رانيا العبد الله.. لا يولد المرء ملكاً.. باسم يوسف وأصل الحكاية
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
متابعة بتجــرد: بصوت واضح وكلمات غاضبة تتحدث الملكة رانيا إلى «سي أن أن» الأمريكية حول الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين. لا حاجة لأن تكون فلسطينية الأصل حتى تهتز لمشاهد قتل أطفال ونساء على هواء الشاشات مباشرة، وهي قالت ذلك بالفعل: «إننا متّحدون في الحزن، بغض النظر عن أصولنا». من دون تلعثم، تسرد قصةً عمرُها 75 عاماً، فالحرب لم تولد فقط في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هي حكاية احتلال وتهجير ومصادرة أراض وحواجز وانتهاكات لحقوق الإنسان واعتقالات وأبارتهايد.
تعرف الملكة عما تتحدث، بدت خبيرة تماماً وجاهزة لقصف الأسئلة. هذا الوضوح، والمنطق المتماسك أكثر ما يخيف داعمي الرواية الإسرائيلية في الغرب، وبسبب ذلك التماسك بالذات هوجمت الملكة في الإعلام الغربي على الفور. التهم موضوعة دائماً على الطاولة.
اتُهمت الملكة بمعاداة السامية، وهي ردّت هذه التهمة في مقابلة جديدة مع برنامج «عن بعد» في «سي أن أن» الأمريكية، إذ قالت إن «معاداة السامية أصبحت سلاحاً لإسكات أي انتقاد لإسرائيل»، وأدانت «بشكل قاطع معاداة السامية والإسلاموفوبيا»، فهذه الأخيرة ليست سوى «الوجه الآخر لنفس المرض».
بالفعل، لا يولد المرء ملكاً، ولا يتعلق الأمر بالوراثة، فبالإمكان أن يصنع الناس طريقهم، أن يعيش الإنسان كأمير، كملك، أو ينحطّ كقاتل
نقرأ أمس أيضاً عن السيدة الأندونيسية الأولى إريانا جوكو ويدودو التي دعت إلى «وضع حد فوري للعنف في فلسطين»، وقالت: «آمل بشدة أن ينتهي العنف، وأن تنتهي الحرب، وأن يكون من الممكن الوصول إلى المساعدات الإنسانية. دعونا نساعد سوياً إخواننا وأخواتنا في فلسطين». تحدثت عن المدنيين والأبرياء الذين فقدوا أرواحهم في غزة، ومن بينهم أطفال ونساء، مشيرة إلى الأوضاع الإنسانية بالغة الصعوبة: «كامرأة وكأم، أنا محطّمة لرؤية هذا الوضع. فأنا لا أستطيع أن أتخيل كم معاناة الأطفال الأبرياء الذين يتعيّن عليهم مواجهة هذا الواقع القاسي».
بإمكان المرء أن يذهب بعيداً في استعادة عدد كبير من المواقف المؤثرة المتضامنة مع الفلسطينيين، والشجاعة بحق، لكن موقف السيدة الأندونيسية، كما الملكة الأردنية ذكّرني بسيدات محور الممانعة، ولكي أكون أكثر وضوحاً تذكرت «السيدة السورية الأولى» التي اعتنت، وإعلامُها، أخيراً بصورتها على الشاشات، مرة في الحقول، ومرة في المشافي، وبين الجرحى، ومتعلمي اللغة العربية في الصين، لكنها لم تظهر مرة على أي شاشة منذ اندلاع الحرب. وتخيلت بم يمكن أن تجيب لو طرحت عليها أسئلة الـ «سي أن أن»، بأي مصداقية، وبأي لغة.
هذا الفارق، المتخيل، هو بالذات ما يدفع إلى القول: بالفعل، لا يولد المرء ملكاً، ولا يتعلق الأمر بالوراثة، فبالإمكان أن يصنع الناس طريقهم، أن يعيش كأمير، كملك، أو ينحطّ كقاتل.
أصل الحكاية
يبدو أن الفارق بين محللٍ وآخر، بين متناوِلٍ للحرب الإسرائيلية على غزة وآخر، الانطلاق من فكرة أن الحرب لم تبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مع أنه يمكن التساؤل أيضاً، حتى لو افترضنا أن الحرب بدأت فعلاً في أكتوبر فقط، بأي ميزان يحكم أولئك الذين يرون في قتل عشرة آلاف فلسطيني على الأقل (من المرعب القول إنه مع نشر المقال سيكون العدد قد ازداد ما لا يقل عن خمسمئة ضحية أخرى)، بينهم حوالى أربعة آلاف طفل، وعدد هائل من الجرحى، ثمناً مناسباً لهجوم «حماس»!
تأتي المقابلة الجديدة للإعلامي المصري اللامع باسم يوسف مع بيرس مورغان متناغمة مع منطق الملكة رانيا. بدا يوسف كأنه ناطق باسم القضية (الفلسطينية)، يشرح ويحلّل ويقدم الشواهد والأدلة، يتحدث عن انحياز الغرب، والروايات الرائجة الزائفة، من دون أن ينسى تسليط الضوء على قصص وفجائع إنسانية، حريصاً على أن يقدم أصل الحكاية وفصلها، بعناوينها العريضة، ورموزها الأكثر بساطة، كأن يقدم لمضيفه زيت الزيتون الفلسطيني، الرمز الأعتق للفلسطينيين.
التواطؤ الغربي، والتزييف، والإنكار، وعدم الرغبة أساساً في التحديق في الكارثة، يؤكد الحاجة إلى أمثال باسم يوسف
حتى بالنسبة لمشاهدين عرب، باتت حلقة باسم يوسف مرجعاً، فعلى سبيل المثال نلمح تعليقات تقول إنهم ذهبوا لمشاهدة الوثائقي الإسرائيلي عن مجزرة طنطورة بفضل يوسف، هذا المجزرة التي وثقها إسرائيليون في فيلم وأطروحة جامعية قبل ذلك، وتَحَمَّلَ صاحب الأطروحة ما تحمّل من عداء وتهديدات ونبذ، مجزرة تبدو وكأنها مجرد «تفصيل ثانوي» في التاريخ الطويل المعتم عليه عن قصد.
أحببتَ باسم يوسف، أداءً وحضوراً، أم لا، أعجبك تحليله ومنطقه أم لا، ليس بوسعك إلا أن تعجب بجرأته ومثابرته على قول الحق الفلسطيني. قد لا تقدّر تماماً، إن كنت في عاصمة عربية، أو إسلامية، حيث مفردات القضية هي مسلّمات لا تحتاج إلى براهين، معنى جرأة ما يقوله يوسف، لكن التواطؤ الغربي، والتزييف، والإنكار، وعدم الرغبة أساساً في التحديق في الكارثة، يؤكد الحاجة إلى أمثال هذا الإعلامي المصري.
الشارع الغربي يتغير يوماً بعد يوم، والشارع والرأي العام جزء من المعادلة، ولعل عدداً من الأخبار والمحللين تحدثوا مراراً عن تحذيرات أمريكية، وحتى إسرائيلية، لبنيامين نتنياهو بأن الشارع يتغير، وليس لصالحكم.
جرأة باسم يوسف ليست من دون ثمن، إذ نشاهد كل يوم الخسائر التي يمنى بها نجوم كرة قدم تعاطفوا مع الفلسطينيين، أو إعلاميين طردوا من وظائفهم، ولا ندري إلى أين ستصل الأمور مع تهديدات رسمية تطلقها حكومات الغرب كل يوم.
المصدر: بتجرد
كلمات دلالية: باسم یوسف
إقرأ أيضاً:
رحلة النبي (3): الإسراء والمعراج.. الصلاة هدية السماء ومعراج المؤمن
تعتبر رحلة الإسراء والمعراج واحدة من أعظم المعجزات في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهي رحلة سماوية جمعت بين الأرض والسماء، حملت معها أسرارًا عظيمة وعطايا إلهية جليلة، أبرزها فريضة الصلاة التي كانت هدية من الله لعباده المؤمنين.
فرض الصلاة.. أعظم عطيةكانت الصلاة أول فريضة تُفرض على المسلمين بطريقة مباشرة دون وسيط، حيث عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة ليلة المعراج، وهناك خاطبه الله عز وجل مباشرةً وفرض عليه وعلى أمته خمس صلوات يوميًا.
وأكد العلماء أن فرض الصلاة في السماء يعكس مكانتها العالية وكونها صلة بين العبد وربه.
الصلاة تمثل عروج الروح اليومي للمؤمن إلى الله، فهي رحلة روحانية تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم، يلتقي فيها العبد بربه خمس مرات في اليوم والليلة.
والصلاة ليست مجرد حركات جسدية، بل هي لحظة اتصال مباشر مع الله، يسكب فيها المؤمن همه، ويشعر بالقرب من خالقه.
الصلاة.. عروج الروح إلى السماءأوضح جمعة أن الصلاة في الإسلام تشبه عروج النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج، فهي ترفع الروح من عالم المادة إلى عالم النور والروحانية.
والمسلم حينما يقف بين يدي الله في صلاته، فإنه يعيش حالة من الطمأنينة والسلام الداخلي، ويُجدد إيمانه بالله.
السجود هو أقرب ما يكون فيه العبد إلى الله، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» [رواه مسلم].
ففي السجود يتجلى معنى الخضوع الكامل لله، ويتحرر المؤمن من قيود الدنيا ليصل إلى حالة من الصفاء الروحي.
أثر الصلاة في حياة المسلموالصلاة ليست عبادة فردية فحسب، بل هي نظام تربوي يومي يُنظّم حياة المسلم ويربطه بربه باستمرار. فهي تعينه على مواجهة صعوبات الحياة، وتعلمه الالتزام والانضباط، وتقوّي صلته بالله.
الصلاة التي فُرضت ليلة الإسراء والمعراج، تُذكر المسلم دائمًا بقيمة الرحلة السماوية للنبي وبأن السماء ما زالت مفتوحة لعباده الصالحين.
هدية السماءالصلاة هي هدية السماء للمؤمنين، تفتح لهم باب الرحمة والمغفرة، وتجعلهم دائمًا في حضرة الله عز وجل. ودعا المسلمين إلى الحفاظ على هذه الفريضة العظيمة وأدائها بخشوع، ليعيشوا معاني الإيمان الحقيقية.
الصلاة كانت ولا تزال رحلة يومية تتجدد فيها صلة الإنسان بالله، فكما عرج النبي في ليلة المعراج، تعرج أرواح المؤمنين إلى السماء خمس مرات يوميًا، لتعيش النور والسكينة.