فيما يلي النص الكامل لتقدير موقف صادر عن المركز العربي للأبحاث، حول  “الحرب الإسرائيلية على مدينة غزة: أهدافها ونتائجها المتوقعة”.

بعد حملة قصف جوي غير مسبوق، استغرقت أكثر من 20 يومًا على قطاع غزة، وأسفرت عن سقوط نحو 9 آلاف من المدنيين الفلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وجرح نحو 20 ألفًا، وتدمير آلاف المنازل، واستهداف المستشفيات والمساجد والكنائس، وتهجير نحو مليون فلسطيني إلى جنوب القطاع، بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه البري في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بقصف جوي وبري وبحري تركّز خصوصًا في شمال القطاع.

أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة

بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تمكّنت خلالها من اقتحام عشرات المواقع والمستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، مُوقعة خسائر كبيرة في الجانب الإسرائيلي، حددت القيادات العسكرية والمدنية الإسرائيلية هدفها من الحرب على قطاع غزة بالقضاء على حركة حماس وحكمها فيه. وقد دار نقاش طويل بين قيادات الجيش الإسرائيلي بشأن كيفية تحقيق هذا الهدف الذي لا يمكن تحقيقه من دون هجوم برّي واسع النطاق. وتمحور النقاش حول اتباع هذه الاستراتيجية، أم القيام بعمليات عسكرية محدودة مصحوبة بالقصف الجوي من أجل تحقيق الهدف.
وقد ازدادت المعضلة لدى قيادة الجيش الإسرائيلي في ضوء عدم جاهزية الجيش بما في الكفاية لشنّ هجوم برّي، وعدم جاهزيته للحرب في داخل المدن؛ ذلك أنه استثمر في العقود الماضية في بناء قوته الجوية والتكنولوجية و”السايبر” والمخابرات، خصوصًا في شن ما يسمى “المعركة بين الحروب” ضد أهداف في سورية، على حساب قواته البرية التي تراجعت جاهزيتها القتالية. إلى جانب ذلك، اهتمت قيادة الجيش بتحسين شروط الخدمة العسكرية لضباط الجيش وسلاح الجو والاستخبارات و”السايبر”، في حين ازداد الفساد الإداري في الجيش وتقلصت تدريبات قوات الاحتياط.
لم تكن حالة الجيش الإسرائيلي، لا سيما عدم جاهزية قواته البرية للحرب بما فيه الكفاية وعدم خبرته في حرب المدن، غائبة عن الإدارة الأميركية. وقد أثّر موقف الإدارة الأميركية في مناقشات “كابينت” الحرب الإسرائيلي في هذا الشأن. وأرسلت وزارة الدفاع الأميركية الجنرال جيمس جلين والعديد من الجنرالات الأميركيين ذوي التجربة في حرب المدن في العراق، إلى تل أبيب لتقديم الاستشارة العسكرية لقيادة الجيش الإسرائيلي بشأن الهجوم البري على غزة وكيفية تنظيمه وإدارة حرب المدن. وفي ضوء المشاورات مع الجانب الأميركي، قرر كابينت الحرب أن يكون هجوم الجيش الإسرائيلي البري على قطاع غزة تدريجيًا، وأن يسير بحذر شديد وببطء لتقليل الخسائر.

تحديات الهجوم البري على مدينة غزة
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن انطلاق المرحلة الثانية من الحرب على قطاع غزة، يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر، ليبدأ الجيش الإسرائيلي في إثر ذلك توغلاته ابتداءً من شمال القطاع. وبدأ التحرك في الأيام الأولى للعملية العسكرية البرية في الأراضي الزراعية المفتوحة شمال القطاع، بحذر وبطء شديدين. وسار أمام القوات المهاجمة سلاح الهندسة تتقدّمه الجرافات لتشق الطرق أمام الدبابات والمجنزرات والآليات العسكرية المدعومة بالقوات الجوية، التي تشمل الطائرات المسيّرة وطائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية. وبعد يومين، أصدر نتنياهو بيانًا بعد اجتماع لكابينت الحرب، جاء فيه: “لقد اكتملت المرحلة الأولى، والمرحلة الثانية من الحرب، وحان الوقت لدخول المرحلة الثالثة، من خلال توسيع الغزو البري لقطاع غزة”.
يتمثل الهدف الرئيس للتحرك العسكري الإسرائيلي الراهن في تطويق مدينة غزة من مختلف الجهات، وعزلها بالكامل عن جنوب قطاع غزة، ثم محاولة الاستمرار في التقدم من مختلف الجهات إلى مركز مدينة غزة ومحاولة احتلالها تدريجيًا منطقةً تلو الأخرى. ومن المرجح أن تكون محاولة احتلال مدينة غزة بالغة الصعوبة وأن تُوقع خسائر كبيرة في الجيش الإسرائيلي، بسبب المقاومة الشديدة التي تبديها المقاومة الفلسطينية والمهارات العالية التي تملكها في حرب المدن، فضلًا عن معرفتها بالأرض ووجود شبكة واسعة من الأنفاق. ورغم تفوق إسرائيل النوعي في السلاح، والتغطية الجوية والتفوق العددي لجيشها، فإن القيادات العسكرية الإسرائيلية تتوجس من الخسائر الكبيرة المتوقعة في صفوفها، خاصة عند توغلها إلى داخل المدينة وشوارعها وأزقتها، حيث يصعب على الدبابات والمجنزرات والآليات العسكرية المناورة والحركة، وتقلّ فاعلية الغطاء الجوي، وهو ما يعرّضها لهجمات المقاتلين الفلسطينيين.
وفي محاولة لتقليل الخسائر في صفوف القوات البرية، تعطي قيادة الجيش الإسرائيلي في المعارك دورًا مهمًا للطائرات، بأنواعها المختلفة، التي ترافق هذه القوات. ويستخدم الجيش الإسرائيلي كذلك القنابل الفوسفورية والدخانية لإرباك المقاومة الفلسطينية في مواجهته. وقام الجيش كذلك، وفي إثر الدروس التي استخلصها من هجوم المقاومة الفلسطينية على قواعده العسكرية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بتركيب شبكات حديدية لتعزيز قدرة الدبابات والمجنزرات والجرافات على مقاومة النيران، بما في ذلك هجمات المسيّرات الانتحارية.
ورغم محاولات الجيش الاسرائيلي للتقليل من خسائره في الأرواح، فقد اعترف بسقوط 15 قتيلًا بين عناصره في اليوم الثاني من الهجوم على غزة، وهو لمّا يصل إلى المناطق الحضرية، حيث يتوقع أن تكون المقاومة فيها أكثر قوة. ويذهب أغلب المحللين الإسرائيليين إلى أن محاولة احتلال مدينة غزة الكبرى ستكون صعبة وخطرة جدًا، وقد توقع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، قد لا يكون المجتمع الإسرائيلي مستعدًا لتحمّلها، حال الدخول في حرب استنزاف طويلة مع المقاومة الفلسطينية.

حشد الرأي العام وراء الحرب
بخلاف حروب الجيش الإسرائيلي السابقة على قطاع غزة، تخوض إسرائيل هذه الحرب بوجود إجماع على الحرب، ولكن من دون توافر ثقة المجتمع الإسرائيلي بقيادتيه العسكرية والسياسية. فنصف المجتمع الإسرائيلي فقط يثق بقيادة الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب، بحسب استطلاع للرأي العام نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، في حين يثق 7 في المئة فقط بقدرة نتنياهو على قيادة الحرب على غزة.
لقد تمكنت القيادات العسكرية والسياسية، عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، من حشد المجتمع الإسرائيلي في تأييد الحرب على غزة على نحو واسع، مستغلةً روح الانتقام التي سادت في إثر عملية طوفان الأقصى. ويعود تأخر إطلاق العملية البرية ضد قطاع غزة في جزء منه إلى القلق على مصير الأسرى الإسرائيليين والخشية على فرص إنقاذهم في حال بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه البري على غزة. وبناء عليه، ظهر تأييد واسع في صفوف المجتمع الإسرائيلي لعقد صفقة شاملة مع حركة “حماس” يجري فيها إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. وسواء جرى عقد صفقة لتبادل الأسرى في الأسابيع القادمة أو لا، فإنه من المتوقع أن ينخفض تأييد المجتمع الإسرائيلي للحرب تدريجيًا، فكلما طالت الحرب وازداد سقوط القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي قل الدعم لها، إضافة إلى أن استمرار الحرب شهورًا طويلة يتناقض مع أسس العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي تدعو إلى حسم الحرب في أسرع وقت ممكن، لأن الجيش الإسرائيلي يعتمد في حربه على قوات جيش الاحتياط. فقد استدعى وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت منذ بداية الحرب نحو 360 ألفًا من قوات الاحتياط، حيث بات تعداد الجيش يزيد على 520 ألفًا. وثمة صعوبة كبيرة في الاحتفاظ بقوات الاحتياط في الخدمة في الجيش شهورًا طويلة، وفي المقابل ثمة صعوبة أيضًا في تسريح قوات الاحتياط كلها أو جزء منها ما دامت حرب إسرائيل على غزة مستمرة، وما دامت ثمة إمكانية أن يدخل حزب الله حربًا شاملة ضد إسرائيل. علاوة على ذلك، تعاني إسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة، مشاكل مهمة أخرى تترك وطأتها على المجتمع والاقتصاد الإسرائيليين، ومن ضمنها مسألة نقل أكثر من 130 ألف إسرائيلي على الأقل من الحدود المحاذية لقطاع غزة في الجنوب، ولبنان في الشمال، إلى داخل إسرائيل، الأمر الذي يترك آثارًا سلبية في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيليين.

خاتمة
لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تحديد المدة التي ستتطلبها الحرب التي يشنّها على مدينة غزة من أجل احتلالها ومحاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية فيها، ولا الأثمان التي تترتب عليها. في جميع الأحوال، ستتأثر مجريات الحرب ونتيجتها بعدة متغيرات يأتي في مقدّمها قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود والدفاع عن المدينة، وقدرتها على تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر قد تُرغمه على القبول بوقف لإطلاق النار، وكذلك مدى تعرض إسرائيل لضغط إقليمي ودولي من أجل وقف عدوانها على غزة، وأيضًا إمكانية الضغط على إسرائيل عسكريًا في جبهتها الشمالية مع لبنان.

كلمات دلالية إسرائيل الحرب على غزة تقدير موقف صادر عن المركز العربي للأبحاث

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: إسرائيل الحرب على غزة قیادة الجیش الإسرائیلی المقاومة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی فی المجتمع الإسرائیلی الحرب الإسرائیلی قوات الاحتیاط على مدینة غزة الحرب على غزة على قطاع غزة تشرین الأول البری على حرب المدن کبیرة فی فی صفوف فی حرب

إقرأ أيضاً:

كيف أثرت المقاطعة على الاحتلال الإسرائيلي أكاديميا واقتصاديا؟

زادت دعوات مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي حول العالم مع استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وأثرت على نفوذ الاحتلال عالميا، كما أثرت على الاحتلال الإسرائيلي اقتصاديا.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعدته عنات بيليد وكري كيلر- لين قالتا فيه إن المقاطعة ضد الاحتلال الإسرائيلي تنتشر حول العالم وتثير قلق المستوطنين، حيث تشمل مقاطعة الدفاع والأكاديميات وعرضت موارد الأبحاث للخطر.

فسنوات من حملات الجماعات المؤيدة للفلسطينيين للمقاطعة العالمية ضد الاحتلال الإسرائيلي لم تحقق سوى دعما محدودا، إلا أن الأشهر التي أعقبت الحرب على غزة، أدت لتوسع ونمو حملات عزل الاحتلال الإسرائيلي وشملت مجالات أبعد من الجهود الحربية لإسرائيل في غزة.

وقالت الصحيفة إن التحول هذا يحمل إمكانيات التأثير على عمل المستوطنين والتسبب بضرر للتجارة ويترك أثره على اقتصاد الكيان الذي يعتمد على التعاون الدولي والدعم الدفاعي والتجاري والأبحاث العلمية.


وعندما أوصت لجنة الأخلاق في جامعة غينت البلجيكية بوقف كل التعاون البحثي مع المؤسسات الإسرائيلية في نهاية أيار/مايو، لم يكن يتوقع الباحث في البيولوجيا الحاسوبية عيران سيغال حدوث هذا.

فلم تر العلوم أي تأثير عليها من حركات المقاطعة، وحتى بعد أشهر من الحرب. كما أن أبحاث سيغال لا علاقة لها بجيش الاحتلال الإسرائيلي. ويشمل التعاون البحثي مع جامعة غينت مجالات أمراض التوحد والزهايمر وتحلية المياه والزراعة المستدامة. وكتبت لجنة الأخلاق: " تقوم المؤسسات الأكاديمية بتطوير التكنولوجيا للخدمات الأمنية التي تسيء استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان وتقدم التدريب للجنود والخدمات الأمنية الذي يقوم أفرادها بإساءة استخدام المعرفة للقيام بانتهاكات لحقوق الإنسان".

وقال سيغال الذي يعمل من مختبره في معهد وايزمان للعلوم، جنوب تل أبيب وله علاقة شراكة مع جامعة غينت ويركز على العوامل التي تساهم في السمنة إن البيان من الجامعة "مثير للقلق"، ولا يعرف إن كان البرنامج قد أوقف أم لا. ودعت اللجنة في جامعة غينت إلى تعليق أوروبي لمشاركة إسرائيل في البرامج التعليمية والتي اعتمدت دائما على تمويل الإتحاد الاوروبي.

وعلق سيغال أن استجابة الشركاء الأوربيون لهذه الدعوة "سيكون بمثابة ضربة قوية لقدراتنا على مواصلة البحث العلمي الأكاديمي". وقال عيران شامير- بورر، الرئيس السابق لدائرة القانون في الجيش الإسرائيلي إن المبادرات المتفرقة القانونية والسياسية ضد إسرائيل غير مسبوقة. وتضم تحركات ضد القادة الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية التابعة للأمم المتحدة.


وقال شامير بورر، الذي يعمل حاليا في معهد "إسرائيل الديمقراطي" "أعتقد أن هذا بالتأكيد يدعو على القلق لإسرائيل"، مضيفا بأن تحول إسرائيل إلى دولة مارقة "يعني أنه حتى لو لم تحدث الأمور بشكل رسمي، فإن عددا قليلا من الشركات تريد الاستثمار داخل الاحتلال الإسرائيلي بالمقام الأول، وجامعات أقل تريد التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية، وتحدث الأمور عندما تحصل على هذا الوضع الرمزي". ويشعر المستوطنين أنه لم يعد مرحب بهم في عدد من الجامعات الأوروبية، بما في ذلك المشاركة في التعاون العلمي. وباتت المشاركة في المناسبات الثقافية والمعارض الدفاعية تابو.

وكمثال جهز ليدور مادوموني الذي يدير شركة دفاعية ناشئة نفسه ولعدة أشهر كي يشارك في مؤتمر "يوروساتوري" في باريس الذي انعقد الشهر الماضي، حتى تلقى رسالة إلكترونية تخبره أن شركته ممنوعة من المشاركة بسبب قرار محكمة. وأخبره المنظمون "نحن مجبرون على منع مشاركتك في المعرض غدا"، وأشاروا إلى قرار وزارة الدفاع الفرنسية الصادر ردا على عملية الجيش الإسرائيلي في رفح.

وقالت نعومي عليل، المديرة الإدارية في إسرائيل لشركة ستابيرست إيروسبيس، وهي شركة استشارات دولية التي تطور وتستثمر في الشركات الناشئة في مجال الطيران والدفاع إن القرار الفرنسي "صدم كامل مجتمع" الصناعات الدفاعية والتكنولوجية في إسرائيل.

وقال المنظمون إنهم قدموا استئنافا لإلغاء قرار المحكمة وأنهم يعملون كل ما بوسعهم لمشاركة الشركات الإسرائيلية. وبعد افتتاح المعرض تم إلغاء القرار، لكنه كان متأخرا حيث انسحبت معظم الشركات الإسرائيلية.


وتقول الصحيفة إن حركة المقاطعة أو بي دي أس، أنشئت في 2005 بمبادرة من منظمات المجتمع الفلسطيني وحاولت ممارسة الضغط الدولي على إسرائيل لتأمين حقوق الفلسطينيين، إلا أنها لم تحقق نجاحا واسعا، لكن المناخ تغير بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتي حققت بعضا من أهداف حركة بي دي أس الطويلة الأمد والجماعات المؤيدة لفلسطين. فقد أدت حصيلة القتلى التي زادت عن 38,000 والدمار الواسع في غزة إلى زيادة الدعم لحركة المقاطعة.

وقال مؤسس الحركة عمر برغوثي: " كلما أصبحت فيه الشركات والمؤسسات الإسرائيلية معزولة، كلما وجدت إسرائيل صعوبة في اضطهاد الفلسطينيين". وعندما بدأت الحرب، ظهرت حركة مقاطعة جديدة، وبخاصة من دوائر الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، كما تقول نيتا باراك- كورين، أستاذة القانون ورئيسة قوة مهام لمكافحة المقاطعة في الجامعة العبرية بالقدس. وبدأت المقاطعة بالتوسع حيث وصلت إلى العلوم المجردة وعلى مستوى الجامعات و"حركات الجامعات الواسعة والأهم قرار قطع العلاقات مع الأكاديميين الإسرائيليين" كما قالت.

وتبنت أكثر من 20 جامعة في أوروبا وكندا الحظر. ووجدت طالبة إسرائيلية كانت تحضر للدراسة في جامعة هيلنسكي وتبحث عن سكن في فنلندا، حتى أبلغتها الجامعة في أيار/مايو أنها علقت اتفاق التبادل مع الجامعات الإسرائيلية.

وبحسب مينا كوتانيمي، مديرة خدمة التبادل الدولية فقد توقفت جامعة هيلنسكي عن إرسال الطلاب إلى الاحتلال الإسرائيلي بعد أحداث هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر تعبيرا عن قلقها من الحرب. وقالت إن الجامعة لم تقصد تقييد باحثيها من التعاون مع الاحتلال، وامتدت المقاطعة على طول المنظور الأكاديمي.

وفي أيار/مايو أخبرت مجلة "كالتشرال كريتيك" (النقد الثقافي) والتي تصدرها دار نشر جامعة مينسوتا، باحثا إسرائيليا بعلم الاجتماع بأن مقالته لن ينظر فيها لأن الناشرين يعتقدون بانتمائه لمؤسسه تابعة للاحتلال الإسرائيلي، وقالت المجلة إنها تتبع إرشادات بي دي أس والتي تشمل "على سحب الدعم من الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساتها الأكاديمية والثقافية".


واعتذرت المجلة لاحقا عن استبعادها المقالة بناء على الانتماء الثقافي للباحث وقامت بتعديل موقعها قائلة إن المقالة ستكون محلا للتقييم وطلبت من الباحث إعادة تقديم مقالته. وكان الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ قد انتقد حركة المقاطعة وأخبر مؤتمرا في أيار مايو قائلا إن أعداء إسرائيل "يحاولون عزلنا من أجل إيذائنا". وقال "العدو، إمبراطورية الشر الإيرانية ووكلائها إلى جانب عدد من دعاة المقاطعة يحاولون وبكل وسيلة الإضرار بعلاقاتنا التجارية عبر حملات تخدم النفس وقاسية وموجهة ضدنا".

وشعرت صناعة الدفاع الإسرائيلية التي وصلت مبيعاتها في 2023 إلى 13 مليار دولارا بأنها مستهدفة، حيث منعت تشيلي في آذار/مارس الشركات الإسرائيلية من المشاركة في أكبر معرض للطيران بأمريكا اللاتينية ثم تبعتها فرنسا في حزيران/يونيو. وتقدم الولايات المتحدة الداعم الأكبر للاحتلال الإسرائيلي مساعدات سنوية بـ 3 مليار دولارا وقدمت لها كما ضما من الأسلحة بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. ط

وحاولت بعض المنظمات غير الحكومية تحدي دعم دولها لإسرائيل عسكريا وقدمت دعاوى للمحاكم في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والدنمارك. وفي ضوء الحرب في غزة قالت كندا إنها لن تبيع إسلحة لإسرائيل.

وفي أوروبا يقوم مدراء الصناديق بمراجعة المواقف بناء على الحرب في غزة، حسبما تقول كيران عزيز الذي تقوم شركتها بفحص أكبر صندوق تقاعد خاص في النرويج، وهو كي أل بي والتحقق من عدم وجود نشاطات تتعارض مع الإرشادات الأخلاقية. وقالت "أعرف أن هذا شيء ينظر فيه كل شخص". وسحب صندوق كي أل بي أسهما بقيمة 85 مليون دولار في الشركة الامريكية كاتربيلر، مستندا على بيان من مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قال فيه إن نقل الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي يمكن أن يكون انتهاكا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ودعا البيان 11 شركة دولية بمن فيها كاتربيلر وقف صادراتها إلى إسرائيل.


ولا يزال التعاون الدولي الإسرائيلي قائما، وفي أيار/مايو وقع أكثر من ألف فنان اسكندنافي على عريضة تطالب بمنع إسرائيل المشاركة في يورو فيشن بدون نجاح، حيث غنت الإسرائيلية عيدن غولان أغنيتها.
وهناك عدد من الفنانين المبدعين أبعدوا أنفسهم عن إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، رفض عدد كبير من المؤلفين، معظمهم من أمريكا السماح بترجمة أعمالهم إلى العبرية أو بيعها في إسرائيل، حسب إفرات ليف، مدير الحقوق الأجنبية في وكالة ديبورا هاريس في إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • لواء المظليين ينهي عمليته العسكرية في الشجاعية شرق غزة
  • كيف أثرت المقاطعة على الاحتلال الإسرائيلي أكاديميا واقتصاديا؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف بعجزه عن تدمير أنفاق غزة بعد 9 أشهر من الحرب
  • غالانت يعلن بدء تجنيد الحريديم في أغسطس
  • وزارة الحرب الإسرائيلية تقرر البدء بتجنيد الحريديم الشهر المقبل
  • وزارة الحرب الإسرائيلية تقرر البدء بتجنيد الحريدم الشهر المقبل
  • أبرز عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي في غزة
  • قصف إسرائيلي عنيف على أحياء في مدينة غزة وفرار آلاف السكان  
  • جنرالات إسرائيل الكبار يعانون نقص الذخيرة ويريدون إنهاء الحرب
  • لماذا يُهزم الجيش؟.. إلى ماذا أفضى الحياد؟