أكثر ما يوجع كل عربي ومسلم وحر في العالم تلك المشاهد اليومية التي أكملت شهرا من الإبادة الممنهجة لأهلنا في غزة، الذين لا يفصلهم عن الموت شيء سوى الأقدار الحافظة. وتستمر معاناة غزة وأهلها الذين يفرون من الموت إلى الموت، يدفعون ثمنا باهظا ومكلفا لحياتهم، وهم يروون الأرض بدمائهم أمام تآمر صناع قرار المجتمع الدولي الذي تقود أقطابه حاليا حملة الإبادة الإنسانية لسكان القطاع، يدفعون ثمنا من أرواحهم وهم الذين يقدمون تضحياتهم بديلا عن العروبة واستهدافهم بديلا عن المقاومة التي لم يستطع الاحتلال مواجهتها فيدمر كل برج وبيت ومربعات وأحياء سكنية.
تجاوز عدد الشهداء أكثر من 10 آلاف بينهم 4800 طفل و2500 امرأة والبقية من الرجال، في أسوأ وصمة عار على البشرية التي انطلت على ساستها خدع الاحتلال وتضليلهم، وقرابة 37 ألف مصاب ومفقود، وتدمير 70٪ من أبراج ومنازل أهالي غزة في الأحياء التي استهدفت. لم يبق في غزة ما يمكن أن يساعد أهلها على العيش من مقومات الحياة ومنها الماء والكهرباء، فقد هدمت دور العبادة وطحنت المستشفيات بمن فيها وأفنيَ الفارون في الطرقات والمحتمون بالملاذات، والمعتدي ما زال يراهن على أن أمامهم خيارين، إما الخروج إلى سيناء أو الموت الذي يطاردهم في كل لحظة، بهدف الاستفراد بالأرض التي يتطلع لضمها وإلغاء ما اسمه قطاع غزة، وهنا تكمن المشكلة التي ستغير مشهد الصراعات القادمة بجر بعض دول الجوار إلى المواجهات العسكرية.
وعلى الرغم مما يتعرض له الاحتلال في المواجهات اليومية مع المقاومة من تدمير لدباباته التي قاربت 60 دبابة منذ بداية الاجتياح، واختطاف جنوده في الميادين وقتل العديد منهم في الكمائن، فإن إصرار الاحتلال قد يقود إلى خيار القنبلة النووية التكتيكية للوصول إلى أعماق الأرض، وتدمير قدرات المقاومين كما طالب وزير التراث في حكومة نتانياهو منذ يومين.
حتى الآن كل المساعي فشلت في هدنة إنسانية في القطاع والأغرب أن بعض دول الغرب التي تدير المعركة مع الاحتلال تؤكد أنها تبذل جهدا كبيرا لإقناع حكومة الاحتلال في الموافقة على مشروع الهدنة التي يصم عنها جنرالات الحرب آذانهم . ما يدور في غزة معركة بقاء بين الاحتلال والمقاومة وقد ينفلت الأمر بدخول أطراف أخرى مع المقاومة على غرار دخول أطراف غربية مع الاحتلال، وقد يتطور ذلك إلى استقطابات دولية لتوسيع المعارك إلى خارج أرض غزة فالحلفاء من الطرفين لن يضحوا ببعضهم.
ما زال الأمل في الجهود التي تبذل لإيقاف آلة الدمار خلال الساعات والأيام القادمة موجودا، على أن يفضي إلى معالجة شاملة لموضوع السلام في الشرق الأوسط، وألا تكون مرحلة تخدير نعود بعدها مرة أخرى إلى جولات من الصراع الدامي، هذا إذا ما أراد المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة تطبيق قرارات التقسيم وتنفيذ حل الدولتين، وإعادة الإعمار بمشاركة الغرب الذي زود الاحتلال بالقنابل والمعدات لإفناء سكان غزة. ويبقى الموقف العربي فاصلا في كل ما ذكر، الذي لا يبدو أنه مؤثر في الساحة الدولية حتى الآن، رغم أنه يملك أوراقا مهمة جدا تستطيع أن تسهم في إيقاف حالة الحرب.
سالم الجهوري كاتب صحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خامنئي: مصير هذه المنطقة ستقرره قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله
قال المرشد الإيراني علي خامنئي، إن مصير هذه المنطقة ستقرره قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، مقتل حسن نصرالله، حسبما ذكرت قناة سكاي نيوز عربية.
وقال مصدر مقرب من حزب الله، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الاتصال فُقِد" بنصرالله منذ مساء أمس.
أعلن الجيش الإسرائيلي، مقتل القيادي في حزب الله علي كركي ومسؤولين آخرين.
وفي وقت سابق، شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.
هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.