اكتمل وصول الحجاج -اليوم الاثنين الثامن من شهر ذي الحجة- إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية حتى بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة اقتداءً بهدي الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).

وفاضت شوارع منى، التي استحالت أكبر مدينة خيام في العالم، بآلاف الحجّاج من الجنسيّات كافّة، بعدما سمحت السلطات السعوديّة  بأداء الفريضة هذا العام من دون أي قيود على أعداد الحجاج أو أعمارهم.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" -اليوم الاثنين- أن حركة تصعيد جموع الحجيج لمشعر منى تميزت بالانسيابية وفق خطة مرورية شملت المحاور الرئيسية لشبكة الطرق، وبمتابعة أمنية من سماء المشعر عبر طيران الأمن لضمان انتظام مرحلة التصعيد، في حين سخرت مختلف الجهات الخدمية قدراتها وطاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن.

وأكدت الوكالة أن الآلاف من رجال الأمن رافقوا توافد الحجاج  إلى مشعر منى، وسط تكامل لمنظومة عمل مختلف الجهات المعنية بخدمة الحجاج.

ويقضي الحجاج في منى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويستحب المبيت هناك تأسيا واتباعا لسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وسمي يوم التروية لأن الناس كانوا يرتوون فيه من الماء ويحملون منه ما يحتاجون إليه.

ويردد الحجاج في يوم التروية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

وفي التاسع من ذي الحجة، يتوجه الحجاج إلى مشعر عرفة للوقوف على صعيده الطاهر، حيث يصلون الظهر والعصر جمعا وقصرا، ومن ثم يتوجهون إلى مزدلفة حيث يبيتون ليلتهم.

وفي صبيحة العاشر من ذي الحجة، يعود الحجاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يحلقون رؤوسهم أو يقصرون ويذبحون الهدي إيذانا بالتحلل الأصغر، ويتوجهون إلى الكعبة المشرفة لأداء طواف الإفاضة.

ثم يعود الحجيج إلى منى لقضاء أيام التشريق، وبعد انتهائها يتوجهون إلى مكة لأداء طواف الوداع الذي تختتم به مناسك الحج.

وكان الحجاج قد أدوا أمس الأحد طواف القدوم لدى وصولهم إلى مكة المكرمة في بداية مناسكهم.

خطة تفويج

وبدأت وزارة الداخلية السعودية تنفيذ الخطة المرورية لإدارة أفواج الحجاج الذين يُتوقع أن يصل عددهم إلى نحو 2.3 مليون حاج، حسب وزارة الحج السعودية.

وبثت القنوات التلفزيونية لقطات مباشرة لطواف القدوم الذي أداه الحجاج حول الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، مشيرة إلى امتلاء صحن الطواف بالحجاج.

وطاف ضيوف الرحمن حول الكعبة بملابس الإحرام البيضاء، بينما ارتدت النساء العباءات، وحمل كثير من الحجاج مظلات للوقاية من الشمس الحارقة، في حين كان آخرون يصلّون ويدعون على الأرضيات الرخامية البيضاء التي تفوح منها رائحة المسك.

هذا ويُضخ رذاذ الماء من نقاط موزعة في أرجاء مشعر منى وتتطاير تلطيفا للأجواء، وتخفيفا للحرارة عن جموع الحجيج.

وتسهم هذه الطريقة في خفض درجة الحرارة من 5 إلى 7 درجات، إذ تشهد المشاعر المقدسة -حسب المركز الوطني للأرصاد- درجات حرارة تتراوح بين 42 و45 درجة مئوية خلال موسم حج هذا العام.

وخصصت وزارة الصحة 217 سريرًا لاستقبال حالات ضربات الشمس، منها 166 سريرًا في مستشفيات المشاعر المقدسة، و51 سريرًا في مكة المكرمة، إضافة إلى توفير عدد كبير من مراوح الرذاذ بالماء، التي أثبتت فعاليتها في التعامل مع حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، وزودت جميع المرافق الصحية (المستشفيات والمراكز الصحية) بهذه المراوح.

1.8 مليون تأشيرة

ووصل أكثر من 1.6 مليون حاج من خارج المملكة حسب ما أعلنت السلطات السعودية مساء يوم الجمعة الماضي، وهو رقم يتجاوز عدد حجيج العام الماضي بفارق كبير، في حين لم تُعلن بعد أعداد الحجاج من داخل السعودية.

وفي وقت سابق، قال مسؤول في وزارة الحج "لو سارت الأمور على هذا النحو، فسنشهد هذا العام أكبر موسم حج في التاريخ"، مضيفا أن "الأعداد ستتجاوز 2.5 مليون حاج من الخارج والداخل".

وأكد أن "الوزارة أصدرت 1.8 مليون تأشيرة حج للخارج".

وشهد الحج العام الماضي مشاركة 926 ألف حاج، بينهم 781 ألفا من الخارج، بعد عامين من اقتصاره على بضعة آلاف من سكان المملكة وحدها بسبب جائحة كوفيد-19.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب

قال الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام : اتقوا الله رحمكم الله، طهروا قلوبكم قبل أبدانكم، وألسنتكم قبل أيديكم، عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون.

أركان متلازمة

وأضاف “ بن حميد” خلال خطبة الجمعة الأخيرة من شهر شوال اليوم من المسجد الحرام:  اسمعوا من إخوانكم قبل أن تسمعوا عنهم ظنوا بإخوانكم خيرًا، واتقوا شر ظنون أنفسكم، ومن أدب الفراق دفن الأسرار، من أغلق دونكم بابه فلا تطرقوه، واكسبوا إخوانكم بصدقكم لا بتصنعكم، وكل ساق سيسقى بما سقى.

واستشهد بما قال الله تعالى: (وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوا مُّبِينًا)، منوهًا بأن الإيمان والعبادة، وعمارة الأرض، وإصلاحها أركان متلازمة.

بـ11 ابتلاءً.. خطيب المسجد الحرام: الدنيا دار امتحان يبتلى فيها المؤمنخطيب المسجد الحرام: الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان

وأوضح أن المسلم يقوم بالإعمار قربة لله ونفعًا لنفسه ولعباده، فيستثمر في كل ما ينفع العباد والبلاد، الإيمان فينا مقرون بالعمل الصالح، والقراءة مقرونة باسم الله مستشهدًا بقوله تعالى (أقرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).

وأشار إلى أن العلم مربوط بخشية الله، والإيمان هو قائد العقل حتى لا يطغى العقل فيعبد نفسه، والإيمان هو الضابط للعلم حتى لا تؤدي سلبياته إلى اضطراب تنهار معه البشرية.

تكلم عن الأمم السابقة

وأبان أن القرآن الكريم تكلم عن الأمم السابقة، وما وصلت إليه من القوة، والبناء، والإعمار، ثم بين ما كان من أسباب هلاكها وفنائها من أجل أن نعرف سنته سبحانه، فقد أخبر عن عظمة ما وصل إليه قوم عاد.

ودلل بما قال جل وعلا: (إرم ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البلاد)، مما يدل على عظمتها، وجمالها، وتقدمها، ولكنه في مقام آخر، قال جل وعلا: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ).

وأردف: غرتهم قوتهم وكذبوا رسل الله، وتنكروا لدعوة الإيمان استكبارًا وجحودًا، ومن أعرض عن ذكر الله يبقى مرتكسًا في الظلمات مهما أوتي من العلوم والقوى، حيث خاطب الله نبيه محمدًا- صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿كِتَبُ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ).

واستند لما قال جل وعلا: ﴿هُوَ الَّذِي يُنزِلُ عَلَى عَبْدِهِ وَايَتٍ بَيِّنَتِ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، فالقوة والعزة بالإيمان والتقوى، والانتصار والبقاء بتعظيم شعائر الله، والعلوم مهما كانت قوتها، والصناعات مهما بلغت مخترعاتها وتقنياتها فإنها لا تجلب حياة سعيدة، ولا طمأنينة منشودة.

ليس ذمًا للعلوم

وأفاد بأن الدين الإسلامي ليس ذمًا للعلوم واكتشافاتها، ولا للصناعاتها وأدواتها، ولا للمخترعات وتطويرها، ولا تنقصا من مكانتها وقيمتها، وإنما هو التأكيد على أنه لا بد من نور الوحي لتزكية النفوس، وهداية البشرية، واستنارة الطريق.

ولفت إلى أن الازدهار الذي أحرزته التراكمات المعرفية من بيت اللبن والطين إلى ناطحات السحاب وشاهقات المباني، وما حصل في وسائل النقل عبر التاريخ من التحول من ركوب الدواب إلى امتطاء الطائرات مرورًا بالسيارات والقاطرات.

واستطرد: وفي بريد الرسائل: من الراجل والزاجل إلى البريد الرقمي، كل ذلك على عظيم اختراعه وعلى جماله، والراحة في استعماله لكنه لم يقدم البديل عن الإيمان، وتزكية النفس واحترام الإنسان، وتأملوا ذلك -حفظكم الله- في ميدان الأخلاق، وحقوق الإنسان، وضحايا الحروب، والتشريد، والتهجير، والفقر، والتسلط، والاستبداد، واضطراب المعايير.

وأوضح أن القوة الحقيقة هي الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب، وليس التعلق بالأسباب وحدها، لأن الرب سبحانه هو رب الأرباب، ومسبب الأسباب ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، ومن ثم فإن صدق التوكل على الله هو المدد الحقيقي في كل مسارات الحياة ودروبها، بل التوكل عليه سبحانه هو معيار الإيمان (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، والعزة الله ولرسوله وللمؤمنين، ونور الوحي أعظم النور وأعلاه وأغلاه، وعلى المؤمن أن يعرف قيمته ومنزلته وقوته، ولا يستصغر نفسه أمام الماديات، أو يشعر بالحرج تجاهها.

القائد للعقل

وأكد أن الإيمان هو القائد للعقل، وهو الحامي للعلم، وحين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران البشري، وحين يعبث العقل بالعلم تنهار الحواجز بين الحق، والباطل، والصالح، والفاسد، والظلم والعدل، وتضطرب المعايير، وتتحول السياسات من سياسات مبادئ إلى سياسات مصالح، وبالعلم والإيمان يستقيم العمران، وتسير القاطرة على القضبان، والله غالب على أمره.

ونبه إلى أن بناء العمران وانهياره مرتبط بالإنسان، فالله سبحانه استخلف الإنسان ليقوم بعمارة الأرض، ومن ثم فإن أسباب تقدم المجتمع وتأخره يعود -بإذن الله- إلى الإنسان نفسه، فالتغيير في الخارج لا يكون إلا حين يكون التغيير في النفوس (وإِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيْرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وسنة الله أن الصالح يبقى لان فيه نفعًا للبشرية، وغير الصالح لا يبقى لأنه لا نفع فيه، واعلموا أن الصلاح لا يكون إلا بالإيمان الصحيح، فهو الذي يطبع النفوس على الصدق، والإخلاص، والأمانة، والعفاف، ومحاسبة النفس، وضبط نوازعها، وإيثار الحق، وسعة النظر، وعلو الهمة، والكرم، والتضحية والتواضع، والاستقامة، والقناعة، والسمع والطاعة، والتزام النظام.

طباعة شارك خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد طهروا قلوبكم أركان متلازمة

مقالات مشابهة

  • لقاء توعوي لحجاج الجمعيات بـ «القليوبية» حول مناسك الحج
  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب
  • إطلاق خدمة الأجير ومراكز ضيافة الأطفال ضمن استعدادات موسم الحج
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • السعودية تزف بشرى سارة لراغبي الحج
  • بعد أزمة موسم حج 2024.. شروط المصريين المقيمين لدخول مكة خلال الموسم المقبل
  • مهلة 48 ساعة لشركات السياحة لاستكمال بيانات الحجاج المصريين| فيديو
  • غرف السياحة: إتاحة مهلة 48 ساعة للشركات لاستكمال بيانات الحجاج| فيديو
  • السعودية: لا حسابات باسم أئمة وخطباء الحرمين علي مواقع التواصل
  • غرامة وسجن.. السعودية تحذر الحجاج والمعتمرين المتأخرين عن المغادرة