علوم الطاقة.. ما حقيقتها وهل تشكل خطرا على عقيدة المسلم؟
تاريخ النشر: 28th, June 2023 GMT
تعاظمت خلال العقود الأخيرة المراكز العلاجية المبنية على ما يسمى علم الطاقة والتي يزعم القائمون عليها أن لديهم قدرات كامنة قادرة على علاج الأمراض النفسية والعضوية. فما حقيقة "علم الطاقة" وهل تشكل ممارساته وطقوسه خطرا على عقيدة المسلم؟
بحسب الأكاديمي والباحث في تكنولوجيا النانو، محمد ربيع العنزي، فإن ما يسمى علم الطاقة هي ممارسات وطقوس غير تقليدية يدعي أصحابها أنهم يسيطرون ويزعمون أن بإمكانهم شحن الأجسام الحية بالطاقة الروحانية أو الحيوية، ويعترضون على العلاجات الطبية التقليدية وعلاجات الطب الحديثة، كما أنهم يصطدمون مع العلم التجريبي بشكله الحالي لأنه لا يعترف بمنهجيتهم في الاستنتاجات.
ويتحفظ العنزي على مصطلح "علم الطاقة"، ويسميه بالمقابل العلم الزائف، لقناعته بأنه ليس بعلم ولا تنطبق عليه مواصفات العلم الحقيقي، مؤكدا أن خطورته تكمن في جذوره الاعتقادية الفلسفية، حيث تعود إلى المعتقد الهندوسي والبوذي وغيرهما من المعتقدات الموجودة في منطقة شرق آسيا.
ويرفض استشاري العلاج النفسي والتربوي، عبد الرحمن ذاكر الهاشمي -في حديثه لحلقة برنامج "موازين" تبث مساء اليوم (2023/6/28)- إطلاق تسمية علم الطاقة على تلك الممارسات ويسميها خرافة الطاقة، مشيرا إلى اختلافات جوهرية بين "علم الطاقة" وبين العلم التجريبي الذي يعتمد على منهج علمي واضح.
أما المستشارة الأسرية والنفسية، هالة سمير، فتشير في مداخلتها إلى وجود آلة إعلامية جبارة لتسويق ما يتعلق بما يسمى علم الطاقة، والذي وصل إلى المنطقة العربية عن طريق الترجمات دون مراجعة شرعية لترجمات الكتب التي تصل للقارئ العربي، متحدثة عن خزعبلات انتشرت في الغرب بسبب حالة الفراغ الروحي التي تعانيها الشعوب هناك.
في المقابل، ترى الخبيرة في علم الطاقة، نوال فليحان أن علم الطاقة هو علم حقيقي، وهناك حالات نفسية ومرضية استفادت من علاجات هذا العلم، بمن فيهم أشخاص يعانون من السرطان. وتقول إن الطاقة التي يتحدثون عنها هي طاقة كونية وطاقة محبة يتكلم عنها الدين والعلم، ولكي يشفى الشخص من مرضه لا بد أن يلجأ إلى الصلاة وإلى العلاج بالطب وبعلم الطاقة، كما تقول.
مخاطر على عقيدة المسلموحول الحد الفاصل بين التنمية البشرية التي انتشرت في السنوات الأخيرة وبين ما تسمى بعلوم الطاقة، يؤكد الداعية الإسلامي، طارق السويدان -في مداخلته ضمن برنامج "موازين"- أن ما يسمى علم الطاقة ليس بعلم، وبأنه دخل تحت التنمية البشرية التي توجد في المنطقة العربية، وكلاهما ليس له أساس في علم التنمية البشرية في الدول الغربية، والذي هو أحد أجزاء علم الإدارة، وهو علم مستقر ويدرّس في الجامعات.
وحول مخاطر الإيمان بعلوم الطاقة على عقيدة المسلم، يقول السويدان إن الدين الإسلامي هو دين علم وعقل، والمسلم لا يحتاج إلى هذه الأمور التي جاءت من أديان أخرى، ولا يوجد أساس علمي وشرعي لها.
وسمى ما يطلق عليها بعلوم الطاقة بأنها انحراف وشعوذة باسم العلم وباسم الدين، ومن يروج لها فهو منحرف في علمه وفي عقيدته، داعيا إلى التصدي لها بشدة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قراءة في خيارات الناخب المسلم والعربي والفلسطيني في الانتخابات البرلمانية الهولندية
في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، يتوجّه الناخبون في هولندا إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد، بعد أن أطاحت الخلافات حول ملف الهجرة واللجوء بالتحالف الحاكم السابق.
ولئن كان المشهد الانتخابي معقّدا كعادة السياسة الهولندية، فإنّ ثمّة بُعدا يغيب غالبا عن النقاش العام، لكنه حاضر بقوة في وجدان آلاف المسلمين والعرب والفلسطينيين المقيمين هنا: أين تقف فلسطين في خريطة التصويت؟
خريطة الأحزاب ومواقفها
- التحالف الأخضر- العمالي (GroenLinks–PvdA)
من أكثر الكتل الحزبية وضوحا في دعم الحقوق الفلسطينية، إذ صوّت نوابها في أكثر من مناسبة لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، ووقفوا ضد تصدير السلاح لإسرائيل خلال الاعتداءات الأخيرة.
يؤكد الجناح العمالي في التحالف على ضرورة وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل وتعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية معها، ودعم التحقيقات الجارية في المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب في غزة. وخطابه العام يتبنّى لغة حقوق الإنسان والعدالة الدولية، ويعتبر أن إنهاء الاحتلال شرط أساسي لتحقيق السلام الدائم.
- الحزب الاشتراكي (SP- Socialistische Partij)
من أقدم وأوضح الأحزاب اليسارية الهولندية في تبنّي الموقف المناهض للاحتلال الإسرائيلي. يطالب بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، ويدعو إلى وقف بيع وشراء الأسلحة من وإلى إسرائيل. يساند فرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية وإنهاء اتفاقيات الشراكة الأوروبية معها، ويؤكد على ضرورة تقديم المسؤولين عن الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية دون إفلات من العقاب. ويطالب بالاعتراف بدولة فلسطين رسميا.
موقف الحزب الاشتراكي متقدم وصريح، وهو من أكثر الأصوات ثباتا في الدفاع عن العدالة للشعب الفلسطيني داخل البرلمان الهولندي.
- DENK
الحزب الذي أسسه نواب من أصول مهاجرة (تركية أساسا) هو الأكثر صراحة في رفع صوت فلسطين داخل البرلمان الهولندي. في كل نقاش برلماني تقريبا يتعلّق بالشرق الأوسط، يكون موقف الحزب الأوضح في إدانة الاحتلال الإسرائيلي وربطه بالسياسات العنصرية.
لا يكتفي الحزب بالخطاب الرمزي، بل يدعو إلى وقف التعاون العسكري مع إسرائيل، وعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ودعم ملاحقة القادة الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما يطالب باعتراف هولندا الرسمي بدولة فلسطين داخل الاتحاد الأوروبي.
- D66
حزب ليبرالي تقدّمي يتبنّى موقفا "متوازنا" يدعو إلى حلّ الدولتين وينتقد الاستيطان، لكنه لا يذهب بعيدا في فرض خطوات عملية ضد إسرائيل، ويميل إلى الخط الدبلوماسي التقليدي داخل الاتحاد الأوروبي.
يرى أن العنف ضد المدنيين في غزة يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، لكنه يفضّل أن يتم التعامل عبر الوساطة الأوروبية لا العقوبات المباشرة.
- Volt Nederland
حزب شاب ذو توجه أوروبي وحدوي، يرفع شعار القيم الإنسانية والتعاون الدولي.
يطالب بـوقف فوري لإطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة، ويدعو إلى الإفراج عن جميع الرهائن، ووقف تصدير الأسلحة وأجزائها إلى مناطق النزاع. يؤكد على ضرورة تعليق التعاون العسكري مع إسرائيل، ويدعو إلى مؤتمر سلام ترعاه الأمم المتحدة لجعل حلّ الدولتين واقعا حقيقيا.
موقف Volt متوازن وإنساني، وهو من أكثر الأحزاب الليبرالية الأوروبية قربا من الموقف الحقوقي تجاه فلسطين.
- VVD
الحزب الليبرالي اليميني، تاريخيا مقرّب من إسرائيل، يراها حليفا استراتيجيا، وغالبا ما يصوّت ضد المقترحات المؤيدة لفلسطين. موقفه يمثل استمرارا لنهج التحالفات الغربية مع تل أبيب في الأمن والدفاع.
- حزب فيلدرز (PVV)
من أشدّ المدافعين عن إسرائيل بلا مواربة، حتى إنّ زعيمه لا يتردد في تبنّي خطاب عدائي ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين عامة، ويعتبر أن "إسرائيل تواجه الإرهاب الإسلامي"، ويرفض أي انتقاد لسلوكها العسكري. يمثل هذا الحزب أقصى اليمين في المواقف المناهضة لفلسطين.
- العقد الاجتماعي الجديد (NSC)
حزب جديد ركّز بداية على الشأن الداخلي والشفافية، لكنه فاجأ الجميع في آب/ أغسطس 2025 حين انسحب وزراؤه من الحكومة بعد أن رُفضت مقترحاتهم لفرض عقوبات على إسرائيل.
وزير الخارجية كاسبر فيلدكامب استقال أولا، معلنا أنه لا يستطيع البقاء في حكومة "تتغاضى عن مأساة غزة"، لتتبعه استقالات أخرى من الحزب. هذه الخطوة منحت الحزب رصيدا أخلاقيا كبيرا، وأثبتت أن فلسطين ليست خارج حساباته السياسية.
الأحزاب الصغيرة وصوتها العالي
-BIJ1
يُعدّ الأكثر صراحة في الدفاع عن فلسطين بين القوى السياسية الهولندية؛ إذ يتبنّى دعم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، ويدعو إلى الحرية والعدالة لفلسطين ووقف جميع أشكال الدعم لإسرائيل. كما يطالب بفرض مقاطعة شاملة على جميع القطاعات كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وباعتقال مجرمي الحرب الإسرائيليين في حال دخولهم الأراضي الهولندية.
موقفه يعبّر عن تحالف واضح بين خطاب العدالة الاجتماعية ومناهضة الاستعمار والعنصرية.
- حزب من أجل الحيوان (PvdD)
رغم تركيزه الأساسي على قضايا البيئة والرفق بالحيوان، فإن الحزب يُعدّ من أكثر الأصوات التقدمية والإنسانية في البرلمان.
وفيما يخص فلسطين، يتبنى الحزب موقفا نقديا واضحا من السياسات الإسرائيلية، إذ دعا إلى وقف تصدير السلاح والمعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في العدوان على غزة، وأيّد الاعتراف بدولة فلسطين ودعم المحكمة الجنائية الدولية، ويطالب بفرض عقوبات أوروبية على إسرائيل في حال استمرار الانتهاكات.
يرى الحزب أن القضية الفلسطينية جزء من معركة أوسع من أجل العدالة وحقوق الإنسان، تماما كما يدافع عن البيئة وحقوق الكائنات الأخرى.
- 50PLUS
رغم تركيزه على قضايا كبار السن، فقد صوّت سابقا لصالح حظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية ووقف تصدير الأسلحة في حالات النزاع. موقفه ليس محوريا في القضية الفلسطينية، لكنه أقرب إلى التأييد الإنساني في إطار احترام القانون الدولي.
اليمين المحافظ والموقف من فلسطين
أما أحزاب اليمين المسيحي والمحافظ مثل "CDA" و"ChristenUnie" و"SGP"، فتميل إلى مواقف متحفظة داعمة لإسرائيل بدرجات متفاوتة. يربط بعضها موقفه بالرؤية الدينية للعهد التوراتي، بينما يرى آخرون أن إسرائيل تمثّل "حصنا للأمن الأوروبي".
ورغم إقرار هذه الأحزاب بالحاجة إلى المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار المؤقت، فإنها ترفض فرض عقوبات على إسرائيل أو الاعتراف بدولة فلسطين.
كما يُضاف إلى هذه الفئة حزبا "JA21" و"Forum voor Democratie- FvD " اللذان يتبنيان خطابا قوميا يمينيا مؤيدا لإسرائيل ومعاديا لحركات المقاطعة والدفاع عن فلسطين. كلاهما يرى أن "إسرائيل شريك ضروري في الحرب على الإرهاب"، وهو ما يجعل مواقفهما الأقرب إلى معسكر "PVV" المتشدد.
- حزب المواطن الفلّاح (BBB)
يمثّل صوت الريف الهولندي والمزارعين، وحقق صعودا سريعا منذ عام 2023. لكن الحزب، المنتمي إلى يمين الوسط، لا يضع فلسطين ضمن أولوياته، ويميل إلى الخط المؤيد لإسرائيل باعتبارها "دولة ديمقراطية في منطقة مضطربة". يعارض فرض عقوبات أو دعم حركة المقاطعة (BDS)، ويركّز على القضايا المحلية الزراعية والاقتصادية أكثر من السياسة الخارجية. موقفه براغماتي محافظ، يشبه إلى حدّ كبير مواقف "VVD" و"CDA".
المشهد الحزبي الهولندي متنوع ومعقّد
بين أحزاب كبرى ذات ثقل انتخابي لكنها متفاوتة المواقف تجاه فلسطين، وأحزاب صغيرة صريحة في دعمها وإن كان تأثيرها محدودا، يقف الناخب المسلم والعربي والفلسطيني أمام خيارات واسعة.
فلسطين في هذه الانتخابات ليست قضية غائبة، بل حاضرة بدرجات متفاوتة، من المؤيد الصريح إلى المناوئ المعلن.
بين الرمزية والفاعلية: كيف نصوّت لفلسطين؟
هنا يواجه الناخب المسلم والعربي والفلسطيني معضلة حقيقية: هل يصوّت لحزب صغير مثل "DENK" أو "BIJ1" أو "PvdD" أو "SP" يرفع فلسطين بلا تردّد، حتى وإن كان تأثيره البرلماني محدودا؟ أم يذهب إلى حزب أكبر مثل "GroenLinks–PvdA"، القادر على المشاركة في الحكومة وربما التأثير الفعلي على قرارات السياسة الخارجية؟
الاختيار ليس سهلا، فالتصويت للأحزاب الصغيرة يحمل قيمة رمزية عالية، بينما يمنح التصويت للأحزاب الأكبر فرصة للتأثير المباشر في موازين الحكم، خاصة مع تزايد فرص التحالف اليساري في مواجهة اليمين الشعبوي.
المسلمون والعرب والفلسطينيون.. من الدفاع إلى التأثير
لا يتوقف دور المسلم والعربي والفلسطيني في هولندا عند حدود الإدلاء بصوته، بل يتعداه إلى إقناع الناخب الهولندي نفسه بأن فلسطين ليست قضية بعيدة عنه. فالمجازر في غزة، وصفقات السلاح، والمواقف الأوروبية في المحافل الدولية، كلها قرارات تُصنع هنا في لاهاي وأوتريخت وأمستردام.
من خلال النقاشات العامة ووسائل الإعلام ومنابر المجتمع المدني، يستطيع أبناء هذه الجاليات أن يُذكّروا الهولنديين بأن التصويت لأحزاب تنحاز للعدالة في فلسطين ليس دفاعا عن "قضية خارجية" فحسب، بل هو أيضا انتصار للقيم الهولندية نفسها: حقوق الإنسان، سيادة القانون، ورفض التمييز.
موقف الكاتب
بالنسبة لي، ككاتب وصحفي يعيش في هولندا ويحمل فلسطين في قلبه وقلمه، أرى أنّ الاختيار يتأرجح بين الرمزية والفاعلية.
شخصيا، أميل إلى أن فلسطين تحتاج اليوم إلى الاثنين معا: موقف صريح يُجسّده حزب مثل "DENK" أو "BIJ1" أو "PvdD" أو "SP"، وقوة فاعلة في الحكم يمكن أن يوفّرها تحالف "GroenLinks–PvdA" أو حتى مواقف جريئة مثل تلك التي قدّمها "NSC" و"Volt".
لكنني في النهاية أؤمن أن التصويت فعل أخلاقي قبل أن يكون حسابا رياضيا، وصوتي سيذهب لمن يضع العدالة معيارا، ولمن لا يخشى أن يقول: "نعم لفلسطين، لا للاحتلال".
خاتمة
الانتخابات القادمة في هولندا لن تغيّر موازين الصراع في فلسطين وحدها، لكنها قادرة على أن ترسل إشارة سياسية وأخلاقية من قلب أوروبا: أن فلسطين ليست غائبة عن الضمير الإنساني، وأن صوت المسلم والعربي والفلسطيني يمكن أن يكون حاضرا وفاعلا.