قال الملك محمد السادس بأنه “عندما تكلمنا عن الجدية، فذلك ليس عتابا وإنما هو تشجيع على مواصلة العمل، لاستكمال المشاريع والإصلاحات، ورفع التحديات التي تواجه البلاد”.
وأشار في الخطاب الذي وجهه اليوم الإثنين بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، إلى أن هذا المعنى “هو ما فهمه الجميع، ولقي تجاوبا واسعا، من مختلف الفعاليات الوطنية”.


وأوضح بأن الجدية “منظومة متكاملة من القيم، مكنت من توطيد المكاسب التي حققناها، في مختلف المجالات، لاسيما في النهوض بتنمية أقاليمنا الجنوبية، وترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي”.
وأضاف “لقد تكلمت عن الجدية، وعن القيم الروحية والوطنية والاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات”.
وأبرز بأن “المسيرة الخضراء جسدت هذه القيم العريقة؛ قيم التضحية والوفاء وحب الوطن، التي مكنت المغرب من تحرير أرضه، واستكمال سيادته عليها”.
وأشار إلى أن العديد من الدول قد اعترفت، والحمد لله بمغربية الصحراء، واعتبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل”.
وأضاف بأن قيم التضامن والتعاون والانفتاح، التي تميز المغرب، ساهمت “في تعزيز دوره ومكانته، كفاعل رئيسي، وشريك اقتصادي وسياسي موثوق وذي مصداقية، على المستوى الإقليمي والدولي، وخاصة مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة”.
وحث الملك في خطاب العرش الذي وجهه إلى الأمة المغربية الصيف الماضي على الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية وفي المجال الاجتماعي وفي قطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال.
وقال “إن الجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص”.

كلمات دلالية الجدية المسيرة الخضراء الملك محمد السادس

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الجدية المسيرة الخضراء الملك محمد السادس

إقرأ أيضاً:

في خطورة تنسيب القيم الاجتماعية

تكاد تكون مسألة (القيم الاجتماعية) هي من الثيمات الرئيسة التي تعنى بها دراسة علم الاجتماع، ذلك أن بعض علمائه اشتغلوا عمرًا علميًا في تحليل مصادر تلك القيم، وتكوينها، ودور البنى الاجتماعية في تشكيلها وتحريكها، وآليات توظيفها، وكيف تسهم العوارض الثقافية التي تنشأ من المجتمع أو من خارجه في تغيير معانيها، وكيف تستغل في بعض النظم الاجتماعية كأدوات للسلطة والهيمنة على حد انشغال بيير بورديو. والواقع أنه من الصعب إيجاد مفهوم للقيم الاجتماعية دون السياق الاجتماعي الذي تنشأ فيه؛ فالمجتمع بثقافته وعلاقته وأنماط تفاعله وتاريخيته وأنماط السلطة فيه وتكوين أنساق هو الذي يعطي القيمة الاجتماعية معناها ومبناها، ولذا تتفاوت أولوية القيم من مجتمع إلى آخر، ويتفاوت تبنيها من مجتمع لآخر، وكذا في الحال نفسه تتفاوت السلوكيات التي تترجم تلك القيم في المجتمعات من مجتمع لآخر. فالكرم كقيمة اجتماعية على سبيل مثال تجد أن أولوياتها في مجتمعات ما أولوية قصوى، ومؤكد عليها، وهي تشكل تعبيرًا عن وضع واندماج وامتثال الأفراد للنظام الاجتماعي وقد تبدو السلوكيات المعبرة عنها سلوكيات يحاول أفراد المجتمع التفاضل فيها، بينما القيمة ذاتها في مجتمعات أخرى قد لا تجد الحيز ذاته من الأولوية، وقد لا تمثل الدلالة ذاتها في امتثال الفرد أو المجموعة الاجتماعية للنظام الاجتماعي في مقابل قيم أخرى كالخصوصية والفردانية والحرية المطلقة، ويمكن القياس لزامًا على قيم أخرى.

إذن فالثابت في دراسة مسألة القيم الاجتماعية هو خضوعها للتغير من ناحية، ونسبيتها بطبيعة السياق الاجتماعي الذي تنشأ وتمارس فيه من ناحية أخرى. وإن كانت قضية تغير القيم الاجتماعية مسألة ثابتة، فالأصل في المجتمعات أن تحرك مؤسساتها الاجتماعية للحفاظ على المتفق عليه من تلك القيم، فالمدارس ومؤسسات التعليم عمومًا يجب أن توجه مناهجها، وعملياتها، وتفاعلاتها في بيئات التعلم للحفاظ على تلك القيم، وخطاب المؤسسات الدينية، وخطاب مؤسسات الفعل الثقافي، وخطاب مؤسسات التكوين الاجتماعي من الأسرة والنادي وغيرها يجب أن يوجب في مسألة الحفاظ على تلك القيم. وفي المجمل تجمع الأدبيات أن هناك أربعة محركات أساسية تسهم في تغير القيم وهي: التقانة، ويتم الإشارة فيها إلى كل أنواع المبتكرات وليس فقط الأجهزة الإلكترونية، ولكن ترتبط بكل الوسائل التي تبدل أنماط العمل والتفاعل في مجتمع ما من السياق اليدوي التقليدي إلى سياق آلي، مما من شأنه أن يفرز قيمًا جديدة، أو يواري قيمًا أخرى كانت مرتبطة بأشكال التفاعل والعمل بالطرق السابقة. المحرك الآخر: هو التفاعلات الثقافية، فبقدر ما تتفاعل المجتمعات في سياقها العالمي بقدر ما تصعد مجتمعات ما قيمها وثقافتها، ويصعب على ثقافات أخرى إبقاء قيمها وثقافتها في مقدمة أولويات شعوبها. المحرك الثالث: هو المحرك الاقتصادي، فانتقال المجتمعات من حال اقتصادي إلى آخر، وانتقال الأفراد عبر الطبقات الاجتماعية، والحراك الاجتماعي يفرز قيمًا ويواري أخرى. المحرك الرابع: يتمثل في عامل التعليم، والتعليم هنا بوصفه حاملًا للقيم الاجتماعية وناقلًا لها عبر الأجيال، ومحافظا على مرجعياتها، ومجددًا في المنهجيات التي من خلالها تنتقل بها إلى الأفراد في مختلف مستوياتهم العمرية.

في التعامل مع المسألة القيمية، تكمن الخطورة حينما يتم (تنسيب) القيم الاجتماعي ــ التي يفترض أن يكون متفق عليها اجتماعيًا ــ في سياق مجتمع معين، ونقصد بالتنسيب هنا هو جعل هذه القيم خاضعة لحكم الأفراد؛ من ناحية تفسير معنى القيمة، ومن ناحية أولوية الالتزام بحكمها، ومن ناحية أولويتها، ومن ناحية ضرورتها لحكم التفاعل الاجتماعي، ومن ناحية فهم السلوك الممارس للقيمة. وهذا في تقديرنا الأثر الذي صنعته تحديدًا مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالمجتمعات؛ هناك قيم اجتماعية عدة أخضعتها هذه المواقع والتطبيقات لعامل التنسيب، كقيم الحرية، والخصوصيات في مستوياتها المختلفة (فردية، أسرية، مجتمعية)، وقيم الاحترام وسواها، فأصبحنا رهان تفسيرات فردية لهذه القيم، وأمام ممارسات وسلوكيات تتعامل مع هذه القيم وفقًا لمفاهيم ذاتية، وكأنها انتزعت من مرجعيتها الاجتماعية الأساسية، ونعتقد أنه حين الحديث عن التأثيرات الاجتماعية لمواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي فإن ما يجب التوجه لمناقشته ودراسته وبحثه وفهمه بالأساس هو الكيفية التي جعلت بها هذه المواقع والتطبيقات المجتمعات الافتراضية في حالة من (تنسيب القيم).

نشأت هذه الحالة نتيجة الانخراط في ثقافات متدافعة على هذه المواقع والتطبيقات، وتفاوتت من مجتمع لآخر بحسب قوة المرجعيات الاجتماعية للقيم، وبحسب دور المؤسسات الاجتماعية الرئيسة في الحفاظ وتعزيز تلك القيم. فأصبح الفرد قادرًا على تقمص عدة أدوار وعدة شخصيات وأمام كل دور وشخصية هناك فهم وتوجيه ذاتي لمعنى القيم، وأصبح بعض الناشطين على هذه المواقع والتطبيقات يختبرون ممارسة قيم عدة، أو يختبرون التخلي عن ممارسة قيم عدة، وهنا نشأ مفهوم (الفقاعة). إن استمرار هذه الحالة من (تنسيب القيم) يعني أننا قد نصل إلى مجتمعين متوازيين: مجتمع واقعي يحاول التحرك للبقاء والحفاظ على القيم الاجتماعية الأصيلة، ومجتمع افتراضي يقدم فهومات ذاتية وممارسات للقيم الاجتماعية المنتزعة من المرجعية الاجتماعية الأساس لها، وكل ذلك في النهاية يؤجج مفهوم الصراع الاجتماعي، ويتحرك نحو تفتيت الهويات الاجتماعية، مما ينشئ مشكلات اجتماعية عدة. إن حوارًا جادًا ومستفيضًا ومؤسسيًا حول القيم الاجتماعية قد آن أوانه، والدفع بالمؤسسات الاجتماعية لمراجعة كل عملياتها وأدوارها وتفاعلاتها مع المسألة القيمية أصبح اليوم ضرورة وطنية، وفي الآن ذاته هذه هي لحظة الأسرة في التاريخ الاجتماعي المعاصر، حيث تأصيل تلكم القيم، وتضمينها في الممارسات والحوارات والتوجيهات، وتعزيز أدوار الرقابة عليها، والحوار حول ضرورتها وأهميتها.

مقالات مشابهة

  • وزير الاستثمار السعودي: توصّلنا لتفاهمات بشأن اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار مع مصر
  • محافظ أسيوط: مواصلة أعمال التشجير وزراعة الشتلات بمركز البداري  
  • تدشين برامج تعليمية وتدريبية ومنصات العمل الإلكترونية بكلية الملك فهد الأمنية
  • وزير الداخلية يدشن عددًا من البرامج التعليمية والتدريبية ومنصات العمل الإلكترونية بكلية الملك فهد الأمنية
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من البرامج التعليمية والتدريبية ومنصات العمل الإلكترونية بكلية الملك فهد الأمنية
  • نقيب الصحفيين عن جدل قانون الإجراءات الجنائية: لسنا في معركة وإنما مجرد إبداء رأي
  • في خطورة تنسيب القيم الاجتماعية
  • أين وصلت مراجعة ساعات العمل بقطاع التعليم التي وعدت بها الوزارة كجزء من الاتفاق؟
  • ما هي الدولة الأوروبية التي تتمتع بأفضل توازن بين العمل والنوم؟
  • «البترول»: نعمل على تشجيع المستثمرين والشركات العالمية في مجال الاستكشاف