على شفير الحرب.. هل يشعل العدوان على غزة صراعا بين واشنطن وطهران؟
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
يفتح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي، عقب هجوم مباغت نفذته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" وفصائل فلسطينية على مواقع للاحتلال الإسرائيلي يوم السابع من تشرين الأول الماضي، يفتح الباب واسعا أمام سيناريوهات متعددة وتغيرات قد تكون عنيفة في الشرق الأوسط.
ومنذ اللحظات الأولى لهجوم حماس بدأت الاصطفاف الأميركي والغربي جليا وواضحا لدعم إسرائيل، تحرك المسؤولون الأمريكيون بسرعة كبيرة إلى الشرق الأوسط للتعبير عن دعمهم وقوفهم إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، فيما بدأ ما يعرف بمحور المقاومة، الذي يضم إيران وحلفائها تحركاته السياسية والميدانية في مواجهة حلف واشنطن.
تحركات في الميدان وسجال سياسي
رصد موقع عربي 21 أبرز المواقف السياسية والميدانية لكل من طهران وواشنطن خلال الأيام الماضية حيث أعلنت ميليشيا مقربة من إيران في العراق تسمي نفسها المقاومة الإسلامية، مساء أمس الإثنين، شن 6 هجمات على 4 قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا منها 3 هجمات على قاعدة "عين الأسد" الأميركية غربي العراق، إضافة إلى هجمات على قاعدة أميركية قرب مطار أربيل شمالي العراق، وهجوما على قاعدتي "تل البيدر" شمالي سوريا و"التنف" جنوبيها، وقالت إن هجماتها حققت "إصابات مباشرة" واستخدمت فيها "أسلحة مناسبة" حسب البيان.
فيما شدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه أمس مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، على أن الولايات المتحدة " ستواصل الرد" على هجمات الميليشيات التي تدعمها إيران على القوات الأميركية في سوريا والعراق.
وأكد بلينكن أن الجنود الأميركيون في سوريا والعراق "هم موجودون للمساعدة في منع عودة ظهور داعش"، مشدداً أن الولايات المتحدة "ستفعل كل ما هو ضروري لردع أي هجمات والرد عليها".
وفي ظل هذا السجال السياسي والميداني يتصاعد الصراع الإيراني الأمريكي في سوريا إلى مرحلة متقدمة عن السنوات السابقة، وتقف الأزمة الواصلة إلى حدود الانفجار إلى أعلى مستوياتها بانتظار شرارة بداية قد تشعل المنطقة برمتها.
In Iraq, I met with Prime Minister @MohamedShia to underscore that we must prevent the conflict from spreading. I urged him to hold accountable those responsible for attacks on U.S. personnel in Iraq and discussed our work to deliver humanitarian assistance to civilians in Gaza. pic.twitter.com/HthTWR1m5o — Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) November 5, 2023
ما هو هدف هذه الهجمات؟
يقول المتخصص في الشأن الإيراني ضياء القدور في حديثه لموقع عربي 21: إن إيران وأذرعها تمتلك عناصر قوة في شمال شرقي سوريا والعراق تستطيع من خلالها الضغط على القوات الأميركية في المنطقة، وهو ما أكدته الوقائع الميدانية بعد إعلان الولايات المتحدة إصابة أكثر من عشرين عنصرا من قواها في هجمات ميليشيات إيرانية على قواعدها العسكرية في سوريا والعراق.
ويشير القدور إلى أن إيران ترى أن واشنطن هي عراب ما يحصل في غزة معتبرا أن إسرائيل هي الذراع التنفيذي لذلك وتسعى إيران لعمليات الاستهداف قواعد الولايات المتحدة والتحالف الدولي، على أنها أداة ضغط مناسبة وهي الساحة المناسبة لها، والتي يمكن من خلالها الضغط على واشنطن لإيقاف عدوان إسرائيل على غزة، كما أنها ساحة منضبطة التوتر، إي أنها لا تأخذ إيران والولايات المتحدة نحو مواجهة شاملة وهو ما لا ترديه لا طهران ولا واشنطن.
العدوان على غزة محور الصراع
يعبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن منذ اللحظات الأولى عن وقوفه إلى جانب الاحتلال بالقول في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب وفق ما نقلت صحيفة واشنطن بوست "لقد جئت أمامكم ليس فقط كوزير خارجية الولايات المتحدة ولكن أيضا كيهودي".
يضيف بلينكن "فر جدي موريس بلينكن من المذابح في روسيا زوج أمي صموئيل بيسار نجا من معسكرات الاعتقال" النازية، متابعا "أنا أفهم على المستوى الشخصي الأصداء المروعة التي تحملها مذابح حماس لليهود الإسرائيليين، وفي الواقع، لليهود في كل مكان" حسب تعبيره.
فيما وصل بايدن إلى إسرائيل بعد أربعة أيام فقط من اندلاع الحرب، ورافق وصوله ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيل مجزرة مروعة في مستشفى المعمداني الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية وخلف أكثر من 500 شهيد فلسطيني فوجه بايدن الاتهامات للفلسطينيين في ارتكاب تلك المجزرة تعبيرا على وقوفه الكامل إلى جانب الاحتلال.
We must keep pursuing a path so that the Israeli and Palestinian people can both live safely in security, in dignity, and in peace. pic.twitter.com/NriF4qLb3c — President Biden (@POTUS) October 19, 2023
لم يقتصر الدعم الإسرائيلي على الولايات المتحدة إنما تعدى ذلك إلى دول أوروبية، حيث وصل في أقل من 10 أيام على بدء الحرب زعماء دول أوروبية وغربية ومنهم الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والمستشار الألماني وغيرهم للتعبير عن وقوفهم إلى جانب الاحتلال ضد إرادة الشعب الفلسطيني.
وفي المقلب الأخر تقف كل من إيران وما يعرف بمحور المقاومة إلى جانب حركة حماس والشعب الفلسطيني في مطالبها بحقوقها في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس المحتلة.
فبدأت تحركات المحور من خلال الميدان حيث أشعل حزب الله الجبهة الشمالية لإسرائيل بوتيرة محدودة، اقتصرت على القصف المتبادل وتبادل بالقذائف والصواريخ، فيما نشطت تحركات لميليشيات تابعة لطهران في كل من سوريا والعراق، استهدفت مواقع للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، من قاعدة التنف في سوريا وقاعدة عين الأسد في العراق وقواعد أميركية في شرقي سوريا تضم قوات أميركة وأخرى للتحالف الدولي.
تبعها استهداف إسرائيلي وأمريكي لمواقع تلك الميليشيات في سوريا والعراق، ما يطرح سؤالا كبيرا، هل يشعل العدوان الإسرائيلي على غزة حربا واسعة بين إيران وحلفائها مع الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط؟
واشنطن تستنفر قواتها
تحرك الولايات المتحدة قواتها العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وتضعها في حالة تأهب قصوى تحسباً لهجمات إضافية.
ونشر بايدن مجموعة حاملة الطائرات القوية “يو إس إس جيرالد فورد” في شرق البحر الأبيض المتوسط، في استعراض للقوة يهدف إلى منع الصراع في المنطقة من الانتشار إلى أبعد من ذلك، بين إسرائيل وحماس.
ونشر الحساب الرسمي لحاملة الطائرات الأمريكية فيديو يظهر تحرك الحاملة باتجاه البحر الأبيض المتوسط ويقول مسؤولون دفاعيون إن مجموعة حاملة طائرات أخرى، وهي “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور”، تبحر باتجاه البحر الأبيض المتوسط، وستنتقل في النهاية إلى الخليج العربي، لتضعها في المياه قبالة سواحل إيران.
Ready. To. Deploy. #Warship78 @US2ndFleet @COMNAVAIRLANT11 @USNavy @flynavy https://t.co/U7HKjHGWj6 pic.twitter.com/sx1Txlrev4 — USS Gerald R. Ford (CVN 78) (@Warship_78) September 29, 2022
وإلى جانب مجموعات حاملات الطائرات، لدى الولايات المتحدة أيضاً طائرات متمركزة في قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب تركيا، وأضافت طائرات مقاتلة إضافية إلى المنطقة.
كما أن مجموعة “باتان” البرمائية الجاهزة المكونة من ثلاث سفن، والتي تضم ألف جندي من مشاة البحرية، في حالة تأهب قصوى في مكان قريب.
وتوجد أيضاً قوات أمريكية متمركزة في قاعدة “عين الأسد” الجوية في العراق، وفي حامية التنف في سورية، للمساعدة في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة.
وكانت القوات الأمريكية في هاتين القاعدتين قد تعرضت، هذا الشهر، لهجوم متكرر من القوات المدعومة من إيران.
صراع منضبط ماذا تريد واشنطن وماذا تريد طهران؟
يقول رايان كروكر، في تصريحات لصحيفة التايم الأمريكية وهو دبلوماسي متقاعد وشغل منصب سفير في الشرق الأوسط إن تصرفات إيران تهدف إلى جر الولايات المتحدة بشكل أعمق إلى صراع مباشر وإذا نجح هجوم شنته الجماعات المسلحة الإيرانية في قتل أي جندي أمريكي، فإن بايدن سيكون تحت ضغط هائل للرد بقوة، مما يجعل الولايات المتحدة أقرب إلى حرب مباشرة مع طهران.
ويتابع كروكر: إذا حالف الحظ القوات المدعومة من إيران وقتلت 20 جنديا أمريكيا أيضا، فستضطر الإدارة إلى القيام برد كبير، وفي هذه المجموعة المستهدفة يجب أن تكون أهدافاً داخل إيران نفسها.
ويوضح ما سبق مدى السرعة التي قد يتحول بها الصراع الذي بدأ بهجوم حماس في غلاف غزة إلى حرب أوسع نطاقا، مع عواقب مدمرة.
ويقول المتخصص بالشأن الإيراني ضياء قدور في حديثه لـ عربي 21: "إن تاريخ الصراع بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائها منضبط إلى حد ما في هذه المنطقة، ولا يمكن أن يتحول إلى صراع شامل مقتصرا على المناوشات والاستفزازات وهو ما يمكن تفسيره بأن الجانب الإيراني هو من يبدأ بالتصعيد وفي المقلب الأخر نلاحظ أن الجانب الأمريكي يسعى دائما إلى التهدئة ولا يريد الدخول في حرب مفتوحة.
ويضيف: تريد الولايات المتحدة حصر الصراع في غزة ولا تريد توسعة رقعة المواجهات في المنطقة وهو ما تؤشر له التحركات الأميركية في المنطقة من خلال حشد قواتها العسكرية وهو لا يعني بالضرورة هدفه مساعدة إسرائيل لأنها تمتلك ما يكفي من أدوات القتل للشعب الفلسطيني أو على الأقل خوض هذه الحرب دون دعم عسكري من واشنطن وإن هذه التعزيزات الأميركية ماهي إلا رسائل للجميع وعلى راسهم الإيرانيين والروس وحتى الصين، مفاد هذه الرسائل أن انزلاق الصراع خارج الأراضي المحتلة وغزة هو خط أحمر أمريكي وأن هذه التعزيزات لضبط إيقاع الصراع لإنهاء إسرائيل مهمتها بالقضاء على حركة حماس.
رسائل نادرة والمنطقة على حافة الهاوية
وقبل ساعات من شن الضربات الأمريكية على منشآت الحرس الثوري في سورية استخدم بايدن القنوات الدبلوماسية، لإرسال رسالة نادرة مباشرة إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي.
وقال الرئيس بايدن في البيت الأبيض: إن تحذيري لآية الله هو أنهم إذا واصلوا التحرك ضد تلك القوات، فسوف نرد، وعليه أن يكون مستعدا.
فيما حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في بيان له من أن “هذه الهجمات المدعومة من إيران ضد القوات الأمريكية غير مقبولة، ويجب أن تتوقف”.
وقال أوستن: “إيران تريد إخفاء يدها وإنكار دورها في هذه الهجمات ضد قواتنا”.
وتابع: “لن نسمح لهم. إذا استمرت هجمات وكلاء إيران ضد القوات الأمريكية، فلن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات اللازمة لحماية شعبنا”.
فيما يقول القدور لعربي 21: إن الصراع في الشرق الأوسط هو صراع حافة الهاوية والذي قد يشعله أي خطا يرتكب من قبل الأطراف المتصارعة وما يمكن أن يرفع من وتيرته تدخل روسيا من خلال ميليشيات إيران في شرق سوريا والعراق للنيل من القوات الأميركية انتقاما من تدخلها إلى جانب أوكرانيا في الحرب الروسية على كييف وهو مرتبط بمدى اقناع موسكوا لإيران بتنفيذ هذه المهمة.
الشرق الأوسط على صفيح ساخن
يقول جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي: “لقد قامت الإدارة حتى الآن بالأمر الصحيح.
ويضيف أن المخاطر في هذه اللحظة الحالية تتجاوز مجرد قيام القادة على كلا الجانبين بتنظيم هجمات مستهدفة في المنطقة.
ويتابع بانيكوف: إن أكبر ما يقلقني هو احتمالات التصعيد غير المقصود.
وأمضت إيران سنوات في تمويل وتسليح وتدريب الميليشيات في العراق وسورية واليمن، فضلاً عن دعم حماس في غزة وحزب الله في جنوب لبنان، الذي يمتلك ترسانة قوية من الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تصل إلى عمق إسرائيل.
ويقول بانيكوف إن وابل الصواريخ من حزب الله يمكن أن يقتل جنودا إسرائيليين عن غير قصد، أو يُنظر إليه على أنه أكثر شدة مما كان مقصودا.
وقد يؤدي ذلك إلى إطلاق سلسلة من الأحداث التي سيكون من الصعب إيقافها، ويشير ذات المتحدث: إنني أشعر بالقلق في المقام الأول بشأن احتمال أن ينتهي الأمر بالصراع الذي لم يكن يرغب فيه أي شخص.
وكثيراً ما يتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الحدود الشمالية لإسرائيل.
وحتى الآن، بينما تركز إسرائيل على غزة في جنوبها، لا توجد إشارة إلى أن إيران تريد من حزب الله أن يشن هجوما كبيرا على الضفة الأخرى من ساحة الصراع في فلسطين المحتلة.
وفيما تشير المعطيات التي تدور في المنطقة إلى محاولة إيران المناورة والتلويح بعصى الميليشات الداعمة لها لتحقيق طموحاتها في امتلاك السلاح النووي بعد ان فشلت جميع المفاوضات بين طهران وواشنطن حوله
وعندما تولى بايدن منصبه، حاول البدء في دعم الاتفاق النووي المصمم لتقييد تقدم إيران نحو القنبلة النووية التي ألغاها الرئيس دونالد ترامب، لكن تلك الجهود تعثرت.
ويقول كروكر، الدبلوماسي الأمريكي السابق لفترة طويلة: أنا واثق من أن لديهم القدرة الداخلية على إنتاج سلاح نووي، لذا فإن الأمر ببساطة هو السؤال عما إذا كانوا سيقررون سحب الرافعة من ذلك وتطوير سلاح.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية واشنطن طهران العراق سوريا العراق سوريا واشنطن طهران الحرب على غزة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى جانب الاحتلال الولایات المتحدة فی سوریا والعراق فی الشرق الأوسط فی المنطقة فی العراق الصراع فی حزب الله من إیران على غزة من خلال یمکن أن وهو ما فی هذه
إقرأ أيضاً:
على الفاتح يكتب: يوم الصفعات على وجه واشنطن..!
إذا استمرت سياسة إدارة بايدن تجاه الصراع فى شرق أوروبا، والشرق الأوسط، وبحر الصين الجنوبى مع الولاية الثانية للرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فالعالم متجه إما نحو حرب ثالثة مدمرة، وإما ستشهد نهاية إمبراطورية الكاوبوى الأمريكى.
وثَّق الخميس ٢١ نوفمبر تشرين الثانى ٢٠٢٤ لصفعتين ثقيلتين على وجه من يعتقد أنها ما زالت القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر فى العالم. الصفعتان تلقتهما الولايات المتحدة الأمريكية من المحكمة الجنائية الدولية كممثل لصوت الضمير الإنسانى، ومن زعيم روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين كممثل عن قوى العالم الرافض لاستمرار هيمنة الكاوبوى الأمريكى الذى عمل دائماً على تسخير مفاهيم القيم الإنسانية والقانون الدولى بما يناسب جرائمه ولصوصيته.
تزامن الصفعتين لم يكن مقصوداً، لكنهما -وعلى أية حال- تأتيان رداً على صلف وعنجهية السياسات الأمريكية الاستفزازية فى مختلف بؤر الصراع حول العالم.
قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الحكومة الإرهابية فى الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت لكونهما ارتكبا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فى قطاع غزة؛ لم يكن فى جوهره موجهاً ضد الكيان الصهيونى الإرهابى فقط، وإنما ضد داعمه الأول فى واشنطن.
مطلع الأسبوع الماضى رفضت الولايات المتحدة تقريراً صادراً عن لجنة خاصة بالأمم المتحدة اتهم جيش الاحتلال الصهيونى بارتكاب جرائم ضد المدنيين فى غزة واستخدام التجويع بمنع المساعدات الغذائية، وحظر معونات الأدوية والطاقة كأداة حرب.
إدارة بايدن اتهمت اللجنة الأممية بالانحياز، وفى اليوم التالى استخدمت حق الفيتو فى مجلس الأمن مجدداً ضد قرار دولى بوقف الحرب فى غزة.
ذات الموقف أعلنه بايدن ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية واصفاً إياه بالمشين لأنه ساوى بين حماس ودولة الكيان الصهيونى.
فى الواقع أن مواقف واشنطن المتكررة والداعمة لحرب الإبادة ضد الفلسطينيين جديرة بامتياز بوصف المشينة؛ لأنها ساهمت عبر عقود، وليس من تاريخ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ فقط، فى تشويه صورة الولايات المتحدة كدولة تدّعى الدفاع عن الحريات وحماية حقوق الإنسان.
ومواقفها الأخيرة الرافضة لكل محاولات الإدانة الدولية ودعمها جيش الاحتلال بصفقات سلاح تجاوزت الـ١٨ مليار دولار يجعلها متورطة فى حرب الإبادة ويلطخ أيديها بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء فى فلسطين ولبنان.
كما أن دعمها اللوجيستى والاستخباراتى لجيش الاحتلال فى العدوان على غزة على مدار أكثر من عام يجعلها شريكاً لحكومة الكيان الصهيونى فى جرائم الإبادة الجماعية، وهو ما يتطلب جهداً إضافياً من منظمات حقوق الإنسان لإثبات تورط الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن وعناصر إدارته فى جرائم التطهير العرقى ومعه كل رؤساء الحكومات الأوروبية التى عاونت جيش الاحتلال على ارتكاب جرائمه عبر إمداده بصفقات السلاح المتنوعة.
هذا السعار الأمريكى فى رفض قرار المحكمة الجنائية الدولية إنما يعكس تخوفاً من أن يكون القرار دافعاً لدول ومنظمات تناهض السياسات الأمريكية لتتخذ خطوات قانونية شجاعة ضد مجرمى الحرب الحقيقيين فى واشنطن.
الصفعة الثقيلة الثانية جاءت من يد القيصر الروسى فلاديمير بوتين بتوجيهه ضربة لمجمع صناعى عسكرى أوكرانى بأحدث صاروخ باليستى متوسط المدى بلغت سرعته ثلاثة آلاف متر فى الثانية رداً على سماح واشنطن وباريس ولندن لجيش زيلينسكى باستهداف عمق الأراضى الروسية بالصواريخ الغربية بعيدة المدى، وتعرض روسيا بالفعل إلى هجوم بصواريخ أتكامز الأمريكية وسمورت شادو البريطانية.
بوتين أكد أن صاروخه الجديد أورشينك لا يمكن اعتراضه من قبَل أحدث المنظومات الدفاعية الغربية وأن قرار واشنطن التصعيدى بشأن استهداف الأراضى الروسية أعطى الصراع الإقليمى فى شرق أوروبا طابعاً عالمياً.
الدب الروسى أبى أن يزود صاروخه الجديد برؤوس نووية رغم تصديقه على مرسوم تعديل العقيدة الروسية النووية أملاً فى إعطاء فرصة أخيرة للأمريكيين للتراجع عن سياساتهم التى تدفع العالم نحو أتون حرب عالمية ثالثة.
فى التحليل النهائى تتسق السياسات الاستفزازية للإدارة الأمريكية الديمقراطية تجاه مناطق الصراع المختلفة وتتماهى مع بعضها البعض، سواء فى أوكرانيا أو الشرق الأوسط ونظرتها إلى إيران وحركات التحرر الوطنى فى فلسطين ولبنان أو إزاء الصين وحول جزيرة تايوان.
وإذا كان الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب جاداً فى حديثه بشأن السلام فعليه المضى فى هذا المسار على كافة المحاور دون أن يتخذ خطوات لإنهاء الصراع بشرق أوروبا وتخفيض وتيرته فى بحر الصين الجنوبى ليشعله فى الشرق الأوسط.
فلو أن ترامب تماهى مع رغبات حكومة نتنياهو الإرهابية بشأن ضم الضفة الغربية واستمرار التصعيد العسكرى ضد المدنيين فى قطاع غزة وجنوب لبنان وضد إيران ومشروعها النووى؛ سيؤدى ذلك أيضاً إلى جعل احتمالات الحرب الثالثة قائمة لأن حرباً إقليمية واسعة ستندلع وستكون شرارتها الأولى مع توقيع قرار ضم الضفة الغربية ومصادقة ترامب عليه.