بغداد– ضمن جهود الإصلاح والبرنامج الحكومي الذي أعلنته حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني فور توليها المسؤولية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجّه السوداني في الجلسة 25 التي عقدت يوم 20 يونيو/حزيران الجاري بتشكيل لجنة عليا لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، بما يتوافق مع دستور البلاد المقر عام 2005.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء -في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)- إن اللجنة ستكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء والإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة والعمل والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وعدد من المستشارين، بالإضافة إلى الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

 

 

تفاصيل مهمة

وعن تفاصيل إعادة هيكلة الجهاز الحكومي وكيفيته، كشف المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن إعادة الهيكلة تعني إعادة ترتيب كل مؤسسات الدولة (وزارات وهيئات مستقلة وغيرها)، مبينا أنه إجراء متبع في أغلب دول العالم.

وتابع العوادي -في تصريح حصري للجزيرة نت- أن "الدول والحكومات تتوسع مع مرور الزمن من ناحية استحداث المؤسسات والمديريات بكل الأصناف، ومع البيروقراطية والتنوع تحدث عمليات تضارب في الصلاحيات وتعدد دوائر اتخاذ القرار، مما يخلق صعوبات وعقبات في عملية اتخاذ القرارات، ناهيك عن التطور الكبير في التكنولوجيا والاتصالات وعلم الإدارة والعلوم الحديثة التي تتوجب تطوير بعض المؤسسات القديمة أو استحداث (مؤسسات) جديدة تحل محلها لمواكبة التطور، وأن إعادة الهيكلة تعني بالمجمل إعادة النظر والتصحيح والتطوير".

وعما إذا كانت إعادة الهيكلة ستشمل الموظفين، أضاف أن الإجراء يتعلق بالهيكل الإداري وليس الموظفين، مبينا أنه يمكن الاستفادة من الموظفين ضمن الهياكل الإدارية الجديدة في حال إجراء تغييرات، موضحا أن "جزءا من مفهوم إعادة الهيكلة قد يستوجب الإلغاء أو الاستحداث أو الدمج أو الفصل للمؤسسات أو الهياكل".

وعن هذه الحيثية، يضيف العوادي -للجزيرة نت- أن إعادة هيكلة الجهاز الحكومي قد يشمل الدمج أو الفصل أو الاستحداث أو الإبقاء مع التجديد وتحديث أساليب العمل لمواكبة توسع المؤسسات التنفيذية والإدارة وجودة الأداء وتقليل البيروقراطية وتبسيط الإجراءات وتحسين طرق تقديم الخدمة للمواطنين وسرعة اتخاذ القرار الإداري وفاعلية تأثيره، وفق قوله.

ويختتم العوادي حديثه بالإشارة إلى أنه قد أُعلنَ حتى الآن عن تشكيل اللجنة فقط، مبينا أن إعادة الهيكلة ستتطلب مجموعة من الدراسات الجديدة أو المعدة سلفا لهذا الغرض، وأن فرقا مختصة ستشكل لمسح مؤسسات الدولة ودراسة وظائفها وآليات عملها وطرق تحديثها، وإشراك بقية السلطات الفاعلة في الدولة، وإجراء تفاهمات سياسية للوصول إلى النتائج المطلوبة، حسب تعبيره.

خطوة ضرورية

في السياق، يرى خبير إدارة الجودة أحمد المياحي أن دوائر الدولة العراقية باتت بحاجة ملحة للحوكمة، مضيفا أن هناك الكثير من التساؤلات عن هذه اللجنة وتتمثل في الوقت الذي ستستغرقه لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، فضلا عن مدى جدية هذه الخطوة، وإذا ما كانت للتسويق الإعلامي أم للإصلاح الحكومي.

وبالمنظور العام، يرى المياحي -في حديثه للجزيرة نت- أن توجهات السوداني في هذا الجانب تعد خطوة بالاتجاه الصحيح، مبينا أن إعادة هيكلة الجهاز الحكومي لا تعد بالأمر السهل في العراق، لا سيما ما يتعلق بتضارب التعليمات والضوابط التي تحكم عمل المؤسسات الحكومية في البلاد، وفق قوله.

ويتابع المياحي أنه من المهم أن تشمل إعادة هيكلة الجهاز الحكومي التحول إلى التعاملات الإلكترونية والحد من التعاملات الورقية، بما سيوفر الوقت والجهد والموارد الحكومية والأموال، وهو ما يتطلب استحداث عديد من الدوائر الحكومية وإلغاء أخرى ووضع إستراتيجيات وخطط بديلة لعمل الدوائر الحكومية في الأوضاع الطارئة، بما يشمله ذلك من إجراءات وقائية في دوائر الدولة، لافتا إلى أنه في حال المضي قدما نحو إعادة هيكلة المؤسسات، فإن العراق سيشهد ثورة إدارية ستعود بالنفع على البلاد.

في غضون ذلك، يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية ببغداد الدكتور عبد الرحمن المشهداني أن العراق بحاجة فعلية لإعادة هيكلة الدوائر الحكومية، لا سيما أن الدولة العراقية تضم الآن 4.3 ملايين موظف، نتيجة موجة التعيينات الحكومية الأخيرة، وبات عدد الموظفين العموميين يتجاوز نسبة 10% من عدد سكان البلاد.

المشهداني: ما تعانيه المؤسسات الحكومية هو سوء التوزيع لموظفي الدولة (الجزيرة نت) سوء التوزيع الوظيفي

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف المشهداني أن ما تعانيه المؤسسات الحكومية هو سوء التوزيع لموظفي الدولة ضمن الوزارة الواحدة، وبين الوزارات بصورة عامة، مبينا أن هناك آلاف الموظفين يعملون في وزارات أو مؤسسات حكومية في غير مجال التخصص والتحصيل الدراسي الذي يتمتعون به مثل وزارة التربية والمالية وغيرها.

وفي ختام حديثه، أوضح المشهداني أن المؤسسات العراقية بصورة عامة تعاني سوء التوزيع والتخطيط وهو ما أثقل كاهل هذه المؤسسات الحكومية بالموظفين في ظل حاجة مؤسسات أخرى لكوادر وظيفية، يضاف لذلك سوء توزيع هؤلاء الموظفين من حيث المنطقة الجغرافية والتخصص العلمي، وهو ما يتطلب فعليا إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات الحكومية، وفق تعبيره.

ويذهب في هذا المنحى الصحفي جمال البدراني الذي يضيف أن ما أوصل المؤسسات الحكومية لهذه المرحلة التي تستوجب إعادة الهيكلة يتمثل في المحاصصة السياسية للمناصب الحكومية التي وصلت إلى مسؤولية رؤساء الشعب والأقسام في الدوائر والمديريات العامة في مختلف الوزارات.

وعما إذا كانت خطوة السوداني ستسهم في الحد من البيروقراطية، يشير البدراني -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ستقلل من الإجراءات الروتينية والنظام الورقي في التعاملات الرسمية، وهو ما يستهلك جهدا وظيفيا كبيرا وضياعا لأوقات الموظفين، في الوقت الذي تمكن فيه الاستفادة من الطاقات البشرية والحد من الفساد الإداري والمالي المرافق للنظام الحكومي المتبع حاليا، وفق تعبيره.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

العراق يتحرك لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط عبر سوريا إلى موانئ المتوسط

الاقتصاد نيوز — بغداد

بدأ العراق خطوات عملية لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط الممتد عبر سوريا إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، بإرسال وفد حكومي رسمي إلى دمشق لبحث آليات إعادة التأهيل، وفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء العراقية.

قال البيان إن المباحثات مع الجانب السوري تركز على دراسة إمكانيات إعادة تأهيل الأنبوب النفطي بما يخدم خطط تصدير النفط العراقي المستقبلية. وأفاد بأن المحادثات تشمل أيضاً ملفات أمنية وتجارية، من بينها التعاون في مكافحة الإرهاب، وتعزيز أمن الحدود المشتركة، وتوسيع التبادل التجاري بين البلدين.

وقال خبير الطاقة رياض النزال إن “هذه لحظة نادرة من المصالح المتقاربة”، لافتاً في تصريح لـ”الشرق” أن “كلا البلدين يحتاجان بشدة إلى هذا الخط: العراق ليصل إلى أوروبا، وسوريا لتلبية احتياجاتها المتعطشة للطاقة وإعادة إعمار ما دمرته سنوات الحرب”.

كركوك – بانياس: من الرماد إلى الأضواء

أنشئ خط (كركوك – بانياس) في خمسينيات القرن الماضي، بطول 880 كيلومتراً بقدرة تدفق تتجاوز 300 ألف برميل يومياً. وقد عاصر عواصف سياسية كبرى؛ منذ العدوان الثلاثي على مصر، مروراً بعمليات التأميم والحرب العراقية الإيرانية، وحربَي الخليج الأولى والثانية، وصولاً إلى حرب التحالف الدولي ضد داعش. ولذلك فإن إعادة تشغيل الخط ” خطوة ذات أهمية استراتيجية”، وفق النزال.

“في المرحلة الحالية، يكتسب الخط أهمية كبرى للعراق لتعزيز مكانته بين أكبر منتجي النفط عالمياً بأكثر من 3 ملايين برميل يومياً”، يؤكد النزال. ويضيف: “كما أنه يُمكّن العراق من تجنب مخاطر الاعتماد على خط جيهان التركي، الذي يتأثر بتغير المصالح والتوازنات السياسية مع حكومة إقليم كردستان، أو اضطرابات البحر الأحمر عند التصدير عبر موانئ البصرة. وبالمقارنة، يظل الخط السوري الخيار الأقل تكلفة والأسرع للوصول إلى الأسواق الأوروبية”.

رهانات العراق وسوريا: شراكة الفرصة الأخيرة؟

قاد الوفد العراقي رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري وعقد لقاءات مع الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من كبار المسؤولين في دمشق لمناقشة سبل إعادة تفعيل خط الأنابيب الذي يتيح تصدير الخام العراقي عبر موانئ سوريا إلى الأسواق العالمية.

تحرك بغداد جاء بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت خسر العراق نحو 19 مليار دولار بسبب توقف تصدير نفط كردستان عبر تركيا. بغداد تبحث الآن عن بدائل تضع مستقبل صادراتها في مأمن من النزاعات الحدودية وتقلبات الإقليم.

أما بالنسبة لسوريا، فيرى الخبير النزال أن “استيراد النفط العراقي يمثل حلاً مثالياً لتلبية احتياجات السوق المحلية ومتطلبات إعادة الإعمار، فضلاً عن إمكانية تطوير المصافي السورية ورفع كفاءتها لتكرير النفط العراقي، مما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين”.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الخارجية اليمنية تجدد مطالباتها بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم العدوان الأمريكي بحق الشعب اليمني
  • تصعيد عسكري أمريكي في اليمن ومطالبات بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة
  • العراق يتحرك لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط عبر سوريا إلى موانئ المتوسط
  • الوزير الشعار: إعادة هيكلة وزارة الاقتصاد والصناعة تؤسس لتكامل ‏العملية الاقتصادية
  • أخبار التكنولوجيا| إنتل تعتزم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين ضمن خطة إعادة هيكلة واسعة.. ثلاث ترقيات كبيرة قادمة إلى سيري في نظام iOS 19
  • رئيس وزراء لبنان: ماضون في ردم الفجوة مع الأشقاء
  • إنتل تعتزم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين ضمن خطة إعادة هيكلة واسعة
  • وزير البترول يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ووزير الدولة لأمن الطاقة بالمملكة المتحدة
  • رئيس لجنة السجون ومستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية فهد غثاية لـ” الثورة”:توجيهات السيد القائد كان لها الأثر الكبير في تحسين أوضاع السجون
  • وزير السياحة يناقش مع المديرين المركزيين إعادة هيكلة الوزارة