يشارك ما لا يقل عن 40 عارضا مغربيا في معرض نيويورك للأغذية الفاخرة “سامر فانسي فود”. ويضم وفد هذا العام ضعف عدد المشاركين في السنة الماضية، من الصناعيين والتعاونيات من قطاعي الصناعة الغذائية والبحرية.

المشاركة المغربية في هذا المعرض تتضمن عددا كبيرا من الفاعلين في قطاع الزيتون الذين تؤثث منتجاتهم فضاءات رواق المغرب، الذي تم إنشاؤه على مساحة تبلغ 390 مترا مربعا، ويضم مجموعة متنوعة من المنتجات تشمل زيت الزيتون والزيتون والحلويات والكسكس والمعجنات، والسردين المعلب والماكريل، فضلا عن الأعشاب العطرية والمنتجات المجالية.

وبمناسبة المعرض الصيفي للأغذية الفاخرة، الحدث الأبرز في قطاع الصناعة الغذائية، يطمح العارضون المغاربة في قطاع إنتاج زيت الزيتون إلى تعزيز الشهرة المتنامية للمنتجات المغربية داخل السوق الأمريكية.

على مدى ثلاثة أيام، يستقطب هذا المعرض أزيد من 20 ألف متخصص من جميع أنحاء العالم. وأمام المتسوقين والمصدرين، ومصانع التعهيد، والموزعين المتخصصين وسلاسل الفنادق والطهاة، تقدم الشركات المغربية عرضا تنافسيا ذا قيمة مضافة عالية، ومنتجات مغربية غنية بالنكهات وذات جودة. كما أن المنافسة تظل قوية، بغية الاستجابة بفعالية للاحتياجات المتنوعة للطلب الأمريكي.

وتشير المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات المغربية “موروكو فودكس” إلى أن قطاع الزيتون المغربي يتميز بتطور تكنولوجيات الإنتاج، إذ يعتمد ممارسات مستدامة تساهم في حماية البيئة والموارد الطبيعية والحفاظ على التنوع الجيني والتربة.

ويؤكد أحد العارضين المغاربة المشاركين في معرض “سامر فانسي فود”، المشهود له بجهوده في مجال البحث والتطوير، أن “إنتاج زيت الزيتون يخلف نفايات. وبعد سنوات عديدة من البحث التطبيقي، تمكنا من ابتكار منتجات مذهلة الأداء، ومجموعة من المكملات الغذائية ومنتجات مقاومة الشيخوخة تم إثبات فعاليتها، بالإضافة إلى مجموعة من قوالب الفحم الحجري الإيكولوجية، المصنوعة بشكل كامل من المنتجات الثانوية لأشجار الزيتون، المعاد تدويرها”.

دينامية الابتكار هذه آتت ثمارها، وذلك وفق أرقام “موروكو فودكس”. فخلال السنة الماضية، سجل المغرب نتائج ملحوظة في ما يتعلق بصادراته إلى الولايات المتحدة. إذ بلغ حجم هذه الصادرات من منتجات الصناعة الغذائية إلى هذا السوق ما يناهز الـ169 ألف طن في عام 2022، مسجلة بذلك نموا بنسبة 65 في المائة مقارنة بسنة 2019، و59 في المائة مقارنة بعام 2021.

وتعد الولايات المتحدة بلدا متعدد الأعراق، ومجالا ترابيا شاسعا تتباين فيه خصائص كل ولاية عن الأخرى. ويساهم عدم تجانس التركيبة الديمغرافية في تنمية ثروة البلاد وظهور اتجاهات جديدة للاستهلاك الغذائي، تهتم بشكل متزايد بالحفاظ على الصحة واتباع الحمية الغذائية للبحر الأبيض المتوسط، مما يجعل هذه السوق الأمريكية واعدة وذات مؤهلات عالية بالنسبة للمنتجات المغربية.

ويعد هذا السياق “واعدا”، كما يؤكد أحد الفاعلين المغاربة، معتبرا أنه يتم الاعتراف بزيت الزيتون المغربي بفضل جودة مذاقه العالية، وإمكانية تتبع سلسلة الإنتاج، وغناه بالأحماض ومضادات الأكسدة والبوليفينول الطبيعي، والتي تعد عوامل رئيسية لتعزيز مكانة المغرب في السوق الأمريكية.

وأكد المتحدث أن قطاع الزيتون المغربي يلتزم، بشكل قوي، بالحفاظ على مجال العرض القابل للتصدير للبلاد، والاستمرار في تأكيد مكانة المغرب باعتباره موردا يحظى بثقة عالية في سوق زيت الزيتون العالمي.

مع متم العام الجاري، سيصل حجم سوق المواد الغذائية المتخصصة في الولايات المتحدة إلى 207 مليارات دولار، محققة نموا كبيرا مقارنة مع 194 مليار دولار المسجلة العام الماضي. هذه المنتجات تشكل كذلك 22 في المائة من حجم منتجات البقالة، أي ما يناهز ضعف ما كانت عليه قبل عشر سنوات.

المصدر: اليوم 24

إقرأ أيضاً:

من أرض الزيتون إلى الخيام.. حلم مزارعي إدلب بالعودة يتأجل

"يا فرحة ما تمت"، بهذه العبارة يصف الحاج عبد الحميد الفجر حال بلدته الواقعة في ريف إدلب الجنوبي شمال سوريا، بعد عودته إليها في 30 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، عقب تحريرها.

فرحة الفجر سرعان ما تلاشت بسبب تغيّر معالم بلدته لأن جميع أشجارها اقتلعت ومعظم منازلها هدمت.

كان لدى الفجر 5 آلاف شجرة زيتون، تدر عليه سنويًا أطنانًا من الزيت، يبيعها ويعيش من خيراتها، وما يفيض منها كان يدّخره لشراء أراضٍ جديدة وتوسيع رأس ماله.

وعند عودته، فوجئ بأراضيه وقد تحوّلت إلى أرض جرداء، بعد اقتلاع جميع الأشجار من جذورها على يد عناصر نظام الأسد.

يقول الفجر في حديثه للجزيرة نت: "قريتي حاس لم تسلم فيها شجرة واحدة، علمًا أن عدد أشجار الزيتون فيها يُقدّر بنحو 140 ألف شجرة".

وأوضح أن عملية الاقتلاع لم تقتصر على قريته فقط، بل امتدت لتشمل عشرات القرى والمناطق من ريف إدلب الجنوبي حتى ريف حماة الشمالي وسهل الغاب.

ويشير الفجر إلى أن نحو 90% من السكان يعيشون على الزراعة، خاصة الزيتون والمواسم الصيفية والتين، موضحا أن معظم هذه الأشجار يزيد عمرها عن100 عام، وأن استعادة إنتاجيتها تحتاج إلى أكثر من 15 عامًا، وهو أمر مكلف للغاية.

إعلان كارثة اقتصادية

شكل اقتلاع عشرات آلاف الأشجار المثمرة من جذورها -خصوصًا الزيتون والتين والرمان- ضربة قاصمة للقطاع الزراعي في ريف إدلب الجنوبي، الذي يعتمد في اقتصاده على الزراعة البعلية كمصدر رئيسي للدخل والغذاء.

تقدّر خسائر المزارعين في قرى جبالا وكفرنبل وحدها باقتلاع نحو 200 ألف شجرة زيتون (الجزيرة)

وكانت هذه الأشجار تشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي، وتوفّر دخلًا مستقرًا نسبيًا للأهالي رغم ظروف الحرب. ومع تدمير هذا الغطاء النباتي، فقدَ الأهالي مصدر رزقهم الرئيسي، مما تسبب في ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

مأساة

يؤكد ياسر المحمود، وهو مزارع يعمل في شراء وبيع الأراضي الزراعية، أن عدد السكان المتضررين من عمليات القلع الممنهج يتراوح بين نصف مليون إلى مليون نسمة.

ويُقدّر عدد الأشجار التي اقتلعت من جذورها بمئات الآلاف، بينما قطعت ملايين الأشجار جزئيًا.

ويقول المحمود: "منطقة بين جبالا وكفرنبل وحدها اُقتلع منها نحو 200 ألف شجرة زيتون، علمًا أن 90% من سكان هذه القرى يعتمدون على الزراعة وبيع المحاصيل لتأمين قوتهم طوال العام".

ويضيف أن هذه الأراضي الممتدة من ريف إدلب الجنوبي إلى ريف إدلب الشرقي وريف حماة الشمالي وسهل الغاب، كانت تدر في مواسم عشرات ملايين الدولارات سنويًا من منتجات الزيت والتين والفستق الحلبي، وتصدر إلى خارج سوريا.

ويؤكد محمود أن فقدان هذه الأشجار المعمّرة لا يمكن تعويضه سريعًا، إذ تحتاج الأشجار الجديدة سنوات حتى تبدأ بالإنتاج، ويقول إن الاقتلاع أدّى إلى تآكل التربة وزيادة هشاشتها أمام عوامل التعرية، مما أثر سلبًا على جودة الأراضي الزراعية وأضعف إنتاجية المحاصيل الموسمية الأخرى.

%90 من سكان ريف إدلب الجنوبي يعتمدون على الزراعة مصدرا رئيسيا للعيش (الجزيرة) النزوح من الأرض إلى الخيام

دفعت هذه الأوضاع كثيرًا من المزارعين إلى هجر أراضيهم أو تغيير أنماط الزراعة إلى محاصيل سريعة النمو لكنها أقل مردودية.

وفي ظل تدمير منازلهم، لجأ كثير منهم إلى الإقامة في الخيام، محاولين التكيف مع الواقع الجديد، مما ساهم في تراجع التنوع الزراعي التقليدي في المنطقة.

من جانبه، تحدث محمد الحمادو من مدينة خان شيخون، التي يقطنها نحو 150 ألف نسمة، عن معاناته: "فقدت حقلي الذي يحتوي على نحو ألف شجرة فستق حلبي، قبل أسبوع فقط من تحرير المدينة، بعد أن فقد الضباط الأمل في استثمار الأرض من جديد".

إعلان

ويضيف الحمادو في حديثه للجزيرة نت، أن هناك ورشات يجلبها متعهدون يتفقون مع الضباط على قطع الأشجار وبيعها في الأسواق بأسعار زهيدة، ثم تُتقاسم العائدات بين المتعهد والضابط المسؤول عن المنطقة.

ويضيف: "خسائر المزارعين لا تُقدّر بثمن، وما جرى يُعد إبادة ممنهجة للأشجار من جيش النظام السابق، وربما لن تُعوض إلا بعد مرور أجيال، خصوصًا وأن المزارعين لا يزالون في حيرة من أمرهم بشأن نوع الزراعة المناسب لأراضيهم بعد فقدان غطائها النباتي".

مطالبات بالعدالة والمحاسبة

وطالب السكان والمزارعون الحكومة السورية الجديدة بملاحقة المتعهدين والضباط والورشات التي شاركت في عمليات التدمير، ومحاسبتهم قانونيًا والحصول على تعويضات ضمن مسار العدالة الانتقالية المنتظرة.

ويقول الحقوقي السوري أحمد الأيمن: "من المفترض أن تشكل الحكومة محاكم خاصة لاستقبال دعاوى المتضررين، وخصوصًا أصحاب الأراضي، وملاحقة كل من شارك في عمليات القطع والبيع، وسجنهم وتغريمهم مقابل ما اقترفوه بحق السكان".

ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أن مسار العدالة الانتقالية يجب أن ينطلق بأسرع وقت، لأن التأخر فيه قد يفتح أبوابًا للانتقام الشخصي، مما يهدد السلم الأهلي الذي تسعى الحكومة إلى الحفاظ عليه.

ويبقى المزارعون في ريف إدلب الجنوبي بانتظار تحرك فعلي من الجهات المعنية، لوقف نزْف الأرض وتعويض المتضررين، في وقت لا تزال فيه آثار الحرب تلاحقهم حتى في أرزاقهم، وتعيق حلم العودة الكاملة إلى حياتهم الزراعية التي عرفوها سنوات.

مقالات مشابهة

  • عاجل:- رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية استراتيجية بين "جيبتو فارما" و"دوا فارماسيوتيكالز" الأمريكية لتأهيل مدينة الدواء للتصدير إلى السوق الأمريكية
  • “أوتشا”: المخزونات الغذائية والطبية تتناقص بشكل خطير في غزة بسبب قيود الاحتلال
  • تراجع طفيف لمؤشر “تاسي” تحت ضغط الأسهم القيادية رغم صعود معظم الشركات
  • غرفة تجارة غزة: إغلاق “إسرائيل” للمعابر رفع أسعار السلع الغذائية 500%
  • وفد اقتصادي مغربي من جهة سوس يزور الأندلس غدا الاثنين لتعزيز الشراكة المغربية الإسبانية
  • تكريم الصديق معنينو في حفل ثقافي في مركز الثقافة المغربي في كيبيك
  • من أرض الزيتون إلى الخيام.. حلم مزارعي إدلب بالعودة يتأجل
  • مصر تشارك في الجلسة الإقليمية لتعزيز النزاهة في قطاع النقل العربي
  • فضيحة. بنكيران يستضيف متطرف موريتاني هاجم إعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء (فيديو)
  • "أسبوع المغرب" في موريتانيا.. لقاءات مكثفة لتعزيز المبادلات التجارية بين البلدين