ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم الشهادة للميت والثناء عليه عند دفنه؟ فإنه عند حضوري لدفن أحد الأموات، قام أحدُ المُشَيِّعِين بعد الانتهاء مِن دفن الميت متوجِّهًا إلى الناس، وسألهم: ما قولُكم في هذا الرجل؟ وبأيِّ شيءٍ تَشهَدُون له؟ فأَثْنَوْا عليه خيرًا، وشَهِدُوا له بالصلاح وأعمال الخير.

هل يجوز تقبيل الميت قبل الدفن ؟ دار الإفتاء تحدد الضوابط الشرعية هل الذهاب مع الميت في المنام يعني موت الرائي؟.. انتبه في حالتين حكم الثناء على الميت أثناء الدفن

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، موضحة أن الله- سبحانه وتعالى- قد اختص الأمة المحمدية على غيرها مِن الأمم السابقة ليكونوا شهداء الله في أرضه في الحياة الدنيا، وعند البعث بعد الموت يوم القيامة، وهذا ما تواردت عليه النصوص الشرعية، كما أن الثناءَ على الميت والشهادةَ له بالخير عند دَفْنِهِ سُنَّةٌ مستَحَبةٌ أقرَّها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وعَوَّل عليها، ونَصَّ العلماءُ على استحبابها، وأن ذلك يَنفعُ الميتَ ويَشفَع له، لا سيما إذا كانوا مِن أهل الفضل والصدق، فيغفر الله- عَزَّ وَجَلَّ- للميت بشهادتهم له.

وأشارت إلى أن الحاصل أنَّ ثناء الناس على الميت بالخير يَشفع له عند ربه، سواء كانت أعمالُهُ الظاهرةُ تقتضي هذا الثناء أو لا؛ لأن فَضْلَ الله أَوْسَعُ مِن أنْ يُحْجَرَ أو يُمْنَعَ عن أحدٍ مِن خَلْقِه، وأنَّ الله سبحانه وتعالى يَتفضل على عباده فيأخذ بشهادتهم الظاهرة وبما يَرَوْنَهُ مِن الصلاح على هذا الميت وإن كان يُبْطِنُ خلاف ما يُظهِر، فيغفر اللهُ له بهذه الشهادة.

واستشهدت بما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنازةٍ فِينَا في بَنِي سَلِمَةَ، وأنا أَمْشِي إلى جَنْبِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رجلٌ: نِعْمَ المرءُ، ما عَلِمْنَا إنْ كان لَعَفِيفًا مُسلِمًا إنْ كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ؟»، قال: يا رسول الله، ذَاكَ بَدَا لَنَا، والله أَعْلَمُ بالسَّرَائِرِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ»، قال: وكنا معه في جنازةِ رجلٍ مِن بَنِي حارِثَةَ -أو مِن بَنِي عبد الأَشْهَلِ- فقال رجلٌ: بئس المرءُ، ما عَلِمْنَا إنْ كان لَفَظًّا غَلِيظًا إنْ كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ؟»، قال: يا رسول الله، الله أَعْلَمُ بالسَّرَائِرِ، فأما الذي بَدَا لَنَا منه فَذَاكَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ»، ثم تَلَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾. أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك" وصححه.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (7/ 19، ط. دار إحياء التراث العربي): [الصحيح المختار أنه على عُمُومه وإطلاقه، وأنَّ كلَّ مسلم مات، فأَلْهَمَ اللهُ تعالى الناسَ أو مُعْظَمَهُمُ الثناءَ عليه، كان ذلك دليلًا على أنه مِن أهل الجنة، سواءٌ كانت أفعالُه تقتضي ذلك أم لا، وإن لم تكن أفعالُه تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة، بل هو في خَطَرِ المشيئة، فإذا أَلْهَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الناسَ الثناءَ عليه، استَدْلَلْنَا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة له، وبهذا تَظهَر فائدةُ الثناء، وقولُه صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ» وَ«أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ»، ولو كان لا يَنفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه لَم يكن للثناء فائدةٌ، وقد أَثْبَتَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم له فائدةً] اهـ.

ذكر محاسن الميت

وذكرت أن مِن أجل ذلك نَصَّ جماعةٌ مِن الأئمة على استحباب الثناء على الميت وذِكْرِهِ بالخير وإظهار ما كان منه مِن المَحَاسِنِ.

قال حُجَّةُ الإسلام الإمامُ الغَزَالِي في "إحياء علوم الدين" (4/ 493، ط. دار المعرفة): [ويُستحب الثناءُ على الميت، وألَّا يُذكَر إلا بالجميل] اهـ، وقال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 165، ط. دار الفكر): [ويُستحب الثناءُ على الميت وذِكْرُ مَحَاسِنِه] اهـ.

وقال الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "فتح الباري" (3/ 229، ط. دار المعرفة): [قوله: (باب ثناء الناس على الميت) أي: مشروعيته وجوازه مطلقًا، بخلاف الحي، فإنه منهيٌّ عنه إذا أفضى إلى الإطراء؛ خشيةً عليه مِن الزَّهْو، أشار إلى ذلك الزَّيْنُ بنُ المُنِيرِ] اهـ.

وتابعت: مِن ثَمَّ كان مِن المستحب للمسلم أن يَغْتَنِمَ ذلك الفضلَ ويُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، فيَسْتَجْلِبَ الرحمةَ والمغفرةَ لأخيه المسلم بالشهادة له بالخير عند موته، وقد جاء في الحديث القدسي أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قال: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» أخرجه الأئمة: أحمد والطبراني في "المسند"، والدارمي في "السنن"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

قال القاضي عِيَاض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (8/ 172، ط. دار الوفاء): [وقوله: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» قيل: معناه: بالغُفرانِ له إذا استَغْفَرَني، والقبولِ إذا أَنَابَ إِلَيَّ، والإجابةِ إذا دَعَاني، والكفايةِ إذا استَكْفَاني؛ لأنَّ هذه الصفاتِ لا تَظهَر مِن العبد إلا إذا أَحْسَنَ ظَنَّهُ باللهِ وقَوِيَ يَقِينُهُ] اهـ.

وقال العلامة المُبَارَكْفُورِي في "تحفة الأحوذي" (7/ 53، ط. دار الكتب العلمية): [قَوْلُهُ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» أي: أنا أُعَامِلُهُ على حسب ظَنِّهِ بي، وأَفْعَلُ به ما يَتَوَقَّعُهُ مني مِن خيرٍ أو شَرٍّ] اهـ.

وأضافت، أنه يُستحب أيضًا إذا انتهى المسلمُ مِن دفن أخيه المسلم أن يَحُثَّ الناسَ على ذِكْرِ ما كان في الميت مِن الخير والصلاح؛ ليكون ذلك شفاعةً له عند ربه، فتَعُمَّ الرحمةُ بين الخلق جميعًا، فإنَّ الرحيمَ مَن يَرْحَمُ غيرَه لا مَن لا يَرْحَمُ إلا نَفْسَه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ» أخرجه الأئمة: ابن المبارك في "الزهد"، وعَبدُ بنُ حُمَيْد في "المسند" واللفظ له، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ الله سبحانه وتعالى قد اختص الأمة المحمدية على غيرها مِن الأمم السابقة ليكونوا شهداء الله في أرضه في الحياة الدنيا، وعند البعث بعد الموت يوم القيامة، وهذا ما تواردت عليه النصوص الشرعية، كما أن الثناءَ على الميت والشهادةَ له بالخير عند دَفْنِهِ سُنَّةٌ مستَحَبةٌ أقرَّها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وعَوَّل عليها، ونَصَّ العلماءُ على استحبابها، وأن ذلك يَنفعُ الميتَ ويَشفَع له، لا سيما إذا كانوا مِن أهل الفضل والصدق، فيغفر الله عَزَّ وَجَلَّ للميت بشهادتهم الظاهرة له.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدفن قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ه صلى الله علیه وآله وسلم سبحانه وتعالى دار الإفتاء ا رسول الله على المیت

إقرأ أيضاً:

كم يومًا تبقى روح الميت في بيته؟ أسرار البرزخ والعلماء يحسمون الجدل

كم يومًا تبقى روح الميت في بيته؟ ثبت في السنة النبوية أن الإنسان إذا مات يغيب عن هذه الحياة ويصير إلى عالم آخر اسمه عالم البرزخ، وهذه الحياة بعد الموت هي من الأمور الغيبية التي لا نعرف منها إلا ما ثبت في الأحاديث النبوية الصحيحة، ولم يثبت أن روح الميت تبقى في بيته لمدة 3 أيام أو أربيعن يومياً بعد وفاته، ولم يرد أيضًا أن روح الميت تعود إلى بيته ويشعر بها أهله، وما ذكر من عودة الروح لمدة أربعين يومًا فهي من الخرافات التي لا أصل لها .
 

هل تزور الروح أهل البيت المقربين من الأحياء؟

الميت لا يمكن أن يزور أهله ولا يعود إلى الدنيا أبدا، كما قال تعالى: «وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ» (الأنبياء:95).

وعن جابر بن عبد الله بن حرام ـ رضي الله عنهما ـ قال: لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسراً؟ فقلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالاً وديناً، فقال: ألا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإن الله أحيا أباك فكلمه كفاحا فقال: يا عبدي تمن أعطك، قال: تحييني فأقتل قتلة ثانية، قال الله: إني قضيت أنهم لا يرجعون... رواه ابن حبان في صحيحه، وقال الشيخ شعيب الأرناوؤط: إسناده جيد.

وفي رواية عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لما قتل عبدالله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك؟ قلت: بلى، قال: ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا فقال: يا عبدالله تمن علي أعطك، قال: يارب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال: إنه سبق أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله هذه الآية: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {آل عمران: 169}». رواه الترمذي وغيره.

هل يزور أو يشعر أو يرى الأموات بعضهم بعضا في القبور ؟


ثبت لقاء أرواح المؤمنين وتزاورهم، وهذه بعض الأحاديث الدالة على ذلك، فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنْ الأَرْضِ فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا. فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ ـ كساء من شعر ـ فَيَقُولُونَ : اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ فَيَقُولُونَ مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ» رواه النسائي (1833).

متى تصعد روح الميت إلى السماء؟

أين تذهب الأرواح بعد الموت إنّ مذهبُ أهل السُّنة في الرُّوح بعد الموت أنّ الملائكة ترفعُها إلى الله -تعالى- للسُّؤال، فإن كانت من السُّعداء؛ ساروا بها إلى الجنّة بقدر ما يُغسّل الميّت وأروه مقعدها، وبعد تغسيلهِ وتكفينه تُردُّ إلى الإنسان روحه وتكونُ بين الكفن والجسد، ويكونُ الميّت في حالةٍ يَسمع ما حوله ولكن من غير أن يتكلّم أو يُشير، لِقولهِ -تعالى-: «فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـكِن لَّا تُبْصِرُونَ».

 وبعد دفنه تُردُّ إليه روحه ويُجلس للسّؤال بروحهِ وجسده، بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: Jفتُعادُ رُوحُه، فيَأتِيهِ مَلَكانِ، فيُجْلِسانِه، فيَقولانِ له: مَن ربُّكَ؟ فيقولُ: رَبِّيَ اللهُ، فيَقولانِ له: ما دِينُكَ؟ فيَقولُ: دِينِيَ الإِسلامُ، فيَقولانِ له: ما هذا الرجلُ الذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فيَقولُ: هو رسولُ اللهِ، فيَقولانِ له ومَا عِلْمُكَ؟ فيَقولُ: قَرأتُ كِتابَ اللهِ فآمَنتُ به وصَدَّقْتُ، فيُنادِي مُنادٍ من السماءِ أنْ صَدَقَ عَبدِي، فَأفْرِشُوه من الجنةِ، وألْبِسُوهُ من الجنةِ، وافْتَحُوا له بابًا إلى الجنةِ، فيَأتِيهِ من رَوْحِها وطِيبِها، ويُفسحُ له في قَبرِهِ مَدَّ بَصرِهِ».

هل تبقى روح المتوفى في المنزل؟

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق، إن روح الميت لا تبقى في البيت لمدة 3 أيام بعد وفاته، لمعرفة من سيحزن عليه ومن لم يفرق معه وفاته، إذ إن هذا الحديث ليس له أساس من الصحة، ونبه مفتى الجمهورية الأسبق، أن روح الميت لا تبقى في البيت لمدة 3 أيام بعد وفاته، لمعرفة من سيحزن عليه ومن لم يفرق معه وفاته، إذ أن هذا الحديث ليس له أساس من الصحة.

وأفاد «جمعة» في تصريح له، بأنه عندما تفيض الروح إلى بارئها، يُفتح لها طريق أو سبيل، ويرى الإنسان طريقين واحدًا المؤدي إلى الجنة الآخر إلى النار، أما الحساب والعقاب يكون يوم القيامة.

وواصل: أن الميت يشعر عندما تُقرأ له الفاتحة، أي أنها تصله على هيئة هدية وعليها اسم الذي قرأها له، مُضيفًا أن الميت يدعي لمن قرأ له الفاتحة، حتى لا تكون منة له عليه.

وتابع: إن الأموات يتواصلون مع بعضهم البعض، كما أنهم يعرفون أحوال الدنيا من الذين يلحقون بهم، قائلًا: «الميتين بيتواصلوا وبيتكلموا مع بعض وبيسألوا الروح اللي جاية جديدة هو أحنا كان عندنا قطة راحت فين، وهكذا».

أما عن شعور الشخص بدنوَ أجله، فأكد أنه ليس شرطًا أن يشعر الإنسان بقرب أجله، إذ أن هناك أشخاص يشعرون بالفعل، وآخرين يشعرون بقلق، وأشخاص لا يشعرون أن أجلهم اقترب، متابعًا أن من يخشون الموت «عندهم عباطة»، إذ أنهم إذا عرفوا حقيقة الموت وأنهم ذاهبون لرب كريم سبحانه وتعالى، لن يخشوا الموت، ولا يخاف من الحساب سوى المُسيء.

دعاء ليلة النصف من رمضان .. ردده يرزقك من حيث لا تحتسب ويحقق لك الأمنيات المستحيلةدعاء ليلة النصف من رمضان 2025 .. اغتنمه بـ7 كلمات تغرقك الأرزاقهل الميت يشعر بمن يزوره ويبكي عليه ؟

الميت يشعر ويستأنس ويفرح بمن يزوره، ويرد عليه السلام، كما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام، كما أن الموتى يتقابلون فى عالم البرزخ، وهو العالم الذى يتخلل الفترة من الموت إلى يوم القيامة.

هل الميت يشعر بمن يزوره

وقال الدكتور محمد شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن الميت يشعر بمن يزوره، مستشهدًا بما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".

وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.

حكم زيارة القبور والسلام على أهلها

وأكد أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].

ونقل قول الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5): [وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].

وعرض قول المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه. وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].

معنى الموت وأوضح أن الموت ليس معناه فناء الإنسان تمامًا، ولا هو إعدام لوجوده الذي أوجده الله له، بل إن الموت حالة من أصعب الحالات التي يمر بها الإنسان؛ حيث تخرج فيها روحه؛ لتعيش في عالم آخر، فخروجها من الجسد الذي كانت بداخله صعب، فالموت هو مفارقة الروح للجسد حقيقة؛ قال شيخ الإسلام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (4/ 493): [ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها].

 

مقالات مشابهة

  • شخصيات إسلامية: عبدالله بن عباس.. حبر الأمة
  • كم يومًا تبقى روح الميت في بيته؟ أسرار البرزخ والعلماء يحسمون الجدل
  • ما فضل ثواب تفطير الصائمين في رمضان؟ «الإفتاء» تجيب
  • أفضل أعمال الجمعة الثانية من رمضان.. اغتنمها بـ 10 أمور
  • حقيقة شعور الميت بمن يغسلونه ويودعونه قبل الصلاة عليه.. فيديو
  • حكم قضاء صلاة التراويح لمن فاتته.. الإفتاء توضح الحل
  • أحاديث عن ليلة القدر
  • شخصيات إسلامية.. أبو بكر الصديق
  • حكم خلع الأسنان أثناء الصيام؟ الإفتاء تجيب
  • هل ليلة القدر متغيرة أم ثابتة عند يوم محدد؟.. الإفتاء تجيب