عربي21:
2024-11-24@22:56:12 GMT

فلسطين في قراءة الغرب… رواية الهوامش المنصفة

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

تدلل التظاهرات الحاشدة التي تشهدها هذه الأيام العواصم والمدن الأمريكية والأوروبية على تبني قطاعات شعبية مؤثرة في الغرب لموقف رافض للحرب في غزة ومناهض للجرائم المروعة التي ترتكبها إسرائيل ومطالب بوقف فوري لإطلاق النار. وليست الجاليات العربية والإسلامية هي فقط من تتبنى هذا الموقف، بل تشترك معها المجموعات المنتمية إلى اليسار مثل «حياة السود مهمة» في الولايات المتحدة والحركات البيئية في أوروبا مثل «الجمعة من أجل المستقبل» وأصوات ليبرالية تتنوع من «يهود من أجل السلام الآن» التي قامت بتظاهرات في واشنطن إلى تجمعات طلابية في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها.



هل يعني ذلك أن المجتمعات الغربية أمام تحولات جذرية في التيار العام الذي اعتاد تأييد إسرائيل والنظر بريبة إلى فلسطين وحقوق شعبها المهدرة؟

الحقيقة هي إننا في معية تنازع بين الرواية الغالبة (المهيمنة) على توجه الأغلبيات الغربية والتي تصمت عن انتقاد سياسات الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري والحصار الإسرائيلية بسبب التعاطف المبدئي مع الدولة العبرية ووجودها الحديث نسبيا (1948) وبسبب محيطها الإقليمي المتردد في الانفتاح عليها، وبين رواية ظلت مهمشة لفترة طويلة تموضع مسألة إسرائيل في علاقتها بالواقع الفلسطيني الذي يتعرض منذ بدايات القرن الماضي للاضطهاد والتهجير والعنف الممنهج بفعل السياسات والممارسات الإسرائيلية وبهدف أن يخلي الأرض ويرحل عنها ويسقط حق التقرير المصير والعودة والدولة المستقلة من حساباته.
رواية الهوامش هذه ترفض أن تقتصر مقومات النظر إلى إسرائيل على ما حدث ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين من إبادة جماعية ليهود أوروبا وارتحال ما تبقى منهم إلى أرض فلسطين وتأسيس دولتهم بخليط من أفكار اليسار الاجتماعي في ذلك الوقت، وتوسع من دوائر النظر والتحليل بحيث تسرد حقائق حرب 1948 وما ترتب عليها من نكبة فلسطينية وحقائق ما حدث خلال العقود الماضية من تدمير لمقومات حياة الفلسطينيين ومن تحايل على نضالهم الوطني.

رواية الهوامش هذه ترفض الخلط المتعمد والمستمر بين الانتقاد المشروع لجرائم إسرائيل وللعجز العالمي عن محاسبتها وبين التورط في أقوال أو أفعال معادية للسامية تتعامل بعنصرية مع اليهود كجماعة دينية وتعادي وجودهم وتهاجم منشآتهم الدينية ومقابرهم وتروج لنظريات المؤامرة فيما خص سيطرتهم السياسية والمالية المفترضة على العالم.

رواية الهوامش هذه تجد بيئاتها الحاضنة، والمقصود هنا هو المساحات الآمنة في الفضاء العام للبحث الحر عن الحقيقة والتعبير الحر عن الرأي والتحرك الجماعي السلمي للضغط على الحكومات الغربية لإعادة النظر في السياسات الخارجية تجاه إسرائيل وفلسطين، تجدها عادة في الجامعات الأمريكية والأوروبية وفي التجمعات السياسية والأهلية التي تدافع عن قضايا الحق في الحياة والحريات وحماية المظلومين وفي بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تقيد التعبير الحر عن الرأي إلا فيما خص الترويج للعنف. غير أن الجديد في الحرب الوحشية الراهنة في غزة هو أن رواية الهوامش أصبحت تجد مكانا لها في وسائل الإعلام التقليدية في الغرب المسيطر عليها عادة من قبل دعاة الرواية الغالبة المنحازة إلى إسرائيل وإن كان بشكل احتجاجي ـ استقالة الكاتبة في نيويورك تايمز جاسمين هيوز بعد أن وقعت على بيان يرفض الحرب وينتقد إسرائيل ويطالب بحماية أهل غزة مثالا.

وصارت تجد لها مكانا أيضا في المؤسسات الرسمية التي لم يعد نفر من العاملات والعاملين بها يستطيع الصمت على الانحياز الأعمى لحكوماتهم لإسرائيل والصمت المطبق فيما خص ضرورة الوقف الفوري لآلة القتل المنفلتة في غزة ـ استقالة جوش بول مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية من منصبه اعتراضا على عجز حكومته عن منع استخدام إسرائيل للسلاح والمساعدات المقدمة منها في ارتكاب جرائم حرب في غزة.

هذا هو جوهر التنازع الحادث الآن في الولايات المتحدة وفي أوروبا بين الرواية الغالبة ورواية الهوامش. وبين التنازع في الفضاء العام وبين التأثير في سياسات وقرارات الحكومات مساقات شاسعة. لذلك، سيكون من الخطأ توقع حدوث تغيرات جذرية في الأزمة الراهنة من قبل واشنطن أو لندن أو باريس أو برلين. غير أن من الخطأ أيضا استبعاد تداعيات الاتساع التدريجي للبيئات الحاضنة لرواية الهوامش المنصفة للحق الفلسطيني على إدخال شيء من التوازن على ما اعتادت عليه السياسة والصحافة والجامعة من انحياز كامل لإسرائيل.

ويمكن للجاليات العربية والإسلامية في الغرب وللتيار العام في مجتمعاتنا ذات الأغلبيات العربية والإسلامية أن يسهم في ذلك بالابتعاد عن الأقوال والأفعال التي تدخل في عداد العداء للسامية وبالابتعاد عن الصمت عن إدانة قتل المدنيين وعن تديين القضية الفلسطينية التي تظل في الجوهر قضية حق قومي وحق تقرير مصير لشعب يواجه منذ ما يقرب من قرن من الزمان مصائر الاضطهاد والعنف والتهجير والفصل العنصري.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين الاحتلال احتلال فلسطين غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ابنه قتل في غزة.. تعرف على سفير إسرائيل الجديد لدى واشنطن

أعلنت إسرائيل، الأحد، موافقتها على تعيين يحيئيل ليتر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سفيرا لها لدى الولايات المتحدة.

ويأتي إعلان إسرائيل بعد اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المحافظ المتشدد مايك هكابي ليكون سفيرا لبلاده لدى إسرائيل.

وأوردت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان أن الحكومة "وافقت بالإجماع على تعيين يحيئيل ليتر سفيرا لدى الولايات المتحدة".

وليتر المقرب من الحزب الجمهوري الأميركي كان أحد قادة مجلس المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة "يشع" في تسعينات القرن الماضي، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.

وهو أيضا عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو ويعمل حاليا مستشارا استراتيجيا لمراكز أبحاث إسرائيلية.

وقتل ابن ليتر ويدعى "موسى" في قطاع غزة في نوفمبر 2023.

وسيتولى ليتر منصبه الجديد بعد تنصيب ترامب العام المقبل، وذلك خلفا للسفير مايك هرتسوغ شقيق الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي تم تعيينه في العام 2021.

وينظر إلى ليتر على أنه أحد أشد المنتقدين لسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث انتقد في يناير في مقابلة مع قناة "توف" الإسرائيلية الخاصة "الضغوط الأميركية" خلال الحرب على غزة.

ورحبت إسرائيل هذا الشهر بترشيح مايك هكابي وخصوصا أنه من أشد المؤيدين لحكومة نتنياهو.

وكان هكابي في العام 2017 بين من حضروا مشروع توسعة مستوطنة معاليه أدوميم، إحدى أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

مقالات مشابهة

  • ابنه قتل في غزة.. تعرف على سفير إسرائيل الجديد لدى واشنطن
  • مدبولي يتابع موقف المُشروعات التي تنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
  • يشهد توقيع مذكرة تفاهم بينها وبين الإمارة.. أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله
  • نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة فلسطين
  • الصفعة التي هزت الوسط الفني: محاكمة عمرو دياب وتفاصيل جلسة أثارت الرأي العام
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل.. لا شىء اسمه فلسطين
  • كنائس فلسطين تدعو إلى اقتصار فعاليات عيد الميلاد المجيد على الشعائر الدينية
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • فلسطين: اقتصار فعاليات عيد الميلاد على الشعائر الدينية
  • إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر