الجزيرة:
2024-11-05@19:51:42 GMT

أبو عبيدة الغامض.. لماذا تنتظر الملايين إطلالته؟

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

أبو عبيدة الغامض.. لماذا تنتظر الملايين إطلالته؟

 

مع كلّ حربٍ، يظهر "بطل إعلاميّ" تتّجه إليه أنظارُ ملايين البشر المعنيين بهذه الحرب؛ المُكتوين بنارِها.. يترقّبون إطلالاته وكلماته وبياناته وبلاغاته.. تتعلّق به آمال المتابعين؛ انتظارًا لما يشفي غليلهم من هزائم للأعداء بميادين القتال والنزال.. هكذا، جرى في حروب عديدة سابقة. في الحرب الدائرة الآن على غزة- الصامدة في مواجهة الكيان الصهيونيّ المدعوم أميركيًا وأوروبيًا، والمُحاصرة منذ 17 عامًا- يتوهّج "أبو عبيدة" النّاطق الرسمي باسم كتائب القسّام (الجناح العسكريّ لحركة حماس).

الرجل يبثّ بيانات ناريّة، تبعث الأمل في نفوس الشّعوب العربيّة التي تعاني الانكسارات والهزائم الحضاريّة والاستبداد وليونة الأنظمة الحاكمة مع الصهاينة ورُعاتهم الأميركان.

 زمن انكسار الصهيونيّة.. وكسر قواعد علم الاتصال

لكن.. ما لُغز هذا التأثير الواسع لـ “أبو عبيدة" شرقًا وغربًا، رغم غموض شخصيّته، وتغييب وجهه خلف اللثام؟. لماذا يترقّب ملايين العرب والمسلمين حول العالم، إطلالة "أبو عبيدة"، وينتظرون بياناتِه؟. لماذا يتداول الشارع الإسرائيليّ، مقاطعَ الفيديو لـ "أبو عبيدة"، مُترجمةً إلى العبريّة، رغم الحظر الذي تمارسُه وسائل الإعلام الصهيونيّة، لبلاغات "أبو عبيدة"، بإيعاز من الرّقابة العسكريّة هناك. من أهمّ لوازم "فنّ الإلقاء"، لتوصيل الفكرة أو الرسالة المُبتغاة من الخطبة، والتأثير على المتابعين.. "مواجهة الجمهور". في حالتنا الماثلة (أبو عبيدة).. نحن أمام مُلثّم، مجهول، غامض، لا يظهر من وجهه سوى عينَيه.. رغم أهميّة وفاعليّة "تعابير الوجه"، ومنها حركة الشفاه، ضمن لغة الجسد، لتوصيل الفكرة ومعانيها، وبثّ المشاعر للمتلقّين. "أبو عبيدة"، مُتخفٍ لدواعٍ أمنيّة مفهومة، ومقبولة من الجمهور، لاستهدافه من الصهاينة.. لكنّه رغم ذلك، يكسر قواعد علوم الاتصال وفنّ الإلقاء.. فهذا "التخفّي"، يصرف انتباه وعقول المتابعين للتركيز على الكلمات والمفردات، ومحتوى الرسالة المُبتغى، ويثير حفيظة الصهاينة؛ لعجزهم عن تفكيك لغز شخصيّته. كلمات الرجل الغامض مُختارة بعناية ودقّة.. محسوبة المعاني والمرامي، تُصيب الهدف مباشرة، دون مطّ وتطويل. بيانات "أبو عبيدة"، تتميّز بحُسن البيان ودقّة المعلومات من ميدان القتال، عن معارك المقاومة مع "جيش الاحتلال"، وبلاغات عن قتلاه، وعن استهداف وتدمير آلياته ومدرّعاته (دبّابات ميركافا 4، وناقلات الجُند النمِر)، الأعلى تصفيحًا وكفاءةً عالميًا. مما يجذب المتلقّين في أرجاء الكون، لمتابعة أبو عبيدة، أنَّ بياناته رصينة.. شديدة التركيز، مفعمة بالحماس والقوّة ورُوح التحدّي.. العبارات والجمل قصيرة، مترابطة، تعلق بأذهان الناس، ويردّدونها، فهو- مثلًا- يُبشّر الكيان الغاصب، بأنّ "زمن انكسار الصهيونيّة قد بدأ"، وأنّ " زمن التفوّق العسكري والاستخباراتي المزعوم للعدوّ، قد انتهى". "أبو عبيدة" هنا، لا يُطلق الكلم على عواهنه، فما جرى يوم 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى)، خيرُ شاهد، وهو معلوم للجميع، موثّق صوتًا وصورة.

بطولات واقعيّة موثّقة صوتًا وصورة

لا تخلو بيانات "أبو عبيدة" من ضربات سياسيّة للجبهة الداخليّة لكيان الاحتلال، بما يربك قادته، ويشعل الشارع.. لا سيّما في ملفّ أسراه لدى حركتَي حماس والجهاد، ويتوعّد جيش الصهاينة بالهزيمة والذلّ والانكسار في المعركة البَريّة الدائرة على تخوم غزّة. تكمُن خطورة "أبو عبيدة"، حال تناوله سيرَ المعارك مع جيش الصهاينة.. في المصداقيّة والموثوقيّة العاليتَين اللتَين يتمتع بهما، فهو لا يهذي بكلام فارغ المحتوى والمضمون.. إنما يكشف في عبارات قليلة موجزة، عن ضربات أوقعتها المقاومة، بالعدوّ، وبطولات واقعية نفّذتها، وليس وعودًا، بأفعال لم تحدث. كما أنّه يبثّ معلومات صحيحة وموثقة، فـ "إطلالات أبو عبيدة"، مسبوقة دائما بـ "فيديوهات وصور" ينشرها الإعلام العسكريّ للمقاومة: (كتائب القسّام، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلاميّ)؛ توثيقًا لبطولات رجال المقاومة البواسل في استهداف وقتل وقنص الجُنود الصهاينة.. سواء كانوا راجلين، أو متحصّنين في بِنايات، أو دبابّاتهم وناقلاتهم وجرّافاتهم المدرّعة التي تحترق بهم.

 الرجل الغامض.. وترجمة عِبريّة لبياناته

"المصداقيّة" التي يتمتّع بها الرجل الغامض "أبو عبيدة" بين العرب والمسلمين والمُناصرين للقضيّة الفلسطينية.. مُمتدةٌ إلى قلب الكيان الصهيونيّ المُعادي بطبعه لـ "أبو عبيدة" وللعرب عمومًا، وبلغت منسوبًا عاليًا في الشارع الإسرائيلي، الذي يتداول مقاطع الفيديو لبياناته المحظورة في وسائل الإعلام هناك، لما تمثّله من خطر مُدمِّر على معنويات الاحتلال، جيشًا وشعبًا. "الإسرائيليون"، يثقون بـ "أبو عبيدة" ويصدّقون بياناته، أكثر مما يصدقون جيشهم وحكومتهم، في ظلّ كابوس "طوفان الأقصى" الذي يعيشونه. الشارع الإسرائيلي يصدّق "أبو عبيدة"، رغم إدراكه أنّه يقود حربًا نفسية شرسة وقاسية، لضرب معنويات جنودهم، وتأليب عائلات الأسرى على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وإظهاره غير مهتمّ بحياة أسراهم.. إذ يضغط "أبو عبيدة" للصهاينة على معادلة "أسرانا مقابل أسراكم".

الوزير الصحّاف.. والاجتياح الأميركيّ للعراق

على سيرة الحروب ورموزها الإعلاميّة، نتذكّر وزير الإعلام العراقيّ (سابقًا) محمّد سعيد الصحّاف (مواليد عام 1940، بمدينة كربلاء العراقيّة)، ومؤتمراته الصحفيّة اليومية إبان الاجتياح الأميركي- البريطاني، للعراق بريًا، وحتى سقوط بغداد (20 مارس/ آذار- نهاية إبريل/ نيسان 2003)، والذي انتهى باحتلال العراق حتّى عام 2011. الملايين (عربًا ومسلمين) شغفوا بـ "الوزير الصحاف"، في إطلالته اليومية لإبلاغ وسائل الإعلام عن سير المعارك ضدّ القوات الغازية. من أشهر تعبيرات الصحّاف.. "العلوج الأميركان والطراطير البريطان.. حبِسناهم جوّا دباباتهم على أسوار بغداد الاعتباريّة"، قاصدًا، أنّ جنود الولايات المتحدة، وبريطانيا يحاصرون بغداد بالدبابات ولا يستطيعون دخولها. وقتها بدت كلمة "العلوج" غريبة على مسامع المتلقّي العربي، وتبيّن أنّها تعني- وَفقًا للمعاجم العربية- رجالًا غلاظًا يشبهون الحمير الوحشيّة. مع سقوط بغداد، قُبض على الصحّاف، ليطلق سراحُه لاحقًا.

نسأل الله العزّة والنصر لغزّة، والرحمة لشهدائها والشفاء للمصابين، وأن يلهم أهلها الصبر على مصابهم.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

” المعاناة التي تنتظر الهلال”

وجود نخبة من اللاعبين العالميين في الدوري السعودي أدار الكثير من الأعناق الرياضية في العالم، وجعلها تتجه صوب دورينا لمتابعة النجوم المتوقدة، وضاعف هذا الجانب الصافرة التحكيمية، التي هي الأخرى كانت مُعززة؛ لتوقد المنافسة بتواجد نخبة من القضاة العالميين الأجانب المحايدين يديرون سباق الفرق. الدوري السعودي صُرف عليه ملايين الريالات؛ الأمر الذي وضعه في مقدمة الدوريات العالمية. تلك المعطيات الملموسة قد تفسدها صافرة خاطئة، فكيف بنزال حساس تحدث فيه ثلاث ضربات جزاء على حد ذكر الكثير من المحللين التحكيميين، علاوة على وجود طرد لاعبين؛ نظرًا لدخولهم العنيف الذي يستوجب ظهور البطاقة الحمراء، غير أن هذه القرارات صودرت رغم نداء غرفة التقنية للحكم، لكنه رأى العكس. تلك الحالات حدثت في لقاء الهلال والنصر على ملعب الأخير، حيث أجمع ساسة التحكيم وجود أكثر من جزائية للهلال، وطرد على أقل تقدير للاعب النصر ماني، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، الأمر الذي يثير التساؤلات لحدوث مثل تلك الحالات والمستفيد واحد. في يقيني أن هذه الأجواء تسهم في تشويه المنافسة، خاصة أن عيون محايدة تراقب تحركات دورينا العزيز على قلوبنا. الأكيد أن الحكم الألماني فيلكس الذي أدار نزال الديربي لم يكن موفقًا؛ رغم التحذيرات التي لاحت قبل المباراة، وكشفت جزءًا من تاريخه، والجميع ينشد منافسة شريفة لا يبخس فيها حق فريق على الآخر، والأجدر يكسب، والمعاناة التي ستواجه الهلال في المستقبل- كما تم تداولها- نتمنى ألا نراها على أرض الواقع. المشكلة أن بعض الإعلاميين الذين قضوا ردحًا من الزمن باركوا تلك الأخطاء وأشادوا بالمحلل، الذي نسف وتجاهل تلك القرارات، وسيَّرها في مساحة أخرى بقانون( قد وقد ويفترض) مثل تلك النوعيات لا تدخل في التحليل؛ لأنها تعكر الأجواء وتاريخها السابق يكشف الكثير من السقوط الذي لامسها. عمومًا كشف هؤلاء النقاد زيفهم، وأنهم يبحثون عن مصالح فرقهم، وتنفسوا الصعداء بعد تعثر الزعيم بالتعادل، بقي أن نقول: إن الوقت ما يزال طويلًا، وهناك مسابقات تنتظر الفرق، والأمل كبير بتغييب مثل تلك الأخطاء، التي لا تشوه المنافسة- فحسب- بل تحرق وجه الكرة، الجميل أن فريق الأهلي ينافس الهلال في السباق الآسيوي والاتحاد بالدوري المحلي والنصر يسير ببطء، والفرصة متاحة في مشوار الدوري بعد خروجه من أغلى الكؤوس على يد التعاون، ولا يمكن أن نغفل حظوظ الشباب والبقية، والميدان متاح للجميع، والأمل كبير من لجنة الحكام بجلب أطقم تدير المباريات على مستوى عال من الكفاءة الفنية؛ لأن مُصادرة حقوق المجتهدين مؤلمة في مثل تلك الظروف، ونجزم أن الرياضة فروسية وتسامٍ، لكن ماحدث لرئيس الهلال الأستاذ فهد بن نافل في ملعب الجامعة، وعدم السماح له بالدخول بسيارته لم يكن مقبولًا من المضيف للضيف، ونتمنى ألا يرد الهلاليون ذات التصرف في ملعب (المملكة أرينا) لو قدر، وكانت هناك مباراة تجمع قطبي الوسطى، وما دام الحديث عن الوسطى فلا نغفل الإشادة بمدرسة الوسطى” الرياض” الذي قدم صورة رائعة في هذا الموسم، وسجل حضورًا لافتًا، وبمقدوره الدخول كمنافس في جميع المشاركات، وعودة هذا الفريق للواجهة، في حين ينتابنا الحزن على وضع فريق الوحدة الذي يعد واجهة المنطقة الغربية، وننشد ألا يطويه الزمن ويعود لغياهب الأولى، فهذا الفريق يمثل قيمة لأعز مكان.

مقالات مشابهة

  • حرب ضد الهوية الإسلامية .. المساجد هدف الصهاينة من اليوم الأول
  • عقود بمئات الملايين.. فساد يلف مشروع تطوير بوابة مطار عدن الدولي (وثائق)
  • ” المعاناة التي تنتظر الهلال”
  • الملايين امام مركز الاقتراع.. وامريكا امام خيار تاريخي ما بين هاريس وترامب للبيت الأبيض
  • صاحب سلسلة الحديقة الجوارسية الشهيرة.. تحولت كتبه لأفلام وتجاوزت مبيعاته الملايين
  • نمرود الصهاينة وجرائمه ضد الإنسانية
  • شهر أكتوبر سيظل بمثابة اللعنة التي تُطارد الصهاينة المُحتلين
  • عشرات الصهاينة يواصلون تدنيس الأقصى المبارك
  • “عكاظ ” و ” mbc ” نموذجان:     الإعلام السعودي يُظهر مسار الإسناد الواضح للكيان الصهيوني
  • اختبار الجزيرة.. قياس مشاعر الإعلام حول الانتخابات الأميركية بالذكاء الاصطناعي