بعد مقتل مراهق برصاص الشرطة.. وزير الداخلية الفرنسي يعلق
تاريخ النشر: 28th, June 2023 GMT
بعد ليلة من العنف شهدتها ضاحية نانتير غرب العاصمة الفرنسية باريس إثر مقتل مراهق على يد شرطي لارتكابه مخالفة مرورية، دعا وزير الداخلية جيرالد درمانان، اليوم الأربعاء، إلى التهدئة.
وقال درمانان في مؤتمر صحافي مشترك مع قائد شرطة باريس لوران نونيز: "نريد أن تكون لدينا الحقيقة كاملة عما حدث. إن الفيديو الذي صوره شاهد في مكان الحادث مروع للغاية ولا يتماشى على ما يبدو مع ما نريده في الشرطة".
كما أضاف أنه "إذا تأكدت الصور، فلن تكون في أي وقت لفتة مثل تلك التي رأيناها مبررة"، داعياً إلى "احترام افتراض براءة" ضابط الشرطة المحتجز منذ الثلاثاء.
ووسط دعوات جديدة أطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي لاستمرار الاحتجاجات، أعلن أنه طلب نشر 2000 من عناصر الشرطة والجندرما في نانتير تحسباً لتجدد الاشتباكات مساء الأربعاء.
انتقادات حادةغير أن تصريحات وزير الداخلية أثارت انتقادات حادة، أبرزها من محامية عائلة الضحية، حيث اعتبرت أن درمانان يدافع بصورة مبطنة "عن جريمة قتل" في وقت كان من المنتظر "أن يدين ما حصل".
في حين صدرت مواقف عن عدد كبير من السياسيين والشخصيات المؤثرة في فرنسا تندد بالحادثة، كان أبرزها من نجم كرة القدم كليان مبامبي، الذي قال في تغريدة: "أشعر بالألم تجاه فرنسا.. هذا وضع غير مقبول.. كل أفكاري مع عائلة نائل وأقاربه، هذا الملك الصغير الذي رحل مبكراً".
وشهدت ضاحية نانتير حيث يعيش نائل وحيداً مع والدته، أعمال عنف استمرت لأكثر من 6 ساعات، بعد اشتباكات دارت بين سكان من الحي ونحو 1300 عنصر شرطة تم الدفع بهم لمواجهة غضب السكان. وتسببت المواجهات بإصابة 24 شرطياً واحتراق نحو 50 سيارة، في حين ألقي القبض على 31 شخصاً، وفق وزارة الداخلية.
يشار إلى أن جريمة مقتل المراهق نائل (17 عاماً) تحولت إلى قضية رأي عام وسط ترقب امتداد الاشتباكات والاحتجاجات إلى مناطق جديدة، خصوصاً وأن مدينة أخرى هي مانت لا جولي، شهدت قيام عدد من الشبان الغاضبين بإحراق مبنى تابع لبلدية المدينة احتجاجاً على مقتل نائل.
وفور إعلان الشرطة عن الحادثة صباح الثلاثاء، تناقلت وسائل الإعلام تعميماً صدر عن الشرطة يروي وقائع مختلفة عما حدث استناداً إلى تقرير رفعه عنصرا الشرطة اللذان تسببا بمقتل نائل، يشير إلى أنهما استخدما السلاح الناري ضد المراهق بعد أن شكل تهديداً لحياتهما وحاول دهسهما.
إلا أن عدداً من المارة وثقوا الحادثة بهواتفهم حيث أظهرت مقاطع فيديو الشهود أن المراهق كان قد أوقف سيارته ولم يهدد حياة عنصري الشرطة اللذان كانا يقفان إلى جانبه. وأظهر أحد المقاطع حواراً دار بين عنصري الشرطة ونائل، حيث قال أحدهما موجهاً سلاحه تجاه المراهق: "أطفىء المحرك قبل أن أضع رصاصة في رأسك"، ليرد زميله: "أطلق النار عليه".
وكانت وسائل إعلام معروفة بقربها من اليمين وأقسى اليمين في فرنسا، بالإضافة إلى بعض السياسيين ونقابات تابعة للشرطة، قد سوقوا لوجود سوابق جنائية بحق المراهق القتيل تتعلق بتجارة المخدرات. لكن محامية عائلة الضحية حصلت على وثيقة "لا حكم عليه" من الشرطة الجنائية، تثبت أن نائل لم يكن بحقه أي حكم قضائي في السابق.
يذكر أن حوادث القتل على يد الشرطة تتكرر في فرنسا لأسباب تتعلق بعدم "الامتثال للأوامر" في حالات المخالفات المرورية، الأمر الذي يثير انتقادات واسعة وتحذيرات من انفجار اجتماعي نتيجة عنف الشرطة، حيث سجل عام 2023 وحده مقتل 13 شخصاً على يد عناصر الشرطة في حوادث مشابهة.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News فرنساالمصدر: العربية
إقرأ أيضاً:
البؤساء.. كيف صور فيكتور هوغو معاناة المجتمع الفرنسي؟
عندما نُشرت رواية “البؤساء” لأول مرة عام 1862، لم تكن مجرد عمل أدبي، بل كانت شهادة حية على معاناة الطبقات الفقيرة في فرنسا. كتبها فيكتور هوغو لتكون صرخة ضد الظلم الاجتماعي والاضطهاد، محولًا الأدب إلى أداة للنضال والتغيير. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الرواية واحدة من أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ، حيث تُرجمت إلى عشرات اللغات، وأُعيد تقديمها في المسرح والسينما، وظل تأثيرها ممتدًا عبر الزمن.
تدور أحداث “البؤساء” في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، وتروي قصة جان فالجان، الرجل الذي أمضى سنوات في السجن لمجرد سرقته رغيف خبز لإطعام أطفال جائعين. بعد خروجه، يواجه رفض المجتمع بسبب ماضيه الإجرامي، لكنه يحاول بدء حياة جديدة مليئة بالخير والإحسان. على الجانب الآخر، يطارده المفتش جافير، الذي يؤمن بأن المجرم يبقى مجرمًا مدى الحياة، مما يعكس صراعًا بين القانون الجامد والرحمة الإنسانية.
إلى جانب فالجان، تتناول الرواية مصائر شخصيات أخرى، مثل فانتين، الأم العزباء التي تسقط ضحية لقسوة المجتمع، وكوزيت، الفتاة التي تنتقل من حياة البؤس إلى الأمل. من خلال هذه الشخصيات، يرسم هوغو صورة مؤلمة للمعاناة، لكنه في الوقت نفسه يُبرز قدرة الإنسان على التغيير والخلاص.
الرسائل الاجتماعية والسياسيةلم تكن “البؤساء” مجرد سرد درامي، بل كانت نقدًا لاذعًا للأوضاع الاجتماعية والسياسية في فرنسا. سلط هوغو الضوء على:
• الظلم الطبقي: كيف يعيش الفقراء في بؤس بينما تستأثر الطبقات الغنية بالثروة؟
• النظام القانوني القاسي: كيف يمكن للقوانين غير العادلة أن تدمر حياة الأبرياء؟
• التحول الشخصي: كيف يمكن للرحمة والمغفرة أن تغير مصير الإنسان؟
• الثورة والأمل: عبر أحداث ثورة 1832 التي ظهرت في الرواية، يُبرز هوغو دور الشباب في السعي نحو التغيير.
التأثير الأدبي والثقافيمنذ نشرها، حققت الرواية نجاحًا هائلًا وأصبحت جزءًا من التراث الأدبي العالمي. تحولت إلى أعمال مسرحية، وأفلام سينمائية، وعروض موسيقية، أبرزها المسرحية الغنائية التي تعد واحدة من أنجح العروض المسرحية في التاريخ. لا تزال شخصياتها وأحداثها تثير النقاش حول قضايا العدالة والإنسانية، مما يثبت أن الأدب قادر على إحداث تغيير حقيقي في المجتمعات.