محللون: حديث بلينكن عن غزة ما بعد الحرب توريط للسلطة وضغط نفسي على الفلسطينيين
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
بعد الجولة المكوكية التي أجرها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، وبحثه مع السلطة الفلسطينية ومسؤولين عرب، رؤية بلاده لمستقبل قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية، يرى محللون أن ذلك يأتي لتوريط السلطة الفلسطينية في المشهد، وكذلك في سياق الضغط النفسي على الفلسطينيين، باعتماد فرضية انتهاء الحرب بهزيمة المقاومة.
وقال بلينكن في ختام زيارته للعاصمة التركية والتي تلت جولة بدأت بإسرائيل ثم الأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات وقبرص والعراق "أجرينا مباحثات مهمة للغاية لتهيئة الظروف لتحقيق سلام دائم ومستدام للإسرائيليين والفلسطينيين، ونواصل العمل على هذه المسألة، ونفكر في المستقبل بينما نحاول حل هذه الأزمة" معربا عن اعتقاده بتحقيق تقدم بهذه المسائل.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن بلينكن أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس -خلال اجتماعه به في رام الله- أنه يتعين على السلطة الفلسطينية أن تلعب دورا محوريا في مستقبل غزة، بينما أبدى الأخير استعداده "للمساعدة في إدارة القطاع" بعد "عزل" حركة المقاومة الإسلامية (حماس)" حسب ذات المصدر.
ومعلقا على ذلك ضمن الوقفة التحليلية "غزة.. ماذا بعد؟" قال بلال الشوبكي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل إن الحديث عن حكم غزة فيما بعد الحرب مبني على فرضية غير موجودة ولا متوقعة، وهي أن الحرب وضعت أوزارها وانتصرت إسرائيل.
ضغط نفسيومن ثم فإن الأكاديمي بجامعة الخليل يرى أنه لا يمكن النظر إلى حديث واشنطن عن ذلك إلا كجزء من الحرب الدائرة، باعتبار أن الولايات المتحدة شريك أساسي فيها، ولذا تحاول أن تفرض حالة ضغط نفسي على الفلسطينيين بالحديث عن فرضيه هزيمتهم "فحقيقة الأمر أنه حال انتصرت إسرائيل، فإن الفلسطينيين هم من هزموا وليست حماس وحدها".
ورأى الشوبكي كذلك أن تناول بلينكن للأمر محاولة لتوزيع أوزار الحرب على أطراف أوسع، بإشراك السلطة ودول عربية، معتبرا التعاطي مع ذلك من قبل السلطة خطأ إستراتيجيا كبيرا، حتى ولو كان في سياق الحديث عن حلول سياسية شاملة لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967.
وأرجع ذلك إلى أن واشنطن لا تبتغي من وراء ذلك إلا توسيع دائرة من يتحملون مسؤولية ما يجري في غزة، إضافة إلى امتصاص حالة الغضب الجماهيري المتنامية دوليا، والسعي إلى إعفائها من تحمل وزر الحرب أخلاقيا أمام المجتمع الدولي والجمهور الأميركي.
وأضاف الشوبكي بأنه في حال الأخذ بالفرضية الأميركية القائمة على هزيمة حماس والمقاومة، فإن الجميع يعلم أن تسلم الحكم في غزة بعد الحرب بمثابة انتحار سياسي، معتبرا أن السلطة ارتكبت خطأ بالقبول بمثل هذه اللقاءات حيث يرى فيها عملية استدراج أميركية لتقديمها أمام العالم على أنها جزء من المشهد وتتحمل المسؤولية معهم عما يجري في قطاع غزة.
شريكة في العدوانبدوره، شدد حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن واشنطن شريكة في العدوان على قطاع غزة وهي من المخططين له ولاستمراره، ومن ثم فإن زيارات بلينكن المتكررة للمنطقة وحديثه عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب تأتي في هذا الإطار.
وأشار إلى أن السيناريوهات التي يتم الحديث عنها تدور حول تشكيل نظام سياسي جديد في قطاع غزة سيكون مرتبطا بقوات الاحتلال وإدارات دولية أو عربية، معتبرا ذلك حديثا سابقا لأوانه لأن المعركة لم تنته بعد، حيث لا يزال الفلسطينيون صامدين.
ووافق خريشة الشوبكي في أن لقاء عباس بلينكن في هذا الظرف كان يجب ألا يكون، على اعتبار أن أي عودة إلى غزة على أشلاء الفلسطينيين ودمائهم لن تكون إلا على ظهر دبابة أميركية أو إسرائيلية و"لا يوجد فلسطيني حر يقبل أن يعود بهذه الطريقة المطروحة".
وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي لن يستطيع اجتثاث المقاومة لأنها فكرة مستقرة لدى جميع الفلسطينيين، وأن جميع المشاريع المطروحة لن تمر، وأن مستقبل قطاع غزة لا بد أن يكون بحجم الإنجاز الذي تحقق في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي (طوفان الأقصى) الذي يماثل إنجاز العبور.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بعد الحرب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
حماس تفتح الباب لمستقبل غزة.. هل تتخلى عن إدارة القطاع بعد نهاية الحرب؟
في خطوة لافتة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في قطاع غزة، أعلنت حركة حماس استعدادها للوصول إلى مقاربات سياسية وإدارية لإدارة غزة بعد الحرب، مشيرة إلى عدم اشتراط مشاركتها في هذه الإدارة، وذلك في سياق جهود إقليمية ودولية لإعادة إعمار القطاع.
ويأتي هذا الموقف بعد لقاءات مكثفة مع الجانب المصري، وسط مساعٍ لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمهد هذا الإعلان لتحول سياسي حقيقي في غزة؟
أكد حازم قاسم، المتحدث باسم حركة حماس، أن الحركة لا تشترط أن تكون جزءًا من إدارة غزة في المرحلة المقبلة، وذلك لنزع الذرائع من الاحتلال الإسرائيلي ولإطلاق عملية إعمار حقيقية.
وقال قاسم، خلال حديثه في برنامج "الحكاية" المذاع على قناة "إم بي سي مصر": "حماس جاهزة للوصول إلى مقاربات لترتيبات إدارية وسياسية في قطاع غزة، وليس شرطًا أن تكون الحركة جزءًا منها."
وأضاف أن الحركة قدمت مرونة كبيرة في لقاءاتها مع الأشقاء في مصر، مشيرًا إلى أن هناك اتفاقًا مع الجانب المصري على أن تكون إدارة القطاع فلسطينية خالصة، دون تدخل أطراف خارجية.
أبرز تصريحات حماس:
لا تشترط أن تكون جزءًا من إدارة غزة بعد الحرب.أبدت مرونة كبيرة في المفاوضات مع الجانب المصري.تؤكد على إدارة فلسطينية خالصة للقطاع.تدعو إلى حكومة وحدة وطنية أو لجنة إسناد فلسطينية حال تعذر تشكيل الحكومة.دور مصر في الترتيبات الجديدةكشف مصدر مصري مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار أن القاهرة تجري اتصالات مكثفة بهدف تشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على الإغاثة وإعادة إعمار غزة.
وأشار المصدر إلى أن هذه التحركات تأتي في ظل التزام حماس باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاثة، وتعهدها بعدم المشاركة في إدارة القطاع في المرحلة المقبلة.
أهداف المساعي المصرية:
تشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على الإغاثة وإعادة الإعمار.التنسيق مع الفصائل الفلسطينية حول مستقبل الحكم في غزة.ضمان عدم تهجير الفلسطينيين من القطاع.إعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع بعد الحرب.الأردن ومصر: تنسيق مشترك لإعادة إعمار غزةضمن التحركات الإقليمية لتأمين مستقبل غزة بعد الحرب، التقى ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، حيث أكدا على ضرورة البدء الفوري في إعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين.
وقال الأمير الحسين بن عبدالله، في بيان له: "التقيت اليوم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكدنا عمق العلاقات الأردنية - المصرية، وضرورة إدامة التنسيق المشترك بين البلدين."
ومن جانب آخر، قال المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي: اللقاء تناول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، خاصة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وبحث إعادة إعمار القطاع وتبادل الرهائن والأسرى، وكذلك دعم الأردن لمصر في وضع خطة لإعادة إعمار غزة مع ضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم.
وأضا أنه تم التحذير من التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
الموقف المشترك بين مصر والأردن:
إعادة إعمار غزة دون تهجير السكان.دعم خطة عربية موحدة لإعادة بناء القطاع.التشديد على ضرورة حل الدولتين بحدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.هل يكون اليوم التالي للحرب فلسطينيًا؟أكد المتحدث باسم حماس أن اليوم التالي للحرب سيكون "يومًا فلسطينيًا بامتياز"، مشددًا على أن أي محاولة لفرض وصاية خارجية على غزة لن تنجح.
وقال المتحدث: "كل المحاولات لأن تكون هناك يد خارجية بعد الحرب لن تنجح، الاحتلال الصهيوني حاول على مدار 15 شهرًا فرض سيطرته العسكرية على قطاع غزة، وما فشل فيه العدو لن ينجح فيه أحد".
وتأتي سيناريوهات اليوم التالي للحرب، كالتالي:
حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة القطاع.لجنة إسناد فلسطينية لحكم غزة بشكل مؤقت.إشراف مجتمعي لحين تشكيل كيان إداري موحد.إدارة انتقالية بإشراف الأمم المتحدة (طرح غير مدعوم فلسطينيًا).غزة إلى أين؟تتجه الأنظار نحو مستقبل إدارة قطاع غزة بعد الحرب، حيث يشهد المشهد السياسي تطورات جوهرية قد تعيد تشكيل موازين القوى الفلسطينية.
ومع إعلان حماس عدم اشتراط مشاركتها في إدارة القطاع، وانخراط مصر والأردن في جهود إعادة الإعمار، يبدو أن مرحلة جديدة تلوح في الأفق، لكن يبقى التحدي الأكبر في تحقيق توافق فلسطيني شامل حول شكل الحكم في غزة.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، محمد جودة، إن مصر بعد رفضها بشكل قاطع لمخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير أهل غزة نحو مصر ، تنظر إلى غزة من منظور استراتيجي متكامل يشمل الأمن والاستقرار السياسي وإعادة الإعمار مع ضمان عدم عودة القطاع إلى حالة الفوضى أو السيطرة الأحادية لفصيل بعينه.
وفي هذا السياق، يمكن فهم التحركات الأخيرة سواء فيما يتعلق برفض التهجير أو عدم مشاركة حماس في إدارة غزة، أو طرح مقترح لجنة الإسناد المجتمعي، أو الخطط المصرية الشاملة لمستقبل القطاع.
وأضاف جودة في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن إعلان حماس عدم مشاركتها أو تخليها عن إدارة غزة، يأتي في سياق الضغوطات التي تمارس عليها من قبل عدة جهات إقليمية ودولية وايضاً فلسطينية، حيث هناك إجماع دولي، مدعوم بموقف مصري وأطراف عربية، على ضرورة إنهاء حكم حماس في غزة، باعتباره كان أحد العوامل الرئيسية في عزل القطاع وإبقاء الفلسطينيين في مأزق سياسي وإنساني، حيث أن استمرار حكم حماس يعني استمرار الأزمة، وتعطيل أي فرص حقيقية للوحدة الوطنية الفلسطينية.
ولفت إلى أن هناك رفض لتكرار نموذج 2007 من قبل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، وهم لا يريدون تكرار تجربة سيطرة فصيل مسلح على غزة بالقوة، وهو ما تسبب في حالة طويلة من الانقسام السياسي الفلسطيني ، وبالتالي فإن أي نموذج مستقبلي لغزة يجب أن يكون مبنيًا على التوافق الفلسطيني والشرعية الوطنية.
وأشار جودة إلى أن ذلك يأتي ذلك أيضا في ظل تنامي حالة الضغط الشعبي داخل القطاع ، في ظل الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزة، و تزايد حالة السخط الشعبي على حكم حماس، حتى بين بعض مؤيديها.
ولا شك أن جزءاً كبيرا من سكان غزة أصبحوا يبحثون عن إدارة قادرة على توفير الأمن والخدمات الأساسية، بعيدًا عن الصراع السياسي والعسكري.
أما عن البدائل فيعتقد جودة، أن مقترح لجنة الإسناد المجتمعي التي تتبنى فكرتها
مصر، ومعها بعض الأطراف الإقليمية، ربما يكون هو المطروح حاليا كحل انتقالي لإدارة غزة، بعد رفض اسرائيل لتولي السلطة الفلسطينية مسؤولية غزة، إلى حين التوصل إلى صيغة فلسطينية توافقية لإدارة القطاع ، وبإعتقادي أن هذه اللجنة ستكون مختلفة عن أي شكل سابق للحكم في غزة، حيث تتشكل من شخصيات مهنية ومستقلة، وممثلين عن المجتمع المدني والنقابات، لضمان عدم هيمنة فصيل بعينه على إدارة القطاع.
وتسعى هذه اللجنة لتوفير الخدمات الأساسية، وتنسيق جهود إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية، بعيدًا عن أي أجندات سياسية ، وتكون بمثابة حل انتقالي يمهد لنقل السلطة إلى حكومة فلسطينية موحدة أو إدارة مدنية بإشراف عربي ودولي.
ويرى جودة أن هذه اللجنة و أياً كان شكل السلطة أو الادارة في غزة سيكون لمصر دوراً مهما فيها ومرجعا رئيسياً لها وربما ارتباطاً ادارياً وإشرافا مصريا على عملها .
ولفت إلى أن هذا الطرح يلقى قبولًا لدى بعض القوى الدولية والإقليمية، لكنه يواجه تحديًا يتمثل في كيفية تجاوب الأطراف الفلسطينية معه، خصوصًا حركة حماس التي قد ترفض التخلي عن نفوذها بسهولة، رغم إعلانها مؤخراً عن تخليها أو عدم تمسكها بالحكم في قطاع غزة ، ورغم أن اعادة إعمار قطاع غزة أكبر من قدرتها على تحقيق ذلك و في ظل أن هناك اجماع دولي ورفض اسرائيلي للسماح بإعادة الإعمار لطالما بقيت حماس في الحكم .
وتابع: “ما صدر عن حماس حتى اللحظة بهذا الشأن إن لم يمارس عليها ضغطا حقيقيا وفعليا قاطعا بضرورة تخليها عن الحكم في قطاع غزة ، ستكون هذه التصريحات ما هي إلا إعلاناً تكتيكيًا أكثر منه تحولًا استراتيجيًا، و ربما في تقديري أنه جزء من محاولات حماس لإعادة تموضعها سياسيًا استعدادًا للمرحلة المقبلة، دون أن يعني تخليها الفعلي عن النفوذ في غزة”.
واختتم قائلًا: “أعتقد أن الدور المصري في غزة يستند إلى مبدأ رئيسي وهو حماية الأمن القومي المصري وضمان استقرار القطاع، مصر لن تقبل بأي سيناريو يعيد الفوضى أو يشكل تهديدًا مباشرًا لها، ولذلك، فإن القاهرة تدير الملف الغزي بعناية، وتسعى إلى تحقيق توازن بين تخفيف معاناة السكان، ورفض تهجيرهم ومنع تحول غزة إلى ساحة صراع جديدة، وتأمين حل سياسي طويل الأمد يضمن للفلسطينيين حياة مستقرة وكريمة”.