جثث تملأ شوارع ومستشفيات وطرقات مدينة غزة المحتلة، رائحة الموت تفوح من كل مكان، منازل مهدمة وأسر مٌهجرة، وأخرى محاصرة تحت الأنقاض وثالثة تتلقى تهديدات من قوات الاحتلال الإسرائيلي بضرورة إخلاء بيوتهم، هكذا يبدو المشهد في فلسطين منذ بدء الحرب الإسرائيلية الغاشمة في السابع من أكتوبر الماضي لتضطر بعض العائلات لمغادرة القطاع المكلوم والعيش داخل السيارات في الشوارع والأراضي الفارغة خوفا من بطش العدو، يعيشون في قلق دون أدنى مقومات حياتية مع من تبقى من ذويهم.

حياة نازحي غزة

سيارة ملاكي صغيرة داخلها 5 من أفراد عائلة أبو مرسة، وأعلاها بطانية وبعض الملابس، وعلى زجاجها عٌلقت سجادة صلاة، اتخذت منها العائلة مسكنا لها على أطراف مدينة خان يونس بعد قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلها وسط مدينة غزة قبل أيام قليلة، وفق سالم أبو مرسة رب رب هذه الأسرة في تصريح لـ«الوطن»: «إحنا جالنا تهديدات بسرعة إخلاء بيتنا في غزة، ولكن المنزل المجاور لينا بتاع أبناء عمومتنا انضرب والناس استشهدت واتصابت قلنا لازم نمشي على الجنوب، عرفنا إن هناك في ضرب فبقينا عالقين على أطراف خان يونس، أنا وولادي التلاتة وزوجتي».

يتمنى «أبو مرسة» الرجوع إلى منزله، حيث يعيش وأسرته في الشارع دون مأوى ولا أدنى مقومات للحياة سواء مياه أو كهرباء أو خبز: «عايشين ميتين، قاعدين في الشارع ومعرضين للقصف في أي وقت، لا مياه ولا كهرباء ولا خبز ولا حمامات، وبضطر أخد العربية وامشي مسافات طويلة علشان أجيب جركن مياه غير صالحة للشرب ولا بعض أرغفة الخبز، وبتمنى بلدنا تعود مرة أخرى، ما عنديش علم إذا كان بيتي تم تدميره أم لا، مش عارف أتواصل مع جيراني».

وعلى بعد نحو 200 متر في أرض فارغة جانبية على طريق خان يونس، تسكن أسرة وهدان التي اتخذت من سيارتها الميكروباص المتهالكة مأوى لها، حيث يسكنها 11 فردا وفقا لـ«سامر وهدان»: «هكذا أصبحت حياتنا، دون أي مقومات تركنا بيوتنا في غزة ونزحنا إلى الجنوب لكننا محاصرين على الطريق، لا منا وصلنا ولا بقينا وما عرفنا نجيب أغراضنا بعد ما قصفوا بيتنا يا دوب كرسيين وبطانيتين وهدمتين نستر بيهم نفسنا، العدو قضى على مدينتنا وبيوتنا».

«أحمد أبوعمرة»: «نعيش بلا مأوى»

إناء بلاستيكي إلى جانب سيارة ملاكي متهالكة، وأسفل خيمة قماشية لا تقي من برد الشتاء ولا من حرارة الصيف، بالقرب من مخيم جباليا الذي جرى قصفه عدة مرات، جلست عائلة أبو عمرة التي فقدت 8 أفراد منها في قصف غاشم على منزليهما في مدينة غزة، يبكي صغارها، وتنزف قلوب كبارها دما على من فقدوهم، وفق «أحمد أبوعمرة»: «ما بقى لينا أحد، فقدنا 8 منهم شقيقي وزوجته تاركين طفلين في عمر الخامسة والرابعة، لم يعد العدوان يفرق بين طفل ولا سيدة، جميعا تحت رحمة القصف الغشيم».

عايشين بلا مأوي، وما قادرين نتلقى العلاج في أي مكان، فرجعنا للطريقة البدائية لمداواة الجروح، كاستخدام الأكياس البلاستيكية لوضعها على أماكن النزيف، هكذا وصف «أبو عمرة» وضعهم المأسوي، مؤكدا أنهم اتخذوا من سياراتهم ملاذا لهم بعدما قُصف منزلهم في غارة إسرائيلية: «كل شيء راح، السكن، العيلة، الطعام، الملابس، والذكريات، وهون بنعيش دون أكل لساعات طويلة، وبنشرب من المياه المالحة، والجثث حوالينا في كل مكان، ونفسنا في يوم نعمر بيوتنا مرة تانية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نازحو غزة الحرب على غزة الحرب الإسرائيلية على غزة

إقرأ أيضاً:

حقوق الانسان في البصرة تنتقد قروض السكن وتصفها بـالربوية

حقوق الانسان في البصرة تنتقد قروض السكن وتصفها بـالربوية

مقالات مشابهة

  • عائدون من جحيم النزوح
  • أحمد موسى: مدينة العريش تمتلك مقومات المدن السياحية الكبرى في مصر
  • يخجلني أن بريطانيا شاركت في جحيم غزة
  • جحيم ترامب
  • خطة النواب: الحوار الوطني وسيلة لتعزيز الاستقرار المالي
  • كيف تحافظ على صحتك النفسية في فصل الشتاء: نصائح للتغلب على الاكتئاب الشتوي
  • حقوق الانسان في البصرة تنتقد قروض السكن وتصفها بـالربوية
  • عشرات الآلاف دون مأوى وفي وضع مأساوي بغزة
  • رئيس جهاز العاشر من رمضان يتفقد إصلاح عطل بمحبس الهواء بخط مياه مدينة بدر
  • أزمة السكن تنكأ جراح العائدين إلى شمال قطاع غزة