الدعم السريع: التفلت مهنتي «2-2»
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
عبد الله علي إبراهيم
إذا أغرت قوات “الدعم السريع” مكاسبها في ولاية دارفور خلال الأسبوع الماضي بالاستيلاء على كل السودان، كما صرح نائب القائد العام لهذه القوات عبدالرحيم دقلو، فيصح أن نسأل: ما الهوية المهنية هذه القوات التي بدا أنها رتبت نفسها لحكم السودان؟
ونعني بالهوية المهنية عنصر الضبط والربط فيها الراكز في سلسلة قيادة من أعلى إلى أسفل.
وغير خافٍ أن ما ترتكبه “الدعم السريع” في حق الناس وعرضهم هو علة في بنيته كجيش خلاء (في مقابل جيش الكلية الحربية في عرف السودانيين) على رغم مساعي “الدعم السريع” الدائبة لتصويره كاستثناء موجب للمؤاخذة. فالعلة في هوية “الدعم السريع” كجيش لم يتخلق بمهنية القتال الذي ربما أجاده حركات ومصابرة. فليس دونه وحق الناس عاصم من مهنية. فليس منهم من يحرص على الترقي في المهنة ومسؤولياتها بقسم أمام دستور ووطن تحت قيادة آمرة ناهية لا كقيادة حميدتي التي لا تلقي الأعذار عما يرتكبه منسوبوها فحسب، بل وتفديهم متى تورطوا في عيب أيضاً.
وعليه ينتهز صفوفه كل مغامر ممن يعرف بلورد الحرب.
ومن ضمن هؤلاء المغامرين حسين برشم عبود (أبو شنب) الذي ذاع ذكره متصلاً بهجوم “الدعم السريع” بقيادته على بلدة ود عشانا بشرق ولاية كردفان في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكان حسين قد جاء من السعودية، حيث عمل في أمن الشركات، وهو ممن يقرضون الشعر مثل قوله في حبيبته:
فطينا (فاطمة) الدنيا خينيه (خائنة) أبت تسمح لينا
وهجوم ود عشانا هو الذي حيته قيادة “الدعم السريع” ببيان لها بوصفه المدخل للهجوم على ميناء كوستي النهري والبري على النيل الأبيض، والمدخل لولاية الجزيرة، فالخرطوم. وصمتت عن نهبه للبلدة وقتل بعض أهلها. فقال شاهد عيان إن جنود برشم دخلوا البيوت وكسروا المتاجر فإما سلمتهم مالك أو قتلوك. وقتلوا بالفعل جماعة من المدنيين، ثم سرقوا تليفونات وثلاجات وشاشات التلفزيون وكسروا الدكاكين. وقال إنهم “انتهوا من الأخضر واليابس”. ولم تصمت قيادة “الدعم السريع” عن هذا التفلت الدموي الذي تم باسمها، أو تحت قيادتها، فحسب، بل لم تفتقد برشم حين لم يواصل حملته إلى كوستي وغادر إلى أهله في غرب كردفان.
وكان اقتحام “الدعم السريع” على بلدة العيلفون القريبة من الخرطوم في السادس من أكتوبر الماضي تفلتاً صريحاً بدلائله. وكان على قيادة ذلك الاقتحام أبو عاقلة محمد أحمد كيكل. وله سمعة سبقت في التهريب. ونشط في منبر على “فيسبوك” يعنى بقضايا أهله في شرق السودان. وغازل قوى الحرية والتغيير لما كنت في الحكم، ولم يجد سبيلاً لها. فكون مع آخرين جماعة مسلحة هي “درع الوطن” تحتج على المكاسب التي نالتها دارفور باتفاق جوبا في 2021 في حين انحرم منها أهله، ثم جرى إغراؤه بالانضمام لـ”الدعم السريع”، ففعل.
فما دخل “الدعم السريع” العيلفون حتى طردوا أهلها من بيوتهم، ونهبوا السيارات والذهب واستباحوا ما في البقالات، واغتصبوا نساءً. وقال شاهد عيان إنهم لم يمهلوه وقتاً، فخرج من بيته بجلابية متسخة وجهاز تليفون وكيس أدوية، وأنه عاد لبيته ليأخذ بعض أوراقه فرموه على الأرض وضربوا الرصاص من حوله. ومن أحزن ما قاله إن العيلفون بلد قديم تقطعت أسبابه بأصوله القبلية أو في القرى. وهي المواضع الآمنة التي قصدها من سبق لـ”الدعم السريع” طردهم من منازلهم في الخرطوم. فضربوا في الأرض لا يعرفون إلى أين.
وظهر كيكل في فيديو بعدها بأيام يستعرض ما لا يقل عن 100 سيارة في حوش كبير. وقال إنها سيارات “أهلنا ناس العيلفون”. ووجه من حوله ليصوروا أرقام اللوحات واحدة بعد أخرى ليتعرف عليها أهلها ويبلغوا في الغد لتسلمها. وزاد بقوله إن تلك هي “الظواهر السالبة”. ومع ذلك لم تصدر من “الدعم السريع”، وهو يحتفي باحتلال العيلفون، عبارة واحدة عن جريمة حربها فيها بطرد المدنيين من دورهم.
لا يكف “الدعم السريع” عن تصوير جرائم حربه كتفلتات وظواهر سالبة لحد إنشاء لجنة لملاحقتها، لكن ما دخله من هذه الجهة مما لا يتداوى في قول السودانيين، أي إنه فاقد المهنية، وهي مما لا ينصلح بلجنة، فما دخله مما يستحيل استدراكه مهما حسنت النيات؟
النازحون إلى أدري في تشاد: مجرد تفلتات
الوسومالدعم السريع السودان عبد الله علي إبراهيمالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السريع السودان عبد الله علي إبراهيم الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أمريكا تتهم "الدعم السريع" السودانية بارتكاب "إبادة جماعية"
اتهمت الولايات المتحدة الثلاثاء، قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش في السودان منذ عام 2023، بارتكاب "إبادة جماعية" في إقليم دارفور، والقيام بشكل "منهجي" بقتل رجال واغتصاب نساء لانتمائهم الأثني.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); كما أعلنت واشنطن فرض عقوبات على قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، وسبع شركات مرتبطة بقواته تتهمها بالمشاركة في تمويلها وشراء المعدات العسكرية لصالحها، والمساهمة تاليا في "استمرار النزاع في السودان" الذي اندلع في أبريل 2023.
#الأمم_المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في #السودان بعد 20 شهرًا من الحرب، داعية إلى تعبئة دولية "غير مسبوقة" في مواجهة أزمة إنسانية "مروعة".#اليوم https://t.co/wNXtCss8Bt— صحيفة اليوم (@alyaum) January 6, 2025
أخبار متعلقة الألمان قضوا 43 ساعة عالقين في الاختناقات المرورية خلال 2024كوريا الجنوبية: مذكرة قضائية جديدة لتوقيف الرئيس المعزول