أظهر العدوان الإجرامي على غزة حقيقة صورة العرب عند اليهود وأمريكا والغرب. وقد فضحت عملية السابع من أكتوبر عقول وضمائر قادة تلك الدول عندما توافقوا على أننا لسنا بشرًا أسوياء، ولكن فقط حيوانات بشرية تارة، ومجموعة فئران تارة أخرى، هكذا إذا يرانا اليهود والغرب، وإن كانوا يخدعون حكامنا بأنهم أصدقاء، أو حلفاء.
عندما ألحق أبطال المقاومة الذل والعار بقيادة الجيش الإسرائيلي، وعرضت الصور قادتهم بالملابس الداخلية، والأبطال يلهبون أقفيتهم بأكف أيديهم الطاهرة في مشهد أسطوري لم تنسه ذاكرتهم أو ذاكرتنا، عندما حدث هذا تزلزلت عواصم أوروبا وأمريكا، وتحركت الجيوش والأساطيل وأجهزة الاستخبارات والملفات والمعلومات لإنقاذ صبيهم البلطجي الذي زرعوه في قلب العرب كي يحكم ويسود ويدوس بأقدامه على رؤوس أكابرهم.
جاءوا إذا لإنقاذ هيبتهم الضائعة، وأسطورتهم التي صنعوها بالصوت والصورة كي تكون (البعبع) الذي يطاردنا في الأحلام واليقظة، والآن لا يحاولون إنقاذ الصورة فقط، ولكنهم يسعون إلى أن نلعق بألسنتنا أحذيتهم، ونعترف بأنهم الأسياد الجبابرة الذين يملكون الأرض والبحار والسماء.
هم يريدون للصبي البلطجي أن ينتصر، وانتصاره ليس فقط القضاء على ما يقولون إنها حركة إرهابية، ولكنه قضاء على إحساسنا بأننا بشر، ونحن مجرد مجموعة حيوانات!! إنهم جاءوا كي نعترف ونعلن أمام الجميع بأننا مجرد حيوانات بشرية، هذه المرة لن يكتفوا إلا بأن نقولها صريحة، ونعترف بها علانية، لأننا شاهدنا كل هذه القسوة وكل هذا الجبروت، وكل تلك الأسلحة وهي تدك وتدمر وتفجر رؤوس الأطفال والنساء والعجائز والمرضى في المستشفيات، وتدوس القوانين الدولية وقوانين الحرب التي تحمي المدنيين.
هم أرادوا إذا أن يكون الانتصار هو سحقا لإرادتنا ورجولتنا وبشريتنا.. علينا إذا أن نفهم ونعي، لماذا كل تلك الأساطيل جاءت إلينا ولماذا كل هذه القسوة والدمار والخراب الذي تقوم به قوات مشتركة (إسرائيلية ـ أمريكية ـ أوروبية)، ضد قلة من البشر، أرادوا أن يدافعوا عن وطنهم المسلوب منذ 75 عامًا.
وإذا ما انتصر هذا العدوان الذي لم يسبق لفجره مثيل فإنه سينتقل فورًا لتنفيذ الصورة كاملة في كل بلاد العرب، وعلى كل رؤوس العرب، ولأنهم كما قال المجرم الأكبر نتنياهو، يحاربون الجهل والظلام وهم أهل الحضارة والتقدم، ولأنها معركة بين النور الذي يشع في أوروبا وبين الظلام الدامس اللعين الذي يطمس عواصم العرب، هذا هو مفهومهم وإرادتهم وسعيهم، ولا يمكن لأحد منحه الله قليلا من العقل ألا يقرأ ذلك إلا أولئك الذين أدمنوا العمالة والخيانة فهم يسوَقون أفعالهم القذرة، ويبررونها بأن إسرائيل وأمريكا يحاربون الإرهاب.. جمال عبد الناصر في الصحف والميديا الغربية كان إرهابيًا ونازيًا.. ياسر عرفات في مواقعهم ووسائلهم كان إرهابيًا ونازيًا.. صدام حسين الذين سحقوا بلاده كان إرهابيًا.. بوتين الآن إرهابي ونازي.. كل من لا يسجد لهم فهو إرهابي.. كل من لا يلعق أحذيتهم فهو إرهابي. إن هذه الحرب كاشفة. وإن الدماء التي تتفجر من رؤوس أطفالنا تحت دباباتهم وقنابلهم المحرمة ترفع الغطاء الأسود من فوق عيون وعقول أبناء الأمة، وهو الغطاء الذي ظل يطاردها حتى هانت وداستها الأقدام، حتى أصبح في بلادنا من يتغنى بعظمة إسرائيل، وحضارة إسرئيل، وإرهاب أبنائنا المقاومين.
وبعد كشف الغطاء، فإن انتصار إسرائيل، وأمريكا سوف يمنحهم فرصة تاريخية لاعتبار كل جيوش العرب حركات إرهابية، ومن ثم عليهم أن يقضوا على تلك الجيوش لتنظيفنا من تلك الحركات، وهي الخطوة التي تسبق تفكيك وضرب كل مؤسسات الدول العربية حتى يهيم الناس على وجوههم ويتحولوا بالفعل إلى مجرد حيوانات بشرية.. لن يكون هناك بعد انتصار إسرائيل مقدس عربي، لا الجيوش ولا الحدود ولا الدولة، وأن نموذج غزة قد دهس كل تلك المقدسات، وما يحدث في غزة هو مجرد بروفة كاملة المعالم لما سيتم تطبيقه في كل دولنا العربية إذا ما انتصر شياطين الأرض وأشرارها.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني إلغاء إسرائيل الاعتقال الإداري للمستوطنين بالضفة؟
مخاوف فلسطينية أثارها قرار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري ضد مستوطنين إسرائيليين متهمين بمهاجمة فلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
المخاوف تنبع خصوصا من كون اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين تصاعدت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حتى في ظل إصدار مذكرات اعتقال بحق بعضهم.
والجمعة، أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية وقف إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة الغربية.
وقال مكتب الوزير يسرائيل كاتس في بيان، إن الوزير أبلغ رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، في لقاء عقداه الأسبوع الجاري، "قراره وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإدارية ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وطلب منه وضع أدوات بديلة".
والاعتقال الإداري هو اعتقال يستند إلى معلومات سرية لا يتم الكشف عنها، لكنها طالت مستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية المبرحة.
زيادة من خطر المستوطنين وضوء أخضر لانتهاكاتهم
وعن الموضوع تحدث محافظ نابلس غسان دغلس لـ"الأناضول" قائلا إن القرار "سيزيد من خطر المستوطنين في الضفة ويمنح ضوءًا أخضرا لهم لممارسة مزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الفلسطينيين في الضفة".
واعتبر دغلس القرار "تشريعًا لقتل الفلسطينيين خاصة مع تعزيز عمليات تسليحهم وحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي لهم".
ويأتي القرار "متوافقًا مع سلسلة قرارات سابقة للحكومة الإسرائيلية ووزرائها، هدفت لتعزيز الاستيطان في الضفة، تمهيدًا لضمها"، وفق دغلس.
وحذر دغلس من "تصاعد اعتداءات المستوطنين في قابل الأيام، واستهداف كل ما هو فلسطيني".
رسالة للجمهور الإسرائيلي: "لن نضعف أمام الجنائية الدولية"
مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود رأى بدوره عدم وجود جديد في القرار "كون الاعتقالات التي تمت لمستوطنين متهمين بهجمات على الفلسطينيين، كانت محدودة وغير مؤثرة، وهدفها ذر الرماد في العيون".
وبين داود أن "قادة المستوطنين ممن يدعمون ويمولون إرهابهم بالضفة، لم يسبق أن تعرضوا للاعتقال أو المساءلة".
واعتبر أن "اعتقالات بعض المستوطنين سابقًا، كانت شكلية ولم تؤثر على طبيعة وكثافة اعتداءاتهم، وأظهرت تواطؤا للحكومة الإسرائيلية معهم".
وعلى سبيل المثال ذكر داود أن "أكثر من 800 مستوطن هاجموا قرية المغير (شمال شرق رام الله، في نيسان/ أبريل الماضي)، وأحرقوا منازل ومنشآت، لكن لم يتم اعتقال سوى ثلاثة منهم، وأطلق سراح اثنين لاحقا".
"لا نتوقع من حكومة قادتها ووزراؤها هم من قادة المستوطنين ومنظماتهم، إلا أن تدعم إرهاب المستوطنين وتشجعه"، يضيف داود.
ويعتقد داود أن قرار كاتس هو "رسالة للجمهور الإسرائيلي بأن الحكومة ماضية في مخططاتها ولن تضعف أمام قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت".
والخميس، أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال دوليتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الإبادة المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ووفق البيان حول إلغاء الاعتقال الإداري قال كاتس إنه "ليس من المناسب لإسرائيل أن تتخذ مثل هذا الإجراء الصارم ضد المستوطنين في واقع يتعرض فيه الاستيطان اليهودي في الضفة لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، بدعم ومساندة من محور الشر الإيراني"، على حد تعبيره.
وزاد: "إذا كان هناك اشتباه في ارتكاب أعمال إجرامية يمكن محاكمة مُرتكبيها، وإذا لم يكن الأمر كذلك، هناك إجراءات وقائية أخرى يمكن اتخاذها غير الاعتقال الإداري"، دون ذكر تلك الإجراءات.
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اعتبرت أن قرار كاتس، "سيشجع المستوطنين المتطرفين على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، وتصعيد الجرائم ضدهم، ويعطيهم شعورا إضافيا بالحصانة والحماية".
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن "عدد الذين تم اعتقالهم من المستوطنين قليل جدا، وفق اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار".
وطالبت "بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب مليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال".
فيما أدانت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية، والنائب العربي بالكنيست أحمد الطيبي، قرار كاتس، واعتبرا أنه "دعم للإرهاب اليهودي".
وقالت "السلام الآن"، التي ترصد الاستيطان بالأراضي الفلسطينية وتعارضه، في منشور على منصة "إكس": "حكومة تدعم الإرهاب اليهودي".
تسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم
اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين قدورة فارس، السبت، أن قرار وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين بالضفة الغربية، "يضعهم فوق أي محاسبة قانونية ويعطيهم تسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم".
وفي بيان، قال فارس إن "صدور هذا القرار بهذا الوقت، دليل على مدى وقاحة الاحتلال واستهتاره وتعاليه على المنظومة الدولية وتشكيلاتها".
وأضاف أن القرار "يعطي تسهيلات للمستوطنين لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، ويجردهم من بعض القيود الشكلية، والتي كان الاعتقال الإداري لهم جزءًا منها".
وشدد أن قرار كاتس "يعكس عنصرية إسرائيلية كونه يأتي في الوقت الذي تتوسع فيه سلطات الاحتلال باستخدام سياسة الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، والتي يحتجز بفعلها اليوم نحو 3500 فلسطيني".
وطالب فارس المجتمع الدولي "الخروج عن صمته القاتل بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه".
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، الجمعة، أن قرار كاتس "يشجع المستوطنين على مزيد من الجرائم".
شهادة "كوشير"
من جهته، قال الطيبي في منشور على "إكس": "في الواقع، هذه شهادة كوشير (شهادات الحلال اليهودي) من وزير الدفاع للإرهاب اليهودي. ثم سيتذمرون من لاهاي (المحكمة الجنائية الدولية)، إنها حكومة من أنصار الإرهاب".
وفي 7 أكتوبر 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على جماعة إسرائيلية متطرفة تدعى "شبان التلال"، لعملها على إقامة بؤر استيطانية "غير شرعية" في مختلف أنحاء الضفة الغربية.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ المستوطنون 360 اعتداء بالضفة الغربية خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويقيم نحو نصف مليون مستوطن في 146 مستوطنة، و144 بؤرة استيطانية مقامة على أراض فلسطينية بالضفة الغربية.
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ما أسفر إجمالا عن استشهاد 795 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و450 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.