الجزيرة:
2024-11-18@17:23:15 GMT

هل تُحاصَر الأمّة كي تنهض؟

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

هل تُحاصَر الأمّة كي تنهض؟

 

ما الخلاصُ وما السبيل إليه؟ إنّه السؤال الكبير الذي تبحثُ الأمّة منذ قرونٍ عن جوابٍ له، لكنّه ظلّ مستعصيًا ومستغلقًا على العقول حتّى أجابت عنه غزّة المجاهدة المؤمنة الصابرة على الجراح والخِذلان. أليس طريق غزّة هو السبيل رغم مشقّته وآلامه؟ أليس المحاصر الجائع هو من صنع صواريخه وقذائفه التي تخرق الدروع؟

ماذا لو أنَّ الغرب- المتحفّز لنجدة ربيبته إسرائيل- قرَّر أن يضرب, على ما كان يسمى يومًا دول الطوق, حصارًا مثل ذلك المفروض على غزّة منذ اثنَين وعشرين عامًا ويزيد، فلا يصلُ إلى شواطئ سوريا ولبنان والأردن ومصر وبلاد العرب كلها شيء عبر البحر؟

ماذا لو أنّ الغرب، الذي يتداعى اليوم بسفينه وطائراته وجبروته كي يخيفنا فرضَ على دول الطوق- الذي كان يومًا ولو على الورق- حظر طيران وعقوبات، كما فعل مع عراق صدام حسين؟

ماذا لو أوقفَ الغرب يومًا تدفّق أسلحته إلى مخازن دولنا التي لا يخرج منها معظمه حتى يصدأ، اللهمّ إلا حين يكون بأسنا بيننا؟

ماذا لو منع عنّا الغرب يومًا كل ما نستورده منه، وقد تبين له من بطولات غزّة وجهادها وصبر أهلها أن هناك من أمتنا نفرًا مؤمنين مستعدين للتضحية والجهاد، حتى لو خذلهم القريب دمًا، والشريك في العقيدة والمصلحة؟

هذه أسئلة حارة

هذه أسئلة حائرة، لكنها محتملة الحدوث في منعطف من التّاريخ لا يجد فيه الغرب إلّا مثل هذه الإجراءات، كي يصل إلى ما يريد بعد أن يجتثّ آخر نفس من المقاومة في جسد الأمّة.

فقد كانت أوروبا مأزومة تعيش حياة تعسة وفقرًا مدقعًا مع حلول القرن الحادي عشر الميلادي، فلم تجد الكنيسة والبابوات إلا غزو الأرض المقدسة واستنقاذ قبر المسيح زعمًا، لعلها تخرج من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية، فرزحت بلادنا تحت احتلالهم قرنَين من الزمان، ودفعنا مئات الألوف من الشهداء قبل أن ينهي مماليك مصر وجيوشُها آخرَ وجود للغزاة على شواطئنا.

اليوم، الغرب مأزوم أيضًا! ويستطيعُ كل ذي بصر وبصيرة أن يتلمس تلك الأزمة في مجتمعاتٍ تريد الخروجَ عن الفِطرة التي فطر الله الناس عليها، وتستبدل قيم الأخلاق الأصيلة بما يستهويه أهل الشذوذ.

اليوم الغرب مأزوم وهو يرى غيره من الأمم والحضارات تلحق به، بل وتتفوّق عليه في ميادين العلم التي استحوذ عليها طيلة القرون الثلاثة الماضية، واستعملها إلى جانب جبروته العسكريّة لاستلاب الثروات واستعباد العباد والشعوب.

اليوم الغرب مأزوم وهو يرى تراكم الثروات البشرية والمالية والعلمية والتكنولوجية تنتقل من الغرب إلى الشرق ويريد أن يوقف ذلك بكل السبل والأدوات، وبالحروب إن استدعى الأمر.

أيام الحروب الصليبية كانت بلادنا مشتتة تحت حكم طوائف وإقطاعيات وكيانات مدن هناك وهناك تتقاتل ولا تأتلف أبدًا، ولو كان العدوّ على الباب، بل وتسارع في الصليبيين الغزاة ويستنصر بهم واحدهم على أخيه.

أمتنا مشتتة

واليوم أمّتنا مشتتة متفرقة لا تجمع بين دولها مصلحة ولا تاريخ ولا لغة ولا حتّى عقيدة ودين، فما أشبه الليلة بالبارحة! بل هي أضعف وأهون على الأمم مما كانت عليه حين داهمها الصليبيون.

اليوم دُولُ أمتنا أغلبها ترزح تحت أعباء ديون ثقيلة من الغرب وبنوكه ومؤسساته المالية وتتضخم كل عام، فكيف يمكن للمدين ألا يخضع لدائنه ويحني رقبته لنِيره، وينصاع لما يمليه عليه؟ ألا يملي صندوق النقد والبنك الدولي على معظم دولنا السياساتِ الماليةَ والنقدية التي يريدانها، وإن حاولت إحداها أن تماطل مُنِعَ منها الكيل والمال، فتنصاع وتتضخم الديون، وهكذا نظلّ في دائرة مفرغة، ونظل نتسوّل ونستمرئ الهوان.

ما السبيل للخلاص إذن؟ لقد أجابت غزّة المحاصَرة عن هذا السؤال خير جواب وكفَت العقولَ القاصرة عبءَ التفكير والبحث. رفضت غزّة الذلَّ قاومت وحُوصرت، وخاضت حربًا تلو الأخرى واستمسك جندها بإيمانهم. وبينما كان من حولها يكدّسون السلاح في مخازن جيوشهم، كانت هي تصنع سلاحها وصواريخها، فماذا يمكن أن يحدث لو كانت غزة تصنع صواريخها التي تسقط الطائرات؟ فهل ينبغي للأمّة أن تنتظر الغرب حتى يحاصرها لتتعلم كيف تصنع سلاحها بنفسها لتحمي أرضها وأجواءها؟

اليوم غزوُنا وحصارُنا أسهل على الغرب وأيسر، فهو موجود بعلوجه وطائراته وبوارجه في قواعد تنتشر في الوطن العربي شرقًا وغربًا وقبالة شواطئنا، ولا يحتاجُ من الوقت والتعبئة ما احتاجه البابوات لحشد مئات الألوف من عامة الناس وفرسان الإقطاعيات ومعابد الهيكل، كي يفرض علينا ما يريد، كما يفعل منذ قرنَين من الذل والإذلال.

فإن كان الحصار وآلامه هو السبيل الوحيد كي نستعيد أنفسنا ألا ليته يأتي. فما نيل المطالب بالتمنّي…ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

ألا ليت قومنا في مشارق بلاد العرب ومغاربها يعلمون ويتقون ويعتبرون فلا يتخاذلون ويهبون ولا ينكسرون! هيهات هيهات! فلا ذكرى إلا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد! عسى أن تُصيخ الأمّة السمع وتدبّ الحياة في قلوب الجموع المؤمنة التي أركستها الغفلة، وأعجزها الوهْن، وأقعدها عن الجهاد حبّ الدنيا!

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

للمرأة الحامل .. تحذير من 6 أسباب تؤدي إلى الولادة المبكرة

الولادة المبكرة من أصعب الأشياء التي تتعرض لها المرأة الحامل نتيجة مجموعة من الأسباب، وهو ما تحدث عنه الدكتور علاء المسلمي، أستاذ طب الأطفال، تزامنا مع  اليوم العالمي لـ«الولادة المبكرة»، قائلا إنّ هناك أسباب كثيرة للولادة المبكرة ومن ضمنها صغر حجم الرحم أو تعرض الأم لحادث أو عمل مجهود كبير في المنزل، ما يجعلها تشعر بأعراض الولادة مبكرا، موضحا أنّ السيدات المصابة بمرض السكر قد تزيد نسبة السكر لديهم أثناء الحمل، وبالتالي نضطر إلى إعطائهم إنسولين وولادة الأم مبكرا.

مضاعفات تؤدي إلى الولادة المبكرة

وأضاف «المسلمي»، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح» تقديم الإعلاميين باسم طبانة وسارة سراج، المُذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ هناك بعض المضاعفات التي تؤدي إلى الولادة المبكرة مثل ارتفاع ضغط الدم لدى الأم أو الوضع الخاطئ للمشيمة، ما يؤدي إلى النزيف باستمرار وقد يعرض الأم والجنين إلى خطورة شديدة، بالتالي يتدخل الطبيب من أجل الولادة المبكرة، كما أنّ الفتاة أقل من 17 سنة أو السيدة أكبر من 35 عاما يكن الأكثر عرضة للولادة المبكرة.

الولادة المبكرة تصيب الرئتين لدى الطفل

وتابع: «الولادة المبكرة تجعل الطفل يعاني من عدم نضوج الرئتين ويحتاج إلى دخول الحضانات فور ولادته، كما أنه يصبح لديهم قابلية للعدوى، لأن جلدهم رقيق، والطبقة الدهنية لديهم لم تكتمل، ما يجعله معرض للإصابة بعدوى تنفسية أو في الدم».

مقالات مشابهة

  • عن الاستشراق ونقده وتطوره (2-2)
  • ذكاء الأطفال.. هل هو وراثة من الأب أم الأم؟
  • كيفية التعامل مع بكاء الطفل بطريقة صحيحة.. اتبعي هذه النصائح
  • حكم إلتفات الأم إلى طفلها في الصلاة خوفًا عليه.. دار الإفتاء تجيب
  • للمرأة الحامل .. تحذير من 6 أسباب تؤدي إلى الولادة المبكرة
  • موقف بريطانيا
  • ما حكم ميراث المطلقة خلعًا وهي في العدة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • عدن.. الصحة تدشن حملة تعزيز صحة الأم والوليد
  • إحذروا ..تنفيذ أجندة الغرب بأياد مصرية
  • محمد بن شمباس: الاتحاد الإفريقي يدين الجرائم الوحشية التي ارتكـبها الدعم السريع في الجنينة وولاية الجزيرة وغيرها