غزة- لا يبدو أن الأنباء غير المسبوقة عن قرب إطلاق رحلات جوية خاصة بسكان قطاع غزة، عبر مطار رامون الإسرائيلي، قد أثارت حماسة الشارع الفلسطيني، نظرا للشروط التي تحيط بها، والتي تجعل عدد المستفيدين منها محدودا للغاية.

ولم تعلن إسرائيل القرار بشكل رسمي، لكنّ شركات سياحة فلسطينية أصدرت إعلانات تفيد باعتزام إطلاق رحلات جوية بداية يوليو/تموز القادم من مطار رامون.

الإعلانات جاءت بعد ساعات من خبر أوردته القناة 12 الإسرائيلية، أفاد بأن هناك موافقة على تسيير رحلتين (ضمن برنامج تجريبي) لسكان قطاع غزة عبر مطار رامون.

وذكرت القناة الإسرائيلية أنه يشترط للأشخاص الراغبين في السفر الحصول على تصريح أمني إسرائيلي، وأنهم سيغادرون غزة عبر معبر بيت حانون (إيرز)، بواسطة سيارة خاصة لن تتوقف إلا في مطار رامون.

وهاجم القرار النائب في الكنيست عن حزب "قوة يهودية" آلموغ كوهين، قائلا "وضعٌ يتمتع فيه سكان غزة برحلات جوية منخفضة التكلفة عبر دولة إسرائيل، بينما لا يزال الأولاد (الأسرى الإسرائيليون المحتجزون في غزة منذ عام 2014) لدى حماس، هو وضع غير منطقي وغير أخلاقي، نحن لا نتخلى عن الجرحى في الميدان".

ويقع مطار رامون جنوبا قرب مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر.

وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها الحديث عن سفر الفلسطينيين عبر المطار المذكور، إذ سبق أن قالت سلطة المطارات الإسرائيلية، أغسطس/آب 2022، إنه "سيتم السماح للفلسطينيين بالسفر من الضفة الغربية المحتلة على متن رحلات خاصة من مطار رامون إلى وجهات في تركيا".

الشعبية تدعو لرفض الفكرة

لم تُصدر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -المسيطرة على غزة- تعقيبا فوريا حول النبأ، كما لم يتسنَ للجزيرة نت الحصول على رد.

كذلك قال مسؤول في لجنة متابعة العمل الحكومي، التي تدير شؤون القطاع (تتبع لحركة حماس) للجزيرة نت، إنها لا ترغب بالتعقيب على هذه الأنباء في الوقت الحالي.

لكنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بادرت إلى التصريح برفض الفكرة، وقالت "ندعو جماهير شعبنا إلى رفض السفر عبر مطار رامون الصهيوني، باعتباره تكريسا لوقائع يفرضها الاحتلال ضمن مخطّطات الضم والإلحاق والتبعية".

وفي بيان، دعت الجبهة حركة حماس إلى "اتّخاذ الإجراءات اللازمة، التي تُفشل مخطّطات العدو، ومنعه من استغلال حاجة المواطنين للسفر، وبذل جهود مع الأشقاء (المصريين والأردنيين) من أجل تخفيف معاناتهم في السفر عبر معبري رفح والكرامة".

رفض حكومي

وجدّدت الحكومة الفلسطينية في رام الله رفضها فكرة السفر عبر مطار رامون.

وفي هذا الصدد، قال موسى رحّال، الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات في الحكومة الفلسطينية، إن الوزارة ترفض سفر الفلسطينيين عبر هذا المطار، وتحثّهم على عدم استخدامه.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال رحّال "بشكل عام، موقفنا لم يتغير، نرفض استخدام هذا المطار، ونريد تشغيل مطار فلسطيني خاص".

ونفى أن يكون هذا القرار -إن تم تطبيقه بالفعل- يحمل أي تسهيلات للفلسطينيين، وقال إن "التضييقات الإسرائيلية مستمرة، الحواجز تنتشر في كل مكان، بين القرية والمدينة هناك حاجز يغلق في أي وقت، هذه ليست تسهيلات".

وأضاف أن "إسرائيل مُلزمة بموجب الاتفاقيات الدولية، بتسليمنا مطار قلنديا (القدس الدولي)، وإعادة إعمار مطار غزة الدولي (لا يعمل منذ عام 2000)".

ويسافر الفلسطينيون في غزة إلى الخارج عبر منفذ رفح البري الواصل مع مصر.

لكنّ الأعداد الكبيرة للراغبين في السفر التي تستدعي التسجيل المسبق والانتظار، والمسافة الطويلة التي يقطعونها عبر صحراء سيناء في طريقهم لمطار القاهرة الدولي، تجعل من الرحلة أمرا مرهقا.

فكرة غير عملية

بدوره، يعرب الكاتب والمحلل السياسي في غزة وسام عفيفة عن اعتقاده أن الأمر قد يكون مثل "بالون اختبار" من إسرائيل.

لكنّ عفيفة أضاف مستدركا للجزيرة نت "عمليا وعلى أرض الواقع، هناك بنية تحتية للمشروع، وتطبيقه غير مستبعد".

ويرى المحلل السياسي أن الخطوة ستكون غير عملية، ولن يستفيد منها سوى أعداد محدودة جدا من الفلسطينيين، مضيفا أن "البُعد الأمني سيمثل هاجسا لسكان غزة، إذ إن كثيرين يخشون الاعتقال من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وبالتالي فعمليا سيكون عدد المستفيدين قليلا للغاية".

ودلّل المتحدث على ما ذهب إليه بسفر الفلسطينيين من غزة للعلاج عبر المعابر الإسرائيلية، حيث لا تستفيد منه سوى أعداد قليلة، نظرا للقيود الإسرائيلية، لافتا إلى أن بعض شرائح سكان غزة قد تضطر للسفر عبر مطار رامون، كونها لا تمتلك رفاهية الاختيار بين البدائل.

واستبعد بشكل كامل فكرة تأثير مطار رامون على معبر رفح الواصل بين غزة ومصر، حيث سيظل المنفذ الرئيسي لسكان غزة، كونه الأقدر على تلبية حاجات السفر لدى السكان، بعيدا عن الشروط والقيود الإسرائيلية، فضلا عن العدد الكبير من المحتاجين للسفر، الذي لا يمكن لهذا المطار أن يقدر على تلبيته.

ولا يستبعد عفيفة أن يكون هذا القرار -إن رأى النور- جزءا من المحاولات الإسرائيلية "لتسكين جبهة غزة، واستمرار حالة الهدوء الحالية، التي تضم رزمة من الخطوات، كالسماح لبضع آلاف من الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل، والتخفيف من قرارات منع دخول البضائع".

وأضاف أن "الفلسطينيين لا يسعون فقط لسفر بضع المئات منهم، بل يريدون كسر الحصار، وتطوير الوضع الاقتصادي ومحاربة البطالة".


آراء الشارع الفلسطيني

والقاسم المشترك بين معظم آراء الشارع الفلسطيني في غزة هو "غياب الحماسة" بشأن مطار رامون.

يقول صلاح أبو حنيدق (33 عاما) إنه يرفض الفكرة، نظرا لعدم واقعيتها، وقلة الذين سيستفيدون منها.

وفي حديثه للجزيرة نت، أَضاف أبو حنيدق "نحن -بشكل عام- مع أي شكل من أشكال حرية السفر، لكنّ هذه الحرية لا بد أن تكون حقيقية كباقي سكان العالم، فمن حق الإنسان أن يسافر، ويخرج ويعود، بحرية وبدون أي قيود".

وأوضح أنه إذا كانت هناك ضمانات تقدّمها عدة جهات تمنع ملاحقة واعتقال أي فلسطيني وتمنحه حقه في السفر كباقي سكان العالم، "فأنا مع السفر عبر مطار رامون".

أما إبراهيم أبو ليلة (21 عاما)، فيقول للجزيرة نت إنه يرفض القرار بشدة، مضيفا أن "الفكرة غير عملية، فهي تشترط ألا يقل عمر المسافر عن 35 عاما، وغالبية الراغبين في المسافرين اليوم تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 35 بغرض البحث عن عمل أو الدراسة، وبالتالي فهذه فكرة غير عملية".

وفي السياق ذاته، يطالب محمد الوصيفي (32 عاما) ببناء مطار فلسطيني مستقل، لا يخضع للشروط الإسرائيلية، موضحا أن "الأصل أن يكون لنا مطار فلسطيني خاص مستقل، أمّا أن يكون السفر عبر مطار إسرائيلي يتحكم فيه جنود الاحتلال فمرفوض، لا نقبل هذا الذل والهوان وأن نكون تحت رحمة الاحتلال".

بدوره، قال مهند دادِر (20 عاما) للجزيرة نت "أقبل بالفكرة، بسبب صعوبة عملية السفر، والمعاناة التي نعانيها، ولكن ليس وفق الشروط الإسرائيلية، وإنما بشروطنا، ممكن أن نقبل بالفكرة لفترة، وبعدها نحتج على ذلك كي نحقق مطالبنا، كما يقول المثل: خُذ وطالب".

من جهته، يرى وليد أبو عصر (19 عاما) أن الأمر محاولة إسرائيلية لتأجيل "انفجار قطاع غزة"، مضيفا للجزيرة نت أن الاحتلال يعلم أن غزة قنبلة موقوتة ستنفجر في وجهه في وقت ما، لذلك يقوم بتسهيلات لتقليص آثار هذا الانفجار".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

باحث سوري يروي للجزيرة نت قصة شغفه بحل قضية المفقودين

بين دهاليز المعاناة والهجرة القسرية من وطن غارق في الألم إلى محافل العلم والإنجاز في أسكتلندا يقف الباحث السوري رواد قاق كقصة نجاح تستحق أن تروى.

لم تثنه ويلات الحرب عن متابعة حلمه العلمي، فاختار أن يضع علمه في خدمة الإنسانية متخصصا في مجال طب الأسنان الشرعي، ليساعد في حل إحدى أعقد الأزمات الإنسانية، وهي تحديد هوية المفقودين.

وفي هذا الحوار يكشف لنا قاق عن رحلته الطويلة من إدلب إلى جامعة دندي، وعن إنجازاته وأبحاثه التي تلامس الجراح الإنسانية، آملا أن يسهم علمه في بلسمة آلام الماضي ورسم مستقبل أكثر عدالة وإشراقا لسوريا وللمنطقة، فإلى نص الحوار..

بداية، هل ما حدث في سوريا يدعو للتهنئة أم للقلق والخوف على مستقبلها؟

بدون تردد، طبعا يدعو للتهنئة، فيكفي ما تابعناه خلال الأيام الماضية في ملف المعتقلين والمفقودين وما يتضمنه من قصص تدمي القلوب، ليكشف حكم المعاناة التي كنا نعيشها، والحمد لله كنت قد استشرفت هذا الوضع مبكرا، وأنجزت أبحاثا من مجال طب الأسنان الشرعي، والتي خرجت من خلالها بنتائج ربما تكون مفيدة في ملف تحديد هوية بعض الجثث التي فقدت ملامحها تماما.

لكن ما يتمناه كل سوري هو أنه بعد انتهاء سكرة الفرحة بزوال نظام بشار الأسد هو أن نحسن استغلال الحرية التي لم نعشها طوال سنوات القهر والاستبداد، والتي كان من تبعاتها أن حرمت من بلدي وأهلي طوال الـ10 سنوات الماضية.

الباحث السوري رواد قاق أمام ملصق يتضمن ملخصا لبحثة الرائد في تحديد جنس الجثث مجهولة الهوية من قياسات الجمجمة (رواد قاق) من إدلب إلى أسكتلندا قرأت على موقع جامعة دندي بأسكتلندا أنك حططت رحالك هناك بعد رحلة طويلة من المعاناة، فما هي أبرز محطات تلك الرحلة؟

بعد تخرجي في تخصص طب الأسنان كان علي الانضمام إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، وكان أمامي خياران: إما الانضمام لجيش النظام وقمع شعبي أو الفرار، فاخترت الفرار، لأن حلمي كان إكمال دراستي العليا، وبدأت رحلتي بالانتقال إلى لبنان، ثم حاولت السفر إلى الولايات المتحدة، لكن الأبواب كانت مغلقة أمام السوريين، فانتقلت إلى تركيا لفترة قصيرة، ثم قررت الهجرة إلى أوروبا في عام 2015.

إعلان

كانت رحلتي مليئة بالتحديات، حيث بدأت بالقارب وصولا إلى اليونان، ثم عبرت دولا عدة مثل صربيا، مقدونيا، والنمسا حتى وصلت إلى ألمانيا، وهناك واجهت صعوبات في الاعتراف بشهاداتي والعمل بمجالي، وفي نهاية المطاف حصلت على منحة إنسانية للماجستير في جامعة دندي بأسكتلندا، حيث اخترت تخصص طب الأسنان الشرعي.

ولماذا اخترت هذا المجال تحديدا؟

اخترت طب الأسنان الشرعي لأنني استشرفت ما قد يحدث في سوريا بعد سقوط النظام، فهناك حاجة ملحة لتحديد هوية المفقودين الذين تحللت جثثهم، وأردت أن أساهم بطريقة فعالة وعلمية في حل هذه المشكلة، ليس فقط في سوريا، بل في كل البلاد التي تعاني من النزاعات.

وماذا حققت من إنجازات في هذا التخصص؟

بعد حصولي على الماجستير دعمتني جامعة دندي بمنحة لدراسة الدكتوراه ضمن "صندوق أبحاث التحديات العالمية"، وكان مشروعي البحثي يركز على استخدام الأسنان لتحديد هوية المفقودين في مناطق الصراع، كما حصلت على جائزة "هيرالد هاير إديكيشن أوارد" عن بحث يتعلق بتحديد الجنس باستخدام قياسات الجمجمة، وأنجزت دراسة في تحديد الأعراق البشرية من الأسنان، يعني أستطيع تحديد هوية الجثة من الأسنان، إن كانت من الأفريقيين أو الأوروبيين أو الأعراق الأخرى.

الباحث السوري رواد قاق داخل المشرحة حاملا أداة تستخدم في تشريح الأسنان (رواد قاق) دوافع شخصية ملهمة أشعر أن هناك قصة شخصية خلف اختيار هذا التوجه

لا أخفيك سرا، فقد غادرت سوريا بجسدي، ولم أغادرها بعقلي وقلبي، وكنت دائما أفكر في مصير القابعين خلف أسوار السجون، ومنهم أحد الجيران في مدينتي إدلب، ففكرت في أن هذا التخصص يمكن أن يكون مفيدا لبلدي ولكل البلاد العربية التي لا تزال عاجزة عن حسم ملف المفقودين في الحروب والنزاعات.

شغفك بالتخصص يبدو جليا في لهجتك، لكنه يبدو لي تخصصا غير مربح مثل مجال تركيبات الأسنان وغيرها من التخصصات التجارية التي قد تحتاج لها كلاجئ يقيم بالخارج، فلماذا حصرت نفسك في هذا الاتجاه؟

كما قلت لك سابقا: سوريا لم تغادر قلبي وعقلي، وكنت أبحث عن تخصص يتلامس مع واقع بلدي ويقدم حلولا للمشكلات، ومنها مشكلة تحديد هوية المفقودين، وبالمناسبة هذه مشكلة تعاني منها دولة العراق التي لم تنجح بحسب تقرير للجنة الدولية للمفقودين في هذه المهمة، وهناك مليون شخص مفقودون خلال فترات العنف السابقة هناك، ولا تزال المقابر الجماعية مليئة بالجثث غير المعلومة هويتها، ومن المرجح أن تتجاوز سوريا هذا الرقم.

إعلان المقارنة بالحمض النووي ولماذا لا يحل الحمض النووي (دي إن إيه) المشكلة، وهو طريقة قديمة ومجربة؟

قمت بإجراء تقييم لكل التجارب السابقة التي تم خلالها مضاهاة الحمض النووي للجثث المشوهة مع أقارب الباحثين عن ذويهم من المفقودين، فوجدت أن هذه الطريقة وإن كانت قد حققت بعض النجاح في بعض الدول إلا أن نجاحها لم يكن كاملا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تنفيذها مكلف للغاية وغير عملي في واقعنا العربي.

فالبوسنة -وهي من الدول التي حققت بعض النجاح في تحديد هوية بعض الجثث مجهولة الهوية بعد انقضاء حملة التطهير العرقي- استطاعت تحقيق ذلك بعد تلقي دعم تقني ومادي من أوروبا، إضافة إلى أن الأعداد لم تكن بضخامة الوضع في العالم العربي، إذ يحتاج تنفيذ تلك الطريقة إلى الحصول على الحمض النووي من أقارب المفقودين، ثم مضاهاة نتيجته مع الحمض النووي الخاص بالجثث مجهولة الهوية، وهذه عملية يصعب تنفيذها مع الأعداد الكبيرة وتحتاج إلى تكلفة هائلة.

لماذا وصفت ما تحقق في البوسنة بأنه "بعض النجاح"؟

لأنه لا يمكن في طريقة الحمض النووي حتى لو كانت الأعداد بالآلاف وليس بالملايين كما في حالتنا العربية تحقيق نجاح كامل، وسأعطيك مثالا آخر يؤكد ذلك ويتعلق بما حدث في الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث تفجير برجي مركز التجارة العالمي ضمن ما تعرف بـ"أحداث 11 سبتمبر"، حيث لا يزال إلى الآن في دولة بإمكانيات الولايات المتحدة هناك 3 آلاف شخص في عداد المفقودين، ولم يفلح الحمض النووي في الوصول إليهم.

حل عملي وغير مكلف وما الذي يمكن أن يقدمه طب الأسنان الشرعي من حلول لتلك المشكلة؟

حل بسيط وغير مكلف على الإطلاق، وهو التقاط صور لأسنان الجثث المشوهة قبل دفنها، ليتم لاحقا الحصول على صور من أقارب المفقودين تظهر فيها أسنان الشخص أثناء حديثه أو ابتسامته، وتتم مضاهاة هذه الصور مع صور أسنان الجثث التي تم الاحتفاظ بها، فهذه طريقة أسهل وأكثر عملية وغير مكلفة، لأن أسنان الشخص مثل بصمته لا يتطابق شكلها مع الآخرين.

إعلان هل تستطيع أن تعطيني مثالا عمليا تشرح من خلاله فكرتك؟

سأرسل لك حالا صورتين للناشط السوري مازن حمادة الذي تم العثور على جثمانه، فلو لاحظت صورته قبل السجن وهو يبتسم والتي يظهر فيها شكل أسنانه وقمت بمطابقتها مع الأسنان كما تظهر في جثته فستكتشف كيف يمكن أن تحقق نجاحا كبيرا في تحديد هوية المفقودين.

وما نسبة النجاح في هذه الطريقة؟

لن تقل عن الحمض النووي، وتتميز عن الحمض النووي كما أخبرتك بأنها مناسبة لمنطقتنا العربية من حيث التكلفة وسهولة التنفيذ.

ولماذا لا تسافر إلى سوريا وتقدم خبرتك العلمية في خدمة هذا الملف؟

سيحدث ذلك بلا شك، فأنا أود السفر إلى سوريا اليوم قبل غد، فكما أخبرتك فقد غادرت بلدي منذ 10 سنوات، لم أرَ خلالها أهلي الذين يقيمون حتى الآن في إدلب، لكن لدي ارتباطات بحثية لم تنته بعد، وإلى أن أتمكن من السفر فقد أرسلت رسالة عبر حساباتي الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى القائمين على دفن الجثث مجهولة الهوية بضرورة التقاط صور لأسنان الجثة قبل دفنها، فقد تساعدنا تلك الصور لاحقا على تحديد الهوية.

أسنان الناشط السوري مازن حمادة كانت إحدى العلامات التي قادت لتحديد هويته (مواقع التواصل الاجتماعي) نبش الماضي أم نظر للمستقبل قد يقول قائل: وما قيمة هذا الملف الذي ينبش في آلام الماضي ونحن ننظر للمستقبل؟

الدراسة التي أجريتها ونشرت مؤخرا في دورية "فورنسيك ساينس إنترناشونال" تضمنت استبيانا تم خلاله سؤال السوريين عن أهمية العثور على المفقودين، فأكدوا أنه على المستوى السياسي يبدو أمرا شديد الأهمية في تحقيق العدالة الانتقالية، لأنه يكشف عن جدية الإصلاح ووجود نية حقيقية لإنصاف الضحايا، وعلى المستوى الإنساني تكفي متابعة الصور والفيديوهات الحية للأهالي حول سجن صيدنايا، لمعرفة أهمية أن يكون لديك ابن أو قريب وتريد معرفة مصيره.

إعلان تكشف لي فصول قصتك عن أن النظام التعليمي في سوريا لم يكن سيئا بدليل أنه أهّلك للدراسة في أسكتلندا.. هل أنا محق؟

دعنا نفرق بين التعليم والبحث العلمي، فالتعليم بالفعل كان جيدا إلى حد كبير، فلك أن تتخيل أن النظام الصحي الألماني يعتمد على عدد لا بأس به من الأطباء السوريين حتى أن هناك تخوفات الآن من انهيار هذا النظام في حال قرر الأطباء العودة إلى سوريا.

لكن في المقابل فإن البحث العلمي كان يكتنفه كثير من الجمود، وهذه سمة البلاد الدكتاتورية، وآمل في تطوره للأفضل بعد انقشاع غمة بشار الأسد.

كلمة أخيرة توجهها للسوريين

لا تفقدوا الأمل، وتمسكوا بالعلم والعمل الجاد، فهما الطريق لبناء وطن جديد، وآمل أن أتمكن قريبا من العودة إلى سوريا للمساهمة في هذا البناء.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يعلن مهاجمة أهدافا للحوثيين.. وأمريكا تنفي مشاركتها
  • الكشف عن أكبر المشاكل التي يعاني منها سكان إسطنبول
  • سكان الجولان.. 4 عقود من مقاومة إغراء الجنسية الإسرائيلية
  • باحث سوري يروي للجزيرة نت قصة شغفه بحل قضية المفقودين
  • الجيش الإسرائيلي يُنذر سكان منطقة البريج بالإخلاء "قبل الهجوم"
  • عاجل | مصادر للجزيرة: إطلاق نار كثيف في مخيم جنين خلال اشتباكات بين أجهزة أمن السلطة ومقاومين
  • بيان لوزارة الزراعة بشأن الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي جراء العدوان الإسرائيليّ
  • الجيش الإسرائيلي سيمنع سكان شمال غزة من العودة لمنازلهم
  • إدانة إسلامية لقرار الاحتلال التوسّع في الاستيطان بالجولان.. العدوان الإسرائيلي يبيد 10 % من سكان قطاع غزة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يحذر سكان 73 قرية لبنانية من العودة