"بأي حال عدت يا عيد؟".. سؤال مطروح وجد إجابته في العاصمة السودانية التي كساها الحزن واحتواها الألم إثر المواجهات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وما جعل الخرطوم أكثر حزنا في هذا العيد من أي عيد سابق هو سباحتها في نهر دم بظلال من نيليها الأبيض والأزرق لم يتوقف تدفقه منذ 15 أبريل/نيسان الماضي.

وخلت غالب الساحات المعهودة لصلاة العيد في العاصمة من المصلين ممن آثروا البقاء في منازلهم، بينما اتجهت أعداد أقل لأداء الصلاة داخل المساجد خوفا من تساقط القذائف المميتة التي تستهدف تجمعات المدنيين في بعض الأحيان.

الحاج عثمان عابدين لم يتمالك دموعه وهو يتحدث عما حل ببلاده (الجزيرة) تراجع مظاهر العيد

كما تراجعت أعداد أصوات مكبرات الصوت التي كانت تملأ الأفق منذ صلاة الصبح بالمساجد والساحات دون أن تمنع المصلين -على قلتهم- من التوجه باكرا نحو المساجد لأداء صلاة العيد.

وكشفت دموع بعض الرجال وهمهماتهم وعيونهم الشاخصة نحو أفق بعيد عما يجرى في عاصمة بلادهم من فقدان للأمن والأمان الذي كان هو عنوانها الأبرز.

وبالمقابل، كشف خلو الشوارع من الأطفال بألعابهم المختلفة وزينتهم المعهودة والزوار من الرجال والنساء، أن الحرب قد قصمت ظهر مجتمع متداخل مسالم دون سابق إنذار.

ولم يستطع بعض المصلين التعبير عن حال بلدهم، فمنهم من دخل في نوبة بكاء حار ومنهم من أغمي عليه، بينما تضرع الجميع إلى الله يرجونه الفرج وإزاحة الغمة عن الوطن.

الحاج الثمانيني عثمان عابدين واحد من أولئك الذين لم يسيطروا على دموعهم وهو يصافح الجميع ويتمنى عودة وطنه الذي بدأ يتسرب من بين أيادي أبنائه.

وعابدين -الذي قرر البقاء في منزله وعدم السفر إلى مصر مع أسرته- يقول إن الموت داخل أرض الوطن أفضل من حياة اللجوء والنزوح والعيش بلا مأوى.

وباعتقاده -وهو يتحدث للجزيرة نت- أن هذا العيد هو الأسوأ من بين الأعياد الكثيرة التي عاشها وهو ابن العاصمة التي لم يفارقها من قبل.


إصرار ومهددات

وبذات الأعداد الضئيلة، تجمع العشرات في ساحات صغيرة لأداء الصلاة رغما عن المهددات التي تواجههم.

وبدت بعض أحياء غربي أم درمان مثل ضاحية "أم بدة" غير آبهة بالمواجهة؛ فقد خاطر المصلون بالخروج نحو الساحات التي تعودوا عليها في مثل هذه المناسبات رغم أزيز الطائرات المسيّرة ودوي المقذوفات التي لم تحترم هدنة أعلنها الطرفان المتصارعان. وسارع المصلون بالتفرق فور انتهاء خطبة العيد خوفا من تلك الطائرات.

وفي ضاحية الجريف شرق بالخرطوم بحري، اضطر المصلون في المساجد إلى مغادرتها بعد تعرض مواقع بالمنطقة لقصف مدفعي.

ويقول مصلون إن القصف اليوم تجاوز كل المرات السابقة رغم وجود هدنة معلنة من الجيش وقوات الدعم السريع.

ويشير فضل محمد إلى سيطرة الرعب على كل المصلين الذين اختاروا المساجد بدلا من الساحات المعتادة، مضيفا "وحتى المساجد فقد بارحناها خوفا من الأذى".

الطالب الجامعي الفاتح كمال يعتقد أن الحرب ستتوقف لكنها ستخلف كثيرا من الجراح الغائرة (الجزيرة) مطالبة بتناسي الحزن

وعلى الرغم من الحزن المخيم على غالب المواطنين في الخرطوم، فإن الطالب الجامعي الفاتح كمال -والذي لا يعرف متى يعود لمواصلة دراسته الجامعية- يرى "ضرورة تناسي الحزن ولو ليوم واحد لأجل التغيير والخروج من هذا الجو". وباعتقاده أن الحرب ستتوقف، "لكنها ستخلف كثيرا من الجراح الغائرة".

ولم يشفع للعاصمة الحزينة مأساتها، حيث ارتفعت فيها أسعار الأضاحي -على ندرتها- إلى أرقام جنونية؛ إذ تراوح سعر الخروف الواحد بين 100 إلى 150 ألف جنيه سوداني (نحو 200 دولار)، لتتضاعف عما كانت عليه الأسعار في عيد الأضحى الماضي.

وعن ذلك يقول الحاج علي موسى -وهو يتأسف على ما وصل إليه حال العاصمة- إن استغلال المواطنين في مثل هذه الظروف التي يعيشونها تمثل مأساة بحد ذاتها.

وموسى الذي يرفض بدوره ارتفاع أسعار الخراف، يرى أن عيد هذه السنة يختلف في معانيه عن كل الأعياد بما فيها التي صادفت أحداثا غير طبيعية بالبلاد.

واختفت بسرعة شديدة مظاهر العيد، وحتى السعادة بقدومه -كما يقول الكثيرون- بسبب فراق الأبناء والأهل والأصدقاء، وفقد الأمن والطمأنينة، وتوقع الأسوأ في قصف لا ينذر الناس بقدومه في جميع الأحوال.

وما يزيد الخوف والترقب وسط المواطنين -بحسب الحاج علي- هو إمكانية اندلاع المواجهات بين الجيش والدعم السريع في الأحياء السكنية وبأعنف مما كانت عليه في السابق.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

جامعة الخرطوم تنفي حرمان أي طالب من الامتحانات بسبب الرسوم

جامعة الخرطوم قالت إنها راعت ظروف الطلاب وأسرهم خلال هذه الفترة التي يعاني فيها الشعب السوداني بسبب الحرب.

بورتسودان: التغيير

نفت إدارة جامعة الخرطوم، حرمان أي طالب من الجلوس لامتحانات الدورة الحالية بسبب عدم تسديد الرسوم، وأكدت جلوس كل الطلاب الذين أكملوا إجراءاتهم ووصلوا لمراكز الامتحانات.

وأكد مدير الجامعة، رئيس اللجنة العليا للامتحانات عماد الدين الأمين الطاهر عرديب بحسب منصة الناطق الرسمي للحكومة السودانية اليوم الأربعاء، أنه لم يتم حرمان أي طالب من الجلوس لامتحانات هذه الدورة الرابعة للامتحانات بسبب عدم المقدرة على دفع رسوم الامتحانات أو الرسوم الدراسية.

وقال إن ذلك مراعاة لظروف الطلاب وأسرهم خلال هذه الفترة التي يعاني فيها الشعب السوداني بسبب الحرب وذلك في جميع مراكز الامتحانات داخل السودان في كل من عطبرة، القضارف، شندي وكوستي والمراكز خارج البلاد في القاهرة، الرياض والشارقة.

وأضاف مدير الجامعة أن كل الطلاب الذين أكملوا إجراءاتهم ووصلوا لمراكز الامتحانات جلسوا لها منذ اليوم الأول.

وأشارت الجامعة إلى أن امتحانات المجموعة الثانية للدورة الرابعة بدأت يوم 12 نوفمبر وتستمر حتى الخامس والعشرين منه، علماً بأن امتحانات المجموعة الأولى لهذه الدورة بدأت يوم 26 اكتوبر واستمرت حتى الحادي عشر من نوفمبر الحالي.

من جهة أخرى، أفاد أمين الشؤون العلمية علي عبد الرحمن رباح، بأن الامتحانات تسير وفق التقويم الذي أعدته أمانة الشؤون العلمية وأجازه مجلس العمداء، وقد تم تفويض العمداء لوضع جداول الامتحانات لجميع الفصول الدراسية بكلياتهم بما يتوافق مع فترة الامتحانات والأماكن المتاحة لذلك، وقد تم ذلك على الوجه الأكمل.

وقال إن المجموعة الثانية تضم كليات الطب، طب الأسنان، الصيدلة، العلوم الرياضية والمعلوماتية، العلوم الإدارية، القانون وكلية الدراسات التقنية والتنموية.

وأضاف أمين الشؤون العلمية، أن حضور الطلاب في جميع المراكز كان كبيراً ورغم ذلك فإن الجامعة ستجري امتحانات البدائل للطلاب الذين حالت الظروف الأمنية دون وصولهم لمراكز الامتحانات في الوقت المناسب.

من جانبه، أكد وكيل الجامعة محمود علي أحمد الذي ظل يشرف على المراكز بالداخل، أن الإدارة وفرت كل الاحتياجات اللوجستية والمالية لقيام الامتحانات في مواعيدها وبالمستوى المرضي للجامعة والطلاب.

الوسومالرياض السودان القاهرة القضارف بورتسودان جامعة الخرطوم شندي عطبرة عماد الدين الأمين الطاهر عرديب كلية الطب

مقالات مشابهة

  • تصعيد عسكري بين حزب الله وإسرائيل وقصف متبادل يستهدف الجنوب اللبناني وحيفا
  • الكنيسة القبطية تشارك في العيد الوطني لسلطنة عُمان
  • 17 مليون طفل سوداني بلا تعليم بسبب الحرب
  • لأئمة المساجد.. نص خطبة الجمعة مكتوبة اليوم بالأوقاف
  • مذاهب الفقهاء في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة بالبلدة الواحدة
  • جامعة الخرطوم تنفي حرمان أي طالب من الامتحانات بسبب الرسوم
  • موعد شهر رمضان 2025 وعيد الفطر في مصر (إجازة العيد 5 أيام متواصلة)
  • اشترى شقق وسيارات.. تاجر عملة يغسل 50 مليون جنيه
  • نصاب يغسل 19 مليون جنيه في شراء شقق وشركات
  • الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بذكرى العيد الوطني