سرايا - يحاول مناصرون للقضية الفلسطينية كشف جذور الصراع العنيف الذي حول قطاع غزة إلى ركام منذ 7 أكتوبر، فعرفت صحفية روسية ببضع كلمات: "ماذا يعني أن تولد في غزة"؟

إينا نوفيكوفا، رئيسة تحرير صحيفة "برافدا" الإلكترونية التي زارت إسرائيل وغزة عدة مرات تقول:

عندما تولد في غزة، لا يكون لديك:

من هناك لا يمكنك المغادرة.

لن ترى أبدا أقاربك الذين يعيشون في الضفة الغربية لنهر الأردن"

نوفيكوفا توضح الأوضاع التي يعيشها سكان القطاع منذ مدة طويلة، مشيرة إلى أنه "من وقت لآخر يتم قصفهم من قبل إسرائيل، فقط للوقاية. أي أن المروحيات الإسرائيلية تحلق باستمرار فوق قطاع غزة مثل ذبابة فوق كعكة"

وعن الحصار المفروض على القطاع تقول إنه "مستمر منذ نصف قرن. غزة تقع على البحر. يتم قصف جميع الموانئ. الناس ليس لديهم الحق في التجارة مع العالم، أو إنتاج أي سلع. منطقة الصيد ليست سوى ثلاثة أميال، والأسماك توجد أبعد من ذلك. إذا حاول الصيادون الإبحار إلى مسافة أبعد، يتم إطلاق النار عليهم من قبل الدوريات الإسرائيلية، وتجري مصادرة القوارب"

الصحفية الروسية تكشف المعاناة في غزة من جانب آخر مشيرة إلى انعدام إمكانية "تسليم البضائع هناك إلا بإذن من إسرائيل. على سبيل المثال، مواد وأدوات البناء محظورة، على الرغم من وجود عدد كبير من السكان في غزة، وهم بحاجة إلى بناء منازل. لا يمكنك استيراد الشوكولاتة والمربيات والأغذية المعلبة والخيوط والخل ومنتجات الألبان. على الرغم من أن دولة ثالثة في الغالب تدفع مقابل كل شيء، فيما إسرائيل تتظاهر: "كيف يصح مثل هذا الأمر؟ لقد صنعنا لهم سجنا، ماذا ويتوجب أيضا علينا إطعامهم؟"

وتقول نوفيكوفا في معرض استعراضها لقسوة الحياة المفروضة على سكان غزة في السلم والحرب: "نحن نتعامل مع إبادة جماعية كاملة. لقد قطعت إسرائيل الآن الكهرباء والغاز والمياه. إسرائيل دولة احتلال ودولة إرهابية"

ومن سجلات الماضي، ترصد الصحفية الروسية أن "عدد السكان اليهود كان بنسبة 33٪ في عام 1947. وتم منحهم 56 ٪ من الأرض"، ومع ذلك "حين احتج العرب، تم صدهم، وفقد 725000 شخص منازلهم واضطروا إلى الهرب. ثم أتت حرب الأيام الستة عام 1967، واستولت إسرائيل المعتدية على مرتفعات الجولان من سوريا، على الرغم من قرار الأمم المتحدة. لقد سرقوا قطعة أرض لوجود مياه فيها"

علاوة على كل ذلك "جميع المفاوضات حول وجود فلسطين قد تجمدت على مدى العقود الماضية. أين هي دولة فلسطين؟ لقد رحلت. من الغباء القول: إنها غير موجودة لأن العرب كما يُزعم، لا يستطيعون بناء دولة. العرب لا يستطيعون البناء، لأن دولة معتدية ومحتلة هي إسرائيل، آلتها العسكرية تسيطر بالكامل على الأرض، وتقصف، وتعذب، وتحرم العرب من الحقوق الأساسية"

صحفية وكاتبة روسية أخرى، هي ناديجدا كيفوركوفا، وكانت هي الأخرى قد زارت القطاع في عدة مناسبات، تقول عن ظروف الحياة الخانقة في القطاع تحت الحصار: "لكي تزدهروا، لا يجب أن تكونوا تحت الحصار، من دون كهرباء وماء، ولا يجب أن تتعرضوا للقصف كل يوم، ولا يجب أن يُمنع من إدخال كل شيء إلى البلاد، من الأدوية إلى الألعاب، لأنها، من وجهة نظر سجانيكم، يمكن استخدامها كسلاح. يحظر استخدام الأنابيب والمعدات لاستخراج المياه. وكذلك لعب الأطفال المزودة بمحركات. النظام المصرفي مغلق: لا توجد معاملات مالية في قطاع غزة والضفة الغربية. هناك بنك واحد، بنك إسرائيلي، يسمح لهم من خلاله فقط بإجراء أي شيء"

في غزة، تقول كيفوركوفا: "يحظر على الصيادين المحليين الصيد في البحر لمسافة تزيد عن 3 أميال، على الرغم من أنه وفقا للقوانين الدولية، تبلغ المياه الإقليمية 12 ميلا. يبدو أن البحر موجود هنا، ومع ذلك لا، لا يمكنك فعل أي شيء"

وعن أنفاق القطاع، تذكر الصحفية الروسية أن "الممرات تحت الأرض هي وسيلة لتخفيف القبضة الخانقة. كانت هناك مثل هذه النشاطات في سراييفو المحاصرة. كان هناك طريق جليدي للحياة في لينينغراد المحاصرة. يتم حفر ممرات تحت الأرض في المخيمات والسجون حول العالم. غزة هي أكبر معسكر اعتقال على وجه الأرض" .
 
إقرأ أيضاً : مؤتمر دولي لمساعدة غزة في باريس بمشاركة فلسطين وبدون الاحتلالإقرأ أيضاً : البنتاغون: غواصة أميركية في الشرق الأوسط بهدف “الردع”إقرأ أيضاً : ارتفاع شهداء الضفة والقدس إلى 155 شهيدا


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: على الرغم من فی غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟

رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

مأزق مزدوج

ويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.

وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.

وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.

واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.

وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".

إعلان

وبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.

ضوء أخضر أميركي

لكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.

وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.

وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.

لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.

وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.

في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.

وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.

وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.

مقالات مشابهة

  • صحيفة: إسرائيل تدرس الضغط على حماس بتقطيع أوصال غزة
  • مقاطعة وحصار إسرائيل أهم من الاعتراف بدولة فلسطينية
  • البديوي: الاستقرار الإقليمي يبدأ من تثبيت هوية دولة فلسطين على الخريطة القانونية والدبلوماسية للعالم
  • السعودية: لا تطبيع علاقات مع إسرائيل قبل إقامة دولة فلسطينية
  • شرط الحرية وجماهير مصر الثائرة.. والصامتة أيضا
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • صحيفة روسية: اليمن يهزم القوى الكبرى ويفرض إرادته على البحر الأحمر
  • ترامب: على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن غزة ولا أعتقد أن هناك مجاعة
  • كويكب بحجم طائرة يقترب من الأرض غدا الاثنين فهل هناك خطر؟
  • ماذا سيحدث فى زمن الإمام المهدي المنتظر؟ .. علي جمعة يوضح