النص الكامل للخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة

الحمد لله، والصلاة والسلام علی مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

لقد مكنت المسيرة الخضراء، التي نحتفل اليوم بذكراها العزيزة، من استكمال الوحدة الترابية للبلاد.

ووفاء لقسمها الخالد ، نواصل مسيرات التنمية والتحديث والبناء ، من أجل تكريم المواطن المغربي ، وحسن استثمار المؤهلات التي تزخر بها بلادنا ، وخاصة بالصحراء المغربية.

وقد مكن استرجاع أقاليمنا الجنوبية ، من تعزيز البعد الأطلسي للمملكة.

كما مكنت تعبئة الدبلوماسية الوطنية، من تقوية موقف المغرب، وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية ، والتصدي لمناورات الخصوم، المكشوفين والخفيين.

وإذا كانت الواجهة المتوسطية ، تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا ، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو افريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي .

ومن هنا يأتي حرصنا على تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيو – سياسي على المستوى الإفريقي.

غايتنا أن نحول الواجهة الأطلسية ، إلى فضاء للتواصل الإنساني ، والتكامل الاقتصادي ، والإشعاع القاري والدولي.

لذا، نحرص على استكمال المشاريع الكبرى ، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية ، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية ، المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية.

وكذا تسهيل الربط ، بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي ، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك ؛ بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي.

ولمواكبة التقدم الاقتصادي والتوسع الحضري ، الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية ، ينبغي مواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري ، يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة ساكنتها.

اقتصاد متكامل قوامه، تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر؛ ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري ؛ وتحلية مياه البحر، لتشجيع الأنشطة الفلاحية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق ، ودعم الطاقات المتجددة.

كما ندعو لاعتماد استراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية ، تقوم على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة ؛ قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية.

شعبي العزيز،

إن المغرب، کبلد مستقر وذي مصداقية، يعرف جيدا الرهانات والتحديات، التي تواجه الدول الإفريقية عموما، والأطلسية على وجه الخصوص.

فالواجهة الأطلسية الإفريقية، تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، ووفرة مواردها الطبيعية.

ومن هذا المنطلق، نعمل مع أشقائنا في إفريقيا، ومع كل شركائنا، على إيجاد إجابات عملية وناجعة لها، في إطار التعاون الدولي.

وفي هذا الإطار، یندرج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا.

وهو مشروع للاندماج الجهوي، والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، إضافة إلى أنه سيشكل مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة.

وهو نفس التوجه الذي دفع بالمغرب، لإطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي، يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين، بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك.

إن المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة.

لذا، نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.

غير أن نجاح هذه المبادرة، يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي.

والمغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة؛ إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها.

شعبي العزيز،

لقد تكلمت عن الجدية، وعن القيم الروحية والوطنية والاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات.

وقد جسدت المسيرة الخضراء هذه القيم العريقة؛ قيم التضحية والوفاء وحب الوطن، التي مكنت المغرب من تحرير أرضه، واستكمال سيادته عليها.

وعندما تكلمت عن الجدية، فذلك ليس عتابا؛ وإنما هو تشجيع على مواصلة العمل، لاستكمال المشاريع والإصلاحات، ورفع التحديات التي تواجه البلاد. وهو ما فهمه الجميع، ولقي تجاوبا واسعا، من مختلف الفعاليات الوطنية.

وهي منظومة متكاملة من القيم، مكنت من توطيد المكاسب التي حققناها، في مختلف المجالات، لاسيما في النهوض بتنمية أقاليمنا الجنوبية، وترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي.

وقد اعترفت، والحمد لله، العديد من الدول بمغربية الصحراء، وعبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

كما ساهمت قيم التضامن والتعاون والانفتاح، التي تميز المغرب، من تعزيز دوره ومكانته، كفاعل رئيسي، وشريك اقتصادي وسياسي موثوق وذي مصداقية، على المستوى الإقليمي والدولي، وخاصة مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة.

شعبي العزيز،

نغتنم مناسبة تخليد هذه الذكرى المجيدة، لنجدد التزامنا بقيم المسيرة الخضراء، ووفاءنا لقسمها الخالد.

كما نشيد بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة الملكية، والقوات الأمنية، والإدارة الترابية، وكل القوى الحية، داخل الوطن وخارجه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للوطن.

ولا يفوتنا أن نستحضر، بكل تقدير وإجلال، روح مبدع المسيرة الخضراء، والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، والأرواح الطاهرة لكل شهداء الوطن الأبرار.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

المصدر: مملكة بريس

كلمات دلالية: المسیرة الخضراء

إقرأ أيضاً:

افتتاح معرض صور شهداء قطاع التعليم في صنعاء بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد

يمانيون../
افتتح النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، ووزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي، اليوم الثلاثاء، معرض صور شهداء قطاع التعليم في صنعاء، في إطار فعاليات الذكرى السنوية للشهيد.

وفي افتتاح المعرض، الذي حضره رئيس مؤسسة رعاية أسر الشهداء طه جران وعدد من قيادات وزارة التربية، تمت قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء الذين ضحوا من أجل عزة وكرامة الوطن.

واطلع مفتاح والصعدي ومرافقوهم على محتويات المعرض، الذي ضم صوراً لشهداء القطاع التربوي الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن وقيمه.

وأكد العلامة مفتاح خلال الجولة أهمية استذكار تضحيات الشهداء الذين عملوا على إنارة عقول الأجيال وتعزيز الوعي الوطني، مشيداً بدور التربويين الذين كانوا خط الدفاع الأول في معركة الوعي والتعليم. وأضاف: “نعاهد شهداءنا بالسير على دربهم حتى تحقيق النصر الكامل بإذن الله”.

من جانبه، أشار وزير التربية والتعليم إلى أهمية إحياء الذكرى السنوية للشهيد كجزء من الوفاء لتضحياتهم، مؤكداً أن دماءهم أثمرت عزاً وكرامة. كما شدد على ضرورة رعاية أسر الشهداء والتفاعل مع احتياجاتهم كواجب ديني ووطني.

بدوره، أشار رئيس مؤسسة رعاية أسر الشهداء إلى أن هذه الفعالية تجسد العرفان لبطولات الشهداء، داعياً إلى استمرار تقديم الدعم لأسرهم كجزء من الوفاء لتضحياتهم.

وعلى هامش الفعالية، ناقش لقاء ضم النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير التربية وقيادات الوزارة سبل النهوض بقطاع التعليم. واستعرض الوزير الصعدي التحديات التي تواجه العملية التعليمية والجهود المبذولة لتطويرها، مؤكداً أهمية تعزيز التكامل بين كافة الجهات ذات العلاقة.

في ختام اللقاء، دعا العلامة مفتاح إلى استشعار أهمية التعليم باعتباره ركيزة أساسية لتقدم الشعوب وازدهارها، مؤكداً ضرورة تكاتف الجهود لتحقيق نقلة نوعية في التعليم العام والعالي والفني.

مقالات مشابهة

  • السلطة القضائية تنظم فعالية خطابية وتكريمية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • السعودية: العرب سيرفضون أي نص في كوب29 يستهدف الوقود الأحفوري
  • روسيا تهنئ لبنان بمناسبة الذكرى 81 للاستقلال
  • فعالية خطابية في إب بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • ذمار : فعالية خطابية وافتتاح معرض شهداء مديرية ذمار بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • إب : فعالية خطابية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • اللجنة العليا للانتخابات تنظم فعالية خطابية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • افتتاح معرض صور شهداء قطاع التعليم في صنعاء بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
  • حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 54 للعيد الوطني لسلطنة عمان
  • بمناسبة الذكرى الـ81 للإستقلال.. تعميم مهمّ من رئاسة مجلس الوزراء