"أنا شربت ميه حلوة أخيرًا" قالتها إحدى سيدات غزة بصوت مُبتهج مُمزوج بتنهيدة، وهي تتحدث إلى ابنها في اليوم الرابع والعشرين من اندلاع الحرب في القطاع، ويُواجه "قطاع غزة" الذي يعتبر من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، أزمة مياه آمنة للشُرب فقدها أكثر من 90% من السكان الذين تجاوز عددهم مليوني نسمة، يعيشون بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية في واقع اقتصادي مُتردي.

كان حديثها معه عبر الهاتف، بعد أن دمرت الحرب منزلهم، فصارت هي مقيمة في مكان، وابنها خالد في مكان آخر، وتمكن خالد من الاطمئنان على والدته "بعد 50 محاولة للاتصال"، في ظل صعوبة التواصل داخل غزة عبر الهاتف، ونشر تفاصيل المكالمة على حسابه على فيسبوك.

ونجحتُ في الوصول إلى خالد، وسألته عن استخدامه للمياه، لكنه تجاهل سؤالي وحدثني عن أن الوضع كارثي للغاية، وأكبر من أن تصفه الكلمات.

ألححتُ عليه في السؤال، فأجابني بسؤال استنكاري باللهجة الفلسطينية: "شو يعني ماء؟"

وأضاف شارحًا حاله هو ومن حوله: "أكثر من 25 إنساناً يتشاركون زجاجتَيْ ماء كل فترة طويلة. والمياه التي نشربها في أغلب الأحيان غير صالحة للشرب. وأحياناً نملأ الزجاجات من ماء البحر".

"مياه الشُرب تُهدد صحة أطفالي"

"أطفالي يُعانون من تقلصات في المعدة وقيء وإسهال، اكتشفتُ أن السبب هو الماء الذي نشربه يوميًا والذي نقف في طوابير لساعات لنحصل عليه"، هذا ما قالته إيمان بشير، وهي أمٌ لثلاثة أطفال، مُوضحة أنها منذ نزوحها إلى جنوب قطاع غزة، مبتعدةً عن نيران الحرب التي تدور رحاها في الشمال، وهي تُعاني للحصول على ماء نظيف بلا جدوى.

وكتبت إيمان على موقع إكس، تويتر سابقًا، أنها كانت تُرجِع ما أصاب أطفالها من أعراض مرض، إلى النوم على الأرض أو تغير الطقس، لكنها فوجئت حين علمت أن مياه الشرب هي السبب.

وأعربت إيمان عن خوفها من تدهور صحتها هي وأطفالها لا سيّما في ظل قلة الخدمات الطبية، مضيفة: "علمتُ للتو أن هذا قد يؤدي إلى تليف الكبد والفشل الكلوي، ونحن نشرب من هذه المياه منذ 15 يوماً!"

وبعد أسبوع من اندلاع الحرب في غزة، صرحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" بأن المياه النظيفة تنفد من القطاع بعد توقف عمل محطة المياه وشبكات الماء العامة".

وذكرت الوكالة الأممية أن الناس يضطرون إلى استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، ما يزيد مخاطر انتشار الأمراض المنقولة عبر الماء.

وأوضح الدكتور، مصطفى جاويش، خبير علم الأوبئة والوقاية في لندن، أن نسبة الأملاح المذابة في الماء العذب تكون "أقل من 1000 جزء للمليون، ونسبتها في المياه المالحة تزيد لأكثر من عشرة أضعاف تلك النسبة، أما ماء البحر فتزيد بنسبة 220 مرة".

وأضاف لبي بي سي "بالنسبة للحالة في قطاع غزة وشرب ماء البحر مباشر، ففي ذلك مخاطر أكبر، حيث إن ماء البحر يحتوي على العديد من الأملاح الأخرى المختلفة بخلاف ملح الطعام، مثل أملاح الكلوريدات والكبريتات والمغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم واليود، وهذا يعنى المزيد من الأخطار التي تحيق بالصحة".

وأوضح: "عند شرب ماء البحر، يمتص الجسم الماء والملح معاً، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة كلوريد الصوديوم في الجسم"، وللتخلص منه "تُصفّي الكُلْية هذا الملح من خلال طرح كميات كبيرة من البول، ما يعني سحب الكثير من سوائل الجسم، وبالتالي يؤدى إلى الجفاف والعطش".

وشدد جاويش على أن الإفراط في تناول الماء المالح بشكل عام يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وأمراض الكلى وزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية، و"يؤدي هذا في النهاية إلى الجفاف المفرط لأنسجة الجسم، خاصة المخ، والذي قد يزيد، متسببا بموت الإنسان بسبب العطش".

أما الدكتور ياسر المسيري، استشاري أمراض البطن والكُلى بقصر العيني بالقاهرة، فأوضح أن مياه الشرب إن كانت تُستخرج من الآبار من دون معالجة، فإن ذلك قد يُحدث اختلالاً في نسبة الأملاح في الجسم، وقد يؤدي إلى الجفاف.

وأضاف متحدثاً لبي بي سي أن الأطفال وكبار السن هم الأشد تضرراً من شرب المياه غير الصالحة، نظراً لضعف مناعتهم، و"إذا أصيبوا بنزلة معوية من دون الوصول إلى محلول لمعالجة الجفاف، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة".

كيف يمكن تنقية المياه بأبسط الوسائل؟

يقول الدكتور إلياس ميخائيل النعمان، أستاذ علوم المياه بالجامعة الأردنية، إن هناك طرقاً بدائيةً يمكن من خلالها تنقية المياه الجوفية، وطرقاً أخرى لتحلية مياه البحر.

تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية

هذا الأمر الذي يتطلب لوحاً من الزجاج، يوضع بشكل مائل، ويكون مغلقاً على وعاء يحتوي ماء البحر المراد تحليته، و"بتعريضه للشمس لفترة طويلة تتكثف المياه على اللوح الزجاجي المائل، ومن ثم يمكن الحصول على المياه المقطرة باتجاه منطقة التجميع في "أنبوب أو زجاجة مُعدة لهذا الغرض".

وأضاف النعمان لبي بي سي أنه في ظل الطقس الحالي في غزة، فإن "المتر المربع من مياه البحر، يمكن أن يُنتج 4 لترات من المياه الصالحة للشرب يومياً".

تنقية المياه الجوفية والآبار

أوضح الدكتور إلياس أن المنطقة الشرقية من غزة تتوفر بها مياه جوفية عذبة يمكن استخدامها للشرب بعد معالجتها بالكلور وتصفيتها من الشوائب إن وُجدت.

ويقول إن المياه الجوفية ليست كلها صالحة للشرب، فمنها ما هو مالح لا يصلح للشرب، وعندها يمكن استخدام الطريقة السابق ذكرها لتحليتها.

أما المياه الملوثة فتحتاج إما إلى الغلي الذي يتطلب الوقود، أو إلى وضع كمية بسيطة من الكلور لقتل البكتيريا من دون حاجة لأيّ مصدر للطاقة، موضحاً أن "المتر المكعب يحتاج 2 غرام كلور"، وهو متوفر لدى الصيدليات، فإن لم يوجد، "يمكن استخدام مستحضرات الكلور المخصصة لتنظيف المنازل" بالكمية المذكورة ذاتها.

أغلبية الإسرائيليين يُطالبون باستقالة نتنياهو.. استطلاع رأي يكشف التفاصيل

ترغبُ أغلبيةً كاسحة وكبيرة، بـ "إسرائيل"، في استقالة رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، فيما حمله كثيرون مسؤولية الهجمات، وعبّروا عن عدم ثقتهم بإدارته للقتال ضد المُقاومة الفلسطينية "حماس"، وأنّ حكومتَهُ يجبُ أنّ ترحل ويتمَ إجراءُ انتخاباتٍ مبكرة، حسبما أفاد استطلاعٌ للرأي، مساء اليوم الإثنين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: غزة سيدات غزة مياه الشرب فلسطين بوابة الوفد ماء البحر یؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

مخاطر تجريف الأراضي في العراق وتحويلها إلى مناطق صناعية وسكنية في ظل نقص المياه !!

بقلم المهندس الاستشاري :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

مقدمة ـــ

تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق صناعية وسكنية يعد من اخطر القضايا البيئية والاجتماعية التي يواجهها العراق على الأطلاق.
هذه المشكلة تتفاقم مع نقص المياه، مما ينذر بتحديات كبيرة تتعلق بالأمن الغذائي، البيئة، والصحة العامة.
في هذا المقال، سنستعرض مخاطر هذه الظاهرة وتأثيراتها المتعددة على النظام البيئي والمجتمع، بما في ذلك تأثير العمليات الاستخراجية للنفط والغاز.

الأسباب

النمو السكاني والتوسع العمراني :- تزايد عدد السكان في العراق يؤدي إلى زيادة الطلب على السكن والخدمات، مما يضغط على الحكومات المحلية لتحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية. التنمية الصناعية :- تسعى الحكومات إلى تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال إقامة مناطق صناعية، ولكن هذا يأتي على حساب الأراضي الزراعية الخصبة. قلة المياه :- نقص المياه يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية، مما يجعلها أقل إنتاجية ويدفع بالمزارعين لبيع أراضيهم للمشاريع الصناعية والسكنية. العمليات الاستخراجية للنفط والغاز :- يشتهر العراق بموارده الغنية من النفط والغاز، والتي تتطلب مساحات واسعة من الأراضي لعمليات الاستخراج، التخزين والنقل، مما يؤدي إلى تجريف الأراضي الزراعية القريبة.

الآثار البيئية

فقدان الأراضي الزراعية :- تحويل الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى يقلل من المساحات المخصصة لزراعة المحاصيل، مما يؤثر سلباً على إنتاج الغذاء. تدهور التربة :- إزالة الطبقة السطحية من التربة أثناء التجريف يقلل من خصوبتها ويزيد من خطر التصحر. تعطيل دورة الحياة الطبيعية :- الأشجار والنباتات تقوم بدور حيوي في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين. إزالة هذه النباتات يقلل من كمية الأكسجين المنتجة ويزيد من تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو. زيادة التلوث :- الأنشطة الصناعية، بما في ذلك استخراج النفط والغاز، غالباً ما تؤدي إلى زيادة التلوث البيئي نتيجة لانبعاث الغازات السامة والنفايات الصناعية.

التأثيرات على المناخ

الاحتباس الحراري :- زيادة ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة في الجو تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
العراق، الذي يعاني بالفعل من ارتفاع درجات الحرارة، سيواجه المزيد من التحديات المناخية. التغيرات المناخية :- تدمير الأراضي الزراعية يمكن أن يؤثر على المناخ المحلي، مما يؤدي إلى تغيرات في نمط الهطول والأحوال الجوية. الآثار على صحة وحياة المواطنين تلوث الهواء والماء :- الأنشطة الصناعية، خاصة استخراج النفط والغاز، تساهم في تلوث الهواء والماء، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض التنفسية والسرطانية بين السكان. نقص الغذاء :- تقليل المساحات الزراعية يؤدي إلى نقص في إنتاج الغذاء، مما يزيد من معدلات سوء التغذية ويؤثر سلباً على صحة المواطنين. الضغوط النفسية والاجتماعية :- فقدان الوظائف الزراعية والنزوح من المناطق الريفية إلى المدن يؤدي إلى زيادة الضغوط النفسية والاجتماعية، مما قد يزيد من معدلات الأمراض النفسية والعنف.

الحلول والتوصيات

التخطيط المستدام :- ينبغي على الحكومات المحلية اعتماد استراتيجيات تنموية تأخذ في الاعتبار الحفاظ على الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية. إعادة تأهيل الأراضي :- تطبيق برامج لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وتحسين إدارة الموارد المائية. تعزيز الزراعة المستدامة :- دعم المزارعين من خلال توفير التقنيات الحديثة التي تزيد من إنتاجية الأراضي وتقلل من الاعتماد على الموارد المائية. التشجير وإعادة التشجير :- زيادة مساحات التشجير للمساهمة في تحسين جودة الهواء وتقليل آثار التغير المناخي. تقليل التلوث الصناعي :- فرض ضوابط صارمة على الصناعات، خاصةً صناعة النفط والغاز، للحد من انبعاثات الملوثات وحماية البيئة والصحة العامة.

الخاتمة

تجريف الأراضي الزراعية في العراق وتحويلها إلى مناطق صناعية وسكنية، مع التركيز على العمليات الاستخراجية للنفط والغاز، يمثل تحدياً كبيراً يتطلب اهتماماً فورياً وحلولاً مستدامة.
يجب أن تكون هناك توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة لضمان مستقبل مستدام وآمن للأجيال القادمة.

حيدر عبد الجبار البطاط

مقالات مشابهة

  • علماء يحذرون من بلوغ أنتركتيكا نقطة تحول مناخية جديدة
  • وزير الماء : المغاربة يشربون 80 مليون متر مكعب من مياه البحر
  • أربيل.. مناطق عديدة بلا ماء منذ 20 يومًا في أزمة مزمنة سنويًا
  • تدمير الجهاز الهضمي وتقلص الأوعية.. تحذيرات من شرب الماء البارد في الصيف
  • ساكنة آسفي تشكو العطش وتتسائل عن نجاعة مشروع محطة تحلية المياه
  • دربال: 6 محطات جديدة لتحلية مياه البحر السنة المقبلة
  • لامياه وكهرباء في كربلاء ومجلسِ المحافظة يحذر!
  • مخاطر تجريف الأراضي في العراق وتحويلها إلى مناطق صناعية وسكنية في ظل نقص المياه !!
  • وزير الطاقة: 14 محطة تحلية مياه البحر لمواجهة أزمة المياه
  • وزير الطاقة: 14 محطة لتحلية مياه البحر لمواجهة أزمة المياه