رغم وعود الإعمار.. مدن ليبية تصارع وحيدة تبعات العاصفة دانيال
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
درنة- بعد مرور نحو شهرين على الكارثة التي حلت بمناطق شرق ليبيا جراء السيول التي تسببت فيها عاصفة دانيال المتوسطية، لا تزال مناطق شرق البلاد في الجبل الأخضر تعاني تبعات الكارثة، رغم وعود السلطات المنقسمة بإعادة الإعمار وتقديم المعونات، مما يضع السكان وحدهم في مواجهة مخلفات الكارثة والأضرار التي تسببت بها.
ونظمت الحكومة المكلفة من البرلمان والجيش الليبي التابع للواء المتقاعد خليفة حفتر -الأسبوع الماضي- مؤتمرا لإعادة إعمار مدينة درنة والمناطق المتضررة بحضور رسمي ضعيف، شارك فيه اثنان من السفراء لدى ليبيا وعدد من الشركات الأجنبية والمحلية، في ظل غياب ممثلي الدول الكبرى وعدد من الدول الإقليمية.
وشهد المؤتمر -الذي انعقد ليومين في مدينتي درنة وبنغازي وبحضور حفتر- عروضا من الشركات المشاركة فقط، دون أن ينتج عنه أي خطوات تنفيذية نحو إعادة الإعمار.
يأتي هذا، بينما تعيش درنة المنكوبة حالة من الشلل والتضرر الكبير نتيجة الكارثة، حيث تعاني في جوانب حياتها اليومية وفي تلبية احتياجات الأسر النازحة وتأثر الخدمات الأساسية، في حين تشتكي سوسة من عدم التفات السلطات لها وغياب الدعم والمعونات الإنسانية، في الوقت الذي تشهد فيه البيضاء انتشارا للأمراض المعوية نتيجة تلوث عدد من آبار مياه الشرب.
وقال أحمد عبد العزيز أحد الناشطين بمدينة درنة "الدعم والمساعدات التي شهدتها المدينة عقب الكارثة مباشرة تراجعت إلى حد بعيد بعد مغادرة الفرق التطوعية والمنظمات القادمة من مناطق ليبيا، ومن خارج البلاد. الأعمال الحالية تنحصر في فرق تطوعية قليلة تعمل على تنظيف المنازل وإزالة المخلفات التي تسببت فيها الكارثة".
روح مفقودة
وأضاف الناشط للجزيرة نت أن المدينة فقدت روحها، وأن الحياة فيها لن تعود إلى سابق عهدها في ظل التقاعس الملحوظ عن معالجة الأضرار التي حلت بها.
وتخلو المدينة -بحسب الناشط- من أي أعمال ونشاطات للجهات الرسمية الحكومية، مشيرا إلى وجود شركة مصرية واحدة تعمل على تنظيف المناطق المتضررة وسط المدينة، وتزيل المخلفات التي جرفتها السيول.
وتابع عبد العزيز أن عددا من المناطق المتضررة وسط المدينة تعاني انقطاعات للمياه وإشكاليات في شبكات الصرف الصحي، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء عن بعض المناطق، وأن عددا من أسر منطقة الجبلية وسط المدينة بدأت العودة تدريجيا إلى منازلهم بعد تنظيفها من الطمي وما جرفته السيول، إلا أنهم يتخوفون من أن تغرق منازلهم مجددا في حال هطول أمطار غزيرة مع دخول فصل الشتاء دون اتخاذ أي إجراءات من الجهات الرسمية.
وشهدت الأيام الماضية عودة تدريجية للدراسة في المناطق غير المتضررة تقتصر في أيامها الأولى على نشاطات ترفيهية للطلاب، إلا أن عبد العزيز يشير إلى وجود نقص في المعلمين لمواجهتهم صعوبات في التنقل إلى المدارس -التي أعيد تنسيبهم إليها مؤخرا- بعد الكارثة، بسبب بعد المسافة وانحصار حركة التنقل بين أوصال المدينة في طريق واحد ضيق.
وأشار عبد العزيز إلى أن الفصول الدراسية في المناطق غير المتضررة من المدينة تشهد تكدسا لأعداد الطلبة، وتصل أعدادهم في بعض الفصول الدراسية نحو 50 طالبا، بسبب تكدس النازحين في تلك المناطق.
وفي تصريح للجزيرة نت، حذر محمد النفاثي مندوب الإغاثة بمدينة درنة -التابع لجهاز الاستثمار العسكري- من النقص الحاد بالمواد الإغاثية الغذائية والطبية، وأن محتويات السلال الغذائية لم تعد تكفي الأسر المحتاجة إلى المعونات، مشيرا إلى أن الكمية المتبقية في مخازن لجنة الإغاثة تسد حاجة المواطنين لأقل من شهر فقط.
وأوضح النفاثي أن السلع الغذائية التي أرسلت إلى درنة عقب الكارثة من الجهات المحلية والدولية والمتطوعين تسد حاجة المدينة لمدة عامين كاملين، وأن كل المساعدات جرى نقلها إلى مدينة الرجمة حيث مقر جهاز الاستثمار العسكري التابع للقيادة العامة لقوات حفتر، التي بدورها تتحكم في توزيع المساعدات على المناطق المتضررة.
وأضاف مندوب الإغاثة أنهم حذروا جهاز الاستثمار العسكري من قرب نفاد المساعدات الموجودة في مخازن الإغاثة بالمدينة، ولم تصلهم أي مواد إغاثية إضافية حتى الآن، موضحا أن انخفاض إرسال المساعدات تزامن مع صرف معونات مالية للأسر المحتاجة تقدر بـ 100 دينار لكل أسرة، وهي لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية لهذه الأسر حسب قوله.
ويبلغ عدد الأسر المستهدفة من المساعدات الإغاثية والطبية بمدينة درنة نحو 5 آلاف أسرة بحسب النفاثي.
وفي سوسة ثاني أكبر المدن المتضررة جراء الكارثة، يشتكي عدد من الأسر النازحة خارج المدينة من عدم حصولهم على مساعدات حتى الآن باستثناء بعض المستلزمات الأساسية البسيطة، بحسب عميد بلدية سوسة وائل أبريك.
إهمال ملحوظ
وقال أبريك للجزيرة نت إن الأسر النازحة تعاني مشقة توفير ثمن إيجار مسكن لهم في ظل التأخر المستمر للمعاشات التي يتقاضونها من الدولة، فضلا عن أن بعض النازحين لا يملكون معاشا أساسيا، وهم يعانون أكثر من غيرهم.
وأوضح عميد البلدية أن البنية التحتية المتهالكة أساسا بالمدينة لم تشهد سوى عمليات ترميم محدودة في الطرقات الرئيسة بمجهودات بسيطة، متخوفا من انهيار الطرق الترابية المستخدمة حاليا في حال هطول أمطار غزيرة مع دخول الشتاء.
ونتيجة الأضرار التي لحقت بعدد من المدارس العامة، لا تزال الدراسة متوقفة بالمدينة باستثناء عدد من المدارس الخاصة -بحسب أبريك- الذي حذر من وجود مشكلات في شبكات المياه ومحطة التحلية بالمدينة التي يرى أنها معرضة للانهيار في أي لحظة، مؤكدا أنهم لم يلمسوا أي خطوات فعلية جادة من كلتا الحكومتين في البلاد لمعالجة الإشكالات القائمة.
وفي مدينة البيضاء، قال الصحفي ربيع خليفة للجزيرة نت "رغم عودة الحياة الطبيعية بالمدينة، فإنها تشهد ازديادا ملحوظا في عدد الإصابات بالنزلات المعوية الحادة مقارنة مع الأعوام السابق نتيجة تلوث عدد من آبار المياه عقب الكارثة".
وأضاف خليفة أن الجهات المختصة أغلقت عددا من آبار مياه الشرب بالمدينة بعد رصد تلوثها، مشيرا إلى أن الجهات المختصة وجهت تحذيرات للمواطنين باستبدال مصادر المياه بالمياه المعدنية مؤقتا حتى تتمكن من معالجة المشكلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المناطق المتضررة مدینة درنة عبد العزیز للجزیرة نت عدد من
إقرأ أيضاً:
قمة عربية في رمضان.. هل تنصف الفلسطينيين أم تنفذ وعود ترامب؟
يترقب العالم العربي إعلان مصر خطتها البديلة عن خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير أكثر من 2 مليون فلسطيني إلى مصر والأردن، بعد عرضها على قمتين عربيتين إحداهما مصغرة في الرياض (الخميس المقبل) والثانية موسعة في القاهرة، وسط تساؤلات: هل تنصف تلك الخطة الفلسطينيين أم أنها ستكون بابا خلفيا لتنقذ وعد ترامب؟.
والثلاثاء الماضي، وخلال لقاء ترامب وملك الأردن عبدالله الثاني، بالبيت الأبيض، أعلن الأخير عن وجود خطة مصرية بديلة تعدها القاهرة مع قادة الدول العربية، وهو ما تبعه تأجيل زيارة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي إلى واشنطن، والتي كانت مقررة الثلاثاء، حتى يتم التوافق العربي على المقترح المصري، ومن ثم عرضه على الرئيس الأمريكي.
وأثارت أنباء تأجيل القمة العربية المقررة بالقاهرة 27 شباط/ فبراير الجاري، لتعقد بالأسبوع الأول من آذار/ مارس المقبل وخلال شهر رمضان، لتضارب أجندات بعض القادة العرب وفق تأكيد الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، التساؤل حول احتمالات وجود خلاف عربي حول خطة مصر، أو رفض إسرائيلي وأمريكي لها، استدعى التعديل من ثم التأجيل.
وتحدث الصحفي المصري جمال سلطان، عن "انقسامات عربية تجاه خطة إعمار غزة، واليوم التالي فيها بعد وقف الحرب، وإدارة القطاع، ووضع المقاومة"، مؤكدا أنها قد تؤدي لتأجيل القمة العربية، لأجل غير معروف، مشيرا إلى أن "الضغوط الأمريكية تفجر توترات في العواصم العربية".
وفي السياق، توقع أستاذ الإعلام السياسي الدكتور ناصر فرغل، بعد تأجيل القمة العربية بالقاهرة "إلغاء الاجتماع والقمة الإسلامية نظرا للتباين الشديد بمواقف بعض الدول، خاصة وأن بعضها يؤيد تماما تهجير الفلسطينيين من غزة، بينما ترى دول أخرى حتمية استبعاد قادة وأعضاء حركة حماس لخارج غزة".
وتوقع أن يتم الاكتفاء بالاجتماع الخماسي المقرر عقده بالرياض الخميس القادم، بمشاركة السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر دون السلطة الفلسطينية، كما توقع أن يلتقي ترامب بالزعماء المشاركين في القمة الخماسية على هامش الاجتماع المرتقب بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية.
ملامح المشروع البديل
وفي الأثناء، وبينما يجري الحديث عن قمتين عربيتين واجتماعات تمهيدية التقى السيسي، الأحد الماضي، وللمرة العاشرة رئيس الكونجرس اليهودي العالمي "رونالد لاودر"، فيما جرى الحديث خلال اللقاء الذي حضره رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، عن خطة مصر لإعمار غزة دون تهجير سكانها، والتي أعرب لاودر، عن تأييده لرؤية مصر.
كما استقبل السيسي، الأحد، ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله، وبحث معه خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين وأكدا على"موقف الأردن ومصر بضرورة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق".
والجمعة الماضية، نقلت وكالة "رويترز"، مقترح القاهرة مؤكدة أنه "يتضمن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة دون مشاركة حركة حماس، وتعاونا دوليا في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين".
وكذلك "إنشاء منطقة عازلة وحاجز لعرقلة حفر الأنفاق عبر حدود غزة مع مصر، وإنشاء 20 منطقة إسكان عبر 50 شركة مصرية وأجنبية بـ"أموال دولية وخليجية"،
وبينما لم يستبعد المتحدثون للوكالة إنشاء صندوق باسم "صندوق ترامب لإعادة الإعمار"، أكدوا على أن "إجبار حماس على التخلي عن أي دور في غزة سوف يكون ضروريا".
و"سبق أن قالت حماس إنها مستعدة للتخلي عن حكم غزة للجنة وطنية، لكنها تريد أن يكون لها دور في اختيار أعضائها، ولن تقبل نشر أي قوات برية دون موافقتها".
وعلق الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات الدكتور مراد علي، بالقول: "ما تم تسريبه عن الخطة المصرية يتوافق تماما مع ما يقوله وتعهد به نتنياهو"، متسائلا: "هل يعقل أن تكون مهمة الحكومة في مصر ومعها بعض الحكومات العربية أن تنوب عن إسرائيل في تحقيق أهدافها في غزة؟".
"تلاق إماراتي إسرائيلي"
ومنذ أعلن ترامب في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، عن خطته لتهجير 2 مليون فلسطيني إلى مصر والأردن، والسيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، يتمسك رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بخطط ترامب، وما خلفها من مشروعات التخلص من المقاومة الفلسطينية.
من جانبه، أكد الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، أن المشروع العربي البديل لغزة يتضمن: "توفير 20 مليار دولار من حكومات عربية ورجال أعمال عرب، وبناء 200 ألف وحدة سكنية في غزة خلال 3 سنوات، وبقاء سكان غزة، وتخلي حماس عن إدارة غزة، وتشكيل لجنة وطنية فلسطينية تشرف على عمليات الإغاثة".
المشروع العربي البديل لغزة يتضمن:
1 توفير 20 مليار $ من حكومات عربية ورجال أعمال عرب
2 بناء 200 الف وحدة سكانية في غزة خلال 3 سنوات
3 بقاء سكان غزة في غزة
4 تخلي حماس عن إدارة غزة
5 تشكيل لجنة وطنية فلسطينية تشرف على عمليات اغاثة غزة
وليذهب الاقتراح الاحمق والمجنون إلى الجحيم — Abdulkhaleq Abdulla (@abdulkhaleq_uae) February 16, 2025
وكان السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، قد كشف عن موقف بلاده من خطة ترامب خلال المنتدى العالمي للحكومات في دبي 2025، معلنا أنه لا يرى بديلا عن العرض الأمريكي الحالي بشأن غزة.
هل تنتصر لغزة؟
وفي رؤيته، حول ما تم تسريبه عن خطة مصر، أكد الناشط الدكتور أحمد مطر، أن أهل غزة سيرفضون الخطة المصرية، مشيرا إلى أنها خطة تتضمن: "إدارة عسكرية وأمنية مصرية لقطاع غزة، بحيث يتم نشر قوات أمن مصرية داخل القطاع، بحجة الإشراف على إعادة الإعمار وضمان الأمن".
وأشار إلى "تمويل خليجي لإعادة الإعمار، بشروط تتعلق بإعادة تشكيل غزة عمرانيا وأمنيا، وسلطة فلسطينية مدنية تابعة لمصر، تعمل كواجهة سياسية للمشروع، لكنها ستكون خاضعة للقرار المصري بالكامل، مع ضمانات دولية لحماية المشروع، عبر إشراك أمريكا والأمم المتحدة بعمليات الإعمار، لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة".
وعلق مطر، قائلا: "الهدف الحقيقي هو منع المقاومة من استخدام أي بنية تحتية لمصلحتها، وتحويلها إلى كيان منزوع السلاح بالكامل"، مضيفا أن "السيسي أكبر كنز استراتيجي للصهاينة، فهو الذي قدّم لهم ما لم يحلموا به منذ عقود ؛ محاصرة غزة، وإغلاق الأنفاق، وإغراقها بالمياه، وتهجير أهل سيناء، والمشاركة بصفقة القرن"، متسائلا: "فهل يمكن أن يكون يوما ناصرا لفلسطين؟".
وشكك الباحث المصري عباس قباري في خطة السيسي مؤكدا أنها "لن تخرج عن إطار المسار الذي رسمه بنفسه ومن خلال تصريحات رسمية"، مشيرا إلى حديثه عن استعداده الصريح للتعاون في صفقة القرن أثناء مقابلته مع ترامب عام 2017.
وألمح إلى قوله أثناء معركة "سيف القدس" عام 2021 إن هناك شئ ما "سيغير وجه المنطقة" وأنه يسعى لتنفيذه لكن بعد التهدئة، بجانب حديثه أثناء مقابلة المستشار الألماني في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح ووجود قوات دولية، بجانب نصحه إسرائيل بتهجير الفلسطينيين لصحراء النقب.
والسؤال، الذي يدور في بال ملايين العرب منذ إعلام موعد القمة العربية، وظهور بعض ملامح الخطة المصرية البديلة عن خطط ترامب بتهجير الفلسطينيين هو: هل تُنصف القمة العربية الفلسطينيين أم أنها تنعقد لتنقذ وتنفذ وعد ترامب؟.
"مكبلون بالتطبيع"
وفي إجابته، قال الأكاديمي المصري وأستاذ التاريخ المعاصر الدكتور عاصم الدسوقي، إن "العرب مقيدون بمعاهدات التطبيع مع الكيان المحتل، للأسف، حيث تمنع اتفاقات التطبيع منذ (كامب ديفيد) الدولة المطبعة من التعرض لتصرفات إسرائيل تجاه أى دولة عربية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "رغم أن ما يقال في العلن غير ذلك وبأن هناك خطة مصرية عربية لإعمار غزة دون تهجير أهلها، إلا أن المهم هو موافقة وقبول إسرائيل أو تعهدها دوليا بعدم التعرض لأعمال إعمار غزة بيد العرب".
وأعرب عن أسفه من أن "أي خطة عربية ستقوم على مدى قبول إسرائيل"، لكنه أشار إلى أن "وضع المقاومة من أية خطة عربية هو المأزق"، مبينا أنه "ليس أمام العرب إلا الإعلان عن إستخدام القوة ضد إسرائيل وتمزيق معاهدات التطبيع".
أشار أيضا إلى أن "إعلان التحرر من معاهدات التطبيع علنا وسحب السفراء من إسرائيل ومن أمريكا؛ كفيل بتراجع أمريكا".
وختم مؤكدا على دور الشعوب بأن "تستمر في التعاطف مع أهالي غزة، بالمظاهرات في دولها، وتنظيم مظاهرات في الخارج من المتعاطفين مع فلسطين".
"لن تنصفهم وهذه الأسباب"
وفي رؤيته، قال الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات الدكتور مراد علي: "أنا شخصيا غير متفائل بالقمة، لعدة أسباب، أولها: ما يقوله التاريخ"، موضحا أن "الأحداث السابقة لم تشهد من الدول العربية ولا الحكومات اتخاذ أية خطوات لإنصاف أهل غزة ووقف الإبادة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وحتى اليوم إنهم غير قادرين على إدخال الخيام ولا المساعدات الإنسانية لأهل غزة، ولا قادرين على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار"، متسائلا: "فعلى أي أساس إذا نتوقع منهم أنهم بعد ما صنعوه من خذلان كل هذه السنوات وخلال الـ15 شهرا من حرب الإبادة الدموية، أنه فجأة تنصف القمة الفلسطينيين وأهل غزة في وجه الكيان المحتل؟".
ولفت ثانيا إلى أن "ما تم تسريبه حتى الآن عما يطلق عليه الخطة المصرية أنه سيكون هناك خطة إعادة إعمار بإشراف لجنة فلسطينية ولنضع عدة خطوط تحت كلمة لجنة، لأن هذا ما قاله نتنياهو بالأمس في تصريحه بأنه تعهد بأنه سيتم استبعاد حماس من غزة، ولن يكون هناك وجود للسلطة الفلسطينية، ولذا يبدو أن الخطة المصرية تتوافق أيضا، مع أهداف ووعود ترامب لناخبيه".
وثالثا أكد علي، أنه يرفض هذه الخطة لأن "هدفها الأساسي استبعاد المقاومة، وتسليم سلاحها، ونزع أسنان غزة حتى لا تسبب أي صداع للمحتل، وستصبح نموذجا آخر من الضفة الغربية التي يستبيحها المستوطنون ويستبيحها الاحتلال فيقتحمها في أي وقت، ويمنع تحويل أموال المساعدات عن أهالى الأسرى والمعتقلين".
وبين أنه "في النهاية يحكم الضفة من خلال أسماء فلسطينية؛ ويريد تكرار ذلك في غزة، وللأسف ما تم تسريبه عن الخطة المصرية مشابه لهذا"، متسائلا: "لو هناك ضمانات قيلت حول تلك الخطة، فهل هذه الضمانات سيتم تحقيقها؟، وإذا كان في وقف إطلاق النار المتفق عليه من عدة أسابيع وكان بينه إدخال مساعدات بعينها وإدخال كرفانات ولم يتم تطبيقها، فما الذي يجعلنا نتأكد من أنهم سيلتزمون بالخطة المصرية؟".
وخلص للقول: "ما يجعلنا نتشاءم هو التصريحات المتتابعة للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط ومساعده حسام زكي، ووزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، وتصريحات المقربين من السلطات الإماراتية، وموقف ملك الأردن المتردد، والذي لم يواجه ترامب بقوة في مؤتمرهما الصحفي في واشنطن الأسبوع الماضي".
ويعتقد الخبير المصري أن "كل هذه التصريحات التي تتحدث عن عدم وجود حماس وتطالبها بالابتعاد وتطالب الفصائل بالتنحي كلها تؤشر على أن هناك توافق عربيا ما مع إدارة ترامب وإدارة نتنياهو لتنفيذ خطة بعينها، وهو ما يجعلنا متشائمين ولا نتوقع الأفضل".
وختم حديثه بالقول: "عُقدت قم عربية لأجل غزة فماذا كانت مخرجات تلك القمم؟، هل قدمت أي شيء؟، أتذكر قمة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وقمة ثانية بعدها بعام، ثم لا شيء، فلماذا إذا هذه المرة نتوقع شيئا مختلفا؟، ولماذا نتفاءل؟، ثم لماذا تأجيل هذه القمة بهذا الشكل؟، وكيف نسكت ولا نتخذ مواقف حاسمة حتى الآن؟".