الملء الرابع لسد النهضة يفاقم أزماتها المائية.. أي بدائل لدى مصر للمواجهة؟
تاريخ النشر: 26th, June 2023 GMT
القاهرةـ تقترب إثيوبيا من بدء الملء الرابع لسد النهضة، وهو ما يعتبره مراقبون تهديداً جدياً لحصة مصر من مياه نهر النيل، ويستدعي ردا فوريا وقويا.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين إن سد النهضة يقترب الآن من التعبئة الرابعة، مؤكدا "التعبئات الثلاث السابقة لم تحدث ضررا بدول المصب، وكذلك ستكون التعبئة الرابعة".
وأظهرت صور التقطت بالأقمار الصناعية انخفاض مستوى بحيرة السد بنحو 10 أمتار، وتفريغ مياه بنحو 7 مليارات متر مكعب، مع توقعات بقيام إثيوبيا بزيادة ارتفاع الممر الأوسط استعدادا للتخزين الرابع.
وتزامن إعلان إثيوبيا عن استعدادها للبدء في الملء الرابع لسد النهضة، مع مشاهد مصافحة وتبادل للابتسامات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال المشاركة في قمة "ميثاق التمويل العالمي الجديد" بالعاصمة الفرنسية مؤخرا، وتساؤلات عن إمكانيات التسوية وعن بدائل السلطات المصرية للتعامل مع أخطر أزمة تهدد البلاد حال فشل الجهود الدبلوماسية مجددا.
ما بعد الملء الرابع pic.twitter.com/xzFO01Zlc1
— سليم عزوز (@selimazouz1) June 23, 2023
مخاطر مضاعفةثمة مخاطر عديدة تسببها التعبئة الرابعة لسد النهضة على مصر، بحسب الدكتور عباس شراقي أستاذ السدود والموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، وعلى رأسها خسارة مائية تعادل إجمالي ما تم تخزينه خلال السنوات الثلاث السابقة وهي 17 مليار متر مكعب، ونقص هذه الكمية من خزان السد العالي، أو أن تقوم إثيوبيا بعمل مماثل في سدود أخرى داخل أراضيها تحمل مخاطر شديدة على مصر والسودان.
وأكد أن خطورة الملء الرابع لن تقل عن مخاطر الملء الثالث التي تسببت في نقص ملحوظ بإنتاج كهرباء السد العالي، نتيجة انخفاض منسوب بحيرة ناصر، وفقد حوالي 10% من المياه المخزنة على الأقل كبخار وتسريب تحت سطح الأرض.
ونبّه شراقي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن فقدان مصر مليار متر مكعب من المياه يعني خسارة مليار دولار سنويا في مجال الزراعة.
ولفت إلى أن خسارة مصر حوالي 18- 25 مليار متر مكعب، نتيجة ملء السد 4 مراحل، دفعها للقيام بمشروعات عديدة للتعويض، كلفت مليارات الدولارات وأضرّت باقتصادها.
وانتقد الخبير المصري "مزاعم" إثيوبيا بأن عمليات الملء لم تضر دول المصب، وقال إن الاعتماد على بدائل لمواجهة أضرار سد النهضة لا يعني اعترافا بالأمر الواقع.
وعن الموقف المصري إزاء الملء الرابع، توقّع شراقي أن تواصل القاهرة جهودها السياسية والدبلوماسية للوصول لاتفاق قانوني ملزم، لافتا إلى أنها تسعى لترتيب المشهد الدولي للضغط على أديس أبابا لعدم الإضرار بها، دون الانجرار لأي صراع قد يضر بمصالح البلاد العليا ومؤسساتها الوطنية.
ومن جانبه أبدى وزير الموارد المائية والري الأسبق محمد نصر الدين علام دهشته إزاء ما وصفها بـ "حالة التجاهل الرسمي المصري" لإعلان إثيوبيا المضي قدما في الملء الرابع للسد، رغم خطورته "الشديدة" على أمن مصر المائي.
وأعرب -في حديثه للجزيرة نت- عن خشيته من استغلال إثيوبيا هذه الحالة لمحاولة فرض الأمر الواقع رغم الاتفاقيات التي وقعتها معها مصر والسودان بأوغندا.
وفي الوقت ذاته، شدد الوزير الأسبق على أن مصر "دولة كبيرة بمقدورها الحفاظ على مصالحها، وسبق أن أثبتت ذلك في مواقف أصعب، ولن تخضع لقوى أو مخططات أو تغض الطرف عن مصالحها القومية أبدا".
وقيعة بين مصر والسودانمن ناحيته، توقّع خبير السدود والأنهار محمد حافظ أنه في حالة استمرار فتح المنفذين السفليين للسد حتى نهاية فترة الفيضان، فهذا يعني تأخّر استكمال الملء الرابع، وبدلا من أن ينتهي منتصف سبتمبر/أيلول، سيتأخر إلى النصف الثاني من أكتوبر/تشرين الأول.
وأوضح أن ذلك يؤكد نية إثيوبيا استخدام المفيض الجانبي كبديل عن الممر الأوسط، لتصريف المياه للسودان ومصر بعد اكتمال الملء الرابع، بمعنى أنه بدلا من أن تقوم أديس أبابا بغلق المنافذ السفلية أثناء عملية الملء الرابع ومن ثم الاستيلاء على تدفقات الشهور القادمة للسودان لملء خزانات سدودها بـ 8.5 مليارات متر مكعب، وهو ما يوجب على السودان البدء في ملء سدودها في نفس فترة قيام إثيوبيا بالملء الرابع.
وقال الخبير للجزيرة نت إن الملء الرابع سينتهي بعد تخزين ما يعادل 43 مليار متر مكعب، بما فيه حصول السودان على حصتها، لتنشأ الأزمة بينها ومصر على 9 مليارات متر مكعب متبقية بعد انتهاء التعبئة الرابعة.
وأوضح أنه في السنوات الأربع الماضية كان فيضان النيل الأزرق يأتي أكبر بكثير من الفيضان المتوسط، بينما جانبَ الإدارة المصرية حسن إدارة بحيرة ناصر، فخسرت الكثير من المياه التي كان يمكن أن تخزنها البحيرة خلال سنوات الفيضان "السِمان" وجرى تخفيض الحصة المقررة والتي تُقدر بـ 55.5 مليار متر مكعب على الأقل، إلى أقل من ذلك بين عامي 2016 و2018، حيث تم تصريف كمية سنوية أقل بقرابة 10 مليارات متر مكعب.
مداخلتي حول تصريحات وزير خارجية #اثيوبيا بأن بلاده اقتربت من الملء الرابع ل #سد_النهضة
وقد جاء ذلك في المنتدى الأفريقي حول الاستخدام العادل والمنصف للانهار العابرة في #افريقيا pic.twitter.com/vexmTduhew
— حسن رزاق : Hassen Razag (@HassenRazag) June 22, 2023
خيارات عديدة للتعامليقول معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن هناك خيارات عديدة للتعامل مع هذه التطورات، منها استمرار الضغط الدبلوماسي على إثيوبيا عبر الهيئات الدولية والإقليمية المعنية، وإبقاء هذه القضية ملفا دائما أمامها.
وشدد الدبلوماسي المصري على أهمية التأكيد دولياً على أن السد يشكل ضررا للأمن والسلم الدوليين "وعدم الاستسلام لمساعي إثيوبيا إبقاء القضية داخل الاتحاد الأفريقي، انطلاقا من انحياز الدول الأفريقية لها، وهذا أمر يجب لمصر التنبه له، من خلال ضرورة توثيق الصلات مع الدول الأفريقية".
ولفت لضرورة قيام مصر بتكثيف اتصالاتها الدبلوماسية مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والصين وروسيا، لارتباط هذه الدول بصلات وثيقة مع إثيوبيا، واستثمار ذلك للضغط عليها للقبول بتوقيع اتفاق قانوني ملزم حول سد النهضة يضمن حقوق دول المنبع والمصب، فضلا عن ضرورة تدخل الدول العربية لدفع إثيوبيا "للاستماع للغة العقل". ونبه إلى أن إثيوبيا تقع في خطأ إستراتيجي حين تعتقد أن مصر ستلزم الصمت حال الإضرار بأمنها المائي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير التجهيز والماء: السدود تفقد 50 مليون متر مكعب من الماء سنويا بسبب التوحل
كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، اليوم الثلاثاء، في جلسة بمجلس المستشارين، أن مشكلة توحل السدود تؤدي إلى فقدان 50 مليون متر مكعب من الطاقة التخزينية سنويًا، مبرزًا أن الوزارة أعدت برنامجًا لإزالة الأوحال من السدود.
وأوضح الوزير، في كلمته، أن الوزارة أجرت دراسات حول وضعية السدود ونسب التوحل بها، وأنها اتخذت تدابير وقائية، من بينها اتفاقية مع وكالة المياه والغابات لعمليات التشجير، كحاجز طبيعي لمقاومة التوحل.
وأشار بركة إلى أن الجفاف، الذي استمر ست سنوات، أثّر سلبًا على بعض السدود الصغرى، مشددًا على أن تكلفة إزالة الأوحال مرتفعة، حيث تبلغ 70 درهمًا للمتر المكعب الواحد.
وأضاف الوزير أن الوزارة ستلجأ إلى تقنيات معينة في بعض السدود لوقف نمو النباتات، وأنها وقّعت اتفاقية بهذا الخصوص، ستبدأ بسد مولاي عبد الله.
وأعلن بركة أن ميزانية المخطط الوطني للماء الصالح للشرب ارتفعت إلى ما يقارب 143 مليار درهم، مشيرًا إلى وجود برنامج خاص لمواجهة مشكلة التوحل، من ضمنه عملية تعلية السدود.
وأوضح، في هذا السياق، أن تعلية سد محمد الخامس رفعت حجم حقينته من 165 مليون متر مكعب إلى 980 مليون متر مكعب.
كلمات دلالية نزار بركة، وزير التجهيز والماء، السدود،