صدى البلد:
2025-02-19@20:43:32 GMT

حكم نذر المعصية وماذا يفعل من وقع فيه؟ أزهري يجيب

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

نذر المعصية حكمه وماذا يفعل من وقع فيه؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط.

حكم الشرع في تبديل النذر وإخراج القيمة.. الإفتاء تجيب النذر المبهم.. مجدي عاشور يوضح هل يجب الوفاء به.. وما كفارته

وقال مرزوق في جواب سائل يقول: ماذا يفعل من نذر أن يذبح ولده ؟: قبل أن نجيب عن السؤال نقول للذي نذر ذلك لقد ارتكبت جرمين عظيمين عند الله عز وجل: 
(الأول)  نذرت نذرا يعد ذنبا  من أكبر الكبائر وهو قتل نفس حرم الله عز وجل قتلها إلا بالحق هذا هو الجرم الأول.

 
(الثاني) أنك نذرت قتل ولدك وهذا لا يفعله الحيوان فضلا عن الإنسان، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه )  صحيح البخاري كتاب الأدب باب جعل الله الرحمة مائة جزء رقم 6000 .

وأما عن علاج هذا الخطأ العظيم فعليك بشيئين 
( الأول ) أن تكفر عن هذا النذر بكفارة يمين . فعن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كفارة النذر كفارة يمين ) 
انظر صحيح مسلم كتاب النذور باب في كفارة النذر رقم 4342 . 
قال الإمام النووي : اختلف العلماء في المراد به : . 
1 - حمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج كمن نذر أن يمتع عن كلام إنسان ما . 
2 - حمله مالك وكثيرون على النذر المطلق كقوله على نذر . 
3 - حمله بعض أصحابنا على نذر المعصية كمن نذر أن يشرب الخمر . 
4 - حمله جماعة من الفقهاء على جميع أنواع النذور، وقالوا : هو مخير في جميع النذور بين الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين. 

وأكد العالم الأزهري، أن مما تقدم نقول لمن نذر أن يذبح ولده أن يمتنع عن ذلك لأن هذا الفعل من أكبر الكبائر وعليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أوكسوتهم فإن عجز عن ذلك فعليه أن يصوم ثلاثة أيام.

أما ( الثاني ) عليه قبل الكفارة وبعدها أن يتوب إلى الله تعالى وأن يبتعد عن العبث والكبائر ولا سيما نذر المعصية، وأما عن نذر الطاعة فالأصل فيه أن ينفذ المسلم ما نذره فإن الله تعالى أثنى على الأبرار في سورة الإنسان فقال تعالى ( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) الخ الأيات ، إلا إذا لم يستطع فإن عليه أيضا كفارة يمين .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الكبائر الفقهاء النذور كفارة يمين کفارة یمین

إقرأ أيضاً:

شابه أباه فظلم.. من أين جاء سموتريتش وماذا يريد؟

يعيش في تجمع سكاني "غير قانوني" بموجب القانون الدولي، وفي منزل بُني على أرض "غير مرخصة" بموجب قانون بلاده! قد تصلح هذه العبارة لتكون سيرة مختصرة لأحد المطاردين دوليا، لكنها في الواقع تصف حال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الوزير الذي يصفه إسرائيليون بأنه الأكثر تطرفا في الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثين التي يرأسها بنيامين نتنياهو.

على أطراف جنوب غرب نابلس في الضفة الغربية، تقع مستوطنة كدوميم، التي يعيش فيها إلى الآن بتسلئيل سموتريتش، ويرجع تاريخ هذه المستوطنة إلى عام 1974 حين حاول أعضاء بعض الجماعات اليهودية المتطرفة بناءها على أنقاض محطة قطار سبسطية التي تعود إلى الفترة العثمانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عندما كشف علم النفس الغربي عن وجهه العنصريlist 2 of 2قتلوا العرعير ورفاقه وطلابه.. عن الإبادة التعليمية في غزةend of list

لكن مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي كانت تقوده أحزاب اليسار آنذاك، أصدر قراره بأن المستوطنة غير قانونية، ومع أن تعامل الاحتلال مع المستوطنة قد تغير بمرور الزمن وأصبحت تدار من خلال مجلس محلي في عام 2018، فإنها بحكم القانون الدولي تقع داخل أرض محتلة.

بيد أن صاحب هذه القصة لم يكتف بذلك؛ فقد بنى بيته على أطراف المستوطنة، خارج حدودها المعترف بها إسرائيليا، وعلى أرض غير مرخصة، وصفتها صحيفة تايمز أوف إسرائيل في عام 2017 بأنها أملاك فلسطينية خاصة.

إعلان

لكن تشريعا صادَق عليه الكنيست في العام نفسه، يُعرف باسم "قانون التسوية" سمح للدولة بشرعنة آلاف الوحدات السكنية في البؤر الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية، استفاد منه سموتريتش شخصيا في تسوية أوضاع منزله المبني على أرض مسروقة.

قصة منزل سموتريتش تكشف أهم أركان عقيدته الفكرية، إذ يعتقد سموتريتش أن الفلسطينيين يجب ألا يكونوا هناك أصلا وأن هذه الأرض هي وعد إلهي لليهود؛ ففي عام 2021 تعهد في الكنيست بطرد العرب من إسرائيل، وعندما اعترض أعضاء عرب في البرلمان، قال: "أنتم هنا بالخطأ" مدعيا أنهم كان ينبغي طردهم قائلا: "ديفيد بن غوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) لم يكمل المهمة ولم يطردكم في عام 1948″. ويبدو أن سموتريتش قد انتدب نفسه لإكمال المهمة!

جيل ما بعد السلام

وُلد بتسلئيل سموتريتش في 27 فبراير/شباط عام 1980، لعائلة أوكرانية الأصل، وتقول بعض المصادر إن لقب العائلة قد استُلهم من اسم نهر سموتريتش الذي يمر بغرب أوكرانيا ويشتهر بضفافه العالية.

وهو ينتمي لجيل ما بعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1979 بين مصر وإسرائيل، وهو ما يعني أن مناخ التطرف داخل إسرائيل، قد ازداد أواره لا سيما في صفوف المستوطنين، وأن سموتريتش عنوان جلي على وجهة تطرف ما بعد السلام، في دولة الاحتلال.

استوطن أبواه في مستوطنة هاسبين الواقعة جنوب مرتفعات الجولان المحتلة. وكما هو المعتاد في مستوطنات هذه المنطقة؛ تقطن هناك جماعات اليهود الأرثوذكس، وقد أسسوا المستوطنة قبل 3 سنوات فقط من ولادة بتسلئيل، على أنقاض قرية هاسفين التي هُجِّر سكانها، إذ كان أبوه من رواد الاستيطان الأوائل.

اختار والده تسمية ابنه بتسلئيل (Bezalel)، ويعني بالعربية "في ظل الإله"، وهو اسم شخصية واردة في التوراة في سفر الخروج من العهد القديم، واسمه بسلئيل بن أوري بن حور، من سبط يهوذا، اشتهر بالمهارة في الصناعات الدقيقة فصنع الأدوات اللازمة لبناء الهيكل، كما أوكل إليه النبي موسى مهمة بناء تابوت العهد، وفقا للعقيدة اليهودية.

إعلان

انتقل فيما بعد والد بتسلئيل، حاييم يروحام، إلى مستوطنة بيت إيل التي تقع على قمة تل خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث قضى هناك بتسلئيل سنوات شبابه الأولى. عمل والده حاخاما أرثوذكسيا لمدرسة "كريات أربع الدينية"، كما كان مقربا من الأب الروحي لـ"الصهيونية الدينية" الحاخام تسفي يهودا كوك، وعضوا في النواة التوراتية التي أرسلها كوك لتأسيس مستوطنات الجولان.

دفع والد بتسلئيل ابنه للالتحاق بالتعليم الديني في مركز هراف، الذي أسّسه الحاخام أبراهام إسحاق كوك عام 1924، والذي تخرّج فيه أبرز رموز اليمين الإسرائيلي المتطرف في إسرائيل. وهناك بدأ بتسلئيل رحلته في تشرب أفكار الصهيونية الدينية، التي سيصبح هو لاحقا أهم رموزها السياسية على الإطلاق في إسرائيل.

بتسلئيل سموتريتش أثناء اقتحامه منزل عائلة الكرد في حي الشيخ جراح (مواقع التواصل) "الحمار العلماني"

في مطلع القرن العشرين، وأثناء انتشار أفكار الحركة الصهيونية بين اليهود، وُلدت الأفكار الأولى للصهيونية الدينية. لم يكن ثيودور هرتزل معنيا بإسباغ طابع ديني على الدولة التي ينوي تأسيسها، وهو ما جعل الحركة الصهيونية تبدو علمانية في جوهرها.

لكن في المقابل لم يكن هرتزل يتبنى القطيعة مع الأفكار الدينية الأصولية، بل على العكس كان حريصا على مد الجسور مع اليهود الأرثوذكس المحافظين واستيعابهم ضمن مشروع دولته.

لكن اليهود المحافظين يؤمنون بأن الشتات قدر إلهي، وأن البشر لا يمكنهم ولا يصح لهم التدخل لوقف المشيئة القدرية قبل أن يرفعها الله بنفسه! وما سوى ذلك قد يؤدي إلى مزيد من العقاب للشعب اليهودي الذي يجب أن يبقى منتظرا "الخلاص" القادم على يد "المشيح المنتظر"!

هذا التناقض بين الطموحات القومية للحركة الصهيونية التي تسعى لإنقاذ اليهود وتأسيس دولة لهم وبين العقيدة الانتظارية لليهود الأرثوذكس وجد طريقه للحل على يد الحاخام الأكبر أبراهام إسحاق كوك، الذي ولد في ليتوانيا سنة 1865 وهاجر إلى فلسطين في سنة 1904 وتوفي فيها سنة 1935، من خلال نظرية معقدة تضفي على الصهيونية دلالات دينية.

إعلان

وبحسب المؤرخ الفلسطيني ماهر الشريف، تكمن أهم أفكار هذه النظرية في أن العالم سوف يشهد "بداية الخلاص" قبل "الخلاص" نفسه، وأن الصهيونية رغم كونها علمانية فإنها تؤدّي دورا مرحليا ومحوريا على طريق خلاص الشعب اليهودي.

ففي نظر كوك، سيتحقق "الخلاص" عن طريق "غير متديّنين سيخدمون بتضحياتهم القاسية، مشروعًا مقدسًا، من دون أن يعوا ذلك"، وسيمثّلون "حمار المشيح المنتظر"، بصفته "ملكًا وقائدًا سياسيًّا عظيمًا من نسل داود، عليمًا بالشريعة اليهودية وممارسًا لها، ويبشر بخلاص الشعب اليهودي من ويلاته"، وكتب: "سيأتيكم المشيح راكبًا على حمار". وبالنسبة لكوك، فإن الصهيوني غير المتديّن هو الحمار الذي يتمتع بحسن نية عندما يسعى إلى بناء إسرائيل.

أسّس كوك المدرسة الدينيّة المعروفة بأم المدارس الدينيّة الصهيونيّة: "يشيفات مركز هراف" التي سوف ينتسب إليها لاحقا بتسلئيل سموتريتش، كما ستكون معهدا أساسيا لتأهيل قيادات الحركة الصهيونيّة الدينيّة.

بعد وفاة كوك الأب، سيرث ابنه الراف كوك الابن، القيادة الروحيّة للصهيونيّة الدينية، ليستكمل مشروع والده معتبرا أنّ استيطان اليهود في أراضي "يهودا والسامرة" (التسمية الصهيونيّة لمناطق الضفّة الغربيّة المحتلّة)، هو من أهمّ محطات الخلاص المفترض.

بيد أن نقطة انفجار التناقض بين الصهيونية الدينية والقومية العلمانية في إسرائيل التي سيكون أكبر تجلٍّ لها لاحقا هو شخصية بتسلئيل سموتريتش، كانت بعد حرب 1973 وتسوياتها التي شهدت لأول مرة استعداد إسرائيل للانسحاب من بعض الأراضي التي احتلتها مقابل تسويات سياسية.

مثلت هذه اللحظة صدمة في العقلية الصهيونية الدينية التي كانت قد انتعشت بعد حرب 1967 ورأى منظروها أن الخطة توشك أن تنجح وأن "الخلاص" قد اقترب وأن رفع العقاب الإلهي عن الشعب اليهودي قد حان! وفي هذه الأجواء أسست الصهيونية الدينية حركة "غوش إيمونيم" وتعني "كتلة الإيمان" عام 1974، لدعم الاستيطان في الضفة الغربية، وقد أسست هذه الحركة مستوطنة كدوميم التي سينتقل إليها بتسلئيل لاحقا.

إعلان

هذه التقلبات هي التي مهّدت الطريق لحدوث ما يسمى "انقلاب 1977" في إسرائيل، حيث أصبحت أحزاب اليمين أغلبية في الكنيست للمرة الأولى في تاريخ دولة الاحتلال، ومنذ ذلك الحين بدأ يتشكل اقتناع لدى الصهيونية الدينية مفاده أن مهمة الصهيونية غير الدينية قد انتهت، وأنها يجب أن تكمل المسيرة بنفسها.

ومسيرتها اليوم قد وصلت إلى مستوى لم تصل إليه من قبل، وحزباها الرئيسيان يقود أحدهما بتسلئيل سموتريتش، حزب الصهيونية الدينية، والآخر يقوده رفيقه في ائتلاف حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير رئيس حزب قوة يهودية.

كيف عرف المجتمع الإسرائيلي بتسلئيل؟

"قد أكون أيضًا شخصًا يمينيًّا متطرفًا، وكارها للمثليين، وعنصريًّا، وفاشيًّا، لكن كلمتي هي عهدي"

بهذه العبارات يتحدث بتسلئيل عن نفسه ليكشف عن شخصية طموحة ودؤوبة ومغرقة في الإيمان بالتفوق، والالتزام بتحقيق مشروعه رغم فاشيته ودمويته.

من قضية الاستيطان بدأ مشوار سموتريتش السياسي، حيث شارك بفعالية في المظاهرات المناهضة لاعتزام الحكومة الإسرائيلية فك الارتباط مع قطاع غزة والانسحاب من مستوطناته عام 2005.

اعتقل سموتريتش في أغسطس/آب 2005، وعُثر على 700 لتر من الوقود في منزله، ووجهت له تهم بالتخطيط لاستعمالها في أعمال تخريبية، فضلا عن اتهامات بالمشاركة في حوادث سكب مسامير وزيت على الطريق السريع بين القدس وتل أبيب، وإتلاف معدات اتصال وتخريب مكاتب حكومية، لكن تمسُّكَه بالصمت ورفض التحدث دفع سلطات التحقيق إلى الإفراج عنه لاحقا.

من أجل الاستيطان أيضا شارك عام 2006 في تأسيس منظمة ريغافيم التي أخذت على عاتقها توثيق أنشطة البناء التي يقوم بها الفلسطينيون على ما تعتبره "أراضي الدولة" في "يهودا والسامرة"، ومحاربة البناء الفلسطيني في الأراضي "ج" بالضفة الغربية باعتباره "قرصنة" على الموارد الطبيعية لأرض إسرائيل.

وفي العمل الاجتماعي شارك في تأسيس رابطة المدارس الدينية الصهيونية العليا لمرحلة ما بعد الثانوية "اليشيفوت العليا"، كما أسهم في إدارة المدرسة الدينية في مستوطنة كدوميم "يشيفات كدوميم".

إعلان

وصولا إلى عام 2014، كان بتسلئيل قد راكم رصيده السياسي بدقة وتصاعد سريع، حيث ترشح للكنيست عام 2009 عن حزب الاتحاد الوطني (تاكوما) دون أن تكلل محاولته بالنجاح، وعمل رئيسا للحملة الميدانية لحزب البيت اليهودي الموحد مع الاتحاد الوطني في انتخابات 2013، وكلاهما من الأحزاب المعبرة عن تيار الصهيونية الدينية.

ثم كانت انتخابات عام 2015 لحظة جني ثمار فعاليته السياسية الدؤوبة؛ إذ ترشح في المركز الثاني في قائمة تاكوما، متجاوزًا قادة سياسيين أكثر ثقلا وأكبر سنا وهو ما مكنه من دخول الكنيست لأول مرة عام 2015 نائبًا في عمر الخامسة والثلاثين.

الخطة الحاسمة.. مشروع بتسلئيل

"أنا أومن بالتوراة التي أنذرت بالشتات ووعدت بالفداء، أنا أومن بكلام الأنبياء الذين شهدوا الدمار، أعتقد أن دولة إسرائيل هي بداية فدائنا، وتحقيق نبوءات التوراة ورؤى الأنبياء".

بهذه العبارات العقائدية صدّر بتسلئيل سموتريتش مقالة طويلة كتبها في مجلة هاشيولوش في يوليو/تموز 2023، قبل اندلاع طوفان الأقصى ببضعة أشهر، يشرح فيها خطة تفصيلية لما أسماه "حسم الصراع" داخل إسرائيل، التي تمتد في نظره من أرض الأردن الحالية إلى البحر المتوسط دون حواجز، بما يعني أن الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة جزء من إسرائيل التي يتخيلها، دون أن يحدد الحدود الشمالية والجنوبية لها، لكنه في مقابلة سابقة عام 2016، قال: "حدود إسرائيل يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق".

يعتقد سموتريتش أن ثمة خطأ تاريخيًّا قد وقع أدى إلى تقليص حدود إسرائيل، وفوّت لحظة "الاتفاق الدولي النادرة" على منح اليهود أرضهم التاريخية بعد الحرب العالمية الأولى.

"تآكل قرار تخصيص كامل أرض إسرائيل للشعب اليهودي لم ينبع من اعتبارات العدالة، بل من الاستسلام للعنف العربي، هكذا جرى اقتحام كامل الأراضي الواقعة شرق الأردن لتشكيل مملكة شرق الأردن، بدلًا من أن تكون جزءًا من الوطن القومي اليهودي، وهكذا ولدت خطة التقسيم فيما بعد، وخُلق مفهوم الدولتين في أرض إسرائيل"، هكذا يقول سموتريتش.

إعلان

ويرى أن معضلة إسرائيل الأمنية الحالية هي أنها لم تحسم موقفها من الوجود العربي، وأن مستقبل هذه الأرض لا يمكن أن تجتمع فيه كتلتان بشريتان لدى كل منهما مشاعر قومية متضاربة، ويرى أن ما أسماه "الأمل الوحيد" يكمن في حسم هذا الصراع نهائيا ومرة واحدة لصالح إسرائيل.

"جميع الخطط السياسية التي أثيرت في السنوات الأخيرة، من اليسار واليمين على حد سواء، تقدم حلولًا تديم الصراع، وتحكم علينا جميعًا بمواصلة إدارته البائسة لمئة عام قادمة، على النقيض من ذلك، فإن الخطة الحاسمة التي أقترحها تنطوي على حل حقيقي لإنهاء الصراع"، يقول سموتريتش.

ويشرح هذا بعبارات واضحة: "إنهاء الصراع يعني أن هناك مجالًا واحدا للمصير القومي غرب نهر الأردن: ألا وهو الأمة اليهودية. وبالتالي، لا يمكن لدولة عربية أن تظهر داخل نفس المنطقة".

أشار سموتريتش عدة مرات أن الخطوة الكبرى في عملية "استعادة الضفة" ستكون انهيار السلطة الفلسطينية. (رويترز)

بيد أن التناقض الذي يريد سموتريتش حسمه لا يقتصر فقط على التناقض "العربي الإسرائيلي"، بل يشمل حسم التناقض داخل إسرائيل نفسها، إذ يعتقد سموتريتش أن قوى اليسار والصهيونية غير الدينية التي تبنّت مشروع حل الدولتين قد انتهت وظيفيا.

والخطوة الأولى في هذا المشروع الحاسم من وجهة نظره هي إعلان إسرائيلي لا لبس فيه للعرب والعالم أجمع أن الدولة الفلسطينية لن تنشأ، ولكن بالأفعال في المقام الأول وليس مجرد الأقوال. وهو ما يتطلب تطبيق السيادة الإسرائيلية الكاملة على مناطق الضفة الغربية، وإنهاء الصراع هناك عبر تشجيع الاستيطان في عمق المنطقة وجلب مئات الآلاف من المستوطنين الإضافيين للعيش فيها.

"ستوضح هذه العملية للجميع أن الواقع في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) لا رجوع فيه، وأن دولة إسرائيل موجودة لتبقى، النصر بالتوطين سيؤثر على وعي العرب والعالم بأن دولة عربية لن تنشأ على هذه الأرض" يقول بتسلئيل.

وفي تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية؛ يبدو أن سموتريتش ينفذ فعليا المرحلة الأولى من خطته المفترضة. وللقيام بذلك، فإنه يستخدم استراتيجية ذات شقين، تتضمن من ناحية تغيير القوانين وإنشاء بيروقراطية صديقة للمستوطنين، ومن ناحية أخرى المساعدة في تأجيج العنف والفوضى في الضفة الغربية.

إعلان

وكما أشار سموتريتش عدة مرات، فإن الخطوة الكبرى في عملية "استعادة الضفة" ستكون انهيار السلطة الفلسطينية؛ مما يترك إسرائيل بلا خيار سوى ملء الفراغ وإعادة تأكيد السيطرة عليها بالكامل.

الوظيفة الرئيسية لسموتريتش في الحكومة هي وزير المالية، وهو منصب قوي استخدمه لتنفيذ سياساته. ولكن لديه منصب ثانٍ وأكثر أهمية لأغراضه وطوحاته، وهو الوزير الثاني في وزارة الدفاع (وزير الإدارة المدنية بوزارة الدفاع)، كما نقل نتنياهو إدارة شؤون الضفة الغربية والمستوطنات من وزير الدفاع إليه من خلال تأسيس "إدارة المستوطنات" في فبراير/شباط 2023، ومن ثم أصبحت لديه صلاحيات لمصادرة الأراضي والأبنية الفلسطينية والموافقة على بناء وحدات سكنية في المستوطنات، والترخيص بأثر رجعي للبؤر الاستيطانية التي جرى بناؤها دون موافقة الحكومة.

استخدم سموتريتش سلطته الجديدة لغض الطرف عن الأبنية التي ينشئها المستوطنون، وقد حذرت وثيقة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز تلخص اجتماعًا عقدته القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي في مارس/آذار 2024، وهي المسؤولة عن الضفة الغربية، من أن فرض لوائح البناء على المستوطنين قد اختفى تقريبًا منذ إنشاء إدارة المستوطنات؛ حتى إن أوامر المحكمة يجري تجاهلها.

ولأن سموتريتش يخطط لانهيار السلطة الفلسطينية بحسب فورين بوليسي؛ تأتي أهمية وظيفته الأساسية وزيرا للمالية، حيث ينفذ استراتيجية محكمة لخنق السلطة ماليًّا، إذ إن حوالي 60٪ من العائدات التي تعتمد عليها السلطة لدفع الرواتب وتقديم الخدمات تأتي من الجمارك وغيرها من الإيرادات التي تحصلها إسرائيل نيابة عنها.

وبدءًا من 2019، أصبحت إسرائيل تخصم من تحويلات أموال السلطة قيمة ما تنفقه الأخيرة على دعم أسر الفلسطينيين الشهداء والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، عقابا لها على دعمهم.

إعلان

وبعد وقت قصير من بدء الحرب في غزة، ضاعف سموتريتش الاستقطاعات الشهرية إلى ثلاثة أمثالها لتصل إلى 600 مليون شيكل، أي نحو 60% من إجمالي التحويلات الشهرية. واحتجاجًا على ذلك، رفضت السلطة الفلسطينية قبول أي أموال، الأمر الذي اضطرها إلى خفض أجور الموظفين الحكوميين بنحو 60%.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أوعز سموتريتش بخصم 35 مليون دولار أميركي من أموال المقاصة الفلسطينية، وتحويلها إلى عائلات إسرائيلية تدّعي أن أفرادا منها قتلوا بهجمات نفذها فلسطينيون. ولا تزال خطة سموتريتش المتعددة الاتجاهات تعمل لفرض واقع جديد في الضفة الغربية، قبل الضجيج الذي يمكن أن يسببه إعلان "الضم".

قتل الأمل

"القول بأن الإرهاب ينبع من اليأس كذبة، بل ينبع الإرهاب من الأمل، الأمل في إضعافنا، يعتاش الإرهاب على أمله في تحقيق شيء ما"

بهذه الفلسفة العدائية والصفرية اتجاه المقاومة الفلسطينية التي يسميها "الإرهاب" يبدو بتسلئيل مقتنعا بأن الطريق الوحيد لتجفيف منابع المقاومة، أو ما أسماه هو "تجفيف المستنقعات بدلا من مطاردة البعوض"، هي قتل الأمل في نفوس الفلسطينيين، بالقوة، بوصفها أداة وحيدة لحسم الصراع بصرف النظر عن تكلفتها.

وقبل أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة تهجير الفلسطينيين من غزة، كان سموتريتش قبل أكثر من عامين وقبل اندلاع الحرب يعلن خطة مشابهة لا تترك لسكان غزة والضفة سوى ثلاثة خيارات: الانخراط في برامج يجب أن تطرحها الحكومة الإسرائيلية لتشجيع هجرتهم إلى الخارج، أو البقاء في إسرائيل دون أي طموحات قومية خاصة، أو القتل بلا هوادة.

ويبدو أن سموتريتش صاحب البشرة الأوروبية والعينَين الزرقاوَين، الذي ينحدر أبواه من أصول أوكرانية، قد اعتادت مخيلته على فكرة "الترانسفير البشري"، حيث يعتبر أن نقل البشر وتبادلهم يمثل أحد الحلول التاريخية العقلانية التي جرت تجربتها من قبل.

"بُنيت الصهيونية على أساس التبادل السكاني، على سبيل المثال الهجرة الجماعية لليهود من الدول العربية وأوروبا إلى أرض إسرائيل، طوعا أو كرها، كذلك خرجت من قبل جماهير من العرب الذين عاشوا هنا، طوعا أو كرها، إلى المناطق العربية المحيطة. ويبدو أن هذا النمط التاريخي يتطلب أن يبلغ الذروة الآن، ليضمن مستقبل سلام فوق كل اعتبار"، يقول سموتريتش.

إعلان

هكذا تلخص سيرة بتسلئيل سموتريتش الشخصية والفكرية، مُجمل فلسفة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني الإحلالي بأبعاده الدينية، ونموذجا شاخصا للعقلية الاستعمارية التي لا ترى في البشر "الآخرين" سوى أدوات يمكن توظيفها أو نقلها أو استبدالها، يجمع بين الاستعلاء الموروث من الثقافة الغربية، وإنكار الغير الموروث من الصهيونية والتطرف اليهودي معًا.

مقالات مشابهة

  • عالم أزهري: الفقه علم حي يتفاعل مع الواقع ويدرس تطوراته
  • هل يجوز عمل عقيقة في بلد آخر؟.. أمين الفتوى يجيب
  • قطاع غزة.. وماذا بعد؟!
  • بشير التابعي: إمام عاشور يفعل أشياء غير طبيعية في الأهلي
  • أزهري يكشف عن مفاتيح استقبال شهر رمضان الكريم
  • ذنوبي كثيرة هل يتوب الله علي؟.. الشيخ محمد كساب يجيب
  • عالم أزهري: علم التوحيد يتكون من 3 أقسام رئيسية
  • شابه أباه فظلم.. من أين جاء سموتريتش وماذا يريد؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • "العنصرية" تطال نجم "أسود الأطلس".. والحكم يفعل البروتوكول