في ظل استمرار المجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة المحاصر دون أن تستطيع الأمم المتحدة ردعها ازدادت التساؤلات بشأن جدوى وجود هذه المنظمة الدولية التي تُتهم الدول الخمس دائمة العضوية بالسيطرة عليها منذ تأسيسها.

تشكيك جعل الخبير في شؤون الأمم المتحدة رودريغو أغيلار بينينيوس يسارع لنشر مقال له في مجلة نيوزويك الأميركية يقول فيه إن مناقشة البعض جدوى وجود الأمم المتحدة تدفع إلى التساؤل: هل حقا بالإمكان العيش بدونها؟

وتنامت الاتهامات للولايات المتحدة الأميركية والأنظمة الغربية بدعم إسرائيل في تنفيذ مجازرها، حيث لا تزال واشنطن ترفض حتى الآن الدعوة إلى وقف لإطلاق النار، وتشدد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فيما تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن اتخاذ أي قرار لإنهاء الأزمة.


تغير المناخ

وقال أغيلار إنه محظوظ لكونه شهد التأثير الهادف للمنظمة في مختلف المجالات الحاسمة، بدءا من معالجة تغير المناخ وضمان الأمن الغذائي إلى تعزيز السلام والمساواة بين الجنسين والتنمية الاقتصادية، حيث تلعب وكالات وبرامج الأمم المتحدة المختلفة دورا حاسما في خلق عالم أفضل للجميع.

وأوضح الكاتب أن الأمم المتحدة تتولى زمام المبادرة في التصدي للتحدي العالمي المرتبط بالمناخ، حيث يعمل اتفاق باريس التاريخي لعام 2015 كإطار شامل لمكافحة تغير المناخ.

وإلى جانب ذلك، ذكر أغيلار أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حقق في 2022 إنجازا ملحوظا من خلال تقديم 4.8 مليارات دولار لدعم البلدان في جميع أنحاء العالم.

وأكد أن الأمن الغذائي يشكل مصدر قلق بالغ آخر يرتبط بتغير المناخ، حيث يعاني ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم من الجوع وسوء التغذية، وتعمل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرامجها لمعالجة هذه القضية.

وأضاف أن التزام الأمم المتحدة بالأمن العالمي له أهمية قصوى في عالم يواجه العديد من الصراعات والأزمات، حيث تلعب بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة دورا محوريا في الحفاظ على السلام والأمن في المناطق التي شابتها الصراعات، على حد زعمه.

وأشار الكاتب إلى أن الأمم لعبت دورا مهما في تعزيز المساواة بين الجنسين وسعت إلى النهوض بحقوق النساء والفتيات.


مجازر غزة

وكان لافتا ألا يتحدث الخبير بشؤون الأمم المتحدة في مقاله بنيوزويك عن القصف الإسرائيلي المستمر على غزة على الرغم من استمرار المجازر اليومية التي تنفذها إسرائيل في القطاع المحاصر.

وسبق أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة نفسه أنطونيو غوتيريش قبل أسبوعين -في جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي بخصوص التطورات في فلسطين المحتلة- إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في قطاع غزة، وقال إن هجمات المقاومة الفلسطينية لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي الذي تشهده غزة.

وتابع غوتيريش وقتها "من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، وأن هذه الهجمات لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي الذي تشهده غزة"، مضيفا "من أجل التخفيف من هذه المعاناة الهائلة وتسهيل توزيع المساعدات بشكل مضمون وتسهيل الإفراج عن الرهائن أكرر دعوتي إلى وقف إطلاق نار إنساني فورا".

وأعرب عن "قلق عميق بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي نراها في غزة"، مبينا "لنكن واضحين، كل طرف في أي نزاع مسلح ليس فوق القانون الإنساني الدولي".


انتقادات لاذعة

تصريحات غوتيريش جلبت له انتقادات لاذعة من طرف مسؤولين إسرائيليين ومؤيدي الاحتلال، حيث ألغى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين اجتماعا معه عقب التصريح، كما اتهمه بأنه "ليس مؤهلا" لقيادة المنظمة الدولية، داعيا إياه إلى الاستقالة فورا.

وأكد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان أن خطاب غوتيريش "أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأمين العام منفصل تماما عن الواقع في منطقتنا".

في المقابل، حظيت تصريحات غوتيريش بإشادة رواد شبكات التواصل رغم أنها أتت متأخرة بحسب قولهم، في وقت طالب فيه آخرون الحكام العرب بموقف يكون مشابها لموقفه تجاه ما يحدث لأهالي قطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة إسرائیل فی

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحول الضفة إلى مكب في جريمة بيئية مستمرة

تحوّل إسرائيل الضفة الغربية إلى مكب ضخم للنفايات السامة بتهريب نفاياتها الخطيرة إلى الأراضي الفلسطينية، بدلا من معالجتها بالداخل المحتل حيث تمتلك الأدوات اللازمة وتلزمها التشريعات، في ظل منعها السلطة الفلسطينية من تطوير منظومتها لمعالجة النفايات وحماية الفلسطينيين من الآثار البيئية المدمرة للنفايات الملوثة.

ويُهرّب الاحتلال منذ سنوات الطين الناتج عن معالجة مياه الصرف الصحي، والنفايات الطبية، والزيوت المستعملة، والمذيبات، والمعادن، والنفايات الإلكترونية، والبطاريات، إلى الضفة الغربية، مما يحولها إلى مكب ضخم للنفايات الإسرائيلية، وفق تقرير للمركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار).

وتتمثل خطورة هذه النفايات في أنها غير قابلة للتحلل، مما يؤدي إلى تراكمها في التربة وتلوثها للمياه والنباتات، قبل أن تصل تداعياتها السلبية إلى الفلسطينيين وتؤثر على صحتهم.

وحسب منظمة الأمم المتحدة، يعد إلقاء النفايات والمواد الخطرة والسامة والاتجار غير المشروع بها، جريمة بيئية، والتي تُعرّف بأنها مجمل الأنشطة غير المشروعة التي تمس بالبيئة وتعود بالنفع على بعض الأفراد والمجموعات والمنشآت.

وضبطت سلطة جودة البيئة الفلسطينية 51 حالة تهريب نفايات ضارة من إسرائيل إلى الضفة الغربية بين عامي 2021 و2022، بما يعد جريمة بيئية وفق تعريف الأمم المتحدة.

إعلان

وشملت الحالات مخلفات البناء والزراعة وزيوت وبطاريات مستعملة ونفايات طبية وبلاستيكية ولحوم فاسدة، حسب تقرير حالة البيئة في دولة فلسطين الصادر عام 2023، والذي نوه إلى أن ما ضُبط خلال الفترة المذكورة "هو جزء يسير من حجم ما تهربه إسرائيل إلى الضفة".

مكب توفلان الإسرائيلي في الضفة الغربية للنفايات البلاستيكية المهربة (الفرنسية) تهرّب من القوانين

ويشرح الباحث في المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار) وليد حباس -في حديث للجزيرة نت- أن إسرائيل تتهرب من قوانين وتشريعات حفظ البيئة التي تطبقها، وذلك بتهريب النفايات إلى الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أن ذلك جزء من السياسات الاستعمارية.

ويضيف أن إسرائيل نقلت شركات ومصانع تلوث البيئة وتحرق النفايات، إلى الضفة الغربية "حيث لا تخضع للرقابة" وتسهم أيضا بتوطين الاستيطان.

ويدير الاحتلال أكثر من 15 منشأة لمعالجة النفايات في الضفة الغربية، 6 منها تعمل على معالجة النفايات الخطرة، وفق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأرض المحتلة (بتسيليم).

ويذكر تقرير المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار) 10 شركات إسرائيلية متخصصة في التعامل مع أنواع مختلفة من النفايات الخطرة المهربة، وتنتشر في المناطق الصناعية التابعة للمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية.

ومن بين أبرز هذه المناطق: معاليه إفرايم شرق قرية دوما، غرب أريئيل، وشيلو الصناعية شرق رام الله، وميشور أدوميم شرق القدس، والأغوار الشمالية، إضافة إلى مناطق صناعية أخرى مثل بركان، كدوميم، عطاروت، وميتاريم قرب الخليل.

وتشغّل هذه المنشآت مكبات ضخمة للنفايات الصلبة ونفايات البناء. وتستقبل سنويا نحو 350 ألف طن من النفايات الإسرائيلية الخطرة، حيث تستفيد من التسهيلات الإسرائيلية والمعايير البيئية المخففة المطبقة في المستوطنات.

إعلان نوعان للشركات

وتوجد في الضفة الغربية فئتان من الشركات الإسرائيلية التي تدير عملياتها بشكل مختلف بالتعامل مع النفايات المهربة. فالأولى هي الشركات المرخصة، التي تمتلك تراخيص من قبل السلطات الإسرائيلية، وتعمل داخل المناطق الصناعية الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية والتي تصل إلى 35 منطقة، حسب ما يوضح حباس.

ويردف أن هذه المناطق تم إنشاؤها بهدف توسيع الاستيطان الإسرائيلي وبناء بنية تحتية للمستوطنين، وتتمتع هذه الشركات بمرونة كبيرة في العمل دون أي قيود تفرضها إسرائيل، خصوصا في المناطق الصناعية من النوع (أ) التي تحظى بتسهيلات واسعة.

أما النوع الثاني، فهو الشركات غير الرسمية التي تعمل في شبكات المصالح غير المرخصة، مثل حرق النفايات الإلكترونية، وفق حباس.

كما يضيف أن إسرائيل تبيع هذه النفايات إلى شبكات من المقاولين الذين يديرون عمليات الحرق العشوائية في الضفة الغربية، مما يشكل تهديدا بيئيا كبيرا.

ويعمل في هذه الشبكات سوق سوداء تضم عمال التهريب الذين يحظون بحماية من القوات الإسرائيلية، ويتركز نشاطهم بشكل خاص في جنوب الخليل، حيث تُترك النفايات الإلكترونية لتُحرق بشكل ارتجالي، مما يعمق الأزمة البيئية في المنطقة، حسب ما يتابع حباس.

أخطار كبيرة

وضبطت السلطة الفلسطينية 7 مواقع للمكبات الإسرائيلية عام 2024 في قلقيلية، كما ضبطت 6 آلاف طن من النفايات الإسرائيلية المهربة في سلفيت في 4 عمليات ضبط قامت بها سلطة جودة البيئة، فضلا عن تخلص مستوطنة "أرئيل" من 120 ألف طن من الحمأة غير المعالجة في الضفة الغربية، حسب التقرير السنوي لسلطة جودة البيئة العام الماضي.

وفي هذا الصدد، أكد حباس أن إسرائيل تمنع السلطة الفلسطينية من تطوير أدوات لمعالجة النفايات الخطرة، معتبرا أن ما وصفه بـ"العشوائية بإدارة ملف النفايات يمنع السلطة الفلسطينية من العمل في الأماكن التي تستطيع تنظيمها"، وفق تعبيره.

إعلان

وذكرت مؤسسة هنريش بيل الألمانية أن الاحتلال أقام أكثر من 200 ورشة للنفايات الإلكترونية في قرية إذنا غرب مدينة الخليل في عام 2021، وأوضحت أن عملها يؤدي إلى تغلغل المواد الكيميائية السامة كالزئبق في الأرض، وبالتالي تلويث المياه.

وأردفت أن حرق النفايات الإلكترونية يلوّث المحاصيل الزراعية ويهدد التنوع البيولوجي ونوعية الغذاء، مما يؤثر على صحة الفلسطينيين.

ويُخشى من تسرب الملوثات مثل الرصاص والزئبق والكادميوم من البطاريات والنفايات الإلكترونية، وهي مواد سامة تدوم لعقود في البيئة، وتؤثر على النظام البيئي بأكمله، بما فيه الحيوانات والنباتات.

كما أن النفايات السائلة والناتجة عن طين الصرف الصحي تسهم في تلويث المياه الجوفية، والتي تعد المصدر الأساسي لمياه الشرب والري في معظم المناطق الفلسطينية.

وتقدر الخسائر الصحية والاقتصادية الناجمة عن تلوث الهواء بسبب حرق النفايات في الضفة الغربية بنحو 9.1 مليارات شيكل بين العامين 2023 و2030. وفي العام 2022 وحده، قدرت التكاليف الصحية والاقتصادية بما يتراوح بين 880 مليون و1.3 مليار شيكل، وتشمل هذه التكاليف خسائر في الإنتاج الزراعي، والنفقات الصحية، والأضرار البيئية، وفق تقرير المركز الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية (مدار).

يذكر أن فلسطين انضمت إلى اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود عام 2015، وتُستخدم الآليات والأدوات القانونية التي توفرها هذه الاتفاقية في التصدي لعمليات تهريب نفايات الاحتلال الإسرائيلي إلى الأرض الفلسطينية، وذلك من خلال تقديم البلاغات إلى أمانة اتفاقية بازل ضد عمليات التهريب.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت نحو 71 مدنياً في لبنان منذ وقف إطلاق النار
  • الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت نحو 71 مدنيا في لبنان منذ وقف إطلاق النار
  • الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت 71 مدنيا منذ وقف إطلاق النار في لبنان
  • غوتيريش شعر "بفزع بالغ" إزاء قصف إسرائيل المستشفى المعمداني بغزة
  • غوتيريش "قلق" من قصف إسرائيل آخر مستشفى عامل بمدينة غزة
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • مع دخول الحرب عامها الثالث غوتيريش يندد بتدفق الأسلحة للسودان
  • غوتيريش يدعو إلى الوقف الفوري للقتال في السودان
  • سفير الاتحاد الأوروبي: ناقشت مع المنفي العملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة
  • إسرائيل تحول الضفة إلى مكب في جريمة بيئية مستمرة