مياه الشُرب تُهدد صحة الفلسطينيين وسط حرب إسرائيل على غزة (تفاصيل)
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
"أنا شربت ميه حلوة أخيرًا" قالتها إحدى سيدات غزة بصوت مُبتهج مُمزوج بتنهيدة، وهي تتحدث إلى ابنها في اليوم الرابع والعشرين من اندلاع الحرب في القطاع، ويُواجه "قطاع غزة" الذي يعتبر من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، أزمة مياه آمنة للشُرب فقدها أكثر من 90% من السكان الذين تجاوز عددهم مليوني نسمة، يعيشون بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية في واقع اقتصادي مُتردي.
كان حديثها معه عبر الهاتف، بعد أن دمرت الحرب منزلهم، فصارت هي مقيمة في مكان، وابنها خالد في مكان آخر، وتمكن خالد من الاطمئنان على والدته "بعد 50 محاولة للاتصال"، في ظل صعوبة التواصل داخل غزة عبر الهاتف، ونشر تفاصيل المكالمة على حسابه على فيسبوك.
ونجحتُ في الوصول إلى خالد، وسألته عن استخدامه للمياه، لكنه تجاهل سؤالي وحدثني عن أن الوضع كارثي للغاية، وأكبر من أن تصفه الكلمات.
ألححتُ عليه في السؤال، فأجابني بسؤال استنكاري باللهجة الفلسطينية: "شو يعني ماء؟"
وأضاف شارحًا حاله هو ومن حوله: "أكثر من 25 إنساناً يتشاركون زجاجتَيْ ماء كل فترة طويلة. والمياه التي نشربها في أغلب الأحيان غير صالحة للشرب. وأحياناً نملأ الزجاجات من ماء البحر".
"مياه الشُرب تُهدد صحة أطفالي""أطفالي يُعانون من تقلصات في المعدة وقيء وإسهال، اكتشفتُ أن السبب هو الماء الذي نشربه يوميًا والذي نقف في طوابير لساعات لنحصل عليه"، هذا ما قالته إيمان بشير، وهي أمٌ لثلاثة أطفال، مُوضحة أنها منذ نزوحها إلى جنوب قطاع غزة، مبتعدةً عن نيران الحرب التي تدور رحاها في الشمال، وهي تُعاني للحصول على ماء نظيف بلا جدوى.
وكتبت إيمان على موقع إكس، تويتر سابقًا، أنها كانت تُرجِع ما أصاب أطفالها من أعراض مرض، إلى النوم على الأرض أو تغير الطقس، لكنها فوجئت حين علمت أن مياه الشرب هي السبب.
وأعربت إيمان عن خوفها من تدهور صحتها هي وأطفالها لا سيّما في ظل قلة الخدمات الطبية، مضيفة: "علمتُ للتو أن هذا قد يؤدي إلى تليف الكبد والفشل الكلوي، ونحن نشرب من هذه المياه منذ 15 يوماً!"
وبعد أسبوع من اندلاع الحرب في غزة، صرحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" بأن المياه النظيفة تنفد من القطاع بعد توقف عمل محطة المياه وشبكات الماء العامة".
وذكرت الوكالة الأممية أن الناس يضطرون إلى استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، ما يزيد مخاطر انتشار الأمراض المنقولة عبر الماء.
وأوضح الدكتور، مصطفى جاويش، خبير علم الأوبئة والوقاية في لندن، أن نسبة الأملاح المذابة في الماء العذب تكون "أقل من 1000 جزء للمليون، ونسبتها في المياه المالحة تزيد لأكثر من عشرة أضعاف تلك النسبة، أما ماء البحر فتزيد بنسبة 220 مرة".
وأضاف لبي بي سي "بالنسبة للحالة في قطاع غزة وشرب ماء البحر مباشر، ففي ذلك مخاطر أكبر، حيث إن ماء البحر يحتوي على العديد من الأملاح الأخرى المختلفة بخلاف ملح الطعام، مثل أملاح الكلوريدات والكبريتات والمغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم واليود، وهذا يعنى المزيد من الأخطار التي تحيق بالصحة".
وأوضح: "عند شرب ماء البحر، يمتص الجسم الماء والملح معاً، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة كلوريد الصوديوم في الجسم"، وللتخلص منه "تُصفّي الكُلْية هذا الملح من خلال طرح كميات كبيرة من البول، ما يعني سحب الكثير من سوائل الجسم، وبالتالي يؤدى إلى الجفاف والعطش".
وشدد جاويش على أن الإفراط في تناول الماء المالح بشكل عام يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وأمراض الكلى وزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية، و"يؤدي هذا في النهاية إلى الجفاف المفرط لأنسجة الجسم، خاصة المخ، والذي قد يزيد، متسببا بموت الإنسان بسبب العطش".
أما الدكتور ياسر المسيري، استشاري أمراض البطن والكُلى بقصر العيني بالقاهرة، فأوضح أن مياه الشرب إن كانت تُستخرج من الآبار من دون معالجة، فإن ذلك قد يُحدث اختلالاً في نسبة الأملاح في الجسم، وقد يؤدي إلى الجفاف.
وأضاف متحدثاً لبي بي سي أن الأطفال وكبار السن هم الأشد تضرراً من شرب المياه غير الصالحة، نظراً لضعف مناعتهم، و"إذا أصيبوا بنزلة معوية من دون الوصول إلى محلول لمعالجة الجفاف، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة".
كيف يمكن تنقية المياه بأبسط الوسائل؟يقول الدكتور إلياس ميخائيل النعمان، أستاذ علوم المياه بالجامعة الأردنية، إن هناك طرقاً بدائيةً يمكن من خلالها تنقية المياه الجوفية، وطرقاً أخرى لتحلية مياه البحر.
تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسيةهذا الأمر الذي يتطلب لوحاً من الزجاج، يوضع بشكل مائل، ويكون مغلقاً على وعاء يحتوي ماء البحر المراد تحليته، و"بتعريضه للشمس لفترة طويلة تتكثف المياه على اللوح الزجاجي المائل، ومن ثم يمكن الحصول على المياه المقطرة باتجاه منطقة التجميع في "أنبوب أو زجاجة مُعدة لهذا الغرض".
وأضاف النعمان لبي بي سي أنه في ظل الطقس الحالي في غزة، فإن "المتر المربع من مياه البحر، يمكن أن يُنتج 4 لترات من المياه الصالحة للشرب يومياً".
تنقية المياه الجوفية والآبارأوضح الدكتور إلياس أن المنطقة الشرقية من غزة تتوفر بها مياه جوفية عذبة يمكن استخدامها للشرب بعد معالجتها بالكلور وتصفيتها من الشوائب إن وُجدت.
ويقول إن المياه الجوفية ليست كلها صالحة للشرب، فمنها ما هو مالح لا يصلح للشرب، وعندها يمكن استخدام الطريقة السابق ذكرها لتحليتها.
أما المياه الملوثة فتحتاج إما إلى الغلي الذي يتطلب الوقود، أو إلى وضع كمية بسيطة من الكلور لقتل البكتيريا من دون حاجة لأيّ مصدر للطاقة، موضحاً أن "المتر المكعب يحتاج 2 غرام كلور"، وهو متوفر لدى الصيدليات، فإن لم يوجد، "يمكن استخدام مستحضرات الكلور المخصصة لتنظيف المنازل" بالكمية المذكورة ذاتها.
أغلبية الإسرائيليين يُطالبون باستقالة نتنياهو.. استطلاع رأي يكشف التفاصيلترغبُ أغلبيةً كاسحة وكبيرة، بـ "إسرائيل"، في استقالة رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، فيما حمله كثيرون مسؤولية الهجمات، وعبّروا عن عدم ثقتهم بإدارته للقتال ضد المُقاومة الفلسطينية "حماس"، وأنّ حكومتَهُ يجبُ أنّ ترحل ويتمَ إجراءُ انتخاباتٍ مبكرة، حسبما أفاد استطلاعٌ للرأي، مساء اليوم الإثنين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة سيدات غزة مياه الشرب فلسطين بوابة الوفد ماء البحر یؤدی إلى
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتجبر آلاف الفلسطينيين على الفرار
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن إسرائيل تنفذ عمليات هدم واسعة النطاق وتقيم تحصينات عسكرية في المناطق السكنية في شمال غزة حيث أجبرت عشرات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم، وفقا لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو والمقابلات التي تم التحقق منها.
وقالت الصحيفة -في تحليل حول الأوضاع في غزة أوردته اليوم الثلاثاء- إن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه شن هجوما جويا وبريا في الخامس من أكتوبر الماضي في أقصى أجزاء شمال غزة - جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون - لطرد عناصر حماس الذين أعادوا تنظيم صفوفهم هناك وأن العملية "ستستمر طالما كان ذلك ضروريا".
طرد أكثر من 100 ألف فلسطيني
وأضافت أنه تم طرد أكثر من 100 ألف فلسطيني من المناطق المتضررة على مدار الأسابيع الحادية عشر الماضية، وفقا للأمم المتحدة، مما ترك عدد يقدر بنحو 30 ألفا إلى 50 ألف شخص- وهو عدد أقل من ثمن السكان ما قبل الحرب.
وتقول جماعات إنسانية إن المساعدات بالكاد وصلت إلى المنطقة منذ بداية أكتوبر بسبب القيود الإسرائيلية، ويحذر الخبراء من أن المجاعة ربما تكون قد تفشت بالفعل في بعض الأماكن.
القوات الإسرائيلية قامت بهدم أحياء بأكملها
ووفقا لتحليل أجرته صحيفة واشنطن بوست لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة، فإن القوات الإسرائيلية قامت بهدم أحياء بأكملها، وإقامة تحصينات عسكرية وبنت طرقا جديدة وذلك مع إخلاء المناطق من الفلسطينيين. وتُظهِر الأدلة المرئية أن ما يقرب من نصف مخيم جباليا للاجئين تم هدمه أو تطهيره بين 14 أكتوبر و15 ديسمبر، الأمر الذي أدى إلى ربط طريق قائم في الغرب بمسار مركبات موسع في الشرق - مما أدى إلى إنشاء محور عسكري يمتد من البحر إلى السياج الحدودي مع إسرائيل.
ونسبت الصحيفة إلى محللين قولهم إن إنشاء هذا الممر، وتطهير مساحات من الأرض على جانبيه وبناء مواقع استيطانية محمية على شكل مربع يشبه تحويل الجيش الإسرائيلي لممر نتساريم، وهي منطقة عسكرية إسرائيلية استراتيجية في وسط غزة. وفي حين قطعت القوات الإسرائيلية ممر نتساريم عبر منطقة زراعية قليلة السكان إلى حد كبير، إلا أن عمليات إسرائيل في الشمال تتركز في الأحياء الحضرية الكثيفة - مما أدى فعليا إلى تدمير المدن الفلسطينية الشمالية.
إنشاء منطقة عازلة
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في حين لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تفسير علني لأنشطته في التطهير والتحصين في الشمال، قال المحللون إن المحور الذي تم إنشاؤه حديثا يمكن أن يفصل أقصى الشمال عن مدينة غزة، مما يسمح لإسرائيل بإنشاء منطقة عازلة لعزل مجتمعاتها الجنوبية التي تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر 2023.
وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر إخلاء مع تطور الهجوم، وطلب من المدنيين الفرار من أجل سلامتهم، دون أي تفاصيل حول موعد السماح لهم بالعودة - أو ما إذا كان سيُسمح لهم بذلك، فيما يظل مطلب حماس بالسماح للعائلات بالعودة إلى الشمال، خارج ممر نتساريم، خلال أي توقف في القتال نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار المحتمل واتفاقية إطلاق سراح الرهائن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي رفض الإجابة على أسئلة محددة حول نتائج التحليل الذي أجرته. وفي بيان عام، قال الجيش إنه يستهدف "أهدافا عسكرية حصريا" وأنه "يتخذ جميع التدابير الممكنة للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين"، بما في ذلك إخبارهم بإخلاء "مناطق القتال العنيف".
ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إنه حتى الأول من ديسمبر، تم تدمير ثلث المباني جميعها في محافظة شمال غزة منذ بداية الحرب - بما في ذلك أكثر من 5000 في جباليا، وأكثر من 3000 في بيت لاهيا وأكثر من 2000 في بيت حانون، وفقا لأحدث البيانات من مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة. وأظهرت البيانات أن ستين بالمائة من الدمار في مخيم جباليا للاجئين وقع بين 6 سبتمبر وأول ديسمبر، واستمرت عمليات الهدم والتشريد في الأسابيع التي تلت ذلك.
وأظهرت صورة التقطتها الأقمار الصناعية في الخامس عشر من ديسمبر دمارا واسع النطاق في بيت لاهيا وجباليا، حيث تحولت سوق ومسجد ومتاجر ومنازل إلى أكوام من الخرسانة والغبار. وفي الرابع من ديسمبر، أجبر الجيش الإسرائيلي 5500 شخص كانوا يحتمون في المدارس في بيت لاهيا على الفرار جنوبا إلى مدينة غزة، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وأضافت الصحيفة أنه في مقابلات أجريت عبر الهاتف والرسائل النصية على مدى عدة أسابيع، وصف 10 من سكان شمال غزة لصحيفة واشنطن بوست الاستهداف الواسع النطاق للأحياء المدنية من جانب القوات الإسرائيلية، والإخلاءات الجماعية الخطيرة حيث تم فصل الرجال والفتيان المراهقين عن النساء والأطفال، فضلا عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.