قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، ان الله عز وجل يقول تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } فهو سبحانه الذي فلق هذا العالم من العدم إلى الوجود، ومن الظلام إلى النور بالرسالة، وأعطانا أمثلةً كونية بأن الشمس تشرق كل يوم لكنها تغيب، والظلام يأتي لكنه ينقشع فلا دائم إلا وجه الله، { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ، { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ }.

 فإذا أردت خير الدنيا والآخرة وأن تتقي المصائب فعليك باللجوء والرجوع لله عز وجل؛ إما يصدها عنك، وإما ينصرك عليها، وإما يتقبلك عنده - سبحانه وتعالى - ويجازيك عليها، ففي كل حال من نصرٍ أو هزيمة أنت في معية الله، وفي كل حال من ضيقٍ وسعة الله معك وأنت في جواره -سبحانه وتعالى-.

فيبين لنا ربنا أن نستعيذ به في شأن ديننا ودنيانا، فإن كان الخلل راجعًا إلى دنيانا فلنجمل في ذلك ، وإن كان الشأن راجعًا إلى أُخرانا وديننا فلنلتجئ ونكرر الالتجاء ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ وعبّر بالرب لأنه هو الذي يربي الإنسان ويعيذه ﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ ، وانظر إلى سعة الكلام إنه فوق الإنس والجن وفوق الأفكار والأحداث والأشخاص ﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ (الغاسق) الظلام المظلم الشر ﴿إِذَا وَقَبَ﴾ دخل ، ولج ، تمكّن ، استمر ، كلمة غريبة في لغة العرب ، لا نجدها كثيرًا على ألسنة الناس لكنها لما جاءت هنا في ذلك السياق كان لها دِلالة تلـك الحــروف (و ق ب ) هي حروف (بقي) فكأنه وقب ولكنه عكس البقاء فهو يزول ، لكنه يستمر في العودة فكل ما ذُب آب كالذباب ، وكلما رُد عاد.

وحينما نتأمل كلمة ﴿النَّفَّاثَاتِ﴾ نجدها مؤنثة فلم يقل مثلا : (من شر النفاثين) بل ﴿النَّفَّاثَاتِ﴾ وكأنه يشير إلى الجماعات إذن (النفث) له حقيقة وظاهر وله إشارة بأن فيه محاربة لله ورسوله ، ماذا نفعل عندما نرى الغاسق إذا وقب ؟ وعندما نرى الشر ممن خلق ؟ وعندما نرى النفاثات في كل مشكلةٍ من المشكلات ؟ مطلوب منا أن نستعيذ بالله ؛ وكيف نستعيذ بالله ؟ نؤمن به ونُعلن توحيده ونمتثل لأمره ، ونستعيذ به بألسنتنا وأفعالنا، لا أن نتلوها بألسنتنا فقط بل يجب أن نعيش الاستعاذة.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

علامة وحيدة تفرق المؤمنين عن المنافقين.. يكشفها جمعة

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الإيمان هو نور يضيء قلب المؤمن، ويمنحه بصيرة تميزه بين الخير والشر، ليكون دائمًا مؤيدًا وموفقًا في اختياراته. واستشهد في حديثه بقول النبي ﷺ: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله»، موضحًا أن هذا النور الإلهي هو سر الفراسة التي تجعل المؤمن يرى ببصيرته ما لا يراه غيره.

 

نور الإيمان في الدنيا

أوضح جمعة أن هذا النور ليس مجرد إحساس داخلي، بل هو هداية حقيقية تمكّن الإنسان من السير في طريق الحق والخير. واستدل بقول الله تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ [الأنعام: 122]، مبينًا أن المؤمن الذي يُنعم الله عليه بنور الإيمان يعيش حياة مختلفة، حيث يكون هذا النور سببًا في حسن اختياراته، ورشده في اتخاذ القرارات، وتوفيقه في أمور دنياه وآخرته.

كما أشار إلى أن هذا النور يمنح صاحبه قوة داخلية تجعله لا ينجرف خلف الشبهات، بل يكون ثابتًا على الحق، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [النور: 40]، مما يؤكد أن هذا النور عطية إلهية لا تُنال إلا بالإيمان الصادق والعمل الصالح.

نور الإيمان في الآخرة

انتقل د. علي جمعة للحديث عن أثر هذا النور في الآخرة، مشيرًا إلى أنه لا يقتصر على الدنيا فقط، بل يكون مشاهدًا يوم القيامة، حيث يضيء للمؤمنين طريقهم على الصراط، كما قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [الحديد: 12].

وأوضح أن هذا النور سيكون علامة واضحة تميز المؤمنين عن المنافقين الذين سيحاولون التمسح بالمؤمنين ليلتمسوا من نورهم، لكن يُحرمون منه، لأن قلوبهم لم تكن عامرة بالإيمان في الدنيا.

الإيمان.. سر النور في القلوب

واختتم د. علي جمعة حديثه بالدعاء بأن ينير الله القلوب بنور الإيمان، ويغفر الزلل والخطأ، مشيرًا إلى أن هذا النور هو نعمة عظيمة لمن يستحقها، وخسارة كبيرة لمن يُحرم منها. كما وعد بمتابعة الحديث عن نور الأكوان في المقال القادم، لاستكمال رحلة استكشاف أنواع الأنوار التي أودعها الله في الكون.

مقالات مشابهة

  • تحويل القبلة في النصف من شعبان .. حكمته ومقاصده العظيمة
  • علامة وحيدة تفرق المؤمنين عن المنافقين.. يكشفها جمعة
  • وكيل كلية الدراسات الإسلامية: مصر لها نصيب من حب رسول الله ﷺ وآل بيته
  • إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: نور الإيمان هداية في الدنيا وفوز بالآخرة
  • 3 أمور من امتلكها حيزت له الدنيا بحذافيرها.. و34 حالة استعاذ منها النبي
  • 5 كلمات حث عليها النبي أمته.. اعمل بهن وعلمهن لغيرك
  • إذا أردت أن تمتثل لأمر الله ورسوله.. علي جمعة: عليك بهذا الأمر
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • ماذا أفعل إذا كانت ذنوبي كثيرة؟.. انتبه لـ10 حقائق بحديث النبي