آفاق جديدة في مجال التكنولوجيا النظيفة منخفضة التكلفة
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
لقد سلّط إعلان الزعماء الصادر عن قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي الضوء على الحاجة الملحة إلى العمل الجماعي بشأن تغير المناخ والتمويل المستدام. إن من الأمور الجوهرية في ميثاق التنمية الخضراء الذي أقرته المجموعة الإقرار بأن انتقال الطاقة يجب أن يكون مجديًا من الناحية الاقتصادية من أجل تسريع التقدم، علمًا أنه من أجل الوصول إلى نقطة التحول تلك فيما يتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف، يتعين علينا أن نزيل الحواجز ــ مثل تخزين الطاقة غير الكافي والمكلف- التي تمنع حاليًا نمو مصادر الطاقة المتجددة.
إن من المؤكد أن هناك الكثير من التقدم الذي لا يزال علينا إنجازه، علمًا أنه وفقًا لتوقعات الطاقة العالمية لعام 2022 الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة يحتاج قطاع الطاقة إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050. وهناك أيضا مسألة التمويل، وكجزء من الإعلان، أعاد زعماء مجموعة العشرين التأكيد على الالتزام الذي تعهدت به الدول المتقدمة بأن تجمع 100 مليار دولار سنويًا لتمويل المناخ وذلك من أجل دعم جهود التخفيف والتكيف في العالم النامي. وفي خطاب ألقاه أمام القمة ادعى رئيس المجلس الأوروبي شارلز ميشيل بأن هذا الهدف سوف يتحقق لأول مرة في عام 2023، وعلى الرغم من أن هذا يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، فإنه أقل بكثير من استثمارات الطاقة النظيفة السنوية التي يحتاجها العالم سنويًا والتي تبلغ 4.5 تريليون دولار والمطلوبة بحلول سنة 2030 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
من الواضح أن حصول تحول كبير في نهجنا المتعلق بتمويل المناخ يعتبر أمرا ضروريا، وينبغي على بنوك التنمية المتعددة الأطراف والمؤسسات الخيرية أن تلعب دورًا حيويًا في تيسير التمويل الميسر وتخفيف المخاطر، وذلك من أجل تشجيع استثمارات القطاع الخاص، فضلا عن إنشاء صناديق منخفضة التكلفة لتسهيل الانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة.
إن الهدف لا يقتصر على خفض أسعار تقنيات الطاقة النظيفة بشكل كبير فحسب، بل أيضا خفض تكاليف البحث والتطوير وتسهيل الوصول إلى نطاق السوق الشامل وتطوير الروابط المالية. ولكن إحراز تقدم في مجال القدرة على تحمل التكاليف يتطلب تضافر جهود جميع الجهات، ومن خلال التعاون لخفض تكاليف مصادر الطاقة المتجددة، يمكننا تحفيز الطلب والابتكار، وإطلاق تحول في السوق يمهد الطريق إلى مستقبل أكثر استدامة ومرونة لنا جميعا. يعتمد الكثير على حل مشكلة تخزين الطاقة. إن من شبه المؤكد أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سوف تمثل أغلب مصادر الكهرباء المتجددة وذلك نظرا لتكلفتها المعقولة وتوفرها على نطاق واسع، لكن هذه المصادر تكون وفيرة في بعض الأوقات فقط، فالبلدان الواقعة حول خط الاستواء تتلقى حوالي 12 ساعة من ضوء الشمس كل يوم، في حين أن الرياح تعتبر مصدرا غير ثابت. لقد برزت أنظمة تخزين طاقة البطارية كحل محتمل لهذا التباين الكامن وخاصة أنها تقترب من عتبة حاسمة فيما يتعلق بالجدوى الاقتصادية.
لقد قام مجلس القيادة العالمي الذي أنشأه تحالف الطاقة العالمي من أجل البشر والكوكب (الذي أتولى رئاسته) بجعل أنظمة تخزين طاقة البطارية واحدة من مبادراته المميزة، وفي مؤتمر الأمم المتحدة القادم لتغير المناخ في دبي، سيطلق المجلس تحالف أنظمة تخزين طاقة البطارية وهو شراكة بين أصحاب المصلحة من مؤسسات تمويل التنمية الرائدة والمتعددة الجنسيات التي ستدعم نشر الموجة الأولى من مشاريع أنظمة تخزين طاقة البطارية عبر البلدان النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. إن الهدف هو تجميع خمسة جيجاوات من أنظمة تخزين طاقة البطارية بحلول نهاية عام 2024 وتأمين أكثر من 4 مليارات دولار على شكل منح وتمويل بشروط ميسرة وتجارية، وبحلول عام 2030 إطلاق 90 جيجاوات من أنظمة تخزين طاقة البطارية لتمكين 400 جيجاوات من الطاقة المتجددة.
تتمتع الهند، على وجه الخصوص، بإمكانات هائلة فيما يتعلق بأنظمة تخزين طاقة البطارية وذلك نظرًا لخطتها لزيادة قدرة الطاقة المتجددة إلى 600 جيجاوات (65٪ من إجمالي القدرة المركبة) بحلول عام 2032، ولتحقيق هذا الهدف الطموح، يجب أن تكون شركات التوزيع قادرة على شراء واستيعاب كميات كبيرة من الطاقة المتجددة بطريقة مستدامة. إن بإمكان أنظمة تخزين طاقة البطارية عند التوزيع توفير الكمية المطلوبة من الكهرباء للشبكة ودعم زيادة الطاقة وغيرها من الخدمات الحيوية لتقليل التكلفة الإجمالية لشراء الطاقة. أما في نيودلهي فيهدف مشروع أنظمة تخزين طاقة البطارية بقدرة 40 ميجاوات/ساعة إلى بناء مسار قابل للتطوير لتخزين جيجاوات واحد بحلول عام 2026، مما يخلق 10 آلاف فرصة عمل. ومن الممكن أن يؤدي المشروع التجريبي، عند توسيع نطاقه، إلى تطوير التكنولوجيا وتشجيع الاستخدام المتجدد على نطاق أوسع، وهذا من شأنه أن يعزز استقرار شبكة الطاقة وموثوقيتها مما يسمح بتكامل أكبر لمصادر الطاقة النظيفة، وفي نهاية المطاف يمكن للمشروع أن يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويضمن إمدادات من مصادر الطاقة المتجددة تتميز بكونها مجدية اقتصاديًا وموثوقة.
تتمتع هذه التقنيات بإمكانات هائلة لتعزيز التنويع الاقتصادي وتقوية أمن الطاقة وتعزيز فرص العمل. إن التعاون من أجل النهوض بها وخلق مشهد عالمي بحيث تدعم الطاقة المستدامة الازدهار هو محور حوارات انتقال الطاقة التي تقام في الهند هذا الأسبوع. إن السباق لجعل تكلفة مصادر الطاقة المتجددة معقولة يوفر فرصة لا مثيل لها لتحقيق نمو مستدام وشامل مع الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكننا لن نتمكن من تحقيق هذه الغاية، إلا إذا عمل القطاع الخاص والحكومات والمجتمع المدني معًا لخفض أسعار التكنولوجيا النظيفة وزيادة القدرة على الوصول إليها.
رافي فينكاتيسان رئيس تحالف الطاقة العالمي من أجل الناس والكوكب.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام من أجل
إقرأ أيضاً:
التخطيط والتنمية الاقتصادية تبحث تعزيز استثمارات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر في مصر
استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، هيلدا كليميتسدال، سفيرة النرويج لدى القاهرة، و تيرجى بيلسكوج، الرئيس التنفيذى لشركة سكاتك النرويجية، وذلك عقب إطلاق تقرير المتابعة رقم 2 للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، حيث بحث الجانبان مستقبل استثمارات الشركة في مصر التي تأتي في ضوء رؤية مصر لدفع التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة.
وفي مستهل اللقاء رحبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالسفيرة النرويجية ومسئولي شركة سكاتك، مؤكدة حرص الحكومة على دفع الشراكة مع الجانب النرويجي من أجل زيادة الاستثمارات في مجال التحول إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة، مشيرة إلى أن إطلاق تقرير المتابعة الثاني لبرنامج «نُوَفِّي»، وضم مشروعات جديدة لشركة سكاتك للبرنامج يعكس التنسيق المستمر والحرص على دفع أواصر التعاون من أجل تنفيذ الرؤية المشتركة بشأن التحول الأخضر.
وأكدت أن العلاقات المصرية النرويجية تشهد تطورًا ملحوظًا خاصة مع زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الأخيرة للنرويج، حيث شهدت الزيارة مباحثات بناءة على صعيد زيادة الاستثمارات بين البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية، خاصة على مستوى قطاعات الطاقة المتجددة والخضراء، موضحة أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات متعددة على مستوى تهيئة بيئة الاستثمار للقطاع الخاص وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الجاذبة في قطاعات متنوعة خاصة الطاقة المتجددة والتحول الأخضر.
وأوضحت أن انضمام مشروعات جديدة لشركة سكاتك لمنصة برنامج «نُوَفِّي»، يُعزز الجهود المشتركة من أجل توفير آليات التمويل المبتكرة من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، وحشد التمويلات المختلطة لتلك المشروعات، الأمر الذي ينعكس على زيادة الاستثمارات في مجالات التحول الأخضر ويعزز موقع مصر كمركز للطاقة الخضراء بالمنطقة، موضحة أن مصر تعمل مع الاتحاد الأوروبي على تفعيل آلية ضمانات الاستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو والتي ستتيح مزيد من الآليات التمويلية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر من أجل زيادة استثماراته.
وأكدت على الدور المحوري للتمويلات الميسرة وآليات التمويل المختلط من شركاء التنمية في دفع استثمارات شركة سكاتك بمجال الطاقة المتجددة في مصر
وفي هذا السياق، وجهت السفيرة النرويجية ومسئولي شركة سكاتك، الشكر لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على الجهود المبذولة فيما يتعلق بتنفيذ مشروعات برنامج «نُوَفِّي»، وتوفير الآليات التمويلية لمشروعات شركة سكاتك النرويجية في مصر.
ومن جانبه، استعرض الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك، الخطة المستقبلية لاستثمارات الشركة في مصر ومساهمتها في رؤية مصر للتوسع في تصنيع الهيدروجين الأخضر، فضلًا عن تطور المشروعات الجارية في مجال الطاقة الشمسية، ومشروع إنتاج الأمونيا الخضراء بمحافظة دمياط، وغيرها من المشروعات، موضحًا أن توسع مصر في مشروعات الطاقة المتجددة والوقود الأخض يُعزز مكانتها كدولة إقليمية رائدة في إنتاج وتصدير الطاقة.
جدير بالذكر أنه خلال فعاليات إطلاق تقرير المتابعة رقم 2 لبرنامج «نُوَفِّي»، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع اتفاقية إطارية بين الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسيد/ تيرى بيلسكوج، الرئيس التنفيذى لشركة سكاتك النرويجية، بهدف إدراج مشروعات شركة سكاتك النرويجية في مجال الطاقة المتجددة ضمن برنامج «نُوَفِّي»، كما وقعت شركة سكاتك مع شركة مصر للألمنيوم، اتفاقية شراء الطاقة بين شركة مصر للألومنيوم، وشركة سكاتك النرويجية لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاوات لتوفير الطاقة النظيفة لمجمع الألومنيوم بنجع حمادي.