مع تجاوز عدد القتلى في قطاع غزة عشرة آلاف، تواجه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضغوطا متزايدة في الداخل والخارج لإرغام إسرائيل على اتخاذ خطوات لتقليل أعداد القتلى المدنيين خلال حملتها العسكرية في غزة.

ويشدد مسؤولون أميركيون على ضرورة حماية الأرواح البشرية في قطاع غزة، حيث تدير حركة حماس شؤون أكثر من 2.

3 مليون فلسطيني، إلى جانب الضغط من أجل وقف القتال من أجل توصيل الغذاء ونقل السكان إلى أماكن أخرى.

ويقول منتقدون إن الجهود الأميريية لا تزال غير كافية بعد شهر من القصف الإسرائيلي على المدنيين. واتفق قادة عدد من الهيئات الرئيسية التابعة للأمم المتحدة الاثنين على إطلاق دعوة لهدنة إنسانية في غزة، حيث قالت السلطات الصحية إن عدد القتلى تجاوز عشرة آلاف.

وقال السناتور الأميركي المستقل بيرني ساندرز أمس الأحد إن لإسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها ضد "منظمة (حماس) الإرهابية الشنيعة، لكن ليس من حق إسرائيل، من وجهة نظري، قتل آلاف وآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء الذين لا علاقة لهم بهذا الهجوم".

وجاءت تصريحات ساندرز  لشبكة (سي.أن.أن)، مماثلة لما صرح به عدد من الديمقراطيين وجماعات حقوق الإنسان والحكومات الأوروبية والشرق أوسطية التي تطالب بضبط النفس.

ونظرا لأن الولايات المتحدة تمنح إسرائيل مساعدات عسكرية سنويا بقيمة 3.8 مليار دولار، قال ساندرز "لدينا الحق في أن نقول: آسفون، أنتم بحاجة إلى استراتيجية عسكرية جديدة".

ورفض مسؤولون أميرييون وضع أي شروط لإرسال المساعدات، لكن العديد منهم عبروا عن إحباطهم بسبب عدم قدرتهم على إقناع إسرائيل بإظهار مزيد من ضبط النفس في هجماتها على غزة.

وتقول إسرائيل إن الهجوم الذي شنه مسلحو حماس على بلداتها الجنوبية في السابع من أكتوبر أودى بحياة 1400 شخص معظمهم من المدنيين، وأسفر عن احتجاز أكثر من 240 كرهائن، مما يوجه ضربة نفسية لها ويكشف نقاط الضعف الأمنية ويبدد رواياتها بأنها قوة لا تقهر.

ويقول عدة مسؤولين أميركيين إن القادة الإسرائيليون يرون أن الطريقة الوحيدة لإصلاح هذا الضرر هي اتخاذ إجراءات انتقامية قوية وتجاهل الدعوات المطالبة بضبط النفس.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن حماس تستخدم المدنيين والمستشفيات كغطاء وتمنع المدنيين من مغادرة مناطق القتال.

مسعى أميركي لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين

قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية رافق الوزير أنتوني بلينكن في زيارته للمنطقة إن المسؤولين الأميركيين المتخصصين في إدارة الحملات العسكرية يقدمون المشورة لإسرائيل حول كيفية تقليل الخسائر في صفوف المدنيين بينما تضغط واشنطن على إسرائيل لتجنب بعض الأهداف في غزة.

وأكمل بلينكن جولته الثانية في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر لكن دون تحقيق تقدم واضح في ما يتعلق بإقناع إسرائيل بقبول الهدنة الإنسانية المؤقتة التي تسعى إليها واشنطن.

ويقول عدد من المسؤولين الأميركيين إنهم تمكنوا من التأثير على إدارة إسرائيل للحرب إلى حد ما. لكن أحد المسؤولين قال إن أي انخفاض في عدد الضربات في الآونة الأخيرة "ابتلعته" صور الضربات التي أصابت المدنيين.

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية إن إسرائيل تريد "الضغط" على حماس وترى أن أي تنازلات في ما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية ستخفف الضغط الواقع على الجماعة، لكنها انتقلت من الموقف الذي كانت عليه في بادئ الأمر حينما كانت تقول إن "ثلاث شاحنات (مساعدات) أكثر من اللازم".

وقال مسؤول أميركي الاثنين إن أقل من 30 شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية مما يرفع العدد الإجمالي إلى 476.

وقال بلينكن في بغداد أمس الأحد إن عدد شاحنات المساعدات "غير كاف على الإطلاق".

لا شروط أميركية على المساعدات لإسرائيل

إن المساعدات البالغة 3.8 مليار دولار التي ذكرها ساندرز هي حزمة مساعدات عسكرية مدتها 10 سنوات بقيمة 38 مليار دولار تم توقيعها في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وفي ذلك الوقت كان ذلك أكبر دعم عسكري قدمته الولايات المتحدة لأي دولة.

وطلب بايدن من الكونغرس تقديم مساعدات أخرى بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل بعد هجمات حماس.

وردا على سؤال في لندن الأسبوع الماضي عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تجعل مساعداتها لإسرائيل مشروطة بإعطاء الأولوية للحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين، قالت نائبة الرئيس كاملا هاريس "لن نضع أي شروط على الدعم الذي نقدمه لإسرائيل للدفاع عن نفسها".

وتفرض الولايات المتحدة شروطا على المساعدات العسكرية والاتفاقات مع الدول الأخرى، ومنها مطالبة أوكرانيا بالموافقة على عدم ضرب أهداف داخل روسيا بأنظمة صواريخ بعيدة المدى في مايو الماضي وبيع السعودية أسلحة دفاعية فقط.

وقال آرون ديفيد ميلر محلل شؤون الشرق الأوسط والمسؤول السابق بوزارة الخارجية إن وضع شروط على المساعدات لإسرائيل أمر غير مرجح وسيعارضه الجمهوريون والعديد من الديمقراطيين في الكونغرس.

وقف لإطلاق النار أم هدنة مؤقتة

رفضت إسرائيل وإدارة بايدن مرارا الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار على أساس أنها ستسمح لمسلحي حماس المدعومين من إيران والذين يديرون غزة بإعادة تنظيم صفوفهم. وتفضل الإدارة "هدنة إنسانية مؤقتة" تعتبرها شيئا أقل من وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل تعارض ذلك.

وقال رفائيل كوهين المحلل السياسي في مؤسسة راند "للولايات المتحدة نفوذ محدود في تشكيل ملامح هذه العملية"، باستثناء محاولة إخراج الأميركيين ودخول المساعدات الإنسانية.

ويبدو أن عقلية الحكومة الإسرائيلية الآن هي أن العالم ينقلب ضدها، ولكن هذا هو ثمن استئصال حماس من غزة. وقال كوهين "إذا كان هذا هو إطار العمل الخاص بك، فهناك حد لمدى أهمية الضغط الدولي".

ويدعم المشرعون الأميركيون الذين يؤيدون وقف إطلاق النار قيام إسرائيل بالقضاء على حركة حماس لكن البعض يقولون إن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية ستأتي بنتائج عكسية.

وقالت النائبة الأميركية براميلا جايابال التي تقود مجموعة كبيرة من التقدميين في الكونغرس "عندما تقتل آلافا وآلافا من الفلسطينيين والآلاف من الأطفال، وتقصف مخيمات اللاجئين، حتى لو كنت تقتل بعض قادة حماس... إذا واصلت القيام بذلك، فسوف تجعل السكان متطرفين وستظهر حماس أخرى".

وأثار الرئيس السابق باراك أوباما فكرة مسؤولية الولايات المتحدة في مقابلة نشرت في مطلع هذا الأسبوع. وقال "ما فعلته حماس كان مروعا ولا يوجد له أي مبرر لكن الصحيح أيضا هو أن الاحتلال وما يحدث للفلسطينيين لا يطاق".

وأضاف أوباما "علينا أن تعترف... لا أحد يداه نظيفتان وكلنا متواطئون بشكل أو بآخر".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة ملیار دولار إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

الوضع الإنساني والأمني في غزة وجنوب لبنان في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي

 

تتواصل تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان وسط تصاعد القصف البري والجوي، وتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية.

وكشفت تقارير صادرة عن مؤسسات دولية وأممية عن أرقام صادمة وحالة إنسانية كارثية في القطاع، بالتوازي مع تصعيد عسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي في كل من غزة ولبنان.

نزوح جماعي وانهيار إنساني

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن نحو 69% من قطاع غزة خاضع حاليًا لأوامر تهجير، مقدّرة عدد النازحين الجدد منذ استئناف العمليات العسكرية بـ420 ألف شخص.

كما حذرت الوكالة من أن المساعدات الإنسانية لم تدخل إلى غزة منذ الثاني من مارس الماضي، في أطول فترة انقطاع للمساعدات منذ اندلاع الحرب، ما يزيد من تعقيد مهمة المنظمات الإنسانية في تلبية احتياجات السكان.

إغلاق المعابر وتصعيد العمليات العسكرية

يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق معبر كرم أبو سالم، المعبر التجاري الحيوي جنوبي القطاع، لليوم الخمسين على التوالي، في حين تتواصل العملية البرية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة لليوم السابع عشر، وسط دمار واسع ونزوح جماعي.

في المقابل، قال موقع "واللا" العبري إن الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ "مناورة كبرى" في قطاع غزة قد تؤدي إلى تقسيم مدينة غزة إلى قسمين وإضعاف قبضة حركة حماس على أكثر من نصف القطاع، ضمن خطة تتضمن إنشاء مراكز توزيع غذاء مباشرة من قبل شركات مدنية أميركية.

خسائر بشرية فادحة

أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 44 شهيدًا و145 إصابة وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرة إلى وجود ضحايا لا تزال جثثهم تحت الأنقاض. وبحسب الوزارة، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 51،201 شهيد و116،869 مصابًا، بينهم 1،827 شهيدًا و4،828 مصابًا منذ 18 مارس 2025 فقط.

استهداف جنوب لبنان

وفي سياق التصعيد الإقليمي، أفادت مصادر لبنانية بمقتل شخص إثر غارة إسرائيلية استهدفت مركبة في منطقة كوثرية السياد جنوب لبنان. وأعلن الجيش الإسرائيلي لاحقًا أنه استهدف حسين نصر، نائب قائد الوحدة 4400 في حزب الله، ضمن عمليات وصفت بأنها جزء من الردع الإقليمي.

أعياد مسيحية بلا فرح

في الضفة الغربية وقطاع غزة، أحيت الكنائس المسيحية في بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وغزة عيد الفصح المجيد وسط أجواء حزينة، خلت من مظاهر الفرح المعتادة بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي. وأكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن الاعتداءات على المسيحيين خلال الأعياد تمثل "إبادة جماعية وعقوبات جماعية وانتهاكًا صارخًا لحرية العبادة".

مواقف دولية وتحذيرات إنسانية

قال برنامج الأغذية العالمي إن "العائلات في غزة لا تعرف من أين ستأتي وجبتها القادمة"، مطالبًا جميع الأطراف بالسماح الفوري بدخول المساعدات إلى القطاع. كما أشار الطبيب الأميركي كلايتون دالتون، بعد عودته من غزة، إلى أن مشاهد الدمار هناك تشبه ما حدث في "هيروشيما بعد القنبلة الذرية".

تحضيرات سياسية في فلسطين

في سياق آخر، أعلن عضو المجلس الثوري لحركة فتح، تيسير نصرالله، أن الأسبوع الحالي سيشهد اجتماعات مكثفة استعدادًا لانعقاد دورة المجلس المركزي الفلسطيني يومي 23 و24 أبريل الجاري، وسط ظروف سياسية وأمنية دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية.

سياسات وتحولات دولية

وفي تطور دولي لافت، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تسعى لإجراء تغيير جذري في وزارة الخارجية الأميركية، يتضمن تقليص أنشطتها في إفريقيا وإغلاق عدد من السفارات، وهو ما قد يؤثر مستقبلًا على سياسة واشنطن الخارجية في المنطقة.

في النهاية تُظهر الوقائع الميدانية والبيانات الصادرة عن جهات متعددة أن الأوضاع في غزة تسير نحو مزيد من التعقيد، في ظل غياب أي أفق حقيقي للحل السياسي واستمرار التصعيد العسكري، ما ينذر بكارثة إنسانية أكبر في حال استمر الحصار والإغلاق ومنع دخول المساعدات، وسط تصعيد إقليمي متزايد قد يمتد إلى جبهات أخرى.

 

مقالات مشابهة

  • وكالة الفضاء الأوروبية تفرض قيود على الصور الفضائية لليمن  
  • السفير الأميركي بتل أبيب: الضغط على حماس وليس إسرائيل يضمن مساعدات لغزة
  • صحف عالمية: غياب المحاسبة يقوّض جهود حماية المدنيين في فلسطين
  • الأمم المتحدة: النزوح القسري في شمال دارفور يعيق جهود الإغاثة ويفاقم وضع المدنيين
  • قضية المسعفين.. إسرائيل تعترف بـ"إخفاقات مهنية متعددة"
  • زامير يزور مناطق محتلة بسوريا ويتحدث عن أهميتها الأمنية لإسرائيل
  • الوضع الإنساني والأمني في غزة وجنوب لبنان في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي
  • تقرير: ضم الضفة لإسرائيل لا يزحف ولا يُسرّع وإنما بات حاصلا
  • العدوان الإسرائيلي يركز على المدنيين ويستهدف الخيام والمنازل
  • ترامب يجدد هجومه على بايدن: سمح لملايين المهاجرين القتلة بدخول أمريكا