يتفق مسؤولون إسرائيليون سابقون في الجيش والاستخبارات أن تنفيذ عملية عسكرية واسعة بالضفة دعت إليها أطراف يمينية بإسرائيل، قد يسرّع من انهيار السلطة الفلسطينية التي تأسست إثر اتفاق أوسلو عام 1994.

والحديث عن انهيار السلطة في الأعوام الأخيرة جاء أيضا على لسان مسؤولين فلسطينيين حذروا من التصعيد الميداني الإسرائيلي بالتوازي مع التصعيد الاستيطاني وشح المساعدات المالية العربية والغربية.

حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، المتخصصة بمراقبة الاستيطان، تقول في تقرير نشرته، الاثنين، وحصلت الأناضول على نسخة منه، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية دفعت منذ بداية العام الجاري مخططات لبناء 13 ألف وحدة استيطانية بالضفة الغربية.

أما مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فقد أشار، الاثنين، في تقرير حصلت الأناضول على نسخة منه، إلى أن السلطات الإسرائيلية هدمت 381 منزلا في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ بداية العام الجاري وحتى 12 يونيو/حزيران.

وبدورها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين قتلوا 176 فلسطينيا منذ بداية العام الجاري.

وفي هذا الصدد، فقد حذّر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، من أن الأحداث الجارية تتحدى بشكل خطير الاستقرار الأوسع وتقوّض السلطة الفلسطينية.

وقال في إحاطة إلى مجلس الأمن، الثلاثاء، حصلت الأناضول على نسخة منها: بالمثل فإن التحديات المالية والمؤسسية للسلطة الفلسطينية، والتي تفاقمت بسبب نقص التمويل -بما في ذلك لوكالات الأمم المتحدة- والتي تؤثر على تقديم الخدمات الأساسية الحاسمة، لا تزال مقلقة وقد تزيد من تفاقم التدهور على الأرض.

وضع هش

وأضاف المبعوث الأممي "يجب ألا يكون هناك شك، لن تتمكن السلطة الفلسطينية ولا الأمم المتحدة من تقديم المساعدة الإنسانية دون قيام المانحين على وجه السرعة بتكثيف الدعم المالي".

وفي ظل هذا الوضع الهش في الأراضي الفلسطينية، برزت دعوات إسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية حذر البعض من أنها قد تؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية.

والاثنين، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال جلسةٍ مغلقة عقدتها لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، قوله: "لا ترغب إسرائيل في انهيار السلطة الفلسطينية لا بل مستعدة لمساعدتها اقتصاديا وتعزيزها".

وأضاف: حيثما تتمكن السلطة الفلسطينية من أداء مهامها، فهي تقوم بذلك بدلا عنا ولهذا فنحن معنيون ببقائها.

وتابع: "إسرائيل تستعد لمرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"، دون مزيد من التفاصيل.

ومع ذلك فقد اعتبر نتنياهو، أن على اسرائيل سد الطريق أمام طموحِ الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة لهم.


العملية العسكرية أم السلطة الفلسطينية؟

ويقول مائير بن شبات، رئيس معهد ميسغاف لشؤون الأمن القومي ومستشار الأمن القومي السابق، إنه بعد مرور 3 عقود على اتفاق أوسلو، قد تضطر الحكومة الإسرائيلية قريبا جدا إلى اتخاذ قرارات ستحسم مصير السلطة الفلسطينية، التي تشكل ثمرة هذا الاتفاق.

وأضاف، في تصريح مكتوب أرسل نسخة منه للأناضول الأربعاء، المعضلة الرئيسية التي تواجه القيادة الإسرائيلية بما يخص طابع المعركة ضد الإرهاب في الضفة الغربية هي كيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية: هل يجب النظر إليها كجزء من المشكلة أم كجزء من الحل أو كمزيج بينهما؟، على حد تعبيره.

ويرى بن شبات أن إعلان فلسطينيين عن إطلاق فاشل لقذائف من منطقة جنين بشمالي الضفة الغربية باتجاه إسرائيل، قبل أيام، قد يقنع حتى من شكك في ضرورة القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد البنى التحتية في شمال الضفة الغربية.

وكان يمينيون إسرائيليون دعوا في الأسابيع الأخيرة إلى تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية حتى لو اقتصرت على شمالي الضفة.

وقال بن شبات: "إسرائيل لا تستطيع السماح بتكرار ما حدث في غزة، في الضفة الغربية أيضا"، في إشارة إلى إطلاق الصواريخ من القطاع.

وأشار المستشار السابق لنتنياهو إلى أن موضوعا آخر سيؤثر على طريقة العمل الإسرائيلية يخص ماذا سيحدث بعد هذه العملية.

وقال بن شبات: نزع شمال الضفة الغربية من السلاح والمعدات القتالية من أجل تسليم هذه المنطقة لاحقا إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليس إلا وصفة لإدخال أسلوب الجولات القتالية الذي نعرفه من غزة، إلى الضفة الغربية.

وأضاف: "لا يمكن التوقع بأن السلطة الفلسطينية حاليا، عشية اندلاع المعارك على وراثة أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) ستعمل بشكل فعال ضد التنظيمات والمليشيات المحلية أكثر مما كانت عليه حتى الآن".

وتابع "كانت الغاية من هذه العملية العسكرية هي تطهير المنطقة من الأسلحة وتسليمها لاحقا إلى السلطة الفلسطينية، فهي لا تبرر المخاطر التي تحمل هذه العملية في طياتها. وفي هذه الحالة، يجب الاستمرار في القيام بعمليات عسكرية منفردة وبعمليات اغتيال جوية".

وأشار بن شبات إلى أنه كما من الأرجح بأن بناء قدرات صاروخية في جنين تم على الأقل بمساعدة عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة وفي الخارج. "يجب على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تتابع هؤلاء العناصر وأن تجبي منهم ثمنا أيضا".


مصير السلطة

ومع تزايد الحديث عن عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية يبرز تساؤل عن مصير السلطة الفلسطينية.

وفي سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، نهاية الأسبوع الماضي، أشار تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان، إلى أن ما يجب مناقشته هو الهدف وما الذي تريد إسرائيل تحقيقه.

وقال "إذا كنت ترغب في تغيير الوضع الأمني الحالي، فقد تضطر إلى التصرف بشكل مختلف، ولكن عليك أن تتذكر أنه لا يوجد عمل عسكري دون غلاف سياسي ودون هدف أوسع".

وأضاف أن "أحد أكبر مخاطر عملية واسعة النطاق هو تسريع انهيار السلطة الفلسطينية، مثل هذا الانهيار يتعارض مع مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي، لأنه سيؤدي إلى آثار أكثر خطورة للجماعات المسلحة غير المقيدة، وسيؤدي إلى زيادة مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين، وسيؤدي إلى انتقادات كبيرة في المجتمع الدولي".

وتابع هايمان "بمعنى، حتى لو ذهبنا إلى عملية واسعة، في الطريق إلى اليوم التالي لأبو مازن والاضطراب الكبير، فإن تقوية السلطة الفلسطينية وبالتأكيد عدم انهيارها يتماشى مع المصلحة الأمنية لإسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

الضفة الغربية.. قتلى وجرحى باستمرار الاقتحامات الإسرائيلية

لليوم التاسع على التوالي، يواصل الجيش الإسرائيلي اقتحامه في مدينة جنين ومخيمها، في الضفة الغربية، بالتزامن مع اقتحام طولكرم ومخيماتها وحصار أحياء متعددة فيها، مخلفا عشرات القتلى والإصابات، والاعتقالات، وسط تدمير واسع للممتلكات، وللبنية التحتية.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء، “بمقتل شاب فلسطيني متأثرا بحراح أصيب بها في قصف إسرائيلي استهدف وسط مدينة جنين”.

وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، “هدمت قوات الجيش الإسرائيلي مسجد حمزة في شارع مهيوب في مدينة جنين، فيما قصفت مسيرة موقعاً على دوار السينما، كما احتجزت مركبة إسعاف في المنطقة الصناعية في المدينة، وأعاقت عمل طواقم الاسعاف على الدوار الرئيسي وسط المدينة”.

وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام فلسطينية، “بتدمير القوات الإسرائيلية ميدان “جمال عبد الناصر” في طولكرم شمالي الضفة الغربية إلى جانب البنية التحتية في المدينة”.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، “دفعت القوات الإسرائيلية دفعت بمزيد من آلياتها تجاه المدينة ومخيمها وفرضت عليه حصارا مشددا، وسط أعمال تجريف وتدمير، مع تحليق متواصل ومكثف لطيران الاستطلاع على ارتفاع منخفض”.

وأضافت أن “القوات الإسرائيلية أجبرت في ساعة متأخرة من الليلة الماضية عشرات العائلات في المخيم على مغادرة منازلها، تحت تهديد السلاح، وتحديدا من حارتي المطار ومربعة حنون وعدم العودة اليها لمدة أسبوع، واستولت على عدد من البنايات العالية وحولتها إلى ثكنات عسكرية وأماكن لقناصتها داخل المخيم، ومحيطه، ودمرت الجرافات الإسرائيلية البنية التحتية في عدد من حارات المخيم وتحديدا البلاونة والوكالة والمدارس، كما طال الخراب شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والانترنت والمنازل والمحال التجارية وأحرقت منزلا لعائلة شاهين في حارة الوكالة”.

وبحسب الوكالة، “جرفت وخربت البنية التحتية في شوارع المدينة، وتركزت في شارع نابلس عند مفرق مدرسة زنوبيا، ومحيط ميدان جمال عبد الناصر وشارع المقاطعة في الحي الشرقي والشارع المؤدي إلى مستشفى الشهيد ثابت الحكومي وشارع خضوري في الحي الغربي، كما دمرت الجرافات درج ومدخل مجمع المحاكم عند ميدان العليمي غرب طولكرم بشكل كامل، وطال التخريب عددا من مركبات المواطنين المصطفة على جوانب الأرصفة،  فيما استهدف قناصة الجيش المتمركزة في إحدى البنايات السكنية في الحي الغربي للمدينة محول الكهرباء في المنطقة بإطلاق الاعيرة النارية عليه، ما أدى الى انقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة ومخيمها”.

هذا “وبدأ الجيش الإسرائيلي الثلاثاء الماضي عملية عسكرية في الضفة الغربية أطلق عليها اسم “السور الحديدي” مستهدفا فيها مدينة جنين ومخيمها.

آخر تحديث: 29 يناير 2025 - 10:30

مقالات مشابهة

  • فتح: الاحتلال الإسرائيلي مستمر في ممارسة القتل والعدوان بالضفة الغربية
  • أسامة شعث: استهداف الضفة الغربية يؤكد استمرار الاحتلال في عملية التهويد
  • أستاذ علاقات دولية: استهداف الضفة الغربية يؤكد استمرار الاحتلال في عملية التهويد
  • أستاذ علاقات دولية: استهداف الضفة الغربية يؤكد استمرار إسرائيل في عملية التهويد
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من خطورة السماح للمستوطنين بشراء أراض بالضفة الغربية
  • “الكنيست” يصادق على مشروع قانون يسمح لليهود بتملك الأراضي بالضفة الغربية
  • الكنيست يصادق على مشروع قانون يسمح لليهود بتملك الأراضي بالضفة الغربية
  • «الكنيست» يصادق على قانون يسهل استيلاء المستوطنين على أراض بالضفة الغربية
  • مصر تدعو لتمكين السلطة الفلسطينية سياساً واقتصادياً
  • الضفة الغربية.. قتلى وجرحى باستمرار الاقتحامات الإسرائيلية