والحصار في غزة
الثورة نت/وكالات// في اليوم الـ398 للعدوان الإسرائيلي على غزة، يواصل العدو الصهيوني قصف مناطق مختلفة من القطاع خصوصاً في الشمال والوسط، موقعاً عشرات الشهداء والجرحى، في حين أفادت مصادر طبية فلسطينية باستشهاد 22 فلسطينياً في غارات للعدو على القطاع منذ فجر اليوم الخميس، 14 منهم شمالي القطاع. وفي التفاصيل، فقد أفادت مصادر إعلامية من داخل القطاع باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف للعدو على منطقة النويري غربي مخيم النصيرات (هو ثالث أكبر المخيمات في فلسطين) بعد مخيمي جباليا والشاطئ من حيث المساحة والسكان ويقع في منتصف قطاع غزة). كما أفادت المصادر نفسها باستشهاد 5 فلسطينيين في قصف من مسيّرة معادية بمنطقة تبة زارع شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. هذا واستشهد ثلاثة فلسطينيين، وأصيب آخرون في قصف للعدو استهدف مدنيين بمشروع بيت لاهيا شمال القطاع، الذي يرزح لليوم الـ 34، (مخيم جباليا وبيت لاهيا على وجه الخصوص) تحت حصار وتجويع إسرائيلي وسط قصف جوي ومدفعي عنيف. وقال الدفاع المدني إن آلاف من المواطنين في قطاع غزة قد استشهدوا لعدم تمكن الطواقم من الطبية لم تمتلك المستلزمات التي تمكنهم من إنقاذ أرواحهم. يأتي ذلك في وقت أفادت فيه مصادر من داخل القطاع باندلاع حريق بمنازل مقابل مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا إثر قصف معادي، وسط مناشدات لإنقاذ النازحين. وأفادت مصادر محلية بوقوع إصابات بعد إلقاء طائرات مسيرة من نوع “كواد كابتر” قنابل متفجرة على بوابة مدرسة حليمة السعدية في جباليا النزلة شمالي القطاع. كما استهدف قصف مدفعي معادي، صباح اليوم، منطقة الفخاري بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، بينما نوه سكان محليون إلى أن قذائف مدفعية من شرق خانيونس سقطت شمال مدينة رفح. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، فجر اليوم، غارة جوية إسرائيلية استهدفت المنطقة الجنوبية الشرقية لمدينة خان يونس. وذكرت مصادر محلية أن مدفعية الاحتلال قصفت وسط وشرقي مدينة رفح. هذا وقصفت مدفعية الاحتلال، منطقة الصفطاوي ومخيم جباليا شمالي قطاع غزة، تزامنًا مع قصف مدفعي وإطلاق نار من قبل آليات الاحتلال غربي مدينة بيت لاهيا شمالاً. وأفاد سكان محليون بأن قصفًا إسرائيلي استهدف منزلًا في مشروع بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، مما أدّى إلى استشهاد 5 أشخاص.