هل للكون مركز؟ وأين يقع الآن؟ سؤالان الإجابة عنهما غير متوقعة للكثيرين، وتتطلب تصحيح بعض المفاهيم المترسخة في أذهان البعض حول بداية الكون وتطوره.

إذا تتبعنا الاتجاه العكسي لتمدد الكون إلى الماضي، سنجد أنه بدأ في حالة كثيفة للغاية. فوفقًا لما نعرفه اليوم، حدث هذا "الانفجار الكبير" قبل 13.78 مليار عام.

لكن أين حدث هذا الانفجار في الكون؟ وأين يقع مركز الكون الآن؟

اعتقد الإنسان قديما أن الأرض هي مركز الكون (شترستوك) البحث عن مركز الكون

كان الإنسان يعتقد قديما أن الأرض هي مركز الكون، فالعالم المنظور من حولنا بما يحتويه من شمس وقمر وكواكب ونجوم، كان يبدو له وكأنه في حالة دوران حول الأرض. لكن علم الفلك حوّل كوكبنا الأزرق شيئا فشيئا إلى ذرة صغيرة من الغبار في الفضاء الفسيح.

ثم حلت نظرية مركزية الشمس للعالم، وانتقل نجمنا إلى هذا الموقع المتخيل. لكن سرعان ما أدرك العلماء أن الشمس ليست سوى نجم من بين مئات المليارات من النجوم تكوّن مجرة درب التبانة، وتدور حول مركزها. كما أن مجرة درب التبانة بدورها مجرد واحدة من عدد لا يحصى من المجرات في الكون.

وفي عشرينيات القرن الماضي، توصل علماء الفلك إلى اكتشاف غريب مفاده أن جميع المجرات تقريبا تبدو وكأنها تبتعد عنا. وكلما كانت المجرة أبعد، كانت سرعة هروبها أكبر. هذه الملاحظة أعادت إلى الأذهان ذلك السؤال الذي ظل دون إجابة: هل نحن فعلا في مكان استثنائي من الكون وهو مركزه؟

لم يطل الأمر طويلا حتى قدّم العلماء تفسيرا قطع عنا هذا الحلم، الكون يتمدد والمجرات تبتعد عن بعضها بعضا، ومهما كان موقعك في الكون فسترى بقية المجرات تهرب منك بالطريقة نفسها!

لا يوجد مركز لتمدد المسافات بين النقاط على سطح البالون كذلك الأمر بالنسبة للكون (شترستوك) أين حدث الانفجار العظيم؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب وفق العلماء تصحيح مفهوم خاطئ للانفجار العظيم في أذهان عامة الناس الذين يتخيلون أنه انفجار حدث وسط فضاء موجود مسبقا. وداخل هذا الفضاء، انفجرت المادة بعيدا عن نقطة واحدة في جميع الاتجاهات كما يحدث عند إطلاق الألعاب النارية المضيئة في الفضاء.

لكن ما حدث، كما تصوره النظريات العلمية، مختلف جذريا عن ذلك، فالانفجار العظيم لم يشكل المادة فقط، لكنه ولّد أيضا المكان والزمان. لذا فإن المادة لا تتوسع داخل فضاء موجود بالفعل، ولكنها تتوسع مع الفضاء نفسه.

لتبسيط هذه الفكرة وبقليل من الخيال، يمكن لأي شخص إنشاء نموذج للكون الآخذ في الاتساع باستخدام بالون ترسم على سطحه مجموعة من النقاط (ترمز للمجرات في الكون) بشكل عشوائي، ثم يتم نفخه. ومع زيادة حجم البالون تبتعد هذه النقاط عن بعضها بعضا ليس نتيجة لحركتها الذاتية، بل لتمدد السطح الذي يرمز إلى الفضاء الكوني.

كل نقطة سترى نفسها في مركز وهمي للتمدد، وتلاحظ أن بقية النقاط تهرب منها، لكن في الحقيقة لا يوجد مركز لتمدد المسافات بين النقاط على سطح البالون. هذا بالضبط ما يحدث الآن بالنسبة للكون: ليس هناك مركز للتمدد. بمعنى آخر حدث الانفجار العظيم في كل مكان في عالم اليوم.

الكون أقرب إلى أن يكون مسطحا ولا نهائيا (ناسا) كون لا نهائي

ورغم أن تشبيه الكون بأبعاده الفضائية والزمانية بسطح البالون المنتفخ شائع كثيرا، فإن العلماء ينبهون إلى أن التوسع المتسارع للكون يثير تساؤلات حول حجمه وشكله: هل هو محدود أم لا نهائي؟ مسطح أم منحنٍ؟

ويتوفر لدى العلماء العديد من النماذج الممكنة لوصف هندسة الكون، اعتمادا على العلاقة بين كثافته وكثافته الحرجة. والكثافة الحرجة هي القيمة التي تسمح للكون بأن يكون مسطحا. وإذا كانت كثافة الكون مساوية للكثافة الحرجة، فإن الكون يكون مسطحا ولانهائيا. وإذا كانت أكبر منها، يكون الكون مغلقا ومحدودا. أما إذا كانت كثافته أقل من الكثافة الحرجة فيكون مفتوحا ولانهائيا.

وتشير بيانات الرصد الحديثة إلى أن الكون قريب جدا من أن يكون مسطحا، بكثافة تساوي 99% من الكثافة الحرجة. هذا يعني أنه ربما يكون لانهائيا، من دون حافة أو مركز.

وبحسب العلماء، فإنه لا يجب أن نفكر في الانفجار العظيم على أنه لعبة نارية كونية انفجرت في مكان معين. بدلا من ذلك، يتعين اعتبار الانفجار العظيم بمثابة توسع سريع للفضاء، حيث يمكن اعتبار كل نقطة منه مركزا له. ولأن الكون بأكمله يُعتقد أنه لانهائي، فإنه لا يتوسع إلى أي شيء، إنه يمتد أو يتقلص، لكنه يظل غير محدود.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! “المجاعة”، محض افتراء، أم مجرد شظف عيش؟!

الجميل الفاضل

ما القصة؟

فالناس صرعي من هول الذل!!

اصطفت “البستلات”، و”الجكوك”، وصغيرات الأواني، من كل صنف ولون، تزح زحا، نحو دنان مطاهي، تسمي “التكايا”، ملأ بعضها عدسا، وشيئا من “بليلة” في آخر، هو إدام بلا خبز، لا يكفي وجبة واحدة لأسرة صغيرة، ينتظره المصطفون لساعات طوال، رغم غياب الخبز، الذي ثمنه شاعر المنافي محمود درويش بقوله:

“إنا نحب الورد لكنا نحب الخبز أكثر.

ونحب عطر الورد لكن السنابل منه أطهر”.

علي أية حال، يظل الناس هنا صرعي، وماهم بصرعي، زائغة عيونهم في ذهول، من هول ذل، يحلق فوق رؤوسهم المطرقات، كأنما حط عليها طير، بفعل حرب قيل لهم: أنها ما شبت إلا لأجل “الكرامة”، كرامتهم.

أنها كرامة، يزعم “البلابسة” الأشرار، أن هذه الحرب ستمنحها للناس بيمينها القوية، “فتكا” و”متكا”، قبل أن يتفاجأ الجميع بأن “الجوع” قادر بصفوف طعامه المهينة، أن يسلبها لهم، بين غمضة عين عن شر الحرب، وإنتباهتها علي صوت جوع، يصدر من غور سحيق، من كل جوف خاوي.

هذا بالطبع في الحضر، حيث “غرف الطوارئ” ذات التكايا، فما بالك بجوع من الدرجة الرابعة أو الخامسة، يبحث لإيجاد مخرج منه، مجلس الأمن الدولي اليوم الإثنين، جوع أضطر الناس في معسكرات النزوح بدارفور، لمشاركة الحيوان نوع غذائه، وفي قري وبوادي أخري يأكل الآن أهلها أوراق الشجر.

لتبقي حقيقة واحدة هي: أن من لا يملك قوته، لا يملك كرامته، ولا قراره، وإن إمتلك السلاح.

والي أين سيركض هذا الشبح القادم؟

لجان دولية تقرع ناقوس الخطر!!

تقطع لجنة دولية أن خمسة علي الأقل من مناطق السودان، تقع الآن بالفعل في نطاق المجاعة، التي تقول ذات اللجنة أنها ستتمدد خلال شهر مايو المقبل، لتشمل (17) منطقة أخري، مالم تتخذ تدابير فورية لتقديم الغذاء الكافي، بصورة عاجلة ومستدامة لسكانها.

وكيف تحل بالناس المسغبة؟

يقولون: إستمرار الحرب يوسع رقعة المجاعة!!

يعد إستمرار الحرب لنحو واحد وعشرين شهرا، وإتساع نطاقها المحتمل في ظل تصاعد حالة الإستقطاب الإثني والمناطقي الحاد، وإرتفاع وتيرة خطاب الكراهية العنصري بين المكونات السودانية، التي باتت تعاني تهتكا وتمزقا متناميا يوما بعد يوم، في نسيجها الإجتماعي، وبشكل شبه ممنهج، نتيجة للسياسات التي كرست لواقع الإنقسام، من خلال إجراءات الإستبدال الجزئي للعملة ببعض مناطق البلاد، وحرمان عشرات آلاف الطلاب من حق الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية، الأمر الذي أنتج غبنا لا يخفي، ربما رشح هو الحرب لدخول مناطق لم تدخلها من قبل، كرد فعل يأتي علي كل ذلك، فضلا عن شبهة إستهداف الطيران الحربي، لما يعرف بمناطق حواضن الدعم السريع، إضافة لما ينظر اليه كشكل من أشكال العقاب التعسفي الجماعي، المطبق جزافا بمناطق سيطرة الجيش، علي المشكوك في تعاونهم مع العدو، تحت طائلة ما عرف بقانون “الوجوه الغريبة”.

عليه فإن تقارير المنظمات الدولية تشير الي أن دخول العمليات العسكرية الي مناطق الإنتاج الزراعي قد أدي في ولايتي الجزيرة وسنار، لحرمان المزارعين من حصاد محاصيلهم الغذائية، وبالتالي فإن خروج مناطق أخري من دائرة الإنتاج بدخول العمليات الحربية إليها، سيؤدي لإطلالة شبح المجاعة علي مزيد من السكان، في مناطق أخري بالبلاد، تقدرهم المنظمات بنحو خمس وعشرين مليونا.

لكن “المجاعة”، لما ينكرون وجودها؟

فهناك ما ينبغي أن يحذره “أشقي ثمود” السودان؟!

عرف السودان دائما المجاعات تأتي في زمن الديكتاتوريات والعهود الشمولية، وكعادتها تذهب مثل هذه الأنظمة والدول البوليسية لإحاطة كافة أمورها بالسرية والكتمان، خشية من أعين الصحافة الفضولة، ومن الأنوف الطويلة، لوكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية المعنية، بالحروب، والأمراض، والمجاعات، وبكل ما يتصل بحقوق الإنسان، تلك المنظمات التي تمهد بالضرورة لتدخلات ما يسمي بالمجتمع الدولي، الذي هو شر غائب ينتظر في عرف مثل هذه الحكومات، الحريصة علي ستر عوراتها الكثيرة والكبيرة، وعلي الإستفراد بشعوبها المغلوبة علي أمرها بعيدا عن تطفل ورقابة الآخرين.

ويقول التاريخ في السودان: أن مثل هذه الأنظمة، لا تعلن في العادة عن بلادها مناطق كوارث، أو طؤاري، مهما كان سوء الوضع، والأحوال، والمنقلب.

لكن تاريخ هذه البلاد نفسه يقول أيضا: أن كل المجاعات التي حلت بالسودان لم تذهب إلا ومعها في رحلة إيابها، ذات النظام المكابر، الذي رفض الإعتراف بها أول مرة، أو تلكأ علي الأقل في أن يعينه المجتمع الدولي عليها.

إذن فليتعظ ويحذر رئيس الأمر الواقع، الذي إعتبر أن هذه المجاعة “محض افتراء”، ووزير إعلامه الذي وصفها تقليلا من شأنها كقدر كبير، بأنها مجرد “شظف عيش”.

فإن الحكمة الإلهية ظلت تقضي في تاريخ السودان، بمثلما قضت علي إمرأة حميرية، رمي بها جوع هرة، لم تطعمها، ولم تتركها، لتأكل من خشاش الأرض، في النار.

لكن تري الي أي جحيم سيقذف جوع ملايين وشيك، يطارد شبحه بسرعة البرق، أطفالا صغارا، ونساءا ضعافا، وشيوخا أكل عليهم الدهر وشرب، من سمر البشر، “أصل البشرية” الأول، بشقي، إنبعث فيهم كإنبعاث “أشقي ثمود”، إذ كان في هذه المدينة أيضا، في آخر عهد “إخواني” مندثر، تسعة رهط يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، “فنادوا صاحبهم فتعاطى، فعقر”، ليشقي هو أهل هذه الديار بحرب، أجري الله علي لسانه أن أسماها، “حربا عبثية”، رغم أنها فضلا عن عبثيتها تلك، هي حرب من نوع لا يبقي ولا يذر، تبعها جوع كافر، سيحيل من فرط جنوحه لامحالة، حياة كافة السودانيين الي كدر، إذ هو جوع ترافق لحكمة يعلمها الله وحده، بأمراض شتي سرت بينهم كسريان النار في هَشِيمِ مُحْتَظِرِ.

 

الوسومالجميل الفاضل

مقالات مشابهة

  • 7820 جثماناً تبخرت كلياً أو جزئياً باستهدافات العدو على غزة
  • محمد عبد العظيم "عظيمة" يفتتح مشواره مع الشرطة العراقي بتعادل أمام النجف
  • الاغنية الشعبية || «البوابة» تفتح التساؤل: هل يمكن لهذا الفن العظيم أن يظل ويصمد عبر الزمن؟ لماذا لم تعد المجتمعات قادرة على صنع ثقافة شعبية جديدة؟
  • «الأوقاف» تطلق 10 قوافل دعوية لنشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم
  • غوارديولا يرفض الإجابة على سؤال بشأن مرموش
  • المبشر: ليبيا تحتاج إلى حوار ثم المصالحة
  • سؤال وجواب.. لماذا يريد ترامب ضم غرينلاند وهل يمكنه ذلك؟
  • سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! “المجاعة”، محض افتراء، أم مجرد شظف عيش؟!
  • خرافات شائعة عن الكون وجسم الإنسان.. احذرها
  • جنوب الوادي: مشروع الشاشات بالحرم الجامعي يهدف لتصحيح المعلومات المغلوطة