لفت جون ديلا فولبه، مسؤول سابق عن استطلاعات الرأي في حملة جو بايدن الرئاسية الماضية، إلى أن سياسة الرئيس الأمريكي الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة تؤثر سلباً على حظوظه الانتخابية.
ليس الوقت الآن لسياسة الأمان عبر الاختباء في البيت الأبيض
وفي صحيفة "نيويورك تايمز"، كتب فولبه الذي يشغل الآن منصب مدير استطلاعات الرأي في كلية كينيدي بجامعة هارفارد أن الشباب الأمريكي تحديداً بات أكثر انخراطاً في اللحظة السياسية وبقوة متزايدة.
منذ هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يقدم الرئيس بايدن دعماً كاملاً لإسرائيل، ولكن مع المزيد من كلمات الحذر مؤخراً. مع ذلك، ووفق عدد من استطلاعات الرأي الأخيرة، يوافق أقل من ربع الناخبين الشباب الذين لعبوا دوراً حاسماً في انتصارات الديموقراطيين سنتي 2020 و2022 على الطريقة التي يتعامل بها الرئيس مع الرد على الحرب بين إسرائيل وحماس.
Democrats went from Biden is FDR to actually no, he’s Jimmy Carter— so please do the right thing and resign.
The NTY is saying “Joe Biden is in trouble”
Usually Democrats can’t read a room until they read a poll— and they read a big one this Sunday. pic.twitter.com/7DOIZtCjQF
في استطلاع أجرته إيكونوميست/يوغوف للبالغين في الولايات المتحدة، أفاد أكثر من ثلث المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً أن رد الحكومة الإسرائيلية على هجمات 7 أكتوبر "قاس للغاية". في كل يوم تقصف إسرائيل سكان غزة ولا يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها صانعة سلام، يتلقى الموقف السياسي لبايدن ضربة قوية لدى الناخبين الشباب الذين يرون الحرب إلى حد كبير من خلال منظور حقوقي قاطع.
يوضح الكاتب أن معظم الأشخاص في العشرينات والثلاثينات من العمر يتفقون على أن حماس ارتكبت جرائم حرب في إسرائيل. وأغلبهم لا ينظرون إلى هذا باعتباره موقف إما/أو: هم يريدون من أمريكا أن تساعد الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. لكن التقدميين الشباب ما زالوا غير مقتنعين بالتزام حكومتهم بحماية الأبرياء. وإذا استمر ذلك فإن ائتلاف بايدن الفائز في انتخابات 2020 سيكون أكثر عرضة لخطر التصدع، مما يجعل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أكثر احتمالاً.
كان التحدي المحير الذي تواجهه الإدارة هو التواصل مع الناخبين الشباب والمتنوعين وإقناعهم برؤية إنجازاتها. حسب مركز بيو للأبحاث، إن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً كانوا يتابعون الأحداث الجارية بدقة أقل مما كانوا عليه عندما كان ترامب في منصبه: أقل من خمس الأمريكيين تحت سن 30 عاماً أفادوا بمتابعة الأخبار بانتظام السنة الماضية.
سواء أكان بسبب تعثر الثقة بمؤسسات مثل الحكومة ووسائل الإعلام أو ببساطة بهدف حماية الصحة العقلية للفرد من دورات لا هوادة فيها من الأخبار السيئة، فإن النتيجة هي نفسها: في 16 مجموعة تركيز قاد الكاتب مسوحات الرأي فيها مؤخراً، أخبره الناخبون الشباب أنهم أكثر وعياً للفوضى والصراعات في المجتمع من وعيهم لما يقول الرئيس إنه سجل من التقدم وملايين الوظائف الجيدة والناتج المحلي الإجمالي القوي. وبالرغم من قيامه بإلغاء 127 مليار دولار من ديون الطلاب وإحراز تقدم في أهداف الاقتصاد والمناخ والماريجوانا والسلامة من الأسلحة، يجد بايدن نفسه يلعب دور الدفاع أكثر من الهجوم مع مجموعة ديموغرافية مشككة في أنه يفعل ما يكفي لتحسين حياتهم أو جعل البلاد مكاناً أكثر عدالة. لحظة أمريكية فريدة
عندما يتعلق الأمر بالحرب، شهد العديد من الشباب الأمريكيين الصراع العنيف من خلال مقاطع الفيديو التي تم تحميلها من قبل شباب آخرين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والتي تتمتع بالكثافة والفورية التي قد تفتقر إليها دروس التاريخ حول الجغرافيا السياسية. تماماً كما صُدم الشباب إلى حد التحرك بعد أن شهدوا مقتل جورج فلويد في 2020، لا يستطيع العديد من أفراد جيلي الألفية وزد اليوم أن يتجاهلوا وحشية 7 أكتوبر ولن يشيحوا نظرهم عن محنة النساء والأطفال وكبار السن الفلسطينيين الذين أصبحوا دروعاً بشرية حماس.
Joe Biden is in trouble. The winning 2020 Biden coalition is at risk of fracturing.
Read: https://t.co/NE6qeqrTFh
من المؤكد أن أغلب الناخبين الشباب الذين يسعون إلى وقف إطلاق النار لا يتغاضون عن الأعمال الوحشية التي ترتكبها حماس. ولكن وفق استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس نيوز مؤخراً، إن الأمريكيين الأصغر سناً هم أكثر ميلاً من الأجيال الأكبر سناً لأن يكون لديهم مستويات متساوية تقريباً من التعاطف مع الشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، في هذه المرحلة، تعتقد غالبية من جيلي زد والألفية أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يجعل الشرق الأوسط أكثر خطورة.
من المهم وفق الكاتب وضع هذه الآراء في سياق هذه اللحظة الأمريكية الفريدة. إذا قضيتم وقتاً كافياً مع الشباب، فمن المرجح أن تسمعوهم يتبنون ما يسميه فولبه نظرية التأثير المتدفق نزولاً. يعد هذا المفهوم تعديلاً بسيطاً لنظرية عهد ريغان حين تدفقت الثروة من الأعلى إلى الأسفل. يرى العديد من الشباب اليوم حروباً ومشاكل وأخطاء تنبع من الأجيال الأكبر سناً في المناصب العليا في السلطة وتنتقل إلى الأسفل لتلحق الضرر بالأشخاص الأكثر ضعفاً والأقل تجهيزاً لحماية أنفسهم. هذا هو النسيج الذي يربط الكثير من الشباب اليوم، بغض النظر عن الأيديولوجيا. ولذلك فإن هذا الجيل الجديد من الناخبين المتمكنين يطرح مجموعة من القضايا: إن لم يكن الآن، فمتى يحين الوقت لنهج جديد؟
يلجأ الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي ويرون منظّر المؤامرات كينيدي وهو يحتج ضد النخب ويحشد شباب جيلي الألفية وزد الذين لم يشعروا أبداً بأنهم في وطنهم في ظل نظام الحزبين و"ينفرون من السمية والتفاهة، وأكثر من أي شيء آخر، من عدم نزاهة" سياسات اليوم. وهم يرون ويست يطالب "بالحرية الشاملة" و"الكرامة المتساوية والحقوق المتساوية والمكانة المتساوية للفلسطينيين والإسرائيليين". رسائل مثل تلك يلتقطها بعض الناخبين الشباب ذوي التفكير المستقل في الولايات المتأرجحة والذين كان الكاتب يتحدث معهم في مجموعات التركيز.
يمكن لديمقراطيي بايدن أن يجدوا بعض العزاء في بعض الوقائع. الرئيس بايدن تنافسي في استطلاعات الرأي. في استطلاع كوينيبياك الذي أظهر اهتمام الشباب القوي بكينيدي وويست، تقدم بايدن على ترامب بفارق ضئيل. كما أن العديد من الناخبين لا يدلون بأصواتهم لمنصب الرئيس بناء على الشؤون الخارجية في المقام الأول، ويعيش العديد من الناخبين الشباب التقدميين والمناهضين للحرب في الولايات الزرقاء، لذلك إن التصويت لكينيدي أو ويست أو اتخاذ قرار بعدم التصويت على الإطلاق - لن يؤذي بالضرورة بايدن. مع ذلك، كما يعلم فريق بايدن، لا يوجد هامش كبير للخطأ. للعرب كلمتهم
لقد تغلب بايدن على ترامب بأقل من 1 في المائة من الأصوات في جورجيا وأريزونا وويسكونسن في 2020، وبأقل من 3 في المئة في بنسلفانيا وميشيغان ونيفادا، في حملة لم تكن بها منافسة ذات معنى من طرف ثالث. يبدو أداء ترامب هائلاً في استطلاعات الرأي المبكرة ضد بايدن، ولا تزال معدلات الموافقة على أداء الرئيس منخفضة بشكل عنيد. وبالنسبة إلى العديد من هؤلاء الشباب الأمريكيين، حتى لو لم يصوتوا بناء على السياسة الخارجية، فسوف يصوتون على ما إذا كانوا يشعرون بأن بايدن متضامن معهم ومع قيمهم المتمثلة في الحرية والعدالة وحقوق الإنسان للجميع.
Joe Biden, and the Democrats is in trouble with black Americans. If we have the election tomorrow, the Democrats and Joe Biden would lose.. pic.twitter.com/ap3hsmQuxO
— Don Salmon (@dijoni) November 6, 2023
من المؤكد أن معظم هؤلاء الناخبين التقدميين، إن لم يكن كلهم، لن يؤيدوا ترامب. لكن إذا تحولوا من كونهم ناخبين متحمسين لبايدن في 2020 إلى كونهم ناخبين مشككين أو محبطين أو يائسين في 2024، فإن الرئيس هو الذي سيدفع الثمن الأكبر حتى لو تحسنت مكانته بين بعض الناخبين الوسطيين واليهود.
يقدم الكاتب ولاية ميشيغان كمثل، وهي الولاية المتأرجحة التي لعبت دوراً حاسماً في فوز المرشحين الديموقراطيين للرئاسة. إن السياسة في ميشيغان، حيث ينبغي أن يستفيد موقف الرئيس من الاتفاقات المبدئية بين النقابة التي تمثل العديد من عمال صناعة السيارات وأصحاب العمل، أصبحت فجأة أكثر تحدياً مع عدد السكان العرب الأمريكيين الذين يزيد عددهم عن 300 ألف ونحو نصف مليون طالب جامعي تقريباً جميعهم مؤهلون للتصويت السنة المقبلة. يجب على فريق بايدن أيضاً أن يكون حذراً وأن يعزز الدعم من السكان الأغنياء بالطلاب في ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا، ويعتمد الديمقراطيون على كلتا الولايتين في مشاركة الشباب ودعمهم فوق المتوسط لحزبهم.
ولكن ما لم يعتقد شباب جيلي زد والألفية أن بايدن يحمي ظهرهم – وظهر الشعببين اليهودي والفلسطيني أينما عاشوا – فإن عدداً كافياً من الشباب لن يدعمه كما يخشى الكاتب. وقد يختار الكثيرون عدم الانخراط بسياساتهم علناً أو دعم بديل لن يفعل شيئاً أكثر من فتح الباب لعودة ترامب.
ليس الوقت الآن لسياسة الأمان عبر الاختباء في البيت الأبيض. يسعى العديد من الشباب الأمريكيين إلى قيادة جريئة تعطي الأولوية لرعاية الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك تحقيق تقدم حقيقي نحو إقامة دولة فلسطين جنباً إلى جنب مع إسرائيل قوية وديموقراطية. منشغلين بهذه الأمور العاجلة أكثر مما كانوا عليه في السنوات الأخيرة، هم يبحثون عن فرصة للشعور بالرضا تجاه رئيسهم وبلدهم ومستقبلهم مرة أخرى، كما ختم فولبه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل استطلاعات الرأی الناخبین الشباب فی استطلاع من الشباب أکثر من
إقرأ أيضاً:
خبراء: نتنياهو يراوغ بين إدارتي بايدن وترامب لتحقيق وثيقة استسلام من حماس
اتفق خبراء على أن المفاوضات الجارية بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى في غزة تمر بمرحلة حرجة، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالمسؤولية عن تعثر المباحثات.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن شروطا جديدة وضعها الاحتلال الإسرائيلي أجّلت التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى في خضم المفاوضات التي تجري في الدوحة والقاهرة.
وأصدرت حركة حماس، الأربعاء، بيانا قالت فيه إن المفاوضات "تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة".
وأضافت "غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجّل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
الموقف الأميركي
في المقابل، قال ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس "تكذب مرة أخرى وتنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات".
وأشار المحلل السياسي والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن الدكتور حسن منيمنة إلى أن الموقف الأميركي متماهٍ تماما مع الموقف الإسرائيلي القائل بضرورة "تحقيق انتصار إسرائيلي وهزيمة حماس"، مؤكدا أن واشنطن لا تمارس دور الوسيط بل دور الوكيل عن إسرائيل.
إعلانومن جهته، أشار الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد إلى أن الاتفاق كان على مرمى حجر في الأيام الماضية، لكن نتنياهو وضع عراقيل جديدة في مسارات رئيسية، أبرزها مسار الأسرى حيث يطالب بكشف كامل بأسماء الأسرى الأحياء والأموات، وهو ما ترفضه حماس باعتباره مستحيلا من الناحية الأمنية واللوجستية.
ويرى الكاتب المتخصص بالشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين أن إسرائيل تحاول المناورة في 3 اتجاهات متوازية: أولاً محاولة الحصول على وثيقة استسلام من حماس، وثانيا جس نبض الوسطاء والطرف الآخر، وثالثا كسب مزيد من الوقت لاستكمال عمليات التدمير في قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالضمانات التي تطلبها حماس لعدم استئناف الحرب، أوضح سعيد زياد أن الحركة لا تعول على الضمانات الدولية أو الأميركية، بل على قدرتها على الصمود وإعادة بناء قوتها العسكرية، مشيرا إلى أن "المقاومة تعول على المقاتلين الذين لا يزالون يقاتلون في جباليا بعد 445 يوما".
إدارة ترامب
وحول الموقف الأميركي المستقبلي، يرى الدكتور منيمنة أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد تكون أكثر تشددا في دعم الموقف الإسرائيلي، موضحا أن "طاقم ترامب غير معني بالاعتبارات القيمية والإنسانية إلا كما هي بمقياس إسرائيل".
ويلفت جبارين إلى أن نتنياهو يحاول استغلال الفترة الانتقالية في الإدارة الأميركية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الميدانية، مع محاولة تأجيل المفاوضات الحقيقية للمرحلتين الثانية والثالثة من الصفقة إلى ما بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، مضيفا أن "نتنياهو يعلم جيدا أن ترامب ليس كبايدن والجمهوريين ليسوا كالديمقراطيين".
وعن مرونة حماس في المفاوضات، أكد زياد أن الحركة أبدت مرونة كبيرة في عدة مسائل، منها توقيتات الانسحاب وإعادة الانتشار ومفاتيح الأسرى وتوقيتات عودة النازحين، لكنها "لا يمكن أن تتنازل أكثر من ذلك لأنها تتعامل مع شخص ابتزازي".
إعلانويخلص الدكتور منيمنة إلى أن إسرائيل تواجه معضلة إستراتيجية على المدى البعيد، حيث إن "الفلسطينيين لا يزالون هم الأكثرية في فلسطين التاريخية وهي أكثرية إلى تزايد فيما إسرائيل… أقلية إلى تناقص"، مشيرا إلى أن نتنياهو واليمين الإسرائيلي "قطعا السبيل أمام إمكانية التعايش والصلح والسلام على المستقبل البعيد".
وفي ظل هذه التعقيدات، يرى جبارين أن الوضع الحالي "ليس منظرا شاذا" في الديمقراطية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن "أغلبية الاتفاقات التي أبرمت في داخل إسرائيل أبرمت رغم وجود معارضة في داخل الشارع"، وأن المعارضة غالبا ما تحاول ترتيب سلم الأولويات للحكومة.