يقول خبراء إن إدارة جو بايدن تقامر بمصالح الولايات المتحدة الداخلية والخارجية بدعمها المطلق لكل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد الفلسطينيين، وإن الحرب قد تتسع مستقبلا ما لم يتم وقفها بشكل سريع.

ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية خليل العناني والسياسي الأميركي السابق جيم موران، إنهما لا يعتقدان أن واشنطن وتل أبيب ستقبلان بوقف الحرب في المدى القريب، ما لم يتعرضا لمزيد من الضغوط العربية والإسلامية.

وقال العناني إن بايدن يقامر بمصالح بلاده في الداخل والخارج من أجل إرضاء إسرائيل، التي يعلم رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو مدى ضعف الإدارة الأميركية الحالية ويواصل استغلال هذا الضعف.

وتقوم سياسية بايدن الحالية – حسب العناني- بالتضحية بمجموعة من حلفاء واشنطن الرئيسيين في المنطقة، وتحديدا مصر والأردن وقطر والسعودية، لصالح إسرائيل.

وقال العناني إن هذه الدول لديها خلاف مع إدارة بايدن للأزمة، مؤكدا أن هذا الخلاف قد يتسع مستقبلا لأن هذه الدول "تعاني ضغطا شعبيا كبيرا الآن بسبب ما يجري في غزة".

أما على الصعيد الداخلي، فإن ثمة خلاف شديد داخل الحزب الديمقراطي بسبب الموقف من إسرائيل، وهناك أيضا ارتفاع في درجة الضغط الشعبي على بايدن، مع مخاوف من نمو موجة تطرف جديدة، وهو انقسام لم تعشه الولايات المتحدة منذ حرب العراق، كما يقول العناني.

إلى جانب ذلك، فإن بايدن -برأي العناني- يواصل خسارة أصوات العرب والمسلمين في الانتخابات وخصوصا في ولايات متأرجحة ومهمة جدا مثل ميتشغن، وهو ما يعني الولايات المتحدة قد تضرر داخليا وخارجيا إذا واصلت سياستها الحالية تجاه غزة.

وبالمثال، قال قال السياسي الأميركي جيم موران قال إن قتل أربعة آلاف طفل في غزة لا يمكن تبريره بالرغبة في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لأن هناك الكثير من الطرق للقيام بهذا الأمر.

كما إنه من غير المقبول -يقول موران- استخدام حق الدفاع عن النفس كذريعة لقتل آلاف الفلسطينيين فقط لأنهم فلسطينيون، بينما بايدن يطالب الكونغرس بمزيد من الدعم لإسرائيل.

ورغم أن الحرب لم تتسع بسبب تماسك حزب الله اللبناني والضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران من خلال الوسيط القطري، إلا أن الأمور قد تتغير، كما يقول موران.

ولا يعول السياسي الأميركي الديمقراطي على موقف الإدارة الأميركية أو الحكومة الإسرائيلية وإنما على مزيد من الضغط الشعبي في العالمين العربي والإسلامي حتى يجبر قادة العالم على وقف الحرب.

وفيما يتعلق بالحجج التي تسوقها إسرائيل وترددها الولايات المتحدة عن تدرع حماس المدنيين، قال موران إن غزة كلها منطقة مدنية وما تقوم به إسرائيل سيسجل على أنه واحدة من الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ،

ليس هذا وحسب، فقد أكد موران أن "كل من يقف معها أو يصمت عليها هو شريك معها في كل جرائمها"، مشيرا إلى أن التظاهرات داخل إسرائيل أو الولايات المتحدة لن تغير في الموقف الحالي شيئا.

وبالتالي، يضيف السياسي الأميركي، فإن اتساع رقعة الاحتجاج في العالمين العربي والإسلامي هو الكفيل بالضغط على واشنطن لإجبارها على وقف الحرب.

ووصف موران حكومة نتنياهو بأنها "الأكثر عنصرية وتطرفا والأقل تمثيلا لقيم أميركا"، مؤكدا أن الأمر "سيتكشف هذا الأمر، لكن المؤسف أن هناك مئات الفلسطينيين يقتلون الآن بينما الولايات ومصر والأردن لا يفعلون شيئا".

وقال موران إن هذ الدول الثلاث المؤثرة في المشهد "تريد التخلص من حماس وحل القضية الفلسطينية في نفس الوقت، لكن هذا لن يحدث لأن الأطفال عندما يكبرون لن يكونوا متسامحين مع من قتل آباءهم وأجدادهم كما يعتقد نتنياهو".

 

مستقبل المحتجزين

وحتى فيما يتعلق بالمحتجزين المدنيين في غزة، قال موران إن نتنياهو غير مهتم بهم وربما يلقى كثيرون منهم حتفهم بينما حماس تحاول حمايتهم، مضيفا "حماس مستعدة إطلاق صراح النساء والأطفال مقابل النساء والأطفال الفلسطينيين لكن نتنياهو لن يفعل أي شيء من هذا، وبالتالي غالبية الرهائن سيقتلون رغم أن حماس تحاول حمايتهم".

وأكد موران أن المظاهرات "لا تمثل أي ضغط على حكومة نتنياهو لأنها لا تمثل الإسرائيليين أساسا"، مضيفا "هذه التظاهرات في إسرائيل أو في أميركا ستلفت النظر لما يجري لكنها لن توقف دعم بايدن والكونغرس لنتنياهو لأسباب داخلية".

واعتبر موران أن حماس "أخطأت في شن هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لأن نتنياهو كان في أضعف حالاته السياسة ثم أصبح الآن يحظى بدعم الداخل والخارج".

الرأي نفسه ذهب إليه العناني بالقول إن الحرب الحالية هي نتنياهو الذي يحاول القفز للأمام حتى لا يحاكم مستقبلا على ما حدث، وإن أميركا تعطي هذه الحرب غطاء.

وحتى حديث إدارة بايدن عن إطلاق المحتجزين فإنه يتعارض -برأي العناني- مع رفضها أي وقف للحرب ما يعني أن الحديث عن إطلاق الرهائن ليس إلا مناورة كلامية من أجل منح نتنياهو مزيد من الوقت.

أما نتنياهو -يضيف العناني- "فمستعد للتضحية بكل المحتجزين من أجل مصلحته الشخصية التي تتخلص في القضاء على حماس، حتى لو تم قتل جميع الأسرى والمحتجزين خلال العمليات".

وختم العناني بالقول إنه كانت هناك جهود قريبة لتبادل محتجزين بوساطة قطرية واتفاق مع واشنطن لكن نتنياهو أوقف كل شيء عندما بدأ العملية العسكرية فجأة قبل ساعات من تنفيذ الاتفاق؛ غير عابئ بالوعد الذي قطعه لبايدن.

وخلص العناني إلى أن نتنياهو "صعد فوق الشجرة ولا يستطيع النزول لأنه لا يعرف كيف يقضي على حماس"، مؤكدا أنه "لا مجال لوقف الحرب رغم حديث مصر والأردن عن ضرورة ذلك؛ لأن واشنطن يضع القضاء على حماس هدفا أساسيا ولن تتخلى عنه بسهولة في المدى القريب على الأقل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة من أجل

إقرأ أيضاً:

باحث إسرائيلي يكشف عن الرعب الذي تنتظره إسرائيل بسبب صمود حماس .. خياران كلاهما مر أمام نتنياهو

 

قال باحث إسرائيلي إن استمرار صمود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، واحتفاظها بقدراتها الأساسية أمام ضربات الجيش الإسرائيلي، يقود إلى حرب استنزاف طويلة تضع صناع القرار الإسرائيلي بين خياري التوصل إلى صفقة مؤلمة، أو استمرار الصراع دون حسم واضح، بما قد يشكل كارثة جديدة لإسرائيل.

 

واعتبر رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب، ميخائيل ميليشتاين، في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الأحد أن "إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم تتبنَّ نهجا أكثر واقعية تجاه غزة، بل اعتمدت على تصورات جديدة غير مدروسة".

 

وأشار الباحث إلى التباين بين سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي ترتكز على استخدام القوة لتحقيق "نصر كامل" ضد حماس دون خطة واضحة، وبين إستراتيجية الجيش المرتكزة على توجيه ضربات محدودة.

 

وأكد الباحث الإسرائيلي أن ما أسماه "صدمة 7 أكتوبر" جاءت نتيجة لامتلاك حكومات إسرائيل تصورا خاطئا بشأن الأوضاع في غزة، وقال "هذه الصدمة لم تدفع صُنّاع القرار في تل أبيب للتعلم من الأخطاء السابقة. واللافت أن هذه التصورات الجديدة تأتي من نفس الأطراف التي كانت مسؤولة عن التصورات التي انهارت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

 

وأضاف أن نتنياهو يتبع، في المستوى السياسي، نهجا يرتكز على عدة افتراضات أساسية، وهي التقدم المستمر نحو "نصر كامل"، بهدف نهائي هو تدمير القدرات العسكرية والسياسية لحركة حماس، وهذه السياسة تستند إلى فكرة أن المزيد من القوة سيؤدي إلى تنازلات من حماس، خصوصا في مسألة محور فيلادلفيا التي تعتبر عقبة أمام التوصل إلى صفقة، وفقا للباحث.

 

ووصف هذا النهج بأنه "يحاول الظهور كأنه "واقعي"، ويتوقع تحقيق إنجازات تدريجية ستؤدي في النهاية إلى الحسم، "بما يشمل إمكانية إنشاء بديل حكومي لحماس في غزة يكون مقبولا لإسرائيل ومناسبًا للسكان المحليين، مع إمكانية تحفيز تغيير جذري في الفكر والقيم لدى الفلسطينيين على المدى البعيد"، ولكن الباحث اعتبر أن هذا النهج لم يكن مدعوما بخطة واضحة.

 

وناقش ميليشتاين الفرضية المقابلة، وهي فرضية الجيش التي ترى أن حماس يمكن هزيمتها عبر سلسلة من الضربات، دون الحاجة إلى السيطرة الكاملة على غزة، والتي انسحب الجيش الإسرائيلي بموجبها من المناطق التي سيطر عليها في بداية القتال، خاصة شمال القطاع.

 

لكنه قال إن "جنرالات أميركيين حاليين وسابقين أشاروا إلى أن هذه العقيدة خاطئة، فلا يمكن هزيمة عدو وتغيير الوضع على الأرض دون احتلال كامل وبقاء طويل الأمد في المنطقة".

 

وخلص إلى القول إن "القاسم المشترك بين هذه التصورات هو غياب التخطيط العميق، فكيف يمكن تحقيق تغيير جذري في منطقة ما زالت حماس فيها لاعبا رئيسيا، من خلال السيطرة على محورين في القطاع وتنفيذ ضربات عسكرية مستمرة؟".

 

حرب استنزاف

 

وسلط ميليشتاين الضوء على حركة حماس، وأوضح أنها "تنظيم أيديولوجي يتحرك وفق رؤية، حيث نجح في الاندماج داخل المجتمع الفلسطيني في غزة، كما أنه من المرجح أن مقاتلي حماس، خاصة القادة الكبار، سيختارون القتال بدلا من قبول شروط إسرائيل للبقاء في قطاع غزة، ناهيك عن أن يرفعوا الراية البيضاء أو يوقعوا على اتفاق استسلام أو الانسحاب من غزة".

 

وأضاف أن حماس تنظيم متجذر بعمق في المجتمع الفلسطيني ويتكيف مع التغيرات. فرغم الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها، ما زال يحتفظ بقدراته العسكرية الأساسية ويعيد بناء نفسه تدريجيا.

 

وتوصل إلى استنتاج بأن "المزيد من القوة لن يؤدي إلى استسلام حماس، بل إلى حرب استنزاف يظل فيها التنظيم ضعيفا ولكنه قادر على البقاء"، على حد قوله.

 

وأكد أنه "في ظل عدم وجود نية للسيطرة الكاملة على غزة، وغياب تفسير واضح لكيفية أن السياسات الحالية ستؤدي إلى انهيار حماس وتحرير الأسرى، يصبح من الضروري اتخاذ خيار الصفقة، حتى لو كانت تكاليفها مؤلمة، لأنها أفضل من حرب استنزاف طويلة الأمد".

 

لكن الباحث الإسرائيلي حرص في الختام على التأكيد أن "التوصل إلى اتفاق ليس نهاية الحرب، بل هو مجرد نهاية الجولة الأولى من معركة طويلة"، حسب تعبيره.

 

وقال "من الضروري ألا يقود هذه المعركة أولئك الذين انهارت تصوراتهم في 7 أكتوبر، لأن استمرارهم في إدارة المعركة الحالية لن يكون (تصحيحا تاريخيا)، بل دخولا في فخ إستراتيجي قد يؤدي إلى كارثة كبرى".

 

المصدر : يديعوت أحرونوت

مقالات مشابهة

  • حماس: نتنياهو يضع شروطًا تعجيزية عمدًا لتخريب أية فرصة للتوصل إلى اتفاق
  • ماذا سيبحث مع بايدن؟.. بن زايد في أول زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة الإمارات
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لم تنسق مع إسرائيل لتنفيذ تفجيرات لبنان
  • مسؤولون عسكريون إسرائيليون: نتنياهو يعطل الاتفاق ونخسر الحرب والأسرى
  • كابوس نتنياهو.. هل تُدان إسرائيل بجرائم الحرب والإبادة؟
  • خبراء يحذرون: حرب غزة تكبد إسرائيل 10% من اقتصادها
  • هدنة غزة.. الولايات المتحدة تعمل على اتفاق "منقح"
  • جدل بإسرائيل حول التصعيد ضد حزب الله على وقع تصريحات نتنياهو
  • باحث إسرائيلي يكشف عن الرعب الذي تنتظره إسرائيل بسبب صمود حماس .. خياران كلاهما مر أمام نتنياهو
  • اتهموها بالنفاق والازدواجية..خبراء أمميون ينتقدون الدول الغربية لصمتها على جرائم إسرائيل