بعد 7 سنوات من التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.. ما مصير العقول المدبرة للبريكست؟
تاريخ النشر: 29th, June 2023 GMT
لندن- تحل هذه الأيام الذكرى السابعة لواحد من أكبر الأحداث السياسية في التاريخ المعاصر لبريطانيا، وهو قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست) الذي صوت عليه البريطانيون في يونيو/حزيران 2016 بنسبة تأييد بلغت 51% مقابل رفض 49%.
ولم تخرج بريطانيا بعدُ من دوامة "البريكست"، رغم أنها دفعت أثمانا باهظة لهذا الطلاق مع الاتحاد الأوروبي؛ من مكانتها الاقتصادية واستقرارها السياسي، بعد تعاقب 4 رؤساء وزراء عليها خلال 6 سنوات فقط.
وبينما تتراجع شعبية "البريكست" حتى في صفوف أشد المتحمسين له، فإن هناك ما يشبه "لعنة" تطارد كبار عرابي هذا المشروع المثير للجدل، وبينما كان مهندسو البريكست يمنون النفس بمجد سياسي في حال تحقيق خروج ناجح من الاتحاد الأوروبي، فإن الذي حدث هو العكس تماما، بأن تقهقر هؤلاء وتحولوا إلى شخصيات شبه "منبوذة" في المشهد السياسي البريطاني.
يعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون مثالا صارخا على ما لحق بأشهر الوجوه المدافعة عن البريكست؛ فجونسون كان رأس الحربة في الترويج للبريكست، وبالفعل حقق هدفه بتصويت البريطانيين لفكرة الخروج، وتدريجيا ارتقى جونسون في سلم المناصب السياسية، ووصل لمنصب وزير الخارجية في عهد حكومة تيريزا ماي، قبل أن يتسبب في سقوطها ويحل محلها ويصبح زعيم حزب المحافظين.
وتعد سنة 2019 سنة المجد السياسي لبوريس جونسون بعد أن توجته الانتخابات في ذلك العام زعيما للمحافظين من دون منازع، وحصوله على أغلبية مطلقة في البرلمان، وتعززت شعبية جونسون خلال جائحة كورونا، لدرجة أن تحليلات سياسية كانت تتحدث عن كون جونسون يسير على خطى الزعيم البريطاني الشهير "ونستون تشيرشل".
لكن سرعان ما هوى هذا الصرح السياسي أمام الكثير من الفضائح السياسية، وكانت فضائح تنظيم حفلات في مقر رئاسة الوزراء خلال فترة الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا الضربة القاتلة للمسار السياسي لبوريس جونسون، وكلفته منصب رئيس الوزراء، وكذلك مقعده في البرلمان، الذي خرج منه وهو يجر خلفه إدانة بالكذب والتضليل.
ورغم ذلك، ما زال جونسون يعد نفسه من أشد المدافعين عن البريكست؛ فهذا الملف هو الذي صنع مجد جونسون السياسي، إلا أنه بعد سنوات من الاستفتاء أصبح جونسون تقريبا خارج المشهد السياسي وباتت عودته صعبة أو شبه مستحيلة.
إن كان بوريس جونسون من الوجوه التي اشتهرت خلال فترة الترويج للبريكست وبعدها، فإن أحد صانعي حملة البريكست، بل والعقل المدبر للترويج لهذه الفكرة، كان يتحرك في الخفاء وفي صمت، ويتعلق الأمر بدومينيك كامينجز، الذي يعد من أشهر المخططين للحملات الدعائية والانتخابية في بريطانيا.
وبعد وصول جونسون لرئاسة الوزراء، عين دومينيك في منصب كبير المستشارين داخل رئاسة الوزراء، عرفانا من جونسون بصنيع دومنيك كامينجز، إلا أن العلاقة الودية بين الرجلين سرعان ما تحولت لحرب طاحنة بينهما، بعد إقالة جونسون لدومينيك كامينجز من منصبه، عقب تورطه في خرق إجراءات كورونا.
بعدها تفرغ دومينيك كامينجز لنشر الكثير من المحادثات والتسريبات حول الطريقة التي كان يتعامل بها جونسون مع جائحة كورونا، وقدم شهادة أمام البرلمان ضد جونسون كانت فارقة في إدانته.
وبعد أن كان دومينيك كامينجز يعد أشهر وأقوى مستشار في الدعاية السياسية، وكان حديث وسائل الإعلام البريطانية، التي عدته مفتاح النجاح الانتخابي لحزب المحافظين سنة 2019، فقد اختار هو الآخر التواري عن الأنظار والابتعاد عن المشهد السياسي، والعودة للكتابة في مدونته الإلكترونية الشهيرة.
يعد السياسي البريطاني نايجل فراج من ممثلي التيار الشعبوي اليميني في بريطانيا، وكان من أشد أنصار البريكست عندما كان زعيما لحزب الاستقلال البريطاني، وكم كانت فرحته غامرة وهو يغادر البرلمان الأوروبي، إلا أنه ربما لم يكن يعلم أن هذه المغادرة ستكلفه الكثير في مساره السياسي.
فمباشرة بعد تصويت البريطانيين على البريكست ودخول البلاد في متاهة لم تخرج منها حتى الآن، فقد نايجل فراج زعامة حزب الاستقلال، قبل أن يعلن تأسيس حزب البريكست، الذي لم ينجح في الوقوف أمام الصعود القوي لحزب المحافظين، وفي سنة 2021 قرر نايجل فراج تغيير اسم حزبه من جديد إلى حزب "الإصلاح"، وأصبح رئيسه الفخري فقط من دون أي منصب سياسي حقيقي.
وأثار نايجل فراج الكثير من الجدل من خلال تصريح قوي اعترف فيه بأن "البريكست قد فشل"، وكان يقصد بهذا التصريح أن فكرة الخروج لم يتم تطبيقها بالشكل المطلوب، وتحولت لفكرة فاشلة.
ويحاول هذا السياسي المعروف بعدائه للمهاجرين العودة للسياسة من جديد رغم تراجع شعبيته، محاولا الاستفادة من حالة الضعف التي يعيشها حزب المحافظين، فهو يرى في الأمر فرصة للانقضاض على كتلة مهمة من ناخبي حزب المحافظين الذين لهم أفكار يمينية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
السفير أحمد أبو زيد: مصر شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي والناتو
أكد السفير أحمد أبو زيد، سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبورج وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي تقوم على أسس شراكة قوية واستراتيجية، في ظل الزيارات المتكررة لوفود رفيعة المستوى من البرلمان الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي إلى القاهرة خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح "أبو زيد"، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، من العاصمة البلجيكية بروكسل، ضمن برنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء السبت، أن مصر تربطها علاقات استراتيجية شاملة بـ البرلمان الأوروبي بمختلف مجموعاته السياسية، معتبرًا أن هذه العلاقات بمثابة خطوة محورية نحو شراكة أعمق وأقوى.
أشار السفير أحمد أبو زيد، إلى أن التحولات الدولية المتسارعة فرضت واقعًا جديدًا، ما تطلب إعادة تحديد الأولويات، خاصة في مجالات الدفاع والأمن، مشددًا على أن مصر تتبنى سياسة جديدة قائمة على تعزيز علاقاتها مع شركائها الاستراتيجيين، انطلاقًا من دورها كدولة تمتلك توازنًا استراتيجيًا في منطقة المتوسط.
وأضاف أن هناك ترابطًا عضويًا بين أمن واستقرار المتوسط ومصر، لافتًا إلى أهمية التعاون في مواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب، الهجرة غير الشرعية، الحروب، وتحديات العمالة والتنقل، مشددًا على ضرورة إرساء حوار شفاف ومنفتح مع شركاء مصر، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو؛ بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين.
وأكد "أبو زيد" أن مناقشة أجندة التحديات المشتركة بين مصر والناتو؛ تمثل نقطة انطلاق مهمة نحو تعاون أمني وسياسي أكثر عمقًا، في ظل ما يشهده الإقليم من تطورات معقدة.