إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

بطرحه اليوم أمام مجلس شيوخ البرلمان الفرنسي، يحتدم النقاش بين الأطراف السياسية في هذا البلد حول مشروع قانون للهجرة خاصة بين أحزاب اليسار والأغلبية الرئاسية من جهة وهذه الأخيرة والمعارضة اليمينية الرافضة لتسوية وضع المهاجرين غير النظاميين.

وافتتح وزير الداخلية جيرالد دارمانان النقاش في مجلس الشيوخ حول المشروع الذي يهدف إلى "ضبط الهجرة وتحسين الاندماج".

وتجمع نحو 150 شخصا خارج المبنى احتجاجا على مشروع القانون الذي يتوقع أن تكون المناقشات حوله ساخنة في المجلس الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية قبل عرضه على الجمعية الوطنية، حيث يتمتع الرئيس إيمانويل ماكرون بأغلبية نسبية.

وفي حال فشل التوصل إلى توافق بين اليمين واليسار، سيتم اللجوء إلى الفصل 3-49 من الدستور الذي يتيح للحكومة إقرار مشاريع قوانين ولو بدون تصويت.

وأمام اعتراض النقابات، قامت الحكومة عدة مرات بتأجيل هذا المشروع حول موضوع لطالما أثار جدلا بين السياسيين، على خلفية أزمة الهجرة على المستوى الأوروبي. 

وحرص وزير الداخلية لدى عرض الخطوط العريضة قبل عام للقانون الذي وعد به ماكرون خلال حملته لعام 2022، على أن يوحي بأنه ينشد التوازن من قبيل "كن شريرا مع الأشرار ولطيفا مع الأخيار".

"الحصول على الأغلبية"

يتضمن المشروع جانبا زجريا للتعامل "بصرامة أكبر إزاء الأجانب مرتكبي الجنح" لتسهيل طردهم، وهو مطلب يشدد عليه اليمين، بالإضافة إلى الرأي العام، وفقا لاستطلاعات الرأي.

وأصبح السياق متوترا بشأن هذا الموضوع بعد مقتل مدرس في شمال فرنسا على يد شاب روسي متطرف في تشرين الأول/أكتوبر. 

إلا أن حدة التشديد الأمني خفت جراء التعهد بتسهيل تسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين العاملين في مجالات يصعب فيها العثور على العمالة، وهو موضوع يدافع عنه اليسار وجزء كبير من المعسكر الرئاسي. وشددت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن الإثنين على إذاعة فرانس إنتر على أهمية "الحصول على الأغلبية". 

والأحد، بدا دارمانان واثقا من إيجاد "طريقة لتمرير" النص، مؤكدا معارضته لاستخدام الفصل 3-49 من الدستور، والذي تم اللجوء إليه بالفعل مرات عدة مؤخرا. ورد عليه رئيس كتلة الجمهوريين اليمينية في البرلمان أوليفييه مارليكس، الإثنين بقوله إنه "مخادع!".

وأرسل ماكرون، من جانبه، إشارة إلى اليمين بقوله مساء الأحد إنه مستعد لتوسيع نطاق الاستفتاءات لتشمل القضايا الاجتماعية، بما في ذلك الهجرة، وهو مطلب ملح من اليمين. وعلق مارليكس "إن ذلك غير كاف". وفي مجلس الشيوخ، سيكون بإمكان أحزاب اليمين والوسط إعادة صياغة النص وفق رغبتهم، شريطة الاتفاق فيما بينها.

ويحاول الحليفان الاتفاق على المادة 3 التي تنص على منح تصريح إقامة لمدة عام قابل للتجديد للعمال في القطاعات التي تعاني من نقص العمالة.

 تأييد الرأي العام للمشروع

وقال رئيس كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ برونو ريتيللو: "لا يمكن أن يكون لدينا نص يريد طرد المزيد من الأشخاص وتسوية أوضاع المزيد منهم في آن واحد"، في حين ارتفعت طلبات اللجوء بشكل حاد في عام 2022 (31,3% مقارنة بعام 2021)، لتناهز الرقم القياسي المسجل في عام 2019 (137,046 طلبا). 

وردت إليزابيت بورن الإثنين بأن هذا الإجراء لن يؤدي إلى "تسوية" الهجرة غير الشرعية، مشيرة على العكس إلى "قدر من حسن النية الذي تتم مشاركته على نطاق واسع"، ولا سيما من قبل أصحاب العمل.

وفي عام 2022، تمت تسوية أوضاع 34029 مهاجرا غير نظاميين، أي بزيادة 7,8% مقارنة بعام 2021. كما ستتم مناقشة حصص الهجرة السنوية المحددة من البرلمان أو تضييق  شروط لم الشمل العائلي.

وتعتمد الحكومة على دعم الرأي العام، فقد أشارت دراسة أجراها معهد Opinionway لصالح صحيفة لو باريزيان، إلى أن 87% من المشاركين يعتقدون بضرورة تغيير القواعد المتعلقة بالهجرة. وتؤيد أغلبية كبيرة التدابير المختلفة الواردة في النص.

فرانس24/ أ ف ب

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج فرنسا جيرالد دارمانان وزارة الداخلية هجرة قانون مشروع الهجرة غير الشرعية

إقرأ أيضاً:

ما الذي ستحمله الانتخابات التشريعية بفرنسا للجزائر؟

شرع الناخبون الفرنسيون، الأحد، في الإدلاء بأصواتهم ضمن الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة، التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد أن تغلب حزب التجمع الوطني من أقصى اليمين، بقيادة جوردان بارديلا، على ائتلاف تيار الوسط الحاكم في الانتخابات الأوروبية في يونيو، فيما تجرى الجولة الثانية في السابع من يوليو.

وتزامنا مع ذلك، تُثار في الجزائر مخاوف من صعود اليمين المتطرف بفرنسا، وسط حديث عن تغييرات محتملة في مستقبل العلاقات بين البلدين.

كما تأتي المستجدات في وقت تستعد فيه الجزائر لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة في السابع سبتمبر المقبل، تليها الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون لباريس، بعد تأجيلات متكررة.

وتعتبر اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين في 27 ديسمبر 1968، أولى القلاع التي تخشى الجزائر سقوطها على يد حزب بارديلا الذي وعد بمراجعتها، كما سيكون مستقبل ملف الذاكرة، الذي تتولاه لجنة مشتركة من كبار المؤرخين، غامضا على ضوء هذه التطورات.

اليمين المتطرف في فرنسا.. "مؤشرات مستمرة لمعاداة السامية والعنصرية" تمكنت زعيمة  حزب التجمع الوطني في فرنسا، مارين لوبان، من تنفيذ واحدة من أبرز عمليات إعادة تشكيل الهوية السياسية في العالم الغربي، حيث نجحت في تحويل حزب متطرف هامشي تأسس على يد والدها، جان ماري لوبان، إلى قوة سياسية رئيسية لديها فرصة حقيقية للفوز بأغلبية جيدة في الانتخابات التشريعية وتسمية رئيس الوزراء القادم.

وفي وقت يتوقع بعض المحللين أن تمر العلاقات الجزائرية الفرنسية بـ"فترة صعبة"، إذا حصل أقصى اليمين الفرنسي على غالبية المقاعد النيابية في هذه الانتخابات، يرى آخرون أن المصالح الفرنسية في الجزائر، الاقتصادية منها والسياسية والثقافية "أكبر من أن تتأثر بأيديولوجيا الأحزاب الحاكمة".

مستقبل العلاقات 

وفي هذا الصدد، يشير الأكاديمي الجزائري، ناصر جابي، إلى أن "الصعود المتوقع لأقصى اليمين سيكون أول تجربة  في تاريخ العلاقات بين فرنسا والجزائر، مما يهدد مستقبلها"، متوقعا بأن تمر بـ"فترة مضطربة"، موضحا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن "اليمين المتطرف الفرنسي لديه ملفات قديمة تتعلق بحرب التحرير، طورها من خلال صراعه التاريخي مع الجزائر، وترجمتها مواقف الأب الروحي لليمين لوبان، الذي كان ضابطا في الجيش الفرنسي بالجزائر خلال الحرب".

وتبعا لذلك، يؤكد جابي أن العلاقات بين البلدين بوجود أقصى اليمين "ستمر بفترة صعبة"، مشيرا إلى أن "التطور الإيجابي المتوقع لمواقف اليمين المتطرف، قد يكون سلسا مع أفريقيا والمغرب وتونس، بينما سيكون صعبا مع الجزائر".

ويضيف المتحدث أن مواقف اليمين من الجزائر "تحكمها شحنة عاطفية تاريخية من شأنها التأثير على الملفات السياسية والاقتصادية بين البلدين"، مشيرا إلى أن ذلك سيلقي بظله على "استمرار العلاقات الثنائية". 

تأثير داخلي 

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي المتخصص في قضايا الذاكرة والتاريخ، عبد القادر حريشان، أن "أقصى اليمين الفرنسي مارس حملته ضد الجزائر منذ دخوله الانتخابات الأوروبية، مواصلا إياها عقب الإعلان عن تشريعيات فرنسية مبكرة"، مشيرا إلى "توعده للمهاجرين بمراجعة الاتفاقيات المشتركة بين البلدين وغيرها من القضايا الثنائية".

وإجابة على سؤال بشأن قدرة هذا التيار السياسي على الذهاب بعيدا في التصعيد مع الجزائر، يؤكد حريشان في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن "جزءا من لغة التصعيد انتخابية محضة".

انتخابات فرنسا.. ماذا يحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة؟ أظهرت استطلاعات لآراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع بفرنسا، فوز حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف بزعامة، مارين لوبان بالجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد.

في المقابل، لا يستبعد المتحدث أن تلقي أفكار اليمين المتطرف بظلالها على منظومة القوانين الداخلية ذات الصلة بالجالية الجزائرية والعربية عموما، مشيرا إلى "تأثير داخلي أكثر منه خارجي"، متوقعا المزيد من "القوانين التي تضيق على الحريات الدينية بفرنسا".

"المصالح أولا"

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، يرى عكس ذلك، إذ يؤكد أن "مصالح الدولة الفرنسية في الجزائر قبل أفكار وسياسات اليمين المتطرف، الذي سيجد نفسه محاطا بخطوط حمراء تمثل السيادة والمصالح الكبرى لبلاده".

ويوضح معراف في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أن فرنسا "تهيمن على نسبة مهمة من السوق الجزائرية في شتى المجالات الصناعية والطبية والفلاحية، فضلا عن الهيمنة الثقافية، وهي مرتبطة بشكل كبير بالجزائر"، مضيفا أن كل هذه المصالح "لن تكون محل مخاطرة سياسية من قبل اليمين المتطرف، الذي سيجد نفسه ملزما بالحفاظ عليها".

ويشير المتحدث إلى إمكانية أن "يستمر خطاب التصعيد ضد الجزائر إعلاميا، لكن عمليا فإن فرنسا الدولة ستعمل جاهدة من أجل حماية الأفضلية التي تتمتع بها فيما يخص أسعار الغاز الجزائري ومصالحها وأسواقها المتعددة".

مقالات مشابهة

  • عضو الشيوخ: نحتاج حكومة على مستوى توقعات المصريين
  • ما الذي ستحمله الانتخابات التشريعية بفرنسا للجزائر؟
  • الأعلى منذ 1978.. نسبة التصويت بانتخابات فرنسا 59.39% حتى الآن
  • فرنسا تخشى المجهول مع بدء انتخابات تاريخية
  • بدء الانتخابات التشريعية التاريخية في فرنسا
  • انتخابات فرنسا.. فتح صناديق الاقتراع وسط مخاوف من صعود اليمين
  • وزيرة الهجرة تبحث إطلاق مرحلة جديدة من التعاون عبر المركز المصري- الألماني للهجرة والوظائف
  • وزيرة الهجرة تبحث مع وفد ألماني تعزيز التعاون الثنائي
  • وزيرة الهجرة تبحث إطلاق مرحلة جديدة من التعاون المركز المصري الألماني للهجرة والوظائف
  • فرنسا.. انتخابات تشريعية مبكرة يتصدرها اليمين المتطرف