غزة.. رحلة البحث عن يوم إضافي للنجاة من القصف الإسرائيلي
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
غزة- بعد أن كان يستعد لحفل زفافه المقرر في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بات الحصول على يوم إضافي من النجاة هو الهمّ الأكبر للشاب محمد علي زيارة.
ويقيم زيارة و15 من أفراد عائلته -بينهم نساء وأطفال- في باحة مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح (وسط قطاع غزة) منذ بداية العدوان الذي تشنه إسرائيل على القطاع منذ نحو شهر.
ويوضح -للجزيرة نت- أنه وأفراد أسرته يشعرون بحالة من "الرعب والهلع" مع الأنباء التي تتحدث عن المجازر الإسرائيلية الوحشية بحق العائلات الفلسطينية في القطاع، ويؤكد "حالة الرعب كبيرة، ولا حصانة لأحد".
فراس زيارة يساعد شقيقه محمد في بيع الأغذية ومواد التنظيف لإعالة عائلتهما (الجزيرة) رحلة نزوحوفي رحلة نزوحه وعائلته من حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) بعد تدمير منزلهم، أطلقت قوات الاحتلال النار عليهم خلال اجتيازهم وادي غزة، مما أدى إلى إصابة اثنين من أشقائه، أحدهم بترت قدمه، والآخر أصيب بكسور في كلتا يديه.
واضطرت عائلة زيارة للإقامة في المستشفى لرعاية ابنيها الجريحين، ولعدم وجود مكان للإقامة فيه، بعد امتلاء مراكز الإيواء المقامة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ورغم وجوده في مستشفى، فإن هذا الأمر لا يشعر الشاب بالأمان مطلقا. يقول زيارة "لا ننام طوال الليل بسبب القصف والتوتر والقلق والحالة النفسية، والتهديدات الإسرائيلية للمستشفيات". مشيرا إلى أن ظروف الحياة في المستشفى "قاسية للغاية"، حيث إنهم ينامون على الأرصفة، ويفتقدون لأبسط مقومات الحياة.
ويلفت إلى أن حالة الرعب التي أصابت بعض الأمهات من أفراد عائلته، أدت إلى توقفهن عن إرضاع أطفالهن، بسبب قلة الطعام والحالة النفسية الصعبة. وبالإضافة إلى خوفه الشديد من الموت مع عائلته بفعل الغارات الإسرائيلية الوحشية، يواجه زيارة مشكلة عدم امتلاكه المال لينفق عليهم.
عبده فايز فر من رفح للنجاة بأطفاله، ففقد اثنين منهم في غارة إسرائيلية (الجزيرة) مأساةولأجل ذلك، استدان زيارة مبلغا بسيطا من المال، لا يتجاوز 60 دولارا، وأقام "بسطة" لبيع بعض الأغذية ومواد التنظيف داخل إحدى باحات مستشفى شهداء الأقصى. يقول "أعمل مع أخي فراس، وأربح يوميا من 10 إلى 20 شيكلا (من 2.5 إلى 5 دولارات) نشتري بها خبزا وحفاظات وحليبا للأطفال".
ولم تقتصر مأساته على هذا الحد، فلقد دمرت إسرائيل منزل عائلته المكون من 3 طوابق، والذي يتضمن شقته التي كان يستعد للزواج فيها. "كلّفني أثاث شقتي الخاص بزواجي فقط نحو 20 ألف شيكل، وكله تدمر مع الشقة"، يضيف زيارة.
ويوضح أن خطيبته تقيم في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، ولم يرها منذ 5 أسابيع، بسبب انعدام المواصلات جراء نفاد الوقود. ويشير إلى فرشة بجوار أحد حوائط المستشفى، ويقول "أنام على هذه الفرشة"، ثم يشير إلى بطانية تجلس عليها سيدة و5 أطفال، ويكمل "هذا غطائي".
قصة أخرى، تشير إلى المأساة التي يعيشها سكان غزة بحثا عن الأمان، يرويها عبده فايز، من سكان مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع.
البحث عن الأمان
يقول فايز -للجزيرة نت- إنه لجأ مع بداية العدوان إلى مخيم النصيرات (وسط القطاع) للسكن مع بعض أقاربه، بحثا عن الأمان له ولأطفاله. لكنّ غارة إسرائيلية استهدفت المنزل الذي يقيم فيه، أدت إلى استشهاد اثنين من أطفاله، هما سعدية (12 عاما) وهشام البالغ من العمر سنتين. يقول "قتلوا أطفالي، كل من في المنزل مدنيون أطفال ونساء، ونقول للاحتلال أنتم تستهدفون الأطفال، ورغم ذلك نحن صامدون".
وفي قصة مشابهة، لجأ أبو محمد (فضل عدم ذكر اسمه) من بلدة جباليا إلى مدينة دير البلح، بحثا عن الأمان. لكنّ الغارات الإسرائيلية لاحقت العائلة في منفاها الجديد، وأفقدته عددا من أقاربه.
يقول للجزيرة نت "فقدت اثنين من أولادي، واثنين من أحفادي (ولد وبنت) وزوجة ابني، وأخي، وزوجة أخي". وحاليا يقيم أبو محمد بشكل دائم، في مستشفى شهداء الأقصى لرعاية حفيده المصاب بحروق.
ويتابع "أنام هنا فوق فرشة على الرصيف، وينام أفراد الأسرة وعددهم 25 شخصا، في منازل لبعض الأقارب في دير البلح". ويوضح أنه لا يتمكن من النوم ليلا بفعل القلق والرعب، وينتظر طلوع الصبح على "أحر من الجمر". ويكمل "الكل خائف، من يقول إنه غير خائف يكذب، توكلتُ على الله. أعتقد أن هذا المكان أكثر أمنا، فالمنزل الذي كان يقيم فيه أفراد أسرتي تعرض للقصف، وأتدبر أموري هنا بصعوبة شديدة".
وسام عفيفة: الناس يشعرون بالسعادة لمجرد طلوع الشمس وهم على قيد الحياة (الجزيرة) حالة نفسية معقدةعن الحالة النفسية المعقدة التي يعيشها سكان غزة هذه الأيام، يقول الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة "بالتأكيد حالة الهلع والرعب كبيرة للغاية، والناس تشعر بالسعادة لمجرد طلوع الشمس وهي لا تزال على قيد الحياة. ورغم أن الناس عايشوا على الأقل 4 حروب، وهذه ليست حربا جديدة، فإن -بالتأكيد- حجم الإجرام الإسرائيلي هذه المرة غير مسبوق".
ويتابع "الناس هنا نوعان، الأول تعرض لمجزرة بشكل مباشر ونجا ويعيش حالة الصدمة، والثاني ينتظر دوره للمرور بهذه التجربة المريرة". ويؤكد أن الحالة النفسية الصعبة التي يعيشها سكان غزة انعكست على كل مجريات حياتهم وساعات نومهم وطعامهم.
يقول عفيفة إنهم يعيشون حالة استنفار دائم "النساء تنام بلباس محتشم وهناك حالة جاهزية للموت، والسؤال الذي يتهامس به الجميع، كيف يمكن أن يفرقنا الموت؟ من سيموت؟ ومن سيبقى؟ ومن سيدفننا؟".
وأشار إلى وجود ظاهرة تفريق الآباء لأولادهم بين عدة أماكن، "حتى لا تخرج كل العائلة من السجل المدني، وينقطع نسلها، أمام هذه المجازر التي تؤدي لاختفاء أسر بأكملها". ولفت إلى أن أصعب ما يواجه الآباء، هو كيفية التعامل مع الأطفال في مثل هذه الظروف الصعبة، متسائلا "كيف نقلل من هلعهم، ونقنعهم أن هذا الصاروخ لا يستهدفنا؟".
وأوضح الكاتب أن هناك ظاهرة أخرى وهي أن العديد من المواطنين يسألون من لهم تجربة نجاة من القصف "هل هي قاسية؟" كي يحضروا أنفسهم لها.
ولفت إلى أن ردود فعل بعض الأهالي المفجوعين بأحبائهم، غريبة وملتبسة "فلا وقت ولا متسع ولا فسحة للبكاء والحزن، لكنهم ينتظرون وقتا آخر يتركون أنفسهم طويلا للبكاء والنحيب، لأنه لم يتح لهم القيام بهذه الفرصة، جزء كبير من الشعب الفلسطيني لديه حالة من الكبت، وينتظر اللحظة التي يمنحها لنفسه كي يفصح عن مشاعر الحزن والبكاء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عن الأمان اثنین من إلى أن
إقرأ أيضاً:
لبنان يوجه نداء عاجلا لليونيسكو بشأن القصف الإسرائيلي
وجه وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان القاضي محمد وسام المرتضى نداء عاجلا للمديرة العامة لليونيسكو أودري أزولاي، بشأن القصف الإسرائيلي للمعالم الأثرية.
وبواسطة رئيس البعثة الدائمة للبنان لدى المنظمة السفير مصطفى أديب، وجه كتابا مستعجلا، بعد تدمير الجيش الإسرائيلي مبنى "المنشية" التاريخي الأثري قرب قلعة بعلبك الشهيرة في شرق لبنان.
وجاء في رسالة المرتضى: "نداء عاجل لحماية التراث الثقافي اللبناني إثر التدمير الأخير في محيط موقع بعلبك، أكتب إليكم اليوم ببالغ الحزن والغضب والقلق باسم الجمهورية اللبنانية، حكومة وشعبا، بعد تعرض تراثنا الثقافي العريق لاعتداء خطير هذا المساء.. لقد استهدف العدوان الإسرائيلي مبنى "المنشية" التاريخي في بعلبك، الذي يعود إلى الحقبة العثمانية ويقع بالقرب من قلعة بعلبك، هذا المبنى كان يحمل في طياته قرونا من التاريخ والثقافة، ويعد شاهدا حيا على تراثنا الثقافي المشترك".
وأضاف: "إن فقدان هذا المعلم الفريد، المحاذي لموقع مسجل ضمن التراث العالمي لليونسكو، يعتبر خسارة لا تعوض، ليس فقط للبنان بل للتراث الإنساني ككل.. كانت "المنشية" رمزا معماريا وتاريخيا، وجسدت موروثا حيا للأجيال، لذا فإن تدميرها في ظل الأوضاع الحالية يشكل خسارة بالغة لنا جميعا".
تتدخل اليونيسكو بشكل عاجلوأوضح: "إننا نخاطبكم مجددا لأن تتدخل اليونيسكو بشكل عاجل لحماية ما تبقى من مواقع تراثية في بعلبك، وحماية كامل التراث الثقافي اللبناني المعرض اليوم لتهديدات متصاعدة، وبينما يبقى لبنان ملتزما بالمواثيق الدولية، فإنه بحاجة ماسة، في ظل الظروف الراهنة، إلى تدخل اليونيسكو الفاعل للحفاظ على إرثه التاريخي".
واختتم: "نأمل أن تلقى هذه الرسالة اهتمامكم وتدخلكم الفوري، وأن نتكاتف معا لحماية معالمنا الثقافية الثمينة".
وأدت غارة إسرائيلية، يوم الأربعاء، إلى تدمير مبنى أثري قرب قلعة بعلبك التاريخية في شرق لبنان، ما يعرض العديد من المدن القديمة الأثرية لخطر الدمار.
ودعا وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب، بممارسة "ضغوط إضافية في مجلس الأمن لمنع إسرائيل من استهداف المواقع الأثرية في مدينتي بعلبك وصور، أو تعريضها للخطر جراء الغارات التي تشنها على مقربة منها".
هذا وطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي في وقت سابق، مجلس الأمن الدولي بحماية المواقع الأثرية التاريخية من القصف الإسرائيلي واتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة.