بدلا من أن تنتهي الحال بملايين السودانيين إلى الحرية والديمقراطية، بعد أن خرجوا مطالبين بهما وكانوا سببا في سقوط نظام حكم البشير؛ استيقظوا على ويلات مواجهة عسكرية اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع.

برنامج "للقصة بقية" (2023/6/26) تابع مسار تطور أزمة السودان، رغم دعوات القوى المدنية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول عديدة كالولايات المتحدة وبريطانيا لوقف إطلاق النار، فضلا عن المبادرات العديدة لتسوية الأزمة.

وفي تسلسل زمني للأحداث، رصد تقرير البرنامج أبرز التطورات التي شهدها السودان منذ بداية الأزمة. فمع تصاعد وتيرة المظاهرات عامي 2018 و2019، قرر محمد حمدان دقلو (حميدتي) التخلي عن البشير الذي بقي حاميا له 15 عاما، ورفض قمع المتظاهرين، كما دعا لإسقاط البشير وكل رجال الحرس القديم وتقليص الفترة الانتقالية.

وبانتقال السلطة من المجلس العسكري الانتقالي إلى مجلس السيادة السوداني، عيّن مجلس السيادة عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء خلال الفترة الانتقالية، لكنه أعلن استقالته من منصبه بعد أن باءت محاولاته للخروج من الأزمة السياسية السودانية بالفشل.

ويوم 17 أبريل/نيسان الماضي، صدر قرار من القائد العام للجيش رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بحل مليشيا الدعم السريع وإعلانها قوة متمردة على الدولة.

وكان قائد الدعم السريع قد صرّح أكثر من مرة بأن قواته تقاتل من وصفهم بالمتطرفين، وتضحّي من أجل الشعب السوداني والتحول الديمقراطي، على حد تعبيره. وجرى الإعلان عن هدن بوساطة أميركية سعودية لوقف القتال بدءا من 25 أبريل/نيسان، لكن لم يتم الالتزام بأي منها.

تصريحات دولية

ومن التصريحات الأممية الخاصة بأزمة السودان الواردة في التقرير، كان لافتا تصريح الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس في 5 مايو/أيار الماضي بأن من دعاهم "الباحثين عن الثروة" ينضمون إلى القتال، مشيرا إلى مسلحين من مالي وتشاد والنيجر.

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقال إن السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة، وحذر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي من إمكانية انزلاق البلاد إلى حرب أهلية وانهيار الدولة.

وبدأت في جدة في 6 مايو/أيار الماضي محادثات ترعاها السعودية والولايات المتحدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكنها بعد 5 أيام لم تسفر إلا عن اتفاق الجانبين على السماح للمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل بالوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، مع الالتزام "بضمان حماية المدنيين".

وفي تطور متسارع للأحداث، قرر قائد الجيش رئيس مجلس السيادة في 19 مايو/أيار إعفاء محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع من منصب نائب رئيس مجلس السيادة، وعيّن في الموقع نفسه مالك عقار.

وتوالت الهدن، ولم تتوقف الانتهاكات، وهدد البرهان أواخر الشهر الماضي باستخدام ما دعاها القوة المميتة ضد قوات الدعم السريع، وقد بلغ عدد النازحين نتيجة المعارك أكثر من "مليوني شخص" في مختلف أنحاء السودان، كما فرّ نحو 600 ألف سوداني إلى دول الجوار.

تراكمات سياسية

وقال المفكر والمؤرخ والأكاديمي السوداني عبد الله علي إبراهيم إن الصراع في السودان ثمرة حكم استمر منذ 1956 لا يحظى بعلاقة لصيقة بين الشعب والحاكم، معتبرا أنه منذ الاستقلال عاش السودان تحت دكتاتوريات، مما نتج عنه أدوات مختلفة للمعارضة بما فيها اللجوء إلى خيار السلاح.

وأضاف أن عمر البشير استعان بالهامش لقمع الهامش، وهو ما أثمر عن إنتاج الدعم السريع لتكون بذلك اللغة السائدة في السودان هي حمل السلاح، مشيرا إلى أنه غاب في السودان العمل النقابي والواعي للتغير، ولم يعد هناك بديل إلا السلاح والعنف.

من جهته، أشار الباحث القانوني والمحلل السياسي السوداني إسماعيل أحمد رحمة إلى أن مبادرات حل النزاع لم تنجح في السودان، لأن الأزمة وليدة تراكمات سياسية مؤجلة، وما حدث في الفترة الأخيرة ما هو إلا انفجار وإدانة للمؤسسات العسكرية التي تحاول فرض سياساتها بالقوة على الشعب.

وأضاف أن التأثيرات الدولية حاضرة في السودان، حيث من الواضح أن الإدارة الأميركية لا تريد حل النزاع في السودان إلى أن تضعف جميع الأطراف ويتم القبول بشروطها بما يتماشى مع مصالحها الخاصة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

كشف خمسة شروط خطيرة من الإمارات لوقف دعم قوات الدعم السريع في حرب السودان

متابعات – تاق برس – كشف مستشار رئيس وزراء السودان السابق، القيادي بقوى الحرية والتغيير أمجد فريد الجمعة، أن الإمارات العربية المتحدة أبلغت مصادر دبلوماسية بخمسة شروط من أجل وقف دعمها غير المشروط لـ(قوات الدعم السريع)، والسماح بوقف الحرب في السودان.

وقال فريد في تغريدة على منصة إكس “تويتر سابقاً” انه في مواجهة الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي على الإمارات العربية المتحدة لوقف تأجيج الحرب ودعم استمرار الفظائع المرتكبة في السودان من خلال تزويد قوات الدعم السريع بالسلاح، أن الإمارات العربية المتحدة أبلغتهم بخمسة شروط من أجل وقف دعمها غير المشروط لـ(قوات الدعم السريع)، والسماح بوقف الحرب في السودان.

 

وتتضمن الشروط حسب ما نشر أمجد فريد الاستحواذ على أرض الفشقة: تصر الإمارات العربية المتحدة على الاستحواذ على منطقة الفشقة التي تبلغ مساحتها مليون فدان وتقع في ولاية القضارف السودانية على حدود السودان وإثيوبيا. احتل ميليشيات الأمهرة الإثيوبية منطقة الفشقة واستغلتها لفترة طويلة قبل أن يستعيدها الجيش السوداني خلال فترة حرب التيغراي في نوفمبر 2020. في أبريل – مايو 2021، حاولت الإمارات الاستحواذ على هذه الأراضي الزراعية الخصبة في الفشقة عبر اتفاقية تخصيص استثماري، تحصل فيها الامارات على 50٪ من الأرض بينما طحصل السودان وإثيوبيا على 25٪ لكل منهما كحل للخلاف بين السودان وإثيوبيا. تم رفض العرض الاماراتي بسبب المقاومة السياسية القوية من عدد من الجهات السياسية الفاعلة السودانية. وقد تشير تصريحات أبي أحمد الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي إلى رفضه لمثل هذا الترتيب في الظروف الحالية في السودان وعدم رغبته في الانخراط بشكل مباشر في الصراع السوداني. ومع ذلك، فإن تحركات مليشيا الدعم السريع نحو القضارف تشير إلى الاهتمام بالوكالة بهذه المنطقة.

 

وتضمنت الشروط ايضا،حسب أمجد فريد، إدارة مشروع الجزيرة الزراعي لمدة تتراوح بين 25 إلى 50 عامًا واحتكار محاصيله. عانى المشروع، وهو أكبر مشروع ري انسيابي في العالم، ويغطي مساحة 2.2 مليون فدان، من الإهمال الذي أدى إلى تدهور نظام الري على مدى العقدين الماضيين خلال حكم نظام الإخوان المسلمين. وبرغم ذلك، أظهر المشروع فوائد اقتصادية وفعالية كبيرة خلال مواسم الزراعة لعام 2020 في ظل الحكومة المدنية الانتقالية. ومع توفر المياه والأراضي الخصبة ونظام الري الطبيعي القائم على الجاذبية، فإن الاستثمار في إعادة تأهيل المشروع سيكون له جدوى اقتصادية كبيرة ويساهم في ضمان الأمن الغذائي الذي يشغل بال الامارات التي تستورد ٩٠٪ من حاجتها الغذائية من الخارج. ولكن احتكار وتحكم اي جهة خارجية في إدارة المشروع، سيعطل نظام الإدارة التشاركية مع المزارعين والمقيمين المحليين للمشروع، وهو النظام الذي ظل سائدا منذ إنشائه في عام 1925. وربما يكون هذا هو السبب وراء قيام مليشيا قوات الدعم السريع، منذ سيطرتها على ولاية الجزيرة في ديسمبر ٢٠٢٣ باجبار القرويين والمزارعين في المناطق الريفية في ولاية الجزيرة على النزوح القسري من مناطقهم بشكل منهجي متعمد، لتسهيل مثل هذه الصفقة.

 

كذلك من بين الشروط قائمة غير المرغوب بهم: وهي قائمة طويلة من الأفراد الذين يُنظر الي انه إسكاتهم أو إبعادهم عن المشهد بأي وسيلة. ولا تقتصر هذه القائمة على توجه سياسي أو أيديولوجي محدد؛ بل تشمل أفرادًا (مدنيين وعسكريين) تعتبرهم الإمارات العربية المتحدة إشكاليين وتنظر اليهم على أنهم عوائق في علاقتها بالسودان.

 

 

واشترطت الامارات بحسب ما نشر أمجد فريد هيكل وتشكيل الحكومة: الإمارات العربية المتحدة لا تعترض على استمرار القيادة العليا الحالية للقوات المسلحة السودانية في مناصبها، لكنها تصر على تشكيل حكومة بواسطة تحالف “تقدم” لحكم البلاد. وحددت الإمارات أسماء معينة كمرشحين مقبولين بالنسبة لها لرئاسة الوزراء في السودان. وتتضمن القائمة اسم الدكتور عبد الله حمدوك ولكنها لا تقتصر عليه.

 

ومن بين الشروط ترتيبات البحر الأحمر: أفادت المصادر الدبلوماسية أيضًا أن الإمارات أبلغت الروس أنها لا تمانع في إنشاء القاعدة البحرية التكتيكية واللوجستية الروسية في البحر الأحمر إلى الجنوب من بورتسودان، ولكن ذلك مشروط بمنح الإمارات وسيطرتها على انشاء وادارة الميناء التجاري الجديد في أبو عمامة، على بعد 200 كيلومتر شمال بورتسودان. في أواخر عام 2022، أبرمت الإمارات اتفاقًا مع الحكومة السودانية لبناء ميناء تجاري جديد على ساحل البحر الأحمر السوداني. كان الاتفاق لانشاء ميناء ابوعمامة عبر شراكة بين مجموعة موانئ أبوظبي المملوكة للإمارات العربية المتحدة وشركة إنفيكتوس للاستثمار ومقرها دبي، وهي جزء من مجموعة دال التابعة لرجل الأعمال السوداني أسامة داود. واسامة داود لديه ارتباط مباشر بمقترح الفشقة الذي قدمته الامارات وتم رفضه سابقًا.

الدعم السريعالفشقةشروط من الامارات

مقالات مشابهة

  • خلال 3 أشهر فقط.. أعداد النازحين من الفاشر السودانية وصلت إلى 328 ألف شخص
  • الهجرة الدولية: أكثر من 328 ألف نزحوا من الفاشر بالسودان
  • وزير الداخلية السوداني يتهم "الدعم السريع" بالإفراج عن إرهابيين مسجونين
  • الفصائل السياسية السودانية تجتمع في القاهرة وسط تضاؤل فرص السلام
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • البرهان : الجيش يحقق انتصارات وخسارة بعض المدن لا تعني الهزيمة
  • البرهان: الحرب لن تنتهي إلا بتطهير السودان من مليشيا “الدعم السريع”
  • كشف خمسة شروط خطيرة من الإمارات لوقف دعم قوات الدعم السريع في حرب السودان
  • الأمم المتحدة تدعوا الجيش السوداني والدعم السريع لمفاوضات الأسبوع المقبل
  • الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان