من الواضح، من خلال التطورات الميدانية في اليومين الماضيين، ان "حزب الله" لن ينجر الى أي معركة إلا في حال ظهرت اسرائيل بشكل علني بأنها المسبب الأول والمباشر لها، لذلك فإن تحركات الحزب وردوده اليومية، بالرغم من تحقيق أهدافها، إلا انها لا تزال مدروسة الى حد كبير، وهذا ينطبق على هجوم الحزب الصاروخي الذي يعتبر الاول من نوعه منذ حرب تموز، والذي أتى كرد على جريمة استهداف السيارة المدنية.
من الواضح، بحسب مصادر مطلعة، أن تل ابيب باتت أكثر جرأة في التعامل مع الساحة اللبنانية، اذ انها تحاول بشكل دائم كسر قواعد الاشتباك وجر "حزب الله" الى تصعيد لا يمكن احتواء نتائجه، وهذا يمكن ملاحظته من خلال المجزرة التي ارتكبت قبل يومين وذلك بعد المعادلة التي فرضها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، اي ان الجيش الاسرائيلي اراد استدراج رد كاسر للتوازن من الحزب.
وتقول المصادر ان الحكومة الاسرائيلية باتت تجد ان ما وصلت اليه في الحرب على قطاع غزة، يشبه الدخول الى مستنقع كبير، اذ ان الجيش الاسرائيلي وبالرغم من تقدمه الميداني في بعض محاور القطاع، الا انه غير قادر على الصمود في الارض التي احتلها وغير قادر على الانسحاب منها، لانه سيقدم عندها نصراً كبيراً لحركة حماس، وهذا آخر ما تريده الحكومة الاسرائيلية بعد شهر من الغارات والمجازر وعمليات القتل الجماعية.
وتشير المصادر الى ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد الهروب الى الامام من خلال جر "حزب الله" الى حرب كبيرة، وهذا الامر سيستدرج الولايات المتحدة الأميركية لتخوض عن اسرائيل حروبها وتعيد "حزب الله" سنوات الى الوراء، او اقله هكذا يعتقد نتنياهو، لذلك فإنه يسعى الى توسيع دائرة الناز وتوجيه ضربات يظن ان "حزب الله" غير قادر على السكوت عنها، من هنا قد يكون متوقعا قيام الجيش الاسرائيلي بضربات تستهدف المدنيين في المقبل من الايام.
وترى المصادر ان تجنّب"حزب الله" للتصعيد المباشر قد لن يطول، خصوصا ان عمليات القصف الصاروخي ضد المستوطنات بات أمراً متكرراً ووصل امس الى حد قصف شمال مدينة حيفا، وبالرغم من ان حركة حماس هي التي تبنت القصف، الا ان التنسيق الكامل بينها وبين الحزب جنوب لبنان يؤكد أن الحزب أراد توجيه رسالة واضحة تقول بأنه لن يذهب الى رد مباشر وقاس يؤدي الى تدحرج الامور الى معركة، لكنه في الوقت نفسه سيصر على تعزيز قدرته على الردع.
وتعتبر المصادر أن قصف المستوطنات هو آخر سلاح في مستويات التصعيد سيستعمله "حزب الله" اذ ان رفع مستوى هذا الاستهداف سيعني الذهاب الى حرب كبيرة، من هنا باتت انواع الاسلحة المستخدمة تفصيلا في المعركة، على اعتبار أن استهداف المدنيين في لبنان او المستوطنين في اسرائيل سيساهم في تسارع عملية التدحرج العسكري وهذا ما لا يريده الحزب لكن يبدو ان تل ابيب قد تكون، من وجهة نظرها، مستفيدة منه.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
مَن سيمنع عودة الحرب؟
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": يوماً بعد يوم، يتبين أنّ «حزب الله » لم يدرك تماماً ما سيترتب عليه، بموافقته على اتفاق وقف النار. أو هو كان يدركه، لكن الاتفاق كان خياره الوحيد لإقفال الجحيم الإسرائيلي المفتوح، والذي لم يعد قادراً هو وبيئته على تحمّل خسائره، بالأرواح والممتلكات. ويقول قريبون من «الحزب » إنّه وافق على الاتفاق، مراهناً على التملّص منه في التطبيق، فيصبح كالقرار 1701 الذي نص أيضاً على نزع السلاح والانسحاب إلى شمال الليطاني، لكن «الحزب » أحبط مساعي الأميركيين والإسرائيليين لتحقيق هذين الهدفين طوال 18 عاماً. وعلى العكس، في ظل الاتفاق، وسَّع «الحزب » نفوذه في لبنان حتى امتلك غالبية القرار المركزي. لكن «الحزب » أخطأ في الرهان على «التملص » كما أخطأ فيالرهان على أنّ إسرائيل لن تجرؤ على توسيع الحرب. ففي الحالين، هو لم يأخذ في الاعتبار الانقلابات التي وقعت وما زالت تقع، وأدّت إلى تبدّل المعطيات الإقليمية والدولية:
-1 تدمير إسرائيل لقطاع غزة، وهزيمة «حماس »، وبدء البحث في تنفيذ مشروع التهجير التاريخي، بمشاركة أميركية.
-2 زوال نظام الأسد، ومعه دور طهران ونفوذ موسكو في سوريا.
-3 إضعاف قدرات «حزب الله » وفقدانه القرار داخل السلطة، وامتلاك إسرائيل للمبادرة العسكرية بالكامل واحتلالها أجزاء من الجنوب.
-4 إعلان حكومة اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلية بدء تنفيذ مشروعها للتوسع الجغرافي من جهات عدة، بدعم علني من ترامب وإدارته.
-5 محاصرة إيران وتهديد نظامها وقدراته النووية والاستراتيجية، بعد قطع أذرعها الإقليمية.
-6 وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض يمنح إسرائيل تغطية استثنائية تدوم 4 سنوات على الأقل.
ويمكن القول إنّ غالبية هذه المتغيّرات، أو الانقلابات، هي من النوع الذي تستحيل فيه العودة إلى الوراء. ولذلك، لن يكون رهان «الحزب » على التملص وتعطيل الضغوط الإسرائيلية والأميركية في محله كما كان في العام 2006 . مع التذكير بأنّ السلطة التي كانت قائمة في لبنان حينذاك، والتي ارتكز إليها، كانت قوية وتدير بلداً متماسكاً مالياً واقتصادياً. وأما اليوم ف »الحزب » هو خصم للسلطة، والبلد مصاب بانهيار مريع ويحتاج إلى الدعم المباشر من أعداء «الحزب »، أي الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب. ولذلك، السيناريو الذي يتصوره الإسرائيليون في الجنوب، ولبنان عموماً، لن يكون مريحاً إّ لّا في حال واحدة وهي تسليم «حزب الله » كل مقدراته، ومن دون أي تحفظ، إلى الدولة اللبنانية. ففي هذه الحال، تزول تماماً ذرائع إسرائيل، وتكون واشنطن مجبرة على إخراجها بكاملها من لبنان ومنعها من القيام بأي عمل عسكري. لكن «الحزب » سيرفض هذا الطرح بالتأكيد. فهو يهدّد كل يوم بأنّه سيواجه أي محاولة إسرائيلية للبقاء في لبنان. ولذلك، ليس مستبعداً أن يكون البلد عائداً إلى السيناريوهات الخطرة، أي الحرب.