تأسست قوات فاغنر عام 2014 وبدأت بحوالي ألف مقاتل، تزايد عددهم مع الوقت ووصل إلى 20 ألفا. برز دورها في القتال في مناطق النزال وفي الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك في سوريا. واتُهمت بالقيام بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وحالات قتل واغتصاب ضد المدنيين.
شنت قوات فاغنر حركة تمرد في منتصف عام 2023 ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقواته، بدأت بالسيطرة على مقار الجيش الروسي جنوب روسيا، إلا أن وساطة بين الجانبين بقيادة بيلاروسيا أنهت التمرد وأعطت المجموعة ضمانات أمنية.
توصف فاغنر بأنها شركة عسكرية خاصة، ويصنفها البعض مجموعة عسكرية شبه رسمية، إلا صحيفة نيويورك تايمز صنفتها بأنها وحدة عسكرية لها استقلاليتها وتتبع وزارة الدفاع الروسية.
سميت باسم "فاغنر" نسبة إلى مؤسسها الذي كان يحمل الاسم السري "فاغنر"، ويقال إن مؤسسها أطلق عليها اسم فاغنر نسبة للموسيقار الألماني ريتشارد فاغنر.
النشأةيُعتقد أن هذه المجموعة العسكرية تأسست على يد الضابط الروسي السابق ديمتري أوتكين المولود عام 1970، والذي شارك في حربي الشيشان الأولى والثانية، وخدم قائدا لفرقة العمليات الخاصة "سبستيناز" في اللواء الثاني التابع للمخابرات الروسية العسكرية، وقد ترك الخدمة عام 2013 وعمل في شركات أمنية للحماية، ثم أسس شركة فاغنر عام 2014.
كان دور أوتكين قيادة المجموعة عسكريا وميدانيا، وبعد توسع نفوذها في سوريا برز اسم رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين ممولا رئيسيا لفاغنر.
لم يكن لبريغوجين أي خلفية عسكرية أو أمنية، وكل ما يعرف عنه أنه قضى فترة من عمره بالسجن نتيجة للاحتيال والسرقة وبعد خروجه أصبح مديرا لمطاعم راقية، ثم أصبح المتعهد لتوريد الطعام إلى الكرملين فلقب باسم "طباخ بوتين".
العدة والعتادبدأت المجموعة العسكرية بعدد ألف مقاتل، ثم تصاعد العدد ووصل إلى 20 ألف مقاتل في أوكرانيا وفق مسؤولين بريطانيين. وهو ما يعادل 10% من القوات الروسية على الأرض.
تضم المجموعة مزيجا من المقاتلين الذين يقدمون خدماتهم القتالية مقابل المال. ويشير صموئيل راماني، الزميل المشارك في معهد "رويال يونايتد سيرفيسز" إلى أن قوات فاغنر تعمل على تجنيد المقاتلين القدامى بشكل أساسي، لا سيما الذين تتراكم عليهم الديون ويحتاجون إلى سدادها وتغطية مصاريف حياتهم، وعادة ما يأتي هؤلاء المقاتلون من مناطق ريفية، وتتراوح أعمارهم بين 25 و55 عاما. بالإضافة إلى مقاتلين مواليين لروسيا من دول الاتحاد السوفياتي السابق وكذلك من حليفتها صربيا.
وقد كشف تحقيق لشبكة "سي إن إن" (CNN) أن فاغنر تقوم بتجنيد القتلة وتجار المخدرات من السجون وتعدهم أنهم في حالة نجاتهم من الحرب في أوكرانيا، فسيتم تقصير مدة عقوبتهم، وقد يحصلون على عفو من العقوبة.
افتتح أولى مقرات مجموعة فاغنر رجل الأعمال الروسي بريغوجين في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، وهدفَ المقر وفق بيان مؤسسه إلى توفير بيئة مريحة تساعد على توليد أفكار جديدة لتحسين القدرة الدفاعية لروسيا.
وتتراوح رواتب المقاتلين الشهرية بين 1200 و4000 دولار، كما يتقاضى الموظفون برتب عليا والعاملون في الخارج أجورا أعلى من البقية.
التمويلتذهب الاعتقادات إلى أن وكالة الاستخبارات الروسية هي التي تمول مجموعة فاغنر، كما أنها المشرف الرئيسي عليها، ويؤكد هذه الاعتقادات وجود قاعدة لفاغنر في مدينة مولكينو جنوب روسيا بجانب قاعدة روسية عسكرية. إلا أن الظاهر أن الممول للمجموعة هو رجل الأعمال الروسي بريغوجين.
الدوربدأت المجموعة بالظهور لأول مرة خلال عام 2014 أثناء ضم روسيا شبه جزيرة القرم، ونفذت المجموعة حينها هجمات في أوكرانيا، وكان الكرملين حينها بحاجة إلى من يخوض عنه الحرب لتخفيف الضغط الدولي ضده.
ورصدت القوات الأوكرانية عام 2015 مكالمات هاتفية بين أوتكين وأوليج إيفانيكوف أحد كبار ضباط الاستخبارات العسكرية، وكان موضوع المكالمات يدور حول الأنشطة العسكرية شرق أوكرانيا.
في عام 2015 نُقلت مجموعة من عناصر فاغنر إلى قاعدة تدريب سرية في مولينكو في منطقة كراسنودار، بجانب منشأة تدريب تابعة للقوات الخاصة جنوب روسيا، وذلك في أعقاب تراجع القتال في أوكرانيا.
شاركت مجموعة فاغنر بعمليات قتالية في مناطق نزاعات مختلفة، في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، واتهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، والقيام بجرائم حرب، في المناطق التي وجدت فيها، إضافة لقيامها بعمليات اغتصاب في جمهورية أفريقيا الوسطى.
فاغنر في سورياتنتشر قوات فاغنر في سوريا منذ عام 2015، حيث قاتلت إلى جانب القوات الموالية لحكومة بشار الأسد. ويتمركز وجودها حول حقول النفط في مدينة دير الزور، وقد ظهر دورها حين ساندت القوات الموالية للأسد لاستعادة مدينة تدمر من تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016. وخسرت فاغنر حينها 32 مقاتلا من أصل 2500 شاركوا في القتال.
ثم شاركت المجموعة مع النظام السوري مرة أخرى لاستعادة مدينة تدمر عام 2017 وشكلت قوات فاغنر 3 سرايا استطلاع، وسرية دبابات ومجموعة مدفعية مشتركة ووحدات استخبارات وأعمال لوجستية. وقد تلقت فاغنر خسائر بشرية في سوريا من أشهرها ما حدث عام 2018 حين تعرض أفرادها للقتل على يد قوات أميركية نفذت غارة ضدهم.
وقد بدأت القصة في السابع من فبراير/شباط 2018 حين نفذ مقاتلون ينتمون إلى مجموعة فاغنر يقدر عددهم بحوالي 600 جندي، هجوما ضد قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية في مدينة دير الزور السورية، بهدف الاستيلاء على مصفاة نفط قريبة من المنطقة. فطلب الجنود الحماية من واشنطن.
حاولت واشنطن حينها الطلب من روسيا سحب قواتها إلا أن الأخيرة أنكرت معرفتها بالهجوم. فقامت القوات الأميركية بشن هجوم جوي واسع النطاق ردا على هجوم قوات فاغنر، مما أدى إلى مقتل ما يقارب 200 جندي من قوات فاغنر. وقد نفت القيادة الروسية علاقتها بهذه المجموعة من الجنود أو معرفتها بالمخطط الذي حدث.
وتبين لاحقا أن الهجوم كان بدعم من بريغوجين الذي كان يطمح للسيطرة على مصفاة النقط لهدف تجاري، إلا أنه تسبب بأزمة روسية أميركية.
في السودانظهرت فاغنر في السودان في أعقاب زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لموسكو نهاية عام 2017. وقد نقلت أول سرية من مجموعة فاغنر إلى السودان بعد شهر من اللقاء بناء على طلب البشير الحماية من روسيا، وأنشأ لهم معسكرا في العاصمة، أشرفت من خلاله قوات فاغنر على تدريب قوات الاستخبارات السودانية، ثم درّبت فاغنر قوات الدعم السريع عام 2018.
وتطورت علاقة فاغنر مع السودان، وأعطاهم الرئيس السوداني حق التنقيب عن الذهب في عدة مواقع في البلاد. وقد تأسست عدة شركات روسية في السودان للقيام بأنشطة التعدين.
في ليبياشاركت قوات فاغنر بالحرب منذ عام 2016 ودعمت القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر، ويقدر تقرير للأمم المتحدة أن عددهم في ليبيا يصل إلى ألف مقاتل، إلا أن تقارير أخرى تشير إلى أن العدد يتجاوز الآلاف. ويعتقد أن أكثر من ألف مقاتل منها شاركوا إلى جانب قوات حفتر في الهجوم الذي شنته على الحكومة الرسمية في طرابلس عام 2019.
في أفريقياتنتشر أعداد من قوات فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ عام 2017 لحراسة مناجم الألماس والذهب، ويتوزع وجودها بين مدغشقر وموزمبيق. وقد دعيت إلى مالي من قبل الحكومة لتوفير الأمن في الدولة ضد الجماعات المسلحة.
واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية في عام 2020 أن وجود مجموعة فاغنر في أفريقيا يمثل غطاء لشركات التعدين المملوكة لبريغوجين.
في أميركا الجنوبيةتوسعت أنشطة فاغنر في بداية عام 2019 ووصلت إلى أميركا الجنوبية، إذ تدخلت هناك لمساعدة رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو في توفير الأمن، وتضم فنزويلا أكبر احتياطي نفط معروف في العالم.
الحرب الروسية الأوكرانيةشاركت قوات فاغنر في الهجوم على أوكرانيا، واعتمدت عليها القوات الروسية على نحو كبير بسبب الخسائر الفادحة التي وقعت في صفوف القوات الروسية، وقد أشارت وزارة الدفاع البريطانية إلى أن أول تدخل لقوات فاغنر في الحرب الأوكرانية كان في نهاية مارس/آذار 2022 بعد تصاعد وتيرة القتال بين الطرفين.
ومنذ ذلك الحين شكلت مجموعة فاغنر عنصرا أساسيا من عناصر القتال وأدت أدوارا رئيسية في السيطرة على البلدات.
شعر الكرملين بخطورة سيطرة قوات فاغنر على البلدات في أوكرانيا وقدراتها القتالية هناك فبدأ بتغيير سياسته تجاهها، إذ منعها من تجنيد محكومين سابقين. كما أصدر أمرا يطالب فيه بريغوجين بوضع حد لانتقاده العلني لوزارة الدفاع.
التمرد في روسيابدأ الخلاف يدبّ بين القوات الروسية وقائد مجموعة فاغنر، وتعود مرجعية الخلاف إلى ادعاء بريغوجين أن قيادة الجيش الروسي قتلت عناصر من مجموعة فاغنر شرق أوكرانيا وأنها تمتنع عن تقديم العتاد المطلوب لهم، وتمنع تقدمهم لأسباب بيروقراطية، وتنسب لنفسها الانتصارات التي حققتها قوات فاغنر.
وفي الجمعة 23 يونيو/حزيران 2023 أكد بريغوجين مقتل عشرات من عناصره نتيجة قيام قادة الجيش الروسي بتنفيذ ضربات عسكرية على معسكرات فاغنر، ثم أعلن لاحقا عن إسقاط قواته مروحية عسكرية روسية.
بدأت بعد ذلك قوات فاغنر بالتحرك جنوب روسيا وسيطرت على مواقع عسكرية في مدينة روستوف والتي يقع فيها المقر العام للقيادة الجنوبية للجيش الروسي ويتم فيها التنسيق للعمليات العسكرية في أوكرانيا، وقد وقع المقر تحت سيطرة قوات فاغنر من دون إطلاق رصاصة واحدة وفق تصريحات قائدها. بدأ الكرملين حينها بمحاولات التصدي للتمرد وتعزيز وجود قواته في العاصمة الروسية ومدن أخرى محذرا من حرب أهلية.
وتدخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بعد يوم من التمرد لعقد اتفاق توسط فيه بين الجانبين أدى إلى عودة الهدوء وانسحاب قوات فاغنر من جنوبي روسيا وعودتها إلى معسكراتها ورفق القيود الأمنية.
ونص الاتفاق على إنهاء التمرد مقابل ضمانات أمنية لقائد فاغنر ومقاتليه. وتشمل الضمانات إسقاط تهم التمرد عنهم، والسماح لقائدهم باللجوء إلى بيلاروسيا.
محاولات التحقيق بأنشطة فاغنرواجه مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين الروس مصير الموت أو محاولات الاغتيال نتيجة قيامهم بالبحث عن أنشطة مجموعة فاغنر في المناطق التي تدخلت فيها. فالصحفي مكسيم بورودين كتب عن أنشطة فاغنر في سوريا ثم توفي نتيجة سقوطه من شرفة منزله في أبريل/نيسان 2018.
كذلك كان الحال بالنسبة لـ3 صحفيين روس حاولوا إنجاز فيلم وثائقي عن أنشطة فاغنر في دولة أفريقيا الوسطى مما أدى إلى قتلهم بالرصاص.
وقد تعرض المعارض الروسي بيتر فيزيلوف للتسمم بعد محاولته التحقيق في سبب موت هؤلاء الصحفيين.
في عام 2018 وقّع بوتين قرارا صنّف فيه جميع المعلومات المتعلقة بالمتعاونين من غير الموظفين مع أجهزة الدولة الاستخباراتية أنها سرية، مما أتاح محاكمة الصحفيين في حالة قيامهم بالبحث عن هذه المعلومات. ويتضمن ذلك الشركات العسكرية الخاصة التي لا تمتلك صفة قانونية.
وبعد شهرين من هذا القرار أُلقي القبض على المحلل الدفاعي الروسي فلاديمير نيلوف واتهم بالخيانة العظمى نتيجة كتابته عدة مقالات عن الشركات العسكرية الخاصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القوات الروسیة مجموعة فاغنر فی أوکرانیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
المتحدث باسم الكرملين:"روسيا مستعدة للتطبيع مع الولايات المتحدة"..تفاصيل تعديل العقيدة النووية الروسية
قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا مستعدة لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة لكنها لن "ترقص التانجو بمفردها"، مشيرا إلى أنه "كما يقول الرئيس، فإن روسيا منفتحة على عملية التطبيع، وليس لدينا أي خطط للقيام بكل شىء بنفردنا".
وأشار متحدث الكرملين بيسكوف خلال مقابلته مع وكالة الأنباء الروسية"تاس"، إلى أن واشنطن، وليس موسكو، هي التي بادرت بـ"سباق العقوبات".
التعديلات التي من المفترض إدخالها على العقيدة النووية الروسية صيغت عمليًا، لكنها لم يتم ترسيخها قانونيًا بعد.
وقال المتحدث باسم الكرملين :"لم يتم إضفاء الطابع الرسمي على التعديلات بعد، لقد تمت صياغتها، وسيتم إضفاء الطابع الرسمي عليها حسب الضرورة".
انتهاك الحدود الروسية سببا لاستخدام الأسلحة النووية
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في 25 سبتمبر عن معايير تعديل العقيدة النووية الروسية، وعلى وجه الخصوص، قال الزعيم الروسي إن "فئة الدول والاتحادات العسكرية الخاضعة للردع النووي قد تم توسيعها".
وتتضمن هذه التطورات عدداً من التحديثات الأخرى، إذ ستنظر روسيا أي عدوان من جانب دولة غير نووية، يتم تنفيذه بمشاركة أو دعم دولة نووية، باعتباره هجوماً مشتركاً.
كما أنه سوف يصبح الإطلاق المكثف للطائرات الاستراتيجية والتكتيكية والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار والمركبات الجوية الأسرع من الصوت وغيرها وانتهاكها للحدود الروسية سبباً لاستخدام الأسلحة النووية. وقد يؤدي العدوان على بيلاروسيا، حليفة روسيا إلى توجيه ضربة نووية أيضاً.