بعد تمرد بريغوجين.. زعيم وحيد استفاد من هذه الفوضى
تاريخ النشر: 28th, June 2023 GMT
بعد التفاوض مع قائد فاغنر يفغيني بريغوجين لإلغاء تمرده المنظم في روسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، بدأ رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو في خطف ثمار وساطته لتغيير صورته من تابع فقط للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فقد كشف خبراء في السياسة الإقليمية أن لوكاشينكو لا يملك الكثير من الوقت للاستفادة من وساطته التي منعت انفجار الوضع في روسيا، وإضافة ذلك لرأس ماله السياسي، وفقاً لصحيفة "ديلي بيست".
وفي هذا الإطار، قال كينيث يالويتز، سفير الولايات المتحدة السابق في بيلاروسيا، إن لوكاشينكو لم يكن يجرؤ قبل عامين على قول أي شيء أمام بوتين مثل الذي قاله في الأيام الأخيرة عقب تمرد فاغنر.
كما أضاف أن "السبب الوحيد الذي جعله يفتح فمه هكذا الآن هو شعوره بأن بوتين ضعيف"، وهي فرصة له لتجديد أوراق اعتماده وتلميع صورته.
وبعد توسطه في صفقة بين بوتين وبريغوجين الذين يعرفه منذ أكثر من 20 عاماً، انتهز زعيم بيلاروسيا الفرصة في الأيام الأخيرة بتقديم سلسلة من الملاحظات وملوحاً بالفوز من عقده للصفقات.
ففي أحد خطاباته الأخيرة، صور نفسه كبطل خجول، لا يريد أي اهتمام إعلامي، طوال الوقت يلقي خطاباً حول مدى أهميته في الصفقة.
ومن إثارة مكالمته الهاتفية مع بريغوجين في خضم المفاوضات إلى الدعوة إلى وقف الاقتتال الداخلي في روسيا، وإلى تصوير بوتين كمفاوض غير راغب إلى حد ما، يتأكد لوكاشينكو من أن كل عمله الشاق لن يمر دون الاعتراف به.
إلى ذلك، أكد سفير الولايات المتحدة السابق في بيلاروسيا أن موقف لوكاشينكو المنتصر هذا الأسبوع بعيد كل البعد عن وضعه السياسي خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف أنه "ليس من الواضح حالياً ما تبدو عليه أجندة لوكاشينكو السياسية للمضي قدماً أو ما الذي قد يطلبه من بوتين في المستقبل، إن وجد. مع ذلك، هناك حد على الأرجح لاستعداد بوتين لتحمل انتصار لوكاشينكو".
وتابع قائلاً إن بوتين "سيشكر لوكاشينكو لكونه حليفاً مخلصاً ... لكنه لن يحول لوكاشينكو إلى تهديد محتمل أو بديل له. مستحيل".
وليس من الواضح مدى المرونة التي منحها بوتين للوكاشينكو للتفاخر بالمفاوضات، وكيف سيؤثر موقف الرئيس البيلاروسي الجديد على ديناميكية قوة الزعيمين.
لكن من المحتمل ألا يستمر تسليط الضوء على لوكاشينكو طويلًا أيضاً، لأنه يعمل في النهاية بناءً على طلب بوتين.
وختم السفير السابق كلامه مشيراً إلى أن لوكاشينكو سيتلقى أوامر من الكرملين، مرجحاً أن يكون بوتين يفكر في الكيفية التي يريد بها تقييد بريغوجين أو تقييده أو إسكاته وأن لوكاشينكو سيكون مجرد مشارك راغب في ذلك.
بدوره، أوضح مات ديميك، المدير السابق لروسيا وأوروبا الشرقية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن أحد أهداف لوكاشينكو الرئيسية رفع مكانته كلاعب على المسرح العالمي.
كذلك أضاف أن الرئيس البيلاروسي سيحصل على أكبر قدر ممكن من المكافأة لأنه ليس لديه الكثير من الأوراق للعبها، مشيراً إلى أنه سينتهز أي فرصة يمكن أن يحصل عليها لإظهار بعض الجاذبية التي يتمتع بها رجال الدولة، أو إظهار أن لديه بعض القيمة الإضافية عندما يتعلق الأمر بقيمته للكرملين، فسيلعب ذلك قدر الإمكان.
وقال ديميك: "لوكاشينكو مهتم فقط بالبقاء على قيد الحياة اليوم والشهر". وتابع "ليس لدى لوكاشينكو أي خطط لبناء علاقة مع بريغوجين... سيعمل لوكاشينكو كمراقب للسجن الكبير في الهواء الطلق في بيلاروسيا وسيتأكد من بقاء بريغوجين ضمن أي حدود يريدها الكرملين".
يذكر أن العلاقة بين بوتين ولوكاشينكو لطالما كانت معقدة حيث يعمل الزعيمان منذ سنوات على تعزيز العلاقات بين بيلاروسيا وروسيا، من القطاع المصرفي إلى الجيش.
وفي عام 2020، تدخل بوتين أيضاً لدعم لوكاشينكو على الرغم من الضجة الدولية بشأن انتخاباته "المزورة" في بيلاروسيا ومعاملته للمعارضين.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News لوكاشينكو روسياالمصدر: العربية
إقرأ أيضاً:
خطاب زعيم طالبان.. هل ينجح فى تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى رسالة بمناسبة عيد الفطر، أكد زعيم طالبان، هيبة الله أخوندزاده، رغبة الجماعة فى إقامة علاقات قوية مع العالم الإسلامى تقوم على مبدأ "الأخوة الإسلامية"، إلى جانب علاقات "جيدة ومفيدة" مع الدول الأخرى، وفقًا لمبادئ الجماعة.
ودعا أخوندزاده المجتمع الدولى إلى احترام معتقدات الشعب الأفغاني، وعدم التدخل فى شؤون البلاد الداخلية، مشددًا على أهمية الاستقرار والأمن والتقدم. كما أعرب عن دعمه لأداء وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، متجاهلًا الانتقادات الموجهة إليها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، واعتبر أن عملها يهدف إلى منع الفساد وتحقيق الإصلاح الاجتماعي.
وأضاف أن جهود هذه الوزارة ساهمت فى تقليل "مستوى الشر"، مشجعًا إدارات طالبان والمواطنين على التعاون مع مفتشيها للقضاء على الفساد. ومع ذلك، تتهم منظمات حقوق الإنسان هذه الوزارة بانتهاكات واسعة، لا سيما ضد النساء والفتيات، كما تواجه اتهامات باحتجاز الأفراد تعسفيًا ومضايقة النساء فى الأماكن العامة.
وفى جزء آخر من رسالته، دعا زعيم طالبان إلى وحدة الصف بين الجماعة والشعب الأفغاني، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت سنوات طويلة من الصراعات والحروب، ولكنها أصبحت الآن تتمتع بالاستقرار.
وأكد أن الوضع الأمنى أصبح مضمونًا، مستذكرًا المعاناة التى عاشها الأفغان خلال العقود الماضية، حيث كانت البلاد تشهد عمليات قصف واعتقالات، فى حين أن الوضع الراهن، وفقًا له، يمثل تحولًا نحو الأمن والازدهار.
كما شدد على أن طالبان تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع تنموية، داعيًا علماء الدين إلى شرح قوانين الجماعة، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وحثّهم على تعزيز التزام المجتمع بهذه القوانين.
ورغم دعوته إلى إقامة علاقات جيدة مع العالم، لم يبدِ زعيم طالبان أى استعداد لقبول الشروط الدولية لتطبيع العلاقات، مثل رفع القيود المفروضة على النساء وتشكيل حكومة شاملة.
يُذكر أن طالبان فرضت قيودًا صارمة على حقوق النساء والفتيات، بينما تُوصف حكومتها بأنها تفتقر إلى التنوع العرقى واللغوى والديني.
ويبدو من خلال لغة خطاب زعيم طالبان تمسكه بالأطر المفاهيمية واللغوية التى تعبر عن أيدولوجيا الحركة، حيث إنه يلجأ إلى توظيف اللغة الدينية لتعزيز شرعية حكم طالبان، مثل الإشارة إلى "الأخوة الإسلامية" و"نعمة الأمن"، إضافة إلى توظيف مصطلحات مثل "إصلاح الناس" و"منع الفساد" لتبرير سياسات الجماعة المثيرة للجدل.
ويحاول زعيم طالبان فى خطابه التأكيد على أن حكومة طالبان نجحت فى تحقيق الاستقلالية والسيادة الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي، وتقديم طالبان كحامية للأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب، فضلا عن محاولة تحسين صورة وزارة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر رغم الانتقادات الواسعة.
واللافت فى خطاب زعيم طالبان الأخير، وهو التأكيد على ضرورة تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى أو العالم الخارجي، وذلك على الرغم من تمسك الحركة بسياسات تثير استياء المجتمع الدولي، فى ظل الرفض للشروط الدولية، مثل حقوق المرأة وتمثيل شامل فى الحكومة.
ويبدو من خلال خطاب زعيم طالبان أنه ليس لديه أية استعدادات لتقديم أى تنازلات أو تغيير فى السياسات التى تنتهجها الحركة لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي، لكنه يريد من المجتمع الدولى أن يتقبل الحركة كما هى وأن يتقبل سياساتها وإن كانت تخالف قناعات العالم الذى يريد أن يندمج فيه.
وفى ظل الانتقادات المستمرة من جانب المجتمع الدولى لسياسات طالبان، لا يبدو أن هناك إمكانية للتوافق، فى ظل تجاهل الحركة لكل المطالبات المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفع القيود التى تم فرضها على المرأة الأفغانية، خاصة فيما يتعلق بالتعليم، إضافة إلى ملف الحريات الذى يشهد مزيدًا من التضييق.
وقد خلا الخطاب الذى ألقاه زعيم طالبان من أى رسائل طمأنة للمجتمع الدولى بشأن الملفات الخلافية، كما أنه بم يقدم أيضًا رسائل طمأنة للداخل رغم الاعتراضات المستمرة على القيود المفروضة، لكن الخطاب ركز فقط على استحسان السياسات الحالية لترسيخ حكم طالبان مهما كانت تتسبب فى غضب شعبي.
كما أن خطاب زعيم طالبان يؤسس لقاعدة تبدو راسخة لديه، والتى تتمثل فى أن أى علاقات تقيمها طالبان سواء مع الدول الإسلامية أو الدول الأخرى سوف تكون وفقا لـ"مبادئ الجماعة"، وهو الأمر الذى يشير إلى أن دعوة التقارب وتحسين العلاقات مع المجتمع الدولى لن يتوفر لها ما يجعلها قابلة للتنفيذ ن جانب الحركة.