كتب: لطيف نيرويي


يعتزم وفد عالي المستوى من الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي خوض جولة أخرى من المفاوضات في السابع من الشهر الجاري بمصيف صلاح الدين، بناء على دعوة رئيس الاتحاد الوطني بافل جلال طالباني.


هناك ثلاث نقاط رئيسية تجعلنا ننظر إلى الجولة القادمة من المفاوضات، بشيئ من الإيجابية.


أولا: الظروف والمستجدات: لطالما لعبت الظروف دورا إيجابا أو سلبيا في إدارة المفاوضات.


يصادف أن الظروف والواقع المعاش تفرض معرقلات في طريق أطراف التفاوض تجعلهم لا يصلون إلى اتفاق عادل ومنصف يرضي الجميع.


ويمكن للظروف نفسها أن تشجع على خوض المفاوضات وتهيئة الأرضية المناسبة لها وخلق إرادة ومصلحة مشتركة وبالتالي التوصل لاتفاق نهائي.


- ومن هذا المنطق يسعنا القول: إن ظروف الإقليم والمناطق المستقطة وبغداد كذلك، ملائمة لخوض المفاوضات بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والوصول إلى تفاهمات. واضرب لك مثلا:


- الظروف الحالية في إقليم كردستان ومشكلة رواتب الموظفين واحتجاجات المعلمين وموظفي الإقليم.


- الظروف الحالية في كركوك والمناطق المستقطعة الأخرى من كردستان، تحتم على جميع الجهات السياسية في الإقليم لا سيما الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي وهم يعيشون مرحلة الحملة الانتخابية، السعي لخوض حملات عقلانية وهادئة في تلك المناطق ونقل المنافسة إلى ساحة المكونات الأخرى وضمان أكبر الأصوات ونيل أكثر مقاعد مجلس محافظة كركوك والاستعداد لمرحلة ما بعد الانتخابات عبر خطط وبرامج مشتركة وإنهاء الوضع غير المستقر في كركوك والمناطق المستقطعة الأخرى.


- إن تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس التي برزت في بغداد والبعض من المناطق الأخرى في العراق تستدعي من الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان التوصل وعبر المفاوضات إلى تفاهمات حول مسؤوليات مشتركة وكيفية حماية الإقليم من لهيب نار تلك التداعيات.


ومن باب الإحساس بأهمية الاستفادة من الظرف الراهن، فالأخير يطرح أو يفرض مبادرة للسلام والتآلف وتوحيد البيت الكردي.


ثانيا: قوة المفاوضات: المفاوضات في هذه المرة قوية وجدية والأمر يعود إلى أن طرفيها يشاركان فيها على مستوى حزبي وحكومي عالي المستوى ولهما السلطة المطلقة في اتخاذ القرار أو التوصل لاتفاق على المستوى الحكومي أو الحزبي أو السياسي.


التوقعات تشير إلى أن جهتي التفاوض توجهان للبعض في هذه الجولة من المفاوضات أقل كلمات العتب والنقد. لأنهما شبعا من ذلك في الاجتماعات السابقة، لذلك نتوقع في هذه المرة اجتماعا جديا يبحث سبل إيجاد حلول ملائمة للخلافات والمشاكل.


ثالثا: التجربة التفاوضية: يرى المختصون في علم التفاوض أن المفاوضات الماراثونية تكسب أطراف التفاوض تجارب غنية وتجعلهم يستفادون من نقاط القوة والضعف الخاصة بالجولات السابقة. فلا شك أن المفاوضات طويلة الأمد تجعل أصحابها يتعلمون أكثر مما يتمتع به الطرف المقابل من النفس الطويل ورحابة الصدر والتسامح والجرأة والتعامل الحسن ومراعاة مصلحة المقابل. لأنها صفات تؤسس لقبول الآخر وإيجاد نقاط مشتركة وتقدم المفاوضات. وتصبح تلك التجارب بالمحصلة عاملا مساعدا في الوصول إلى نجاح المفاوضات والتوصل للاتفاق في نهاية المطاف. يحق لنا النظر برؤية إيجابية للجولة القادمة من مفاوضات الاتحاد الوطني والديمقراطي لو قسنا الأمور وفق ما تم ذكره آنفا، كون المفاوضات الماراثونية بين الجانبين واستمرار الوضع المشحون بينها، قد جرّ إلى مجموعة تساؤلات لا تسرّ أجوبتها سكان الإقليم ولا الجهتين المفاوضتين، والعكس لا يحدث إلا بالاستفادة من المفاوضات السابقة بين الطرفين.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الاتحاد الوطنی من المفاوضات

إقرأ أيضاً:

مفاوضات روما.. كيف تقرأ الأوساط الإيرانية التقدم في المباحثات النووية؟

طهران- على وقع المواقف الأميركية بعيد مفاوضات مسقط، التي تراوحت بين التلويح بالخيار العسكري وحثّ الترويكا الأوروبية على تفعيل آلية الزناد والدعوة إلى الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم في إيران، أحرزت الجولة الثانية من المحادثات النووية في روما تقدما ملحوظا تمثل في إعطاء الضوء الأخضر لبدء المباحثات التقنية.

ورغم تباين المواقف عقب مفاوضات مسقط، حيث دعا كبير المفاوضين الأميركيين ستيفن ويتكوف إلى وقف برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم، ورفضها على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي الذي اعتبره "غير قابل للتفاوض"، رسم تفاؤل الجانبين الإيراني والأميركي بعيد مفاوضات روما علامات استفهام كثيرة لدى الأوساط الإيرانية.

وبينما ذهب بعض المراقبين الإيرانيين بعيدا في تفسيرهم لنتائج الجولة الثانية من المباحثات النووية، التي عقدت السبت الماضي في العاصمة الإيطالية، يبحث طيف آخر عما يدور خلف الكواليس للعثور على سبب مقنع للتقدم السريع في مفاوضات "العدوين اللدودين"، في حين تستغرب شريحة ثالثة التطورات المتسارعة في هذا الملف بعد جلب حاملات الطائرات وقاذفات القنابل الأميركية إلى المنطقة.

تساؤلات

من ناحيته، يستغرب الناشط السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، التقدم السريع في المفاوضات النووية خلال فترة وجيزة جدا، موضحا أن ثمة تحديات تحيط بالمفاوضات عادة، لا سيما أن الهوة كانت كبيرة في مواقف الجانبين الإيراني والأميركي.

إعلان

وفي تعليق تحت عنوان "ما القصة؟" نشره في قناته على منصة تلغرام، تساءل زيد آبادي عما إذا كان الطرفان يتباحثان على الخطوط العريضة فحسب ولم ينتقلا إلى التفاصيل الدقيقة، أم إنهما لم يستوعبا مطالب الطرف المقابل ويفسرانها كما يحلو لهما.

وبينما يرى الناشط السياسي الإصلاحي في تعديل أحد طرفي المفاوضات أو كلاهما في مواقفه وإظهارهما "مرونة غير متوقعة" من أجل التوصل إلى اتفاق سريع، يرسم علامة استفهام كبيرة عما إذا اتفق الجانبان الإيراني والأميركي سرا بتسهيل من الوسطاء قبيل إطلاق المفاوضات الجارية.

من جانبه، عزا محمد مهدي شهرياري عضو لجنة الأمن القومي والسياسة والخارجية بالبرلمان الإيراني، سبب الأجواء الإيجابية التي سادت المفاوضات النووية إلى "ذكاء الخارجية الإيرانية التي سبق أن فعلت قنوات تواصل مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأميركيين منذ عامين، وناقشت معهما القضية النووية دون غيرها".

وتداولت وسائل الإعلام الإيرانية شريطا مصورا لشهرياري وهو يقول إن الجانب الإيراني الذي ارتبط بفريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان ينقل المستجدات -منذ أشهر- أول بأول إلى المرشد الأعلى علي خامنئي والجهات الدبلوماسية، مضيفا أن بلاده تتخذ قراراتها هذه الأيام بناء على المعلومات والبيانات التي جمعتها خلال السنوات الماضية.

في غضون ذلك، ترجع صحيفة "خراسان" الصادرة بالفارسية، سبب التقدم المتسارع في مفاوضات الجانبين الإيراني والأميركي إلى الرياح التي جاءت بما لا تشتهي سفينة ترامب وإطالة الأمد في تحقيق وعوده الانتخابية، لا سيما ما يخص إحلال السلام في الشرق الأوسط وإيقاف آلة الحرب في أوكرانيا، إلى جانب اصطدام حرب الرسوم الجمركية بعقبات جمة.

ملفات خلافية

وفي مقال بقلم الكاتب السياسي صابر كل عنبري، رأت الصحيفة أن ترامب يبدو على عجلة من أمره بشأن التوصل إلى اتفاق مع طهران، وأنه إثر بلوغ الملفات أعلاه طريقا مسدودا يرغب بتسجيل إنجاز كبير لإدارته انطلاقا من اعتقاده بأن حلحلة الملف النووي الإيراني أسهل من الملفات الأخرى، ذلك لأن الجانب الأميركي هو أحد طرفي المفاوضات النووية خلافا للنزاع في أوكرانيا وغزة، مما يشجعه على عدم إثارة قضايا إضافية غير البرنامج النووي وعدم المطالبة بتفكيكه.

إعلان

ومع ذلك، فإن فئة أخرى من الإيرانيين تعتقد أن الوقت مبكر للحكم على نجاح أو فشل المفاوضات بين طهران وواشنطن، رغم قبول الجانبين بمبدأ الحوار والتخلي عن المواقف السابقة وعدم طرحهما مطالب من شأنها توتير الأجواء وتعيين موعد للجولة الثالثة.

وإن كانت هذه الأمور تبعث رسائل إيجابية عن المسار الدبلوماسي حتى الآن، غير أن السفير الإيراني الأسبق في ليبيا جعفر قناد باشي، يرى أن طريق المفاوضات لا يزال ملغما، وأن ثمة تحديات كبيرة قد تنسف طاولة الحوار بين عشية وضحاها.

وفي مقابلته مع صحيفة "ستاره صبح"، يسلط الدبلوماسي الإيراني السابق، الضوء على الملفات الخلافية بين وفدي التفاوض حول رفع العقوبات والتحقق من الوفاء بالتعهدات وطبيعة البرنامج النووي الإيراني وغيرها، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة لم تتفقا بعد على العديد من النقاط وأن مباحثاتهما خلال جولتي مسقط وروما لا يمكن أن تضمن الوصول إلى النتيجة النهائية.

ولدى إشارته إلى المساعي الإسرائيلية للدفع بالعلاقات الإيرانية الأميركية نحو التصادم العسكري، والتطورات الإقليمية والدولية المعقدة، وتهديد الجانب الأوروبي بتفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، يؤكد قناد باشي أن أي اتفاق محتمل سيبقى معلقا حتى التوقيع عليه، وأن الطريق سيبقى ملغما حتى ذلك الحين.

سيناريوهات محتملة

في المقابل، يلمس الأكاديمي مهدي مطهر نيا، رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية، في مفاوضات 2025 تقاربا في المواقف الإيرانية الأميركية من شأنها أن ترتقي بالعلاقات المتوترة إلى "الشراكة الإستراتيجية" خلال السنوات المقبلة.

وفي مقال تحت عنوان "أجواء المفاوضات بين طهران وواشنطن" نشره في صحيفة "آرمان ملي"، يكتب مطهر نيا، أن المسار الدبلوماسي سيستمر حتى التوصل إلى اتفاق أو قناعة لدى كل من الجانبين بضرورة طي ملف المفاوضات، مؤكدا ضرورة استغلال الظروف الواعدة الراهنة تمهيدا لوصول البيت الأبيض إلى تفاهم مع طهران في إطار ما يسمى بالنظام العالمي الحديث.

إعلان

وبين متفائل ومتشائم بشأن مستقبل المفاوضات النووية المتواصلة بين طهران وواشنطن برعاية مسقط، يعدد الأكاديمي المختص في التجارة الدولية مصطفى كوهري فر -في مقاله بصحيفة "دنياي اقتصاد"- السيناريوهات المترتبة على المسار الدبلوماسي الجاري وفق التالي:

اتفاق شامل وطويل الأمد يرفع العقوبات عن إيران ويمهد لاستثمار الشركات الأميركية فيها. اللجوء إلى الخيار العسكري إثر تشبث الجانبين بمطالبهما، وهذا ما ترغب به إسرائيل. اتفاق مؤقت على غرار خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي المبرم عام 2015).

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني يوقع كتابه "قوة التفاوض" في معرض مسقط الدولي للكتاب.. الجمعة
  • الحنيان: مفاوضات الهلال حقيقية وليست تمويهًا ..فيديو
  • وزير الخارجية الإيراني يؤكد: لا نية لطهران في إجراء مفاوضات علنية
  • جولة مفاوضات جديدة بين حماس وكيان العدو في القاهرة
  • بعد معارضة اتفاق أوباما.. لماذا تدعم السعودية اتفاق ترامب مع إيران؟
  • إيران: الجولة المقبلة من المحادثات النووية ستُعقد في سلطنة عُمان
  • مفاوضات روما.. كيف تقرأ الأوساط الإيرانية التقدم في المباحثات النووية؟
  • غارات الجنوب.. رد على مفاوضات روما
  • تقارير: إسرائيل تلوح باستئناف الحرب على غزة خلال 10 أيام
  • إيران: الجولة المقبلة من المفاوضات مع أمريكا ستعقد بحضور وسطاء في مسقط