الرياض – مباشر: كشفت أرامكو السعودية، اليوم الثلاثاء، أن إجمالي إنتاجها من المواد الهيدروكربونية بلغ 12.8 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم خلال الربع الثالث من عام 2023م.

وقالت "أرامكو"، بحسب وثيقة نشرتها اليوم تكشف نتائجها المالية الفصلية وحجم عملياتها التشغيلية بالربع الثالث من العام الجاري، إن بلوغ هذا المستوى من الإنتاج يأتي بفضل استمرار الشركة في تنفيذ أعمالها بموثوقية وكفاءة عالية.

وأضافت أرامكو"، أنها حققت تقدما استراتيجيا على صعيد التوسع في الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة لتبلغ 13 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2027م، من خلال مواصلة أعمال الهندسة والشراء والإنشاء المتعلقة بعدة مشاريع.

وبينت، أن تلك المشاريع تشمل مشروعا زيادة إنتاج النفط الخام في حقلي المرجان والبري، واللذين من المتوقع أن يبدأ تشغيلهما بحلول عام 2025 حيث سيضيف مشروع حقل المرجان 300 ألف برميل في اليوم، بينما سيضيف مشروع حقل البري 250 ألف برميل في اليوم.

وتابعت: "بالإضافة إلى مشروع تطوير حقل الدمام، الذي يتوقع أن يزيد إنتاج النفط الخام بمقدار 25 ألف برميل في اليوم بحلول عام 2024، و50 ألف برميل في اليوم بحلول عام 2027.. ومشروع زيادة إنتاج النفط الخام في الظلوف، والذي يتوقع أن يعالج 600 ألف برميل في اليوم من النفط الخام من حقل الظلوف عبر مرفق معالجة مركزي بحلول عام 2026".

ولفتت الشركة، إلى مواصلتها المحافظة على سجلها الحافل في موثوقية أعمالها، حيث بلغت موثوقية الإمدادات 99.8% في التسعة أشهر الأولى من العام 2023، فيما استخدم قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق نحو 45% من إنتاج أرامكو السعودية من النفط الخام.

"أرامكو" تتوقع نمو الطلب على الطاقة

وقالت أرامكو السعودية، إنها ترى أن الطلب على الطاقة من المرجح أن يحقق نموا على المدى المتوسط إلى البعيد، فيما تواصل الاستثمار في مجموعة أعمالها المتكاملة والمتنامية من خلال البرنامج الرأسمالي الأكبر في تاريخها.

وكشفت "أرامكو"، أن النفقات الرأسمالية خلال الربع الثالث من عام 2023 بلغت 41.4 مليار ريال (11 مليار دولار)، وهو ما يعكس عزم أرامكو السعودية على تلبية الطلب المتزايد من خلال اغتنام فرص استثمارية فريدة.

ونوهت "أرامكو"، بأنها ترى أن الغاز سيكون له دور مهم في تلبية احتياجات العالم المتزايدة من إمدادات الطاقة الآمنة، التي يسهل الحصول عليها بصورة أكثر استدامة.

وواصلت الشركة خلال الربع الثالث من عام 2023 استراتيجيتها للتوسع في أعمال الغاز لتلبية الطلب المحلي المتنامي من خلال المشاريع الجارية، واتخذت خطواتها الأولى لتصبح إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال الغاز الطبيعي المسال.

وأعلنت الشركة، بدء تشغيل معمل الغاز في الحوية بنجاح في إطار برنامج زيادة إنتاج الغاز في حرض، مما أدى إلى زيادة طاقة معالجة الغاز الخام في المعمل بمقدار 800 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، تتضمن حوالي 750 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من طاقة معالجة غاز البيع.

كما بلغت أعمال مرحلة التشغيل لمشروعي ضغط الغاز في حقلي حرض والحوية مراحل متقدمة من الإنجاز، حيث تم تشغيل 8 محطات من أصل 9، ويتوقع أن يبدأ تشغيل المحطة الأخيرة بالكامل في عام 2023.

للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

كلمات دلالية: خلال الربع الثالث من ألف برمیل فی الیوم أرامکو السعودیة النفط الخام بحلول عام من خلال عام 2023

إقرأ أيضاً:

تقييم جولات التراخيص النفطية والغازية في العراق بعد عام 2003

د. علي دعدوش - باحث اقتصادي

لاشك بان جولات التراخيص النفطية بعد عام 2003 احدثت طفرة نوعية – كمية في قطاع الطاقة العراقي ، اذ تعد هذه الجولات خطوة استراتيجية جريئة وضرورية للعراق في آنذاك ، بهدف إعادة بناء قطاعه النفطي المتهالك بعد عقود من الحروب والعقوبات والإهمال ، وجذب الاستثمارات والخبرات التكنولوجية العالمية لزيادة الإنتاج وتحقيق إيرادات مستدامة للدولة التي تعتمد بشكل شبه كلي على النفط.

1- تقييم جولات التراخيص (الاولى الى الرابعة)

أولاً : الإيجابيات ونقاط القوة

يعد زيادة انتاج النفط النجاح الأبرز والأكثر وضوحًا ، فقد كان انتاج النفط قبل جولات التراخيص يتراوح بالمتوسط العام (2.4 مليون برميل يوميًا) ، وبفضل استثمارات الشركات العالمية التي فازت بالعقود مثل (BP، ExxonMobil، Lukoil، Shell، CNPC، Petronas ) وغيرها ، ارتفع الإنتاج بشكل مطرد ليصل إلى ذروة قاربت (4.8 مليون برميل يوميًا) قبل تخفيضات أوبك بلس الأخيرة. هذا انعكس ايجابا في زيادة الإيرادات النفطية للعراق والتي تعد الممول الرئيس للموازنة العامة بنسبة بلغت في متوسط المدة (2004-2024) نحو (92%) .

ومن جانب اخر فان الجولات – ولاسيما الجولات الاولى والثانية – نجحت في جذب عمالقة الصناعة النفطية – شركات النفط الكبرى (IOCs) – مما أعطى مصداقية للسوق العراقية وأدخل تقنيات حديثة في إدارة الحقول وتطويرها، ولاسيما في مجالات الحفر الموجه ، وإدارة المكامن المعقدة، والمشاريع الكبيرة.

بالتالي استفاد العراق من خبرات الشركات العالمية في تطبيق تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط (EOR) وإدارة الحقول العملاقة (مثل الرميلة وغرب القرنة والزبير).

فضلا عن ما ورد توجد ايجابيات اخرى تمثلت بتحسين نسبي في الشفافية مقارنة بالعقود السابقة أو الصفقات المباشرة، اذ تمتعت عملية التقديم والمزايدة العلنية في الجولات بدرجة أعلى من الشفافية، مما قلل (وإن لم يقضِ تمامًا) على فرص الفساد في مرحلة منح العقود الأولية ، الامر الذي انعكس في تحفيز وتطوير بعض البنى التحتية المرتبطة في الحقول واستثمارات في خطوط الأنابيب داخل الحقول ومحطات المعالجة الأولية، وإن كانت غير كافية على المستوى الوطني .

ثانياً : السلبيات ونقاط الضعف للجولات الاربعة الاولى

على الرغم من ضرورة الجولات في تطوير الصناعة النفطية الا انها وقعت في اشكالات هامة منها نموذج العقد (عقود الخدمة الفنية - TSCs) ، اذ كان هذا النموذج الذي تم اختياره في الجولات الأولى والثانية بشكل أساسي، نقطة ضعف رئيسة ، وعبء المخاطر على الدولة ، حيث انها تضع عبء مخاطر تقلبات أسعار النفط بشكل كبير على الدولة العراقية ، بينما تحصل الشركات على رسوم ثابتة (Fee per barrel) نسبيًا مقابل الإنتاج الإضافي بعد استرداد التكاليف.

كذلك لم توفر هذه العقود حافزًا كافيًا للشركات لزيادة الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة أو لتقليل التكاليف بشكل كبير، لأن هامش ربحها محدد سلفًا إلى حد كبير ، وقد ركزت الجولات الأولى على الحقول المنتجة (Brownfields) ولم تشجع بما يكفي على الاستكشاف في مناطق جديدة (Greenfields)، مما أخر اكتشاف احتياطيات جديدة في البلاد .

والنقطة الاهم في جولات التراخيص هي الخلافات متكررة بين وزارة النفط والشركات حول الموافقة على التكاليف القابلة للاسترداد ، مما أدى إلى تأخيرات وعدم يقين .

والاشكالية التي لا تقل اهمية عن الخلافات انفة الذكر هو احتراق الغاز المصاحب وعدم استغلاله ، اذ تعد هذه أكبر فرصة ضائعة وأحد أكبر الإخفاقات ، ولم تلزم العقود بشكل فعال الشركات بالاستثمار في التقاط ومعالجة الغاز المصاحب للنفط. النتيجة كانت (حرق كميات هائلة من الغاز تقدر بأكثر من 16-18 مليار متر مكعب سنويًا في ذروتها) ، مما يمثل خسارة اقتصادية بمليارات الدولارات سنويًا وتلوثًا بيئيًا هائلاً. هذا يعادل تقريبًا 1.5-1.8 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المحروق ، وكل ذلك جرى في ظل حاجة العراق الى موارد مالية نتيجة للزيادة المطردة في حجم النفقات العامة .

كما لم يؤخذ بالاعتبار ضعف البنية التحتية الوطنية من حيث (خطوط الأنابيب الرئيسية، موانئ التصدير، مرافق التخزين، محطات الضخ، مشاريع حقن المياه مثل مشروع ماء البحر المشترك CSSP الذي طال انتظاره) وتيرة زيادة الإنتاج ، مما شكل قيدًا على الإنتاج الفعلي وأثر على كفاءة العمليات . بالإضافة الى ذلك فقد كان للبيروقراطية المعقدة وعدم الاستقرار السياسي والأمني ، التأخير في الموافقات ، والتدخلات السياسية ، نصيب كبير من عرقلة تقدم المشاريع والتي زادت من التكاليف والمخاطر التشغيلية للشركات .

بالتالي لم تنجح الجولات والعقود المرتبطة بها بشكل كافٍ في تعظيم الفائدة للاقتصاد المحلي من حيث توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة للعراقيين (ولاسيما في المناصب الفنية العليا) وتطوير سلسلة التوريد المحلية ، ومن ثم ظلت الاستثمارات تتركز بشكل كبير في قطاع الاستخراج، بينما بقي قطاع التكرير متأخرًا ، مما جعل العراق مستوردًا صافيًا للمشتقات النفطية (لا بل انعكس ذلك على ان اصبح العراق مستوردا صافيا لكافة السلع والخدمات) ، ولم يتم تطوير صناعة بتروكيماوية ذات قيمة مضافة عالية تعتمد على الغاز المتاح (أو المحروق).

ثالثاً: ما الذي يحتاجه العراق بالأرقام والبيانات

1- استثمارات ضخمة في البنية التحتية

مشروع ماء البحر المشترك (CSSP): ضروري للحفاظ على الإنتاج وزيادته في حقول الجنوب. تقدر تكلفته بأكثر من (10-13) مليار دولار ، وات التأخير فيه يعيق خطط الإنتاج طويلة الأجل.

توسعة طاقة التصدير الجنوبية: زيادة الطاقة التصديرية للموانئ الجنوبية (مثل البصرة وخور العمية) من (3.5 مليون برميل يوميًا) إلى (5-6 مليون برميل يوميًا) لتتناسب مع أهداف الإنتاج المستقبلية ، ويتطلب استثمارات بمليارات الدولارات.

تحديث وتوسعة شبكة خطوط الأنابيب: بما في ذلك إعادة تأهيل خط كركوك-جيهان الاستراتيجي للتصدير الشمالي.

زيادة سعة التخزين الاستراتيجي

2- معالجة الغاز المصاحب

استثمار فوري: الحاجة لاستثمارات تقدر بـ 15-20 مليار دولار أو أكثر لبناء محطات معالجة غاز كافية لالتقاط واستغلال ما لا يقل عن 2-3 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المحروق والمصاحب حاليًا.

توليد الكهرباء: يمكن لهذا الغاز أن يغذي محطات كهرباء بطاقة 10-15 جيجاواط، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويوفر مليارات الدولارات سنويًا.

صناعات بتروكيماوية: توفير لقيم لصناعات ذات قيمة مضافة عالية (أسمدة، بلاستيك، إلخ).

3- تطوير قطاع التكرير : الحاجة لطاقة تكرير إضافية: إضافة ما لا يقل عن 500,000 - 1,000,000 برميل يوميًا من طاقة التكرير الحديثة لتقليل فاتورة استيراد المشتقات النفطية (التي تقدر بمليارات الدولارات سنويًا) وتحقيق الاكتفاء الذاتي. مصفاة كربلاء خطوة جيدة لكنها غير كافية.

4- جذب استثمارات جديدة بنماذج عقود أفضل

الحاجة السنوية: تقديرات تشير إلى حاجة العراق لاستثمار (10-15) مليار دولار سنويًا فقط للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، وأكثر من ذلك بكثير لزيادتها وتطوير الغاز والبنية التحتية.

نماذج عقود مرنة: تصميم نماذج عقود جديدة (تعديل عقود الخدمة، عقود مشاركة في الإنتاج للمناطق الاستكشافية، عقود تركز على الغاز) تكون أكثر جاذبية للمستثمرين وتوازن بين مصالح الدولة والشركات بشكل أفضل.

5- الاستكشاف: إطلاق جولات تراخيص جديدة تركز على المناطق الحدودية والغربية والمياه الإقليمية (إذا أمكن) لزيادة الاحتياطيات المؤكدة وتنويع مناطق الإنتاج.

6- الطاقة المتجددة: وضع أهداف واضحة للاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتقليل الاعتماد المحلي على النفط والغاز في توليد الكهرباء ، ووضع هدف (10-12) جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول  عام 2030 .

الخلاصة والمقترحات

كانت جولات التراخيص بعد 2003 خطوة ضرورية وحققت نجاحًا ملموسًا في زيادة إنتاج النفط الخام وجذب الشركات الكبرى. ومع ذلك، شابتها نقاط ضعف جوهرية تتعلق بنموذج العقد المعتمد، وإهمال ملف الغاز المصاحب الحيوي، وتأخر تطوير البنية التحتية اللازمة.

اذ يحتاج العراق الآن إلى وقفة مراجعة استراتيجية ، اذ يجب إعادة تصميم نماذج العقود لجعلها أكثر جاذبية وتوازنًا، وإعطاء أولوية قصوى وفورية لمعالجة الغاز المصاحب، وتسريع الاستثمار في البنية التحتية الحيوية (خاصة مشروع ماء البحر)، وتحسين البيئة التشغيلية والاستثمارية ، بدون هذه الخطوات الجذرية، سيجد العراق صعوبة في الحفاظ على مستويات إنتاجه الحالية، ناهيك عن تحقيق طموحاته المستقبلية في قطاع الطاقة، وسيبقى رهينة لإمكانات هائلة غير مستغلة بالكامل. المستقبل يتطلب رؤية متكاملة تتجاوز مجرد استخراج النفط الخام.

2- تقييم جولات التراخيص (الخامسة والسادسة)

استكمالًا لتقييمنا السابق – الذي تمت كتابته نهاية عام 2021 – والذي ركز على الجولات الأربع الأولى (والتي كانت الأكبر والأكثر تأثيرًا على زيادة إنتاج النفط الخام)، نقوم الان بتحليل وتقييم الجولات اللاحقة (الخامسة التكميلية والسادسة) ، وما تظهره من تطور في استراتيجية العراق النفطية.

اولا : الجولة الخامسة (أُعلنت في 2018، تم توقيع بعض عقودها لاحقًا)

مثلت هذه الجولة تحولًا نسبيًا في التركيز ، اذ استهدفت بشكل أساسي الرقع الاستكشافية الحدودية (مع إيران والكويت) وبعض الرقع ذات الإمكانات الغازية ، وكان الهدف هو زيادة الاحتياطيات المؤكدة، وتأمين الموارد في المناطق الحدودية، والبدء في معالجة النقص في إمدادات الغاز.

1- الإيجابيات ونقاط القوة

تمثلت نقاطة القوة بالتوجه نحو الاستكشاف والغاز ، اذ تعد هذه خطوة إيجابية نحو تنويع النشاط بعيدًا عن مجرد تطوير الحقول المنتجة، والاعتراف بأهمية ملف الغاز.

وان التركيز على المناطق الحدودية كان له أهمية استراتيجية وسيادية لتأكيد حقوق العراق في المكامن المشتركة المحتملة.

الامر الذي ادى الى نجاح جذب الاهتمام ، وقد تم توقيع عقود هامة مع شركات متوسطة الحجم وشركات من دول الجوار والصين (مثل Geo-Jade الصينية و Crescent Petroleum الإماراتية) ، مما يظهر استمرار جاذبية (وإن كانت انتقائية) للقطاع .

2- السلبيات ونقاط الضعف

لا شك ان محدودية مشاركة الشركات الكبرى (IOCs) كانت النقطة السلبية الاوضح ، اذ يلاحظ عزوف أو مشاركة محدودة من شركات النفط الغربية العملاقة مقارنة بالجولات الأولى، وربما كان السبب هو طبيعة الرقع (استكشافية، حدودية، أكثر خطورة)، أو استمرار المخاوف بشأن البيئة التشغيلية والعقود.

وهذا الامر انعكس سلبا على واقع التنفيذ ، اذ نجد بطئ كبير في التنفيذ ، كذلك وتيرة الانتقال من توقيع العقود إلى بدء عمليات حفر وتقييم فعالة كانت بطيئة نسبيًا للعديد من الرقع التي تم منحها، مما يعكس استمرار التحديات البيروقراطية واللوجستية.

فضلا عن ذلك ، فقد تكررت سلبية نموذج العقد في هذه الجولات ايضا ، مع وجود بعض التعديلات الطفيفة ، بالتالي استمر الاعتماد على نماذج قريبة من عقود الخدمة، والتي قد لا تكون الأكثر جاذبية للاستثمار في الاستكشاف عالي المخاطر.

ثانيا : الجولة السادسة (أُعلن عنها وتوقيع عقودها في 2023-2024، وتضمنت رقعًا من الجولة الخامسة لم يتم منحها سابقًا

يلحظ بان هذه الجولة ركزت بشكل واضح ومكثف على استكشاف وتطوير الغاز الطبيعي ، فقد شملت نحو (11) رقعة استكشافية غنية بالغاز المحتمل، خاصة في محافظة الأنبار غرب العراق، بالإضافة إلى رقع أخرى ذات إمكانات نفطية وغازية في محافظات مختلفة ، وقد تضمن الهدف المعلن هو تأمين إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف ووقف حرق الغاز المصاحب.

1- الإيجابيات ونقاط القوة

تم اعطاء الأولوية القصوى للغاز ، وهذا هو التحول الاستراتيجي الأكثر أهمية وإيجابية ، اذ يعكس إدراك الحكومة العميق لأزمة الطاقة والحاجة الماسة لاستغلال موارد الغاز المحلية.

واستهداف مناطق جديدة واعدة عن طريق التوجه نحو محافظة الأنبار قد فتح الباب أمام إمكانية اكتشاف احتياطيات ضخمة في منطقة غير مستكشفة إلى حد كبير، مما قد يغير خارطة الطاقة العراقية.

ومن الايجابيات الاخرى هو مشاركة شركات إقليمية وعراقية في هذه الجولة ، فقد فازت شركات مثل Crescent Petroleum الإماراتية وشركات صينية (مثل UEG) بالإضافة إلى شركة نفط الهلال العراقية ، الامر الذي يُظهر تنوعًا في قاعدة المستثمرين واستعداد الشركات الإقليمية والخاصة المحلية للدخول في مشاريع استكشاف.

كذلك وجود إشارات على مرونة أكبر في العقود ، حيث ابدت وزارة النفط استعدادًا لتقديم شروط أكثر جاذبية ومرونة في هذه الجولة لتشجيع الاستثمار في الاستكشاف عالي المخاطر، خاصة في قطاع الغاز.

2- السلبيات ونقاط الضعف والتحديات

ان الاستكشافات بطبيعتها محفوفة بالمخاطر الجيولوجية – احتمال عدم العثور على كميات تجارية – في المناطق الغربية (الأنبار) تحمل أيضًا تحديات أمنية أكبر مقارنة بالجنوب ، وان تطوير أي اكتشافات كبيرة في الأنبار سيتطلب استثمارات هائلة وباهظة في بناء خطوط أنابيب جديدة تمتد لمئات الكيلومترات ومحطات معالجة في مناطق نائية ، وهذا يطرح سؤالاً حول من سيتحمل تكلفة ومخاطر هذه البنية التحتية.

كذلك يلاحظ استمرار محدودية مشاركة عمالقة النفط الغربيين ، فبينما قد يكونون مستشارين أو شركاء تقنيين في المستقبل، فإن غيابهم كمشغلين رئيسيين في هذه الجولة قد يبطئ وتيرة التنمية أو يحد من نقل أحدث التقنيات، خاصة في مشاريع الغاز المعقدة.

وهناك سلبيات اخرى تتمثل بالتحديات التشغيلية العامة (البيروقراطية، والحاجة إلى الموافقات المتعددة، والتنسيق بين الوزارات المختلفة، وقضايا حيازة الأراضي لا تزال تمثل تحديات رئيسية أمام التنفيذ السريع للمشاريع) ، كذلك يواجه العراق ضغوطًا كبيرة لحل مشكلة نقص الغاز والكهرباء، لكن عمليات الاستكشاف والتطوير تستغرق سنوات طويلة (5-10 سنوات أو أكثر) حتى تؤتي ثمارها التجارية، مما يعني أن هذه الجولات لن تقدم حلاً فوريًا لأزمة الطاقة.

3- التقييم العام للجولات (الخامسة والسادسة ومقارنتها بالجولات الاربعة الاولى)

يلاحظ وجود تحول واضح ومطلوب من التركيز شبه الحصري على زيادة إنتاج النفط الخام إلى إعطاء أولوية للاستكشاف، ولاسيما استكشاف وتطوير الغاز الطبيعي.

تراجع نسبي في دور الشركات الغربية الكبرى (IOCs) كفائزين رئيسيين بالعقود، مقابل صعود شركات من الصين، ودول الجوار (الإمارات)، والقطاع الخاص العراقي.

على الرغم من التطور الاستراتيجي ، فلا تزال التحديات المتعلقة بالبنية التحتية، والبيئة التشغيلية (الأمن، البيروقراطية)، وربما جاذبية نماذج العقود (رغم محاولات تحسينها) قائمة وتؤثر على سرعة وجاذبية الاستثمار.

حتى مع نجاح هذه الجولات، فإن حجم مشكلة حرق الغاز المصاحب والحاجة إلى الغاز لتوليد الكهرباء يتطلب جهودًا مكثفة ومتوازية في:

تسريع مشاريع التقاط الغاز المصاحب من الحقول المنتجة حاليًا (مثل مشروع غاز البصرة وتوسيعه، ومشاريع مماثلة في حقول أخرى).

تطوير الاكتشافات الغازية السابقة (مثل حقل المنصورية وعكاز) التي تعثرت سابقًا.

تنفيذ نتائج جولات التراخيص الغازية الأخيرة بأسرع وقت ممكن.

خلاصة سياساتية

تمثل الجولات الخامسة والسادسة خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث إعادة توجيه الاستراتيجية نحو الغاز والاستكشاف ، ومع ذلك، فإن نجاحها الحقيقي سيُقاس بمدى سرعة تحويل هذه العقود إلى عمليات حفر وإنتاج فعالة ، وقدرة العراق على توفير البيئة المواتية والبنية التحتية اللازمة لدعم هذه المشاريع الطموحة ، خاصة في المناطق الجديدة والصعبة مثل الأنبار ، بالتالي لا تزال الحاجة ماسة إلى استثمارات بمليارات الدولارات سنويًا وإصلاحات هيكلية لتمكين قطاع الطاقة العراقي من تحقيق كامل إمكاناته ، وكل هذا يأتي في ظل تفاقم العجز والدين العام وضعف مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • أبوبكر الديب يكتب: من الذهب الأسود للهيدروجين الأخضر.. مستقبل الطاقة في دول الخليج
  • ارتفاع أسعار النفط رغم المخاوف الاقتصادية
  • اللوغاني: ليبيا تملك 6.7% من احتياطي النفط العربي.. والخام عالي الجودة
  • صادرات مصر الزراعية تشهد طفرة غير مسبوقة.. 2,7 مليون طن خلال الربع الأول من العام الجاري.. وزير الزراعة: مصر لديها كل مقومات النجاح
  • الهروج للعمليات النفطية تستأنف إنتاج بئر بحقل آمال بمعدل 1500 برميل يومياً
  • بمعدل 1500 برميل يومياً.. «الهروج» للعمليات النفطية تستأنف الإنتاج
  • ترجيح تخفيض أسعار المحروقات لشهر أيار المقبل
  • تقييم جولات التراخيص النفطية والغازية في العراق بعد عام 2003
  • طفرة مرتقبة في النفط الليبي.. خطة لرفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا
  • نفط العراق الخام الثالث عربيا في قائمة أغلى الأسعار للشهر الماضي