عربي21:
2025-02-12@22:12:07 GMT

فلسطين في قراءة الغرب… رواية الهوامش المنصفة

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

تدلل التظاهرات الحاشدة التي تشهدها هذه الأيام العواصم والمدن الأمريكية والأوروبية على تبني قطاعات شعبية مؤثرة في الغرب لموقف رافض للحرب في غزة ومناهض للجرائم المروعة التي ترتكبها إسرائيل ومطالب بوقف فوري لإطلاق النار. وليست الجاليات العربية والإسلامية هي فقط من تتبنى هذا الموقف، بل تشترك معها المجموعات المنتمية إلى اليسار مثل «حياة السود مهمة» في الولايات المتحدة والحركات البيئية في أوروبا مثل «الجمعة من أجل المستقبل» وأصوات ليبرالية تتنوع من «يهود من أجل السلام الآن» التي قامت بتظاهرات في واشنطن إلى تجمعات طلابية في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها.



هل يعني ذلك أن المجتمعات الغربية أمام تحولات جذرية في التيار العام الذي اعتاد تأييد إسرائيل والنظر بريبة إلى فلسطين وحقوق شعبها المهدرة؟

الحقيقة هي إننا في معية تنازع بين الرواية الغالبة (المهيمنة) على توجه الأغلبيات الغربية والتي تصمت عن انتقاد سياسات الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري والحصار الإسرائيلية بسبب التعاطف المبدئي مع الدولة العبرية ووجودها الحديث نسبيا (1948) وبسبب محيطها الإقليمي المتردد في الانفتاح عليها، وبين رواية ظلت مهمشة لفترة طويلة تموضع مسألة إسرائيل في علاقتها بالواقع الفلسطيني الذي يتعرض منذ بدايات القرن الماضي للاضطهاد والتهجير والعنف الممنهج بفعل السياسات والممارسات الإسرائيلية وبهدف أن يخلي الأرض ويرحل عنها ويسقط حق التقرير المصير والعودة والدولة المستقلة من حساباته.
رواية الهوامش هذه ترفض أن تقتصر مقومات النظر إلى إسرائيل على ما حدث ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين من إبادة جماعية ليهود أوروبا وارتحال ما تبقى منهم إلى أرض فلسطين وتأسيس دولتهم بخليط من أفكار اليسار الاجتماعي في ذلك الوقت، وتوسع من دوائر النظر والتحليل بحيث تسرد حقائق حرب 1948 وما ترتب عليها من نكبة فلسطينية وحقائق ما حدث خلال العقود الماضية من تدمير لمقومات حياة الفلسطينيين ومن تحايل على نضالهم الوطني.

رواية الهوامش هذه ترفض الخلط المتعمد والمستمر بين الانتقاد المشروع لجرائم إسرائيل وللعجز العالمي عن محاسبتها وبين التورط في أقوال أو أفعال معادية للسامية تتعامل بعنصرية مع اليهود كجماعة دينية وتعادي وجودهم وتهاجم منشآتهم الدينية ومقابرهم وتروج لنظريات المؤامرة فيما خص سيطرتهم السياسية والمالية المفترضة على العالم.

رواية الهوامش هذه تجد بيئاتها الحاضنة، والمقصود هنا هو المساحات الآمنة في الفضاء العام للبحث الحر عن الحقيقة والتعبير الحر عن الرأي والتحرك الجماعي السلمي للضغط على الحكومات الغربية لإعادة النظر في السياسات الخارجية تجاه إسرائيل وفلسطين، تجدها عادة في الجامعات الأمريكية والأوروبية وفي التجمعات السياسية والأهلية التي تدافع عن قضايا الحق في الحياة والحريات وحماية المظلومين وفي بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تقيد التعبير الحر عن الرأي إلا فيما خص الترويج للعنف. غير أن الجديد في الحرب الوحشية الراهنة في غزة هو أن رواية الهوامش أصبحت تجد مكانا لها في وسائل الإعلام التقليدية في الغرب المسيطر عليها عادة من قبل دعاة الرواية الغالبة المنحازة إلى إسرائيل وإن كان بشكل احتجاجي ـ استقالة الكاتبة في نيويورك تايمز جاسمين هيوز بعد أن وقعت على بيان يرفض الحرب وينتقد إسرائيل ويطالب بحماية أهل غزة مثالا.

وصارت تجد لها مكانا أيضا في المؤسسات الرسمية التي لم يعد نفر من العاملات والعاملين بها يستطيع الصمت على الانحياز الأعمى لحكوماتهم لإسرائيل والصمت المطبق فيما خص ضرورة الوقف الفوري لآلة القتل المنفلتة في غزة ـ استقالة جوش بول مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية من منصبه اعتراضا على عجز حكومته عن منع استخدام إسرائيل للسلاح والمساعدات المقدمة منها في ارتكاب جرائم حرب في غزة.

هذا هو جوهر التنازع الحادث الآن في الولايات المتحدة وفي أوروبا بين الرواية الغالبة ورواية الهوامش. وبين التنازع في الفضاء العام وبين التأثير في سياسات وقرارات الحكومات مساقات شاسعة. لذلك، سيكون من الخطأ توقع حدوث تغيرات جذرية في الأزمة الراهنة من قبل واشنطن أو لندن أو باريس أو برلين. غير أن من الخطأ أيضا استبعاد تداعيات الاتساع التدريجي للبيئات الحاضنة لرواية الهوامش المنصفة للحق الفلسطيني على إدخال شيء من التوازن على ما اعتادت عليه السياسة والصحافة والجامعة من انحياز كامل لإسرائيل.

ويمكن للجاليات العربية والإسلامية في الغرب وللتيار العام في مجتمعاتنا ذات الأغلبيات العربية والإسلامية أن يسهم في ذلك بالابتعاد عن الأقوال والأفعال التي تدخل في عداد العداء للسامية وبالابتعاد عن الصمت عن إدانة قتل المدنيين وعن تديين القضية الفلسطينية التي تظل في الجوهر قضية حق قومي وحق تقرير مصير لشعب يواجه منذ ما يقرب من قرن من الزمان مصائر الاضطهاد والعنف والتهجير والفصل العنصري.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين الاحتلال احتلال فلسطين غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مناقشة رواية «غافة العذبة» في «بحر الثقافة»

فاطمة عطفة (أبوظبي)
رواية «غافة العذبة» للكاتبة مريم الغفلي، كانت موضوع جلسة مناقشة في مؤسسة «بحر الثقافة»، أمس الأول، وأدارت الحوار الإعلامية مليكة أحمد، مقدمةً لمحة من مسيرة الكاتبة الأدبية، مبينةً أنها تقدم دورات تدريبية في الكتابة الإبداعية لطلبة المدارس والجامعات، كما أنها فازت بجوائز أدبية عدة. وتابعت مليكة أحمد قراءتها للرواية، مشيرة إلى أنها رواية سردية بامتياز، تشبه حكايات الجدات، أي «الخراريف»، وتعدد الشخصيات في هذا العمل الروائي وتشابك الأحداث يمكن أن تتعب القارئ.
وأضافت: «في قراءتي الثانية للرواية اكتشفت جوانب عديدة في نسيج الرواية المؤلف من أربعة فصول، واعتبرتها موروثاً شفهياً يجب توثيقه. البداية قاسية حيث صورت لنا الكاتبة في مشاهد سينمائية، تظهر قساوة الصحراء والصراع الأزلي الذي كان بين الإنسان والطبيعة، وصورت الكاتبة ثيمات عديدة، منها تضارب المواقف وأحوال النفس البشرية وتناقضاتها حيث نجد الطمع والجشع أحياناً، والكفاح من أجل الحفاظ على الأرض والكرامة، كما تكشف الرواية أيضاً الكرم والتحديات الصعبة إلى أن جاءت النهاية بالخير، حيث تدفق ماء البئر في الصحراء».
وجاء في مداخلة الروائية السودانية آن الصافي أن رواية «غافة العذب» عمل أدبي غني بالرموز والدلالات، التي تستحق قراءة نقدية متأنية من خلال تحليل البنية السردية، والرمزية، والعلاقة بين الإنسان والطبيعة التي تشكل محوراً رئيساً في العمل، حيث تعنى الرواية بالهوية الإماراتية في صميمها، من خلال عمل الكاتبة على إحياء الموروث الشعبي بأسلوب سردي حديث، يعكس التوازن بين التطور والتمسك بالأصالة.
وأوضحت الصافي أن رمزية «الغافة» وصورة المرأة الإماراتية القوية، وأهمية التراث في صياغة الحاضر والمستقبل، تجعل من الرواية إضافة قيمة للمشهد الأدبي الإماراتي، ومساهمة أصيلة في توثيق الذاكرة للأجيال القادمة.
 

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط: إخلاء فلسطين من سكانها أمر لا يمكن قبوله
  • هيئة حقوق فلسطين: إسرائيل عليها أن تتحمل مسؤولية دمار قطاع غزة
  • هيئة حقوق فلسطين: على إسرائيل أن تتحمل مسئولية دمار قطاع غزة
  • رئيس هيئة دعم فلسطين: إسرائيل تتحمل مسؤولية دمار قطاع غزة
  • ما علاقة العرب؟.. لماذا تطلق إسرائيل أقمارها الصناعية باتجاه معاكس؟
  • أبو الغيط: لن نقبل بإخلاء فلسطين من سكانها
  • مناقشة رواية «غافة العذبة» في «بحر الثقافة»
  • ماذا نعرف عن "أم القنابل" التي وافق ترامب على تسليمها إلى إسرائيل؟
  • لي لي أحمد حلمي تخطف الأنظار بسبب الشبه بينها وبين والدتها منى زكي
  • ماذا نعرف عن "أم القنابل" التي وافق ترامب على تسليمها إلى إسرائيل؟.. عاجل