نيافة الأنبـا تكلا يكتب.. السلبية والإيجابية
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
من المواضيع المهمة فى سلوكياتنا اليومية موضوع كيف نتصرف فى مواجهة المواقف والمشكلات، هل بطريقة سلبية أم إيجابية؟ ولكن ما هى السلبية، وما هى مظاهرها، وما هى أسبابها.. هذا ما سنأخذه اليوم..
(1) معنى السلبية:
إن السلبية هى حالة إهمال وكسل وتراخٍ، بل هى حالة خوف من مواجهة المشكلات والمواقف، خوف من الفشل، خوف من خسارة مادية أو خسارة أصدقاء أو خسارة سمعة، فالإنسان السلبى يود أن يكسب كل شىء بلا خسارة واحدة، يود أن ينجح بدون امتحان، أن يتقدم بدون ثمن، أن يدخل الأبدية بدون تعب، يود أن يكسب ود كل الناس ولا يخسر أحداً.
(2) الفرق بين السلبية وبين التسليم:
البعض أحياناً يخلط بين التسليم والسلبية، ولذلك نود أن نوضح أن التسليم هو العمل بثقة والعمل فى اتكال كامل على الله، والتسليم هو اختبار لقول القديس بولس الرسول [ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رو8: 28)]، هو اختبار لقول إرميا النبى [عرفت يا رب أنه ليس للإنسان طريقه، ليس لإنسان يمشى أن يهدى خطواته (إر10: 23)]. إن أفضل مثل لكى نفرق بين التسليم والسلبية هو مثل الوزنات الذى يوضح أن السيد كافأ عبيده؛ الذى ربح كثيراً وأيضاً الذى ربح قليلاً، ولكنه عاقب العبد الكسلان الذى لم يحاول أن يتاجر بأية وسيلة فى القدر القليل الذى أوكل إليه التجارة فيه (متى 25: 15ـ30).
(3) مظاهر السلبية:
(أ) الاهتمام بالنواحى الشكلية المظهرية فقط: الإنسان السلبى له شكل ولكن ليس له عمق، لذلك فهو إنسان بلا ثمر تماماً مثل شجرة التين التى لعنها الرب لأنها كان لها ورق ولكن ليس لها ثمر. هكذا تجد الإنسان السلبى يهتم بإرضاء الناس أكثر من العمل على إرضاء الله.. لأن الناس تراه، وهو يظن أن الله لا يراه.
(ب) عدم الأمانة: هو إنسان لا يعمل ولا يعطى ولا يبذل. هو كسول فكيف يكون أميناً.. وكيف ينجح فى دراسته أو وظيفته أو فى علاقاته مع الأسرة أو مع الناس عموماً؟!. هو إنسان محصور فى ذاته فقط لا يعنيه ماذا يحدث للآخرين.
(ج) إلقاء اللوم على الآخرين: هو يرى كل شىء خاطئاً ويتحدث كثيراً عن الإصلاح والتغيير، ولكن بالنسبة للآخرين لا بالنسبة له.. فهو يتكلم دون عمل، وإذا حدث فشل فى أى موقف لا يود أن يظهر فاشلاً، لذلك تجده ينسب الخطأ للآخرين ويُلقى اللوم عليهم لا على نفسه.. لذلك فهو لا يتغير ولا يتقدم.. فمن لا يحس بخطئه كيف يتوب عنه؟! ومن لا يحس بأنه متأخر كيف يتقدم؟!.
(د) الإهمال والتراخى: إهمال فى الحياة المادية والحياة الروحية، إهمال فى توجيه الأولاد وتربيتهم وعدم إبداء النصح والإرشاد لهم وعدم حسم الأمور فى شىء وتركها عائمة، إهمال فى العمل وفى واجباته. والعجيب هو التبرير الذى يقدمه لنفسه عن هذا الإهمال لكيما يُسكّن ضميره [قال الكسلان الأسد فى الخارج (أم 22: 13)].
(هـ) عدم الاهتمام بالأبدية: هو لا يريد أن يضحى بشىء، لا يريد أن يبذل. فكيف يستطيع أن يدخل الأبدية؟ كسله يقوده إلى التراخى فى الصلوات والأصوام والخدمة.
لا يريد أن يشقى أو يتعب فيختار الأسهل والأوسع، ولكنه لا يفكر فى أبديته. حقاً قال السيد المسيح [ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه (متى 16: 26)].
(4) أسباب السلبية:
(أ) التسويف والتأجيل: التأجيل والتسويف شىء خطير، فهو يعنى إضاعة الفرص، بل ويعنى إضاعة العمر، فالإنسان يجب أن يعرف أنه لا يملك الوقت وما يمر عليه من وقت لا يمكن إرجاعه مرة أخرى. لذلك يوصينا الكتاب المقدس [مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة (أف 5: 16)].
إن التأجيل المستمر يخلق عند الإنسان حالة من الكسل والتوانى وعدم إنجاز الأشياء، وبالتالى عدم الإثمار. وهكذا يضيع العمر هباء.
(ب) العدوى من الآخرين: قد تأتى السلبية كعدوى من مصاحبة الكسالى والمتراخين، لذلك يقول القديس بولس الرسول [لا تضلوا فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة (1 كو 15: 33)]، لذلك يجب أن ندقق فى اختيار أصدقائنا ومن نسير معهم حتى لا نسقط فى سلبياتهم وأخطائهم.
(ج) الهروب من الصعاب: أحياناً يكون سبب السلبية هو هروب من الصعاب والخوف من مواجهتها.
والخوف من الفشل أو من الخسارة أو من عدم التوفيق.
لذلك فالأسهل هو الهروب وعدم المواجهة والاهتمام بالراحة الشخصية على أى شىء آخر.
(د) فقدان الإيمان الحى: أحياناً تكون السلبية بسبب ضياع الإيمان الحى.
قال الكتاب المقدس [كل ما تطلبونه فى الصلاة مؤمنين تنالونه (متى 21: 22)].
كل شىء مستطاع لدى المؤمن، لذلك الإنسان الإيجابى هو الإنسان الذى يعمل باجتهاد مؤمناً بأن الله سوف يعينه ويساعده ويعطيه نجاحاً وتوفيقاً.
(هـ) الانشغال بالدنيا ونسيان الأبدية والحساب والعقاب. بل هو نسيان أن الله سيحاسب الإنسان عن ثمرة عمله. ليتنا نضع أمامنا الوصية: [فلنسمع ختام الأمر كله اتق الله واحفظ وصاياه لأن هذا هو الإنسان كله.
لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفى إن كان خيراً أو شراً (جا 12: 13ـ14)]
* مطران دشنا وتوابعها
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السلبية الإيجابية أن الله
إقرأ أيضاً:
ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر؟ ..الإفتاء تجيب
ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة .. ورد سؤال لدار الإفتاء تقول صاحبته “ ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة ”.
أكد الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الإنسان عليه أن يوفى بما نذره فإن لم يستطيع فعليه أن يخرج كفارة يمين.
أوضح الشيخ محمد عبد السميع، فى إجابته عن سؤال « ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة » عبر البث المباشر لدار الإفتاء المصرية على موقع الفيس بوك أنه يجب على الإنسان أن يوفى بنذره فإن لم يستطع وعجز فعليه أن يخرج كفارة يمين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفارة النذر كفارة يمين) فكيفى الإنسان إذا ما نذر وعجز ان يطعم عشرة مساكين.
وأشار الى أن دار الإفتاء حددت أقل مبلغ للوفاء بالنذر هو مائة جنيه فإن لم يستطع الفرد فصيام ثلاثة أيام .
ونوه إلى إن الوفاء بالنذر واجب على كل مسلم تعهد بعمل شيء لوجه الله طالما كان مستطيعا لقوله تعالى " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"
كفارة عدم الوفاء بالنذر
قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن النذر هو شيء يوجبه الإنسان على نفسه عند حصول منفعة أو درء مفسدة، فالإنسان يكلف نفسه به ولم يوجبه الله عليه.
وأضاف الشيخ محمود شلبي، فى إجابته عن سؤال ( نذرت نذرًا ولا أستطيع الوفاء به فماذا أفعل؟)، أن الإنسان إذا نذر شيئًا لله فلابد عليه أن يوفي ما أوجبه على نفسه، فيكون أوجب هذا الأمر بهذه العبادة فلو ضاقت بالإنسان ولم يستطيع بعد ان ألزم نفسه باداء قربه معينة أو عبادة معينة ففتح لنا الشرع الشريف أفاق التيسير والتخفيف وعند هذه المشقة والتعسر بالإنفاذ عن القيام بما أوجبه على نفسه من العبادة يأتى التيسير.
أوضح الشيخ محمود شلبي، أنه من لم يستطيع أن يفى بنذره فعليه أن يخرج كفارة اى إطعام 10 مساكين أو ما فى قيمتهم، وإن لم يستطيع أن يخرج مال أو أن يطعم والحالة غير متيسرة فعليه أن يصوم 3 أيام بنية الكفارة وبهذا يكون انتهى النذر.
حكم الوفاء بالنذر على دفعات
ورد إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية سؤال عبر صفحته الرسمية يقول صاحبه: " ما حكم الوفاء بالنذر على دفعات نظرا لعدم استطاعتي الوفاء به على مرة واحدة ؟
ردت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية: لا حرج على الناذر أن يوفى بنذره مقسطًا ؛ لأن المطلوب الوفاء متى استطاع لذلك سبيلًا عملا بقوله تعالى " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ".. وقوله- صلى الله عليه وسلم-: " من نذر أن يطع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه " ، والواجبات تؤدي على قدر الاستطاعة قال تعالى " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " وقال صلى الله عليه وسلم "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم"؟.