الملتقى الفقهي لمركز الأزهر العالمي للفتوى عن فلسطين
إبراهيم الهدهد: مواقف الأزهر لدعم القضية الفلسطينية غصة في حلق الكيان الصهيوني
رئيس جامعة الأزهر: الاحتلال الصهيوني كيان غاصب لا يراعي حرمة للإنسانية ويمارس إبادة جماعية
مصطفى الفقي: علماء الأزهر دائمًا ما يقولون الحق في وجه كل ظالم
الملتقى يخرج بتوصيات مهمة لدعم القضية الفلسطينية

 

عقد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، غدًا الاثنين، الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»، في إطار دعم الأزهر الشريف للقضية الفلسطينية ومعايشته لقضايا الأمة وواقعها، وجهود الدولة المصرية في خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق إخواننا في دولة فلسطين الشقيقة، ‏بقاعة الأندلس بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.

ويشارك في الملتقى نخبة من علماء الأزهر والمثقفين والإعلاميين وقادة الرأي، حيث يعقد الملتقى بمشاركة: فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وسعادة السفير الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي البارز والرئيس السابق لمكتبة الإسكندرية، فضيلة الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، المشرف العام على مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وفضيلة الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور أسامة الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ولفيف من قيادات وعلماء الأزهر الشريف وشباب الجامعات.

الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»

ويناقش الملتقى عددًا من المحاور هي: (الخطاب الإفتائي المعاصر والقضية الفلسطينية- الفتاوى الشاذة وأثرها السلبي على القضية الفلسطينية- وسائل الإعلام وهيئات الفتوى.. تنوع وتكامل).

قال الدكتور إبراهيم الهدهد، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر الشريف، عضو مجمع البحوث ‏الإسلامية، إن الالتفاف الغربي والداعم للكيان الصهيوني في مجازره البشعة التي يمارسها ضد ‏الفلسطينيين تحمل في باطنها حملة ممنهجة ضد الأمة العربية والإسلامية وتنسج حولها ‏الأكاذيب والخرافات في محاولة لإكسابها الشرعية، وعلى مؤسساتنا ومنظماتنا أن تتصدى لكل ‏محاولات التزييف التي يتخذها الكيان الصهيوني ستارًا يخبئ خلفه كل جرائمه البشعة. ‏

وأكد الهدهد أن محاولات تصوير الإسلام بأنه دين الإرهاب وأن أتباعه مجرمون وقتلة هي ‏حملات هدفها تشويه صورة الإسلام والمسلمين؛ هذا الدين الذي لا يعرف الكره ولا البغض ولا ‏التعدي على حقوق الآخرين، وهو دين يحمل في مقوماته دعائم الحضارة الإنسانية التي تقوم ‏على العدل والمساواة بين البشر جميعًا. ‏

وأوضح الهدهد أن هناك دور مهم ورئيس للخطاب الإفتائي في بناء الوعي، والتصدي  لحملات ‏التشويه الممنهجة للحقائق التاريخية الثابتة، وهو الدور الذي لعبته فتاوى الأزهر في دعم ‏القضية الفلسطينية في كل مراحلها إيمانًا من علماء الأزهر بحق الشعب الفلسطيني الثابت ‏تاريخيا ودينيا، ولا يزال هذا الدور مستمر في مساندة القضية الفلسطينية، كما استعرض الهدهد  ‏جانبًا من وثائق الأزهر الشريف التاريخية ومواقف علمائه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية في ‏كل مراحلها والتي أكدت جميعها حق الشعب الفلسطيني في نضاله لاسترداد أرضه وحماية ‏مقدساته من اعتداءات الكيان الصهيوني الغاشم.‏

الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»

وقال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن الكيان الصهيوني المحتل لأرض ‏فلسطين الشقيقة كيان غاصب وعنصري، لا يراعي حرمةً للإنسانية ويمارس إبادة جماعية ضد ‏الفلسطينيين، ويعتدي بشكل وحشي على حق الشعب الفلسطيني وحريته، بما ينافي ويعادي ‏مبعث الرسل والأنبياء -وفي مقدمتهم سيدنا موسى عليه السلام- الذين أرسلوا بالأديان حتى ‏تكون نبراسًا يضيء للناس طريق السلام والعدل والهدى والرحمة والنجاة.‏

وأكد الدكتور سلامة داود خلال الكلمة الافتتاحية بالملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر ‏العالمي للفتوى الإلكترونية بعنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية ‏الفلسطينية»، أنَّ للأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، دور ‏كبير في نصرة الشعب الفلسطيني وتبصير الناس بالقضية الفلسطينية، وهناك مواقف راسخة ‏للأزهر تؤكد أن فلسطين أرض مقدسة وحق عربي أصيل للإسلام والمسلمين، وأن للشعب ‏الفلسطيني حق في الدفاع عن أرضه والتصدي لمحاولات المحتل الغاشم لطمس الهوية العربية ‏والإسلامية.‏

الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»

وشدد على أنَّ المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسسات الفتوى ورجالهم كبيرة في توضيح ‏وشرح أهمية وبيان الحقائق المتعلقة بالقضية الفلسطينية؛ خاصة الفتاوى الدينية اليهودية التي ‏تبيح قتل العرب وتوجب على اليهودي قتل الأطفال والشيوخ، معتبرًا أن هذه الفتاوى اليهودية ‏المتطرفة، والفتاوى الدينية الداعمة للكيان الصهيوني بهذه التوجهات المتطرفة؛ هي فتاوى ‏تتنافى مع مبادئ الأديان التي نادت بالخير والتعايش والمحبة والسلام وما هي إلا (معابد ‏داعشيَّة) ترتدي ثوب الدين، ويتحتَّم على علماء المؤسسات الدينية ودعاة التسامح في العالم ‏فضح وتفكيك هذا التطرف والشذوذ.‏

وأضاف رئيس جامعة الأزهر أنَّ مركز الأزهر للفتوى يقوم بدور كبير في تفنيد الفتاوى الشاذة ‏عن طبيعة وفطرة الأديان دعمًا للقضية الفلسطينية، فأصدر المركز منذ نشأته وحتى يومنا هذا ‏العديد من البيانات التاريخية التي تكشف زيف الادعاءات الصهيونية، وتؤكد حقوق الشعب ‏الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وأرضه، واستحدث المركز مؤخرا قسمًا خاصًّا للغة العبرية، كما ‏أطلق العديد من المبادرات وحملات التوعية التي تعمل على نشر الوعي بالحق الفلسطيني، ‏بالإضافة إلى مشاركته في الكثير من حملات الدعم والإغاثة، كحملة التبرع بالدم لإغاثة ‏المصابين في قطاع غزة، وفي تعزيز ودعم موقف الدولة المصرية من سيناء الحبيبة، أطلق ‏المركز حملته «سيناء.. أرضٌ مقدَّسة»، وقام بالعديد من القوافل والجولات في جامعتها ‏ومعاهدها ومدارسها مقدمًا عددًا من البرامج التوعوية بيَّن فيها قيمة سيناء كأرض مقدسة مباركة ‏لها منزلة عظيمة في الإسلام.‏

واختتم رئيس جامعة الأزهر كلمته بأن الاحتلالات لا تدوم، وعاجلًا أم آجلًا سيُطرد هذا الإجرام ‏الصهيوني من الشرق، وستعود فلسطين قريبًا إلى أهلها حُرَّةً عزيزةً ودولة مستقلة عاصمتها ‏القدس الشريف، وسيأتي يوم قريب نجول فيها أرضَ فلسطين العربية الحرَّة، بأمنٍ وسلامٍ من ‏شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها.‏

وقال السفير مصطفى الفقي، المفكر السياسي والرئيس السابق لمكتبة الإسكندرية، إن «وجود الكيان المحتل في فلسطين هو وجود ظالم لا يستند إلى أي حق تاريخي، لكن الكيان الصهيوني يحاول فرض السيطرة على أرض فلسطين، وهو ما شهده العالم اليوم بوضوح في أحداث غزة، والتي كشفت زيف ادعاءات الدول الغربية التي تنادي بالحريات وحقوق الإنسان».

الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»

وأوضح الفقي خلال كلمته بالملتقى الفقهي الرابع لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنَّ الأزهر الشريف جزء أصيل من منهجه دعم القضية الفلسطينية، ودائمًا رأينا مواقف علمائه في هذا الشأن لا يخشون في الحق لومة لائم ويقولون الحق في وجه كل ظالم مهما كان قوته، والتاريخ يشهد على المواقف الأزهرية المشرفة والتي تؤكد أن هذه المؤسسة لها دور مهم وتاريخ طويل  في دعم الحضارة الإنسانية.

وأكد الفقي أن الإعلام يلعب دورًا محوريًّا في دعم الفتاوى التي تؤكد الحق الفلسطيني في أرضه، لأن الإعلام مهم في نقل الصورة والحقيقة للناس، والحقائق عبر التاريخ كانت دائمًا تحتاج إلى إعلام منصف لا يحيد في اتجاه طرف على حساب الآخر، وعلى المؤسسات الإعلامية أن تتحلى بالمسؤولية في نقل الصورة حتى لا تشوش الحقائق.

وفي ختام كلمته وجه الدكتور مصطفى الفقي، التحية لشيخ الأزهر على موقفه الجاد المهم تجاه القضية الفلسطينية، مبينًا أنه موقف مؤثر استنادًا إلى مكانة الأزهر وشيخه في العالم أجمع، ودائما ما عهدنا الإمام الطيب قويا في الحق ناصرًا للعدل لا يلين، وموقفه الحالي مع إخواننا الفلسطينيين مسلميهم ومسيحيهم موقف مشرف يسطره التاريخ بحروف من نور.

توصيات الملتقى

وألقى الدكتور أسامة الحديدي، في ختام الملتقى الإفتائي الرابع من ملتقيات مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي عُقد تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودَوْرُها في دعم القضية الفلسطينية» المخرجات والتوصيات.

- وحدة الأمة في أوقات الأزمات فريضةٌ دينيةٌ وضرورةٌ إنسانية، لا وقت فيها لمصلحة شخصية أو نزعة قبلية، وإذا كان الاتحادُ واجبًا في الظروف العادية؛ فهو في وقت الأزمات أوجب، بل يأتي على رأس فروض الأعيان، حتى نستطيعَ مواجهةَ خطرِ نزل ببلادنا، لا أقول: من الجهات الأربع، بل دائرة سوء لا مخرج منها إلا بالاعتصام بحبل الله، والانتقال من دائرة العبث، إلى الاجتماع على كلمة واحدة.

- في ظل ما نشهده في هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن ندعم مواقفَ الدولةِ المصريةِ، وتوجّهَ قيادتها الحكيمة في تقدير الموقف؛ منطلقين من القاعدة الشرعية القائمة على إدراك المصالح العامة والمفاسد وتغليب أخف الضررين، ونرى أن الخروج عن رؤية ولي الأمر في وقت الأزمات، باب من أبواب الفتنة، بل جريمة من شأنها شق صف الأمّة وإضعاف شوكتها.

الملتقى الفقهي الرابع تحت عنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها في دعم القضية الفلسطينية»

- في ضوء ما سبق من ضوابط دينية ووطنية، يجب على الأمة العربية والإسلامية مساندة الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه المسلوبة والدفاع عن ثرواته المنهوبة، وحماية عِرضه ورفض نزوحهم وتهجيرهم وتصفية قضيتهم، حتى يزول هذا الكيانُ المحتلُ الغادرُ الغاشم عن هذه الأرض المباركة. –بعون الله ومدده-.

- مشاهد التدمير وقتل الأطفال والشيوخ والنساء على أرض غزة وفلسطين التي يقوم بها الاحتلالُ الغادر؛ لم تَزِدْ أُمَّتُنا إلا ثباتًا وتمسكًّا بقضيتنا وأقصانا، وأحيت في ضميرنا وشبابنا وأطفالنا قضية كاد الصهاينة ومعاونوهم بمرور الأيام أن يهيلوا عليها التراب.

- إن انتهاج سياسة التماهي والاندماج مع الكيان الصهيوني الغاصب، والتبرير له يعدُّ دعمًا له في جرائمه المنكرة، ومشاركةً له في المجازر الوحشيّة التي يرتكبها يومًا بعد الآخر في اعتداءات بربرية، وانتهاكات صارخة لرسالات السماء وشرائع النبيين.

- سقطت الأقنعةُ عن وجوه مُدَّعيِ الحضارة، الذين طالما تَغَنَّوْا بالحقوق والحريات، وزعموا أنهم دعاة التسامح والتعايش والسلام؛ حينما انتهجوا سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والتعامي عن الحقائق، حتى بدا للناظر بوضوح أن هذه الدعوات قد اختزلت في دعم الشذوذ، والنيل من مقدساتنا وديننا الحنيف، بزعم حرية الرأي والتعبيير.

- المساواةُ بين الضحية والمجرم جريمةٌ نكراءُ، لا يقول بها إلا كلُّ مُتنكِّر لدينه وهويته، مُتنكِّب لوحي السماء، وهدي الشرائع، ورسالات النبيين، ومضيع للحقوق، ظالمٍ لنفسه، مشاركٍ في دماء المستضعفين.

- المحاولات المستمرة لضرب استقرار الأمة؛ مخططٌ قديمٌ حديث لا يخفى على ذي عينين، والدور الفاعل للدولة المصرية في الميدان؛ لرد العدوان وإدخال المساعدات، والسعي الدؤوب لجمع شتات الأمة، واتخاذ إجراءات فاعلة، لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بقوة في وجه عدو باطش؛ هو من ركائز الإيمان ودعائم قوله – صلى الله عليه وسلم- «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله».

- يؤكد مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية أن حق الأمَّة الإسلامية والعربية في فلسطين و"القدس الشريف" حقٌ دينيٌ ثابتٌ أكدته النصوص الدينية القطعية، ونُصرَتُهُ قضيةُ محوريةُ أساسيةُ لن نَكِلَّ أو نَملَّ من التذكير بها، أو الدفاع عنها، ويقابلُ هذا الحقَّ واجبُ الدفاع عن هذه القضية بكل ما أوتيت الأمة من قوّة ومقدرات.

- نؤكد أن الكيانَ الصهيونيَّ اللقيطَ الأثيمَ ليست له أيُّ حقوقِ دينية أو تاريخية في القدس وفلسطين، وأن ما يذكره في هذا السياق ليس إلا أوهامًا تدخل في جملة إدِّعائاته الباطلة، لا أساس لها من الصحة، كما أنه لا يمكن أن يكون دليلًا مُسوِّغًا له فيما يرتكبه من جرائمَ وحشيةٍ، ومجازرَ همجيةٍ تشيب لها الولدانُ في حق الشعب الفِلَسطيني المكلوم المظلوم.

- لا يجوز للمسلمين في بقاع الأرض عامةً وأهلِ فلسطين خاصةً التخلي عن قضية "القدس الشريف" أو المزايدةُ حولها، أو تغليبُ المصالحِ الشخصيةِ عليها، وأنه إذا ما وقعت الأمةُ في هذا المنزلق فقد ارتكبت أمرًا شنيعًا، ومحذورًا كبيرًا، وجُرمًا عظيمًا لن تمحوه الأيام والسنون، وسيعرضُ في كتابِ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، في يوم العرض الأكبر "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ"

- يجب علينا أن نتوارث حقنا في القضية الفلسطينية وأن نورثهُ أَبناءَنا والأجيالَ القادمة، وأن نغرس فيهم العقيدة الراسخة التي تقضي بأحقيتنا الإسلامية والعربية في أرضنا ومقدساتنا، وأن تكون مواقِفُنا التاريخية القوية والواضحة تجاه هذه القضية نبراسًا يهتدون به على مر التاريخ، ولا شك أن موقفَ الأزهرِ الشريف من هذه القضية على مر التاريخ واضحٌ وضوح الشمس في كبد السماء.

- نؤكد القيمة الكبرى للفتاوى الدينية، وأنها لا تقل أهمية عن الأدوار السياسية والدبلوماسية والحقوقية في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن المستضعفين والمظلومين، سيما في هذا الموقف الذي  يدعو فيه حاخامات الصهاينة من خلال فتاواهم إلى إبادة جماعية للفِلسطينيين في تحدٍ صارخ لهدي السماء، حيث كتب عليهم "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ " وتأثيرُ الفتوى في نصرةِ قضايا الإسلامِ على مر التاريخ معلوم مرقوم.

- إن عقْد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لهذا الملتقى اليوم هو جزءٌ من رسالة الأزهر الشريف في نشر الوعي الصحيح حول القضية الفلسطينية العادلة، واحتواءِ عواطف المسلمين عامةً والشبابَ خاصة تجاه قضيتهم الدينية ومقدساتهم المحتلة، وقطعِ الطريق على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة التي تستغل الأحداث والعواطفَ في استقطابِ الشبابِ لأفكارهم الهدامةِ باسم الدين، والتي طالما عانت منها الأمة كثيرًا قديمًا وحديثًا.

- ونهيب بجميع مؤسسات الفتوى والمجامع الفقهية حول العالم أن تضطلع بالآتي:

1. دعمُ المواقف السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية التي حاولت إنصافَ القضية الفلسطينية، وتعزيز إيمان الشعوب بحقوقهم الدينية والتاريخية في فلسطين ومقدساتها.

2. تدريبُ العلماء والمفتين والدعاة وتوعيتُهم بالقضية الفلسطينية وما يدور حولها من أحداث؛ حتى تتوفر لديهم قدرةُ البحث حولها، والردُ على أسئلة المستفتين فيها، بما يتوافق والفكرِ الوسطي المعتدل.

3. توجيهُ خطاب إعلامي قوي تجاه الأحداث الراهنة بما يدعم القضيةَ الفلسطينية؛ فليس من المقبول أن يكونَ الخطابُ الإعلامي لمؤسسات الكيان الصهيوني أكبرَ وأكثرَ ذيوعًا وانتشارًا، كما أنه ليس من المنطقي أيضًا أن تكفيَ السطورُ المعدودةُ أو الكلماتُ القليلة في التعاطي مع هذه الكوارث وتلك النوازل التي لم تمر الأمةُ الإسلاميةُ بمثلها من قبل.

4. ضرورةُ التنسيق والتعاون الكامل بين مؤسسات الفتوى حول العالم في التعاطي مع الأحداث الجارية؛ بهدف توحيد خطابها الإفتائي، ودعم القضية الفلسطينية، ونصرةِ المستضعفين، ونحن بدورنا من خلال هذا الملتقى ندعو إلى أن يكون هذا التعاون تحت مظلة الأزهر الشريف وشيخه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، الذي كان –وما زال- له الدورُ الأكبرُ والنصيبُ الأوفى في نصرةِ ودعمِ القضيةِ الفلسطينية في الواقع المعاصر، حتى أصبحت كلماتُ الأزهر الشريفِ وبياناتُه تهددُ وجود الكيان الصهيوني، وتقذفُ في قلوبِهُم الرعب، شهدت بذلك كتاباتهم خلال الأحداث الجارية.

5. ندعو المجامع الفقهية إلى تحمل مسؤولِياتِها الكاملة تجاه الأحداث الجارية، والتخلي عن صمتها المُخزي حيال القضية الفلسطينة، وفي مقدمة الأدوار المنوطة بها: حصرُ المسائلِ المستحدثة والنوازلِ المستجدة الخاصة بالواقع الفلسطيني وبحثُها بحثًا علميًّا جادًّا، والانتهاءُ إلى أحكام شرعيةِ ثابتةِ من خلال العلماء والفقهاء المعاصرين؛ حتى تستفيد منها هيئاتُ ومؤسساتُ الفتوى في الرد على أسئلة المستفتين الخاصةِ بالنوازل والمستجدات.

6. الغرقُ في اللهو واللعب وقتَ نوائبِ الأمةِ الكبرى، ونوازِلِها؛ لَهُوَ من أحطِّ مراحل السقوط في وحل الاغترار بالدنيا، وملذاتها الفانية في زمن يُباد فيه شعب بأكمله، حذر منه المولى جل جلاله حين قال "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ".

- نؤكد أن تقديمَ جميعِ أنواعِ الإغاثة الماديةِ والطبيةِ والصحيةِ والنفسيةِ للشعب الفلسطيني البطل الذي يدافع عن كرامةِ الأمةِ ومقدَّساتِها المباركة، واجبٌ على الشعوب، والأمة العربية والإسلامية، وفي هذا الصدد نثمن الدور الكبيرَ الذي تقوم به الدولةُ المصريةُ في تقديم كافة أنواع الإغاثة لهذا الشعب، وكذلك باقي الدول والهيئاتِ والمنظماتِ الحقوقية والإغاثيةِ والشعوب الحرة التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إغاثة أشقائنا في غزة.

- يثمن المركزُ الدورَ الإعلاميَّ الكبيرَ للصحفيين والمراسلين الأبطال الذين قاموا بتغطية الأحداث المأساوية على أرض فلسطين الأبية، ويؤكد أن من مات منهم أثناء ممارسة عمله وسعيه في نقل الحقائق، هو شهيد عند الله –تعالى-، ومنازل الشهداء، أفضل منازل الجنة.

- نثمنُ مواقف أصحاب الرأي والفن الهادف والرياضيين، وكلُّ من كان له موقف إيجابي حِيال هذه القضية سواء أكانت هذه المواقف دينية، أم شخصية أم مؤسسية أم دولية، وفي الوقت ذاته نقفُ بيقظةٍ تامة كاشفًا كافة محاولات المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه يستمد رفضه لهذه المتاجرة من مبادئ الإسلام الثابتة وقوة الشعوب الإسلامية والعربية اليقظة.

- يَدعَم مركزُ الأزهرِ العالميِّ للفتوى الإلكترونيةِ جهودَ الدولةِ المصرية في الوقوف مع القضية الفلسطينية من خلال إصدار الفتاوى والبيانات، وعقد الندوات واللقاءات التوعوية، وفضح مزاعم الصهيونية وتفنيد افتراءاتها حول القضية الفلسطينية، والتصدي للفتاوى الشاذة والمتطرفة التي لا تستند إلى رسالات السماء وشرائع النبيين.

- نوصي جميع هيئاتِ ومؤسساتِ الفتوى في العالم بضرورة التعاون والتكامل الجاد من أجل إطلاق منصَّةٍ خاصةٍ برصد الواقع الفلسطيني، وتوثيق الممارسات الممنهجة من الكيان الصهيوني الغاصب ضد شعب فلسطين والمقدسات الدينية فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، ونؤكد من خلالها الحقائق الدينية والتاريخية المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ونرد فيها على مزاعم وأكاذيب الكيان الصهيوني؛ لتعريته وكشف زيفه أمام جميع شعوب العالم، ونحن بدورنا في مركز الأزهر العلمي للفتوى الإلكترونية نبدي استعدادنا التام للتعاون والتكامل في هذا الأمر، من خلال قسم اللغة العبرية الذي أنشأه المركز خصيصًا لهذا الهدف بدعم من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف –حفظه الله-.

- نوصي بضرورة أن يتحمل الخطابُ الدعويُّ الإسلاميُّ المعاصرُ مسؤولياتهِ الدينيةَ والتاريخيةَ والواقعيةَ والمجتمعية تجاه القضية الفلسطينية، ليقوم بدوره الجاد والكبير في توعوية الجماهير بالقضية الفلسطينية، وأن يحرص على أن يكون صوتَ هدايةٍ ورشادٍ، وتسريةً وتعزيةً للمصابين والمكلومين والثكالى في الداخل الفلسطيني، وألا يقتصر على مجرد الخطب والدروس ، بل يجب أن يتعدى هذا الأمر لكل الصور التي يمكن من خلالها أن تصحح المفاهيم الخاصة بالقضية الفلسطينية وتوضح الحقائق، وتكشف الزيف، وترد أكاذيب المبطلين.

- نوصي بضرورة أن تتناول المؤسساتُ التعليميةُ القضيةَ الفلسطينيةَ في كل صور أنشطتها الخاصة (مناهج، وبحوث علمية، ونشرات، ومؤتمرات أو منتديات ثقافية أو توعوية .....) تناولًا تاريخيًّا، ودينيًّا، وقانونيًّا؛ حتى يترسخ في أذهان أبنائنا ونفوسهم في مختلف المراحل التعليمية والعمرية(خاصة مراحله الأولى) أن تتناول حقَّ الشعب الفلسطيني في كامل أرضه المحتلة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، والتأكيد على ضرورة استئصال هذه الجمرة الخبيثة من قلب المجتمع المسلم والعربي؛ مصداقًا لقوله تعالى: "وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ" [البقرة: 191].

- نُوْصِي بضرورة اضطلاع المؤسسات والأكاديميات الإعلامية بمسئولياتها في تقديم رؤيةٍ إعلاميةٍ واضحةٍ تواجه بها السقوط المهني والأخلاقي للإعلام الغربي القائم على  تزييف الحقائقِ وغض الطرف عن ممارساتٍ لأبشع أنواع التصفية العرقية والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني المكلوم، ونحضّ الشعوب العربية والإسلامية على التضامن مع القضية الفلسطينية توعويًا وإغاثيًّا وإنسانيًا.

- نوصِي وسائلَ الإعلام المتعددة بضرورة دعم الخطاب الإفتائي الذي يتعامل مع القضية الفلسطينية بالتوازن والاعتدال، وأهمية الترويج له في مواجهة الفتاوى الشاذة الخاصة بشأن القضية الفلسطينية.

- نوصي جميعَ المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي بتبني القضية الفلسطينية، ودعمِهَا، وفضح مزاعم الصهيونية الحديثة، وبيانِ ما يمارسه هذا الكيان من إرهابٍ وتدميرٍ وتخريبٍ، مع ضرورة توثيقه، فنحن جميعًا نعلم مدى تأثير صناع المحتوى في الشباب والرأي العام المجتمعي.

- وأخيرا، نُوْصِي مؤسسات المجتمع المدني إلى بذلِ مزيدٍ مِن الجهدِ لإغاثة المنكوبين في قطاع غزة خاصةً، وفلسطين عامة، ونجدة هذا الشعب الصامد تحت وطأة القهر والمعاناة زمانًا بعيدًا بتقديم كافة المساعدات المادية والطبية والنفسية وكل ما يلزم من الدعم، ونحن على يقينِ أنه وإن طال الزمان به، سيكتُب الله له التأييد والنصر، " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ   يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الملتقى الفقهي فلسطين القضية الفلسطينية الاحتلال الصهيوني جامعة الأزهر مرکز الأزهر العالمی للفتوى الإلکترونیة فی دعم القضیة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة بالقضیة الفلسطینیة العربیة والإسلامیة رئیس جامعة الأزهر الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الأزهر الشریف علماء الأزهر الفلسطینی فی لمرکز الأزهر هذه القضیة الصهیونی ا الدفاع عن حق الشعب فی نصرة من خلال أن یکون ة التی لها من فی هذا

إقرأ أيضاً:

علي فوزي يكتب: القضية الفلسطينية بين المطرقة والسندان

 

القضية الفلسطينية تواجه ضغوطًا شديدة ومتشابكة في ظل التحديات المستمرة، وهي بين "المطرقة" الاعتداءات المستمرة وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، و"السندان" الانقسامات الداخلية والعوامل الإقليمية والدولية المعقدة.
فالاحتلال الإسرائيلي يستمر في سياساته التوسعية عبر الاستيطان في الضفة الغربية، والإجراءات القمعية في القدس وقطاع غزة، التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، وسط دعم دولي متباين ومستمر لإسرائيل، خاصة من بعض القوى الكبرى.

من جهة أخرى، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسامات داخلية بين الفصائل الرئيسية، مثل فتح وحماس، مما يُضعف الجبهة الداخلية ويحدّ من قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى موقف موحد لتحقيق أهدافهم الوطنية. هذه الانقسامات تمنح إسرائيل فرصة لفرض سياسات جديدة دون معارضة موحدة.

وعلى الصعيد الدولي، تبدو الخيارات محدودة أمام الفلسطينيين، حيث تظل القضية الفلسطينية في ظل التوازنات الإقليمية الحالية، رهينة للصراعات والتحالفات السياسية التي غالبًا ما تتغاضى عن حقوق الشعب الفلسطيني.

 ورغم أن العديد من الدول العربية تجدد دعمها للقضية الفلسطينية، فإن موجة التطبيع الأخيرة مع إسرائيل، دون تحقيق تقدم فعلي في ملف الدولة الفلسطينية، أضافت تعقيدًا جديدًا للمشهد.

بذلك، يقف الفلسطينيون بين مطرقة الاحتلال وضغوطه المتزايدة، وسندان التحديات الداخلية والعوامل الإقليمية والدولية، مما يجعل تحقيق الأهداف الفلسطينية تحديًا كبيرًا، يتطلب رؤية موحدة ودعمًا إقليميًا ودوليًا أكثر تماسكًا وفعالية.

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني .. من التأسيس إلى بوادر الانهيار
  • علي فوزي يكتب: القضية الفلسطينية بين المطرقة والسندان
  • حفظ النسل.. الجامع الأزهر يعقد الملتقى الفقهي الطبي الأول
  • الرئيس الفلسطيني: نريد مواقف حازمة من العالم والأمم المتحدة لوقف حرب الإبادة الجماعية في غزة
  • شاهد| التهجير القسري.. الجريمة الأخطر على القضية الفلسطينية
  • اللواء سمير فرج: مصر تلعب دورًا رئيسيًا في دعم القضية الفلسطينية
  • وزير المفاوضات الفلسطيني الأسبق: نتنياهو "أوقح" من أنجبه الكيان الصهيوني
  • عدوانُ الكيان الصهيوني على لبنان
  • انطلاق الملتقى الفقهي الأول «رؤية معاصرة» بالجامع الأزهر غدا
  • انطلاق الملتقى الفقهي الأول "رؤية معاصرة" بالجامع الأزهر..غدًا