نسخ صينية نادرة من القرآن وألف ليلة وليلة تُقدّر بمبالغ هائلة في معرض الكتب الأثرية بلندن
تاريخ النشر: 26th, June 2023 GMT
لندن- قدّم معرض سنوي للكتب النادرة في العاصمة البريطانية مجموعة رائعة من المخطوطات والكتابات النادرة التي قُدرت قيمتها المالية بملايين الدولارات، مما عكس استعادة القيمة المالية لاقتناء الكتب وأعاد إبراز قيمتها الثقافية، وشارك في المعرض أكثر من 100 عارض متخصص في الكتب الأثرية والنادرة، حيث قاموا بعرض مجموعاتهم الخاصة، وسلطت المبيعات الضخمة الضوء على القيمة الاستثمارية للكتب.
وشمل المعرض العديد من الكتب والمخطوطات من ثقافات مختلفة سواء من المملكة المتحدة أو كوريا أو الشرق الأوسط، وحتى النسخ النادرة من القرآن الكريم، علماً بأن المعرض يجتذب هواة اقتناء الكتب النادرة، ويخصص للنخبة في يومه الأول 18 مايو/أيار، ويفتح أبوابه للجمهور اليوم التالي وقد أغلق أبوابه لهذا العام في 21 من مايو/أيار.
جزء من القرآن بزخارف صينية مع وصف دخول الإسلام الصين على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص (مؤسسة بيتر هارينغتون ) كتب نادرة وأثريةمن خلال أكثر من 100 تاجر بريطاني وعالمي، يمثل المعرض السنوي الأساس لجمعية بائعي الكتب الأثرية، ويعتمد على استقطاب جمهور متنوع من هواة جمع الكتب القيمة الأثرياء ومن العائلات الملكية ومشاهير هوليود ووادي السيليكون.
كما احتفل معرض هذا العام بذكرى مرور 400 عام على كتابات شكسبير، وقد عرض كتاب يضم 36 مسرحية لهذا الأديب الإنجليزي ما اعتبره المؤرخون حجر أساس الشرعة الأدبية الغربية، وتم عرض المطبوعة خلال 4 أيام ولكن لم يحالفها الحظ وقت العرض ولكنها حققت لاحقا رقما قياسيا ببيعها عن طريق أبرز تجار الكتب النادرة بمؤسسة بيتر هارينغتون.
أول مجموعة لشكسبير بيعت برقم قياسي تجاوز 6 ملايين إسترليني (مؤسسة بيتر هارينغتون) هارينغتون تعرض كتبا تقدر بثرواتفي مكالمة هاتفية للجزيرة نت مع بوم هارينغتون مالك مؤسسة "بيتر هارينغتون" (Peter Harrington) للكتب النادرة، أوضح إنه منذ عدة أعوام تصدر أعلى سعر للكتب النادرة بحوالي 2.5 مليون إسترليني لمجموعة جيمس بوند، لكن هذا العام "تمكننا من بيع كتاب مجموعة شكسبير الأولى المنشور عام 1623 عام مقابل 6.2 ملايين إسترليني".
هارينغتون مالك مؤسسة هارينغتون للكتب النادرة الأصلية (مؤسسة بيتر هارينغتون )وأضاف هارينغتون "ندرة محتوى الكتاب أو قلة عدد النسخ عامل أساسي في التقييم، فقد تم عرض النسخة الأولى من كتاب هاري بوتر رغم حداثتها لأن هذا الإصدار اشتمل على 500 كتاب فقط ومعظمها الآن موزعة في أنحاء العالم وغالب النسخ مهترئة ولكننا تمكننا من عرض نسخة جيدة بيعت بـ 225 ألف إسترليني".
وأوضح "عرضنا نسخة لكتاب نادر عن البوذية تم نشره عام 1087، لكن تقييمها المالي لم يتجاوز 100 ألف إسترليني، فقِدم النسخة وحده ليس العامل الرئيس في ارتفاع سعرها".
واجهة الكتاب البوذي المقدر ثمنه بـ 100 ألف إسترليني (مؤسسة هارينغتون للكتب النادرة) كتب التراث العربي والإسلامي النادرةويقول مالك مؤسسة هارينغتون إنهم حصلوا مؤخرا على نسخة نادرة لكتاب "ألف ليلة وليلة" مكتوبة بالعربية تم اكتشافها عام 1835، وهي مكونة من كتابين وتقييمها المالي تجاوز 250 ألف إسترليني وقد عرضت مع مجموعات هارينغتون في معرض لندن الأوائل للكتب النادرة.
كما أضاف أن المعرض شمل عدة نسخ نادرة للقرآن الكريم بلغات مختلفة مثل الفرنسية والإنجليزية، ووصلت قيمة إحداها 50 ألف إسترليني.
نسخ نادرة لكتب تفسير القرآنمن بين أبرز الكتب الإسلامية الموجودة في قائمة شابيرو للكتب النادرة (Shapero Rare Books) أحد العارضين في معرض الأوائل كتاب "تلخيص البيان في مجازات القرآن" أو "مجازة الراضي" وهو تفسير شيعي من تأليف الشاعر البغدادي الشريف الرضي (970-1015). وقد سجل بوصفه أقدم كتب علم التفسير والذي يعرض مجمل ما وقف عليه في القرآن الكريم من جميل الاستعارات وغريب المجازات، وتم تقييم تلك النسخة بما يتجاوز 124 ألف إسترليني وهي نسخة تعود إلى العام 400 من الهجرة.
كما تضم القائمة الجزء 19 من القرآن لمصحف مزخرف نادر بتصاميم صينية إسلامية تعود لعام 953 هـ، وهي تحتوي على سورة الشعراء كاملة حتى سورة النمل منسوخة بيد الخطاط شمس الدين بن موسى السيني في اليونان، ويصفها التاجر إنليبرس جيلهوفر بأنها دليل على الوجود العربي بالصين والذي يعود لفترة الخلافة الأولى.
ويوضح وصف القطعة فضل الصحابي سعد بن أبي وقاص في دخول الإسلام إلى الصين خاصة مدن مثل شيان أو تشانغان كما كانت تعرف في ذروة شهرة طريق الحرير، والمخطوطة توضح أقسام القرآن كما كتبها المسلمون الصينيون بتأثير صيني واضح في كل الزخارف بالمخطوطة والتي قدر ثمنها بـ 75 ألف إسترليني.
كتاب عن البوذية قدر ثمنه بـ 100 ألف إسترليني (مؤسسة هارينغتون للكتب النادرة) "تاريخ المستبصر".. نسخة أثرية من أدب الرحلاتضمت القائمة أيضا مخطوطة نادرة للكتاب الجغرافي "تاريخ المستبصر" لابن المجاور والذي يصف بلاد اليمن والحجاز، يرجح أنه قد تعود ملكيته للإمبراطورية العثمانية القديمة في القرن 16، وهو مكتوب بخط اليد بغلاف جلدي ويعد من أندر المخطوطات في أدب السفر.
ويرجح مؤرخون آخرون أن تأليف الكتاب تم بالقرن 13 ويعتبر مصدرا مهما في طبوغرافيا العصور الوسطى لشبه الجزيرة العربية حيث يغطي بكثير من التفصيل الحجاز ومكة واليمن وجزيرة سقطرى.
"تاريخ المستبصر" أقدم كتب أدب السفر لشبه الجزيرة مع وصف المؤرخين (كتالوج وصف الكتاب- مؤسسة بيتر هارينغتون )ويختلف "تاريخ المستبصر" عن الكتب السابقة التي كانت تعكس وصفا جغرافيا للمنطقة بينما يحتوي هذا الكتاب على 15 رسما توضيحيا لمدن مرسومة بالطريقة التخطيطية المعروفة القديمة باسم "مدرسة بلخي" مضيفا إليها ابن المجاور وصفا عن الحياة الاجتماعية والأعراف والمواقع التاريخية، كما أكد المؤرخون في وصف الكتاب أنه يرجح أنه أقدم وصف تاريخي لجزر مثل سقطرى اليمنية وفرسان (جنوب غرب السعودية حاليا).
كما أضيف في الوصف أنه لا يوجد أي توثيق سفر عربي آخر قبل أن يناقش ابن بطوطة بمثل هذا التفصيل الذي لا يوجد منه سوى نسخ قليلة جدا في العالم بما في ذلك نسخة المتحف البريطاني وأخرى في إسطنبول، وبسبب تلك القيمة التاريخية لهذا الكتاب شديدة الندرة في ذاته وفي معلوماته فقط التي تجاوزت قيمته 300 ألف إسترليني.
وشملت قوائم التجار مئات الكتب القيمة والثرية التي يبحث عنها هواة اقتناء الكتب الأثرية والنادرة والتي تحمل في بعض الأحيان وصفا عن رحلة الكتاب وعمقه التاريخي، ورغم جاذبية تلك الهواية فإن العارضين يقولون إنه من الصعب أن تكون جامعا وتاجرا، ويجب أن تتخلى عن تلك القطع الأثرية لتزدهر تجارتك.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
في ندوة بجناح الأزهر بمعرض الكتاب.. القرآن معجزة خالدة تُدرك بالبصيرة
أكد الدكتور محمود توفيق سعد، أن معجزة القرآن الكريم تختلف جوهريًّا عن معجزات الرسل السابقين، التي اقتصرت على أحداث حسية مؤقتة، بينما جاء القرآن معجزةً علميةً معنويةً خالدةً، تُدرك بالبصيرة لا البصر، قائلاً: "من تشريف الله لهذه الأمة أن جعل معجزة نبيها كتابًا باقيًا إلى قيام الساعة، يُؤخذ علمه بالتفكر والتدبر، لا بمجرد المشاهدة".
وأوضح أن العرب -وهم أهل الفصاحة - كانوا الأقدر على إدراك بلاغة القرآن، الذي نزل بلغتهم في عصر ذروة بيانهم، مشيرًا إلى أن دراسة بلاغة القرآن تنقسم إلى نوعين: دراسة للاقتناع بأنه كلام الله، ودراسة بعد الإيمان به لاستشراف معانيه والترقي في مدارج الإيمان، التي تبدأ بــ"الذين آمنوا" وتصل إلى "المؤمنين" عبر الجهاد الروحي والعلمي.
من جانبه، سلّط الدكتور عبدالحميد مدكور الضوء على العلاقة الفريدة بين القرآن واللغة العربية، مؤكدًا أن الله أعدَّ العربية عبر عدة قرون لتكون قادرةً على حمل أعظم النصوص بلاغةً وعمقًا، قائلاً: "تهيأت اللغة بثرائها ومرونتها عبر العصور لتعبِّر بدقة عن مكنونات النفس الإنسانية وجمال الكون، وتحمل أنوار القرآن التي لا تُسعها لغة أخرى".
وأشار أمين مجمع اللغة العربية إلى أن العربية ظلت – بفضل القرآن – لغةً حيةً قادرةً على استيعاب كل جديد، مع الحفاظ على رصانتها، ما يجعلها جسرًا بين الأصالة والمعاصرة، ووعاءً لحضارة إسلامية امتدت لأكثر من ألف عام.
ويشارك الأزهر الشريف – للعام التاسع على التوالي – بجناح خاص في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ضمن قاعة التراث رقم (4)، على مساحة ألف متر، تشمل أقسامًا متنوعة: قاعة ندوات، ركن للفتوى، ركن الخط العربي، وآخر للمخطوطات النادرة وورش عمل للأطفال، في إطار استراتيجيته لنشر الفكر الوسطي وتعزيز الحوار الحضاري.